شعر أبي فراس الحمداني في الفخر

كتابة:
شعر أبي فراس الحمداني في الفخر

قصيدة: أراك عصي الدمع شيمتك الصبر

قال أبو فراس الحمداني:[١]

أَراكَ عَصِيَّ الدَمعِ شيمَتُكَ الصَبرُ

أَما لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ

بَلى أَنا مُشتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَةٌ

وَلَكِنَّ مِثلي لايُذاعُ لَهُ سِرُّ

إِذا اللَيلُ أَضواني بَسَطتُ يَدَ الهَوى

وَأَذلَلتُ دَمعاً مِن خَلائِقِهِ الكِبرُ

تَكادُ تُضيءُ النارُ بَينَ جَوانِحي

إِذا هِيَ أَذكَتها الصَبابَةُ وَالفِكرُ

مُعَلِّلَتي بِالوَصلِ وَالمَوتُ دونَهُ

إِذا مِتَّ ظَمآناً فَلا نَزَلَ القَطرُ

حَفِظتُ وَضَيَّعتِ المَوَدَّةَ بَينَنا

وَأَحسَنَ مِن بَعضِ الوَفاءِ لَكِ العُذرُ

وَما هَذِهِ الأَيّامُ إِلّا صَحائِفٌ

لِأَحرُفِها مِن كَفِّ كاتِبِها بَشرُ

بِنَفسي مِنَ الغادينَ في الحَيِّ غادَةً

هَوايَ لَها ذَنبٌ وَبَهجَتُها عُذرُ

تَروغُ إِلى الواشينَ فِيَّ وَإِنَّ لي

لَأُذناً بِها عَن كُلِّ واشِيَةٍ وَقرُ

بَدَوتُ وَأَهلي حاضِرونَ لِأَنَّني

أَرى أَنَّ داراً لَستِ مِن أَهلِها قَفرُ

وَحارَبتُ قَومي في هَواكِ وَإِنَّهُم

وَإِيّايَ لَولا حُبَّكِ الماءُ وَالخَمرُ

فَإِن يَكُ ماقالَ الوُشاةُ وَلَم يَكُن

فَقَد يَهدِمُ الإيمانُ ماشَيَّدَ الكُفرُ

وَفَيتُ وَفي بَعضِ الوَفاءِ مَذَلَّةٌ

لِإِنسانَةٍ في الحَيِّ شيمَتُها الغَدرُ

وَقورٌ وَرَيعانُ الصِبا يَستَفِزُّها

فَتَأرَنُ أَحياناً كَما أَرِنَ المُهرُ

تُسائِلُني مَن أَنتَ وَهيَ عَليمَةٌ

وَهَل بِفَتىً مِثلي عَلى حالِهِ نُكرُ

فَقُلتُ كَما شاءَت وَشاءَ لَها الهَوى

قَتيلُكِ قالَت أَيَّهُم فَهُمُ كُثرُ

فَقُلتُ لَها لَو شِئتِ لَم تَتَعَنَّتي

وَلَم تَسأَلي عَنّي وَعِندَكِ بي خُبرُ

فَقالَت لَقَد أَزرى بِكَ الدَهرُ بَعدَنا

فَقُلتُ مَعاذَ اللَهِ بَل أَنتِ لا الدَهرُ

وَما كانَ لِلأَحزانِ لَولاكِ مَسلَكٌ

إِلى القَلبِ لَكِنَّ الهَوى لِلبِلى جِسرُ

وَتَهلِكُ بَينَ الهَزلِ وَالجَدِّ مُهجَةٌ

إِذا ما عداها البَينُ عَذَّبَها الهَجرُ

فَأَيقَنتُ أَن لاعِزَّ بَعدي لِعاشِقٍ

وَأَنَّ يَدي مِمّا عَلِقتُ بِهِ صِفرُ

وَقَلَّبتُ أَمري لا أَرى لِيَ راحَةً

إِذا البَينُ أَنساني أَلَحَّ بِيَ الهَجرُ

فَعُدتُ إِلى حُكمِ الزَمانِ وَحُكمِها

لَها الذَنبُ لاتُجزى بِهِ وَلِيَ العُذرُ

كَأَنّي أُنادي دونَ مَيثاءَ ظَبيَةً

عَلى شَرَفٍ ظَمياءَ جَلَّلَها الذُعرُ

تَجَفَّلُ حيناً ثُمَّ تَرنو كَأَنَّها

تُنادي طَلاً بِالوادِ أَعجَزَهُ الخُضرُ

فَلا تُنكِريني يا اِبنَةَ العَمِّ إِنَّهُ

لِيَعرِفُ مَن أَنكَرتِهِ البَدوُ وَالحَضرُ

وَلا تُنكِريني إِنَّني غَيرُ مُنكِرٍ

إِذا زَلَّتِ الأَقدامُ وَاِستُنزِلَ النَصرُ

وَإِنّي لَجَرّارٌ لِكُلِّ كَتيبَةٍ

مُعَوَّدَةٍ أَن لايُخِلَّ بِها النَصرُ

وَإِنّي لَنَزّالٌ بِكُلِّ مَخوفَةٍ

كَثيرٌ إِلى نُزّالِها النَظَرُ الشَزرُ

فَأَظمَأُ حَتّى تَرتَوي البيضُ وَالقَنا

وَأَسغَبُ حَتّى يَشبَعَ الذِئبُ وَالنَسرُ

وَلا أُصبِحُ الحَيَّ الخَلوفَ بِغارَةٍ

وَلا الجَيشَ مالَم تَأتِهِ قَبلِيَ النُذرُ

ويا رب دارٍ لَم تَخَفني مَنيعَةٍ

طَلَعتُ عَلَيها بِالرَدى أَنا وَالفَجرُ

وَحَيٍّ رَدَدتُ الخَيلَ حَتّى مَلَكتُهُ

هَزيماً وَرَدَّتني البَراقِعُ وَالخُمرُ

وَساحِبَةِ الأَذيالِ نَحوي لَقيتُها

فَلَم يَلقَها جافي اللِقاءِ وَلا وَعرُ

وَهَبتُ لَها ما حازَهُ الجَيشُ كُلَّهُ

وَرُحتُ وَلَم يُكشَف لِأَبياتِها سِترُ

وَلا راحَ يُطغيني بِأَثوابِهِ الغِنى

وَلا باتَ يَثنيني عَنِ الكَرَمِ الفَقرُ

وَما حاجَتي بِالمالِ أَبغي وُفورَهُ

إِذا لَم أَفِر عِرضي فَلا وَفَرَ الوَفرُ


قصيدة: أبلغ بني حمدان في بلدانها

قال أبو فراس الحمداني:[٢]

أَبلِغ بَني حَمدانَ في بُلدانِها

كُهولَها وَالغُرَّ مِن شُبّانِها

يَومَ طَرَدتُ الخَيلَ عَن فُرسانِها

وَسُقتُ مِن قَيسٍ وَمِن جيرانِها

ذَوي عُلاها وَذَوي طُعّانِها

وَمُهرَةٌ تَمرَحُ في أَشطانِها

عاثِرَةً تَعثُرُ في عِنانِها

تَرَكتُ ما صَبَّحتُ مِن فُرسانِها

وَإِبلاً تُنزَعُ مِن رُعيانِها

حَتّى إِذا قَلَّ غَنا شُجعانِها

طارَدَني عَنها وَعَن إِتيانِها

حَرائِرٌ أَرغَبُ في صِيانِها

أَستَعمِلُ الشِدَّةَ في أَوانِها

وَأَغفِرُ الزَلَّةَ في إِبّانِها

يالَكِ أَحياءً عَلى عُدوانِها

نِسوانُها أَمنَعُ مِن فُرسانِها


قصيدة: زماني كله غضب وعتب

قال أبو فراس الحمداني:[٣]

زَمانِيَ كُلَّهُ غَضَبٌ وَعَتبُ

وَأَنتَ عَلَيَّ وَالأَيّامُ إِلبُ

وَعَيشُ العالَمينَ لَدَيكَ سَهلٌ

وَعَيشي وَحدَهُ بِفَناكَ صَعبُ

وَأَنتَ وَأَنتَ دافِعُ كُلِّ خَطبٍ

مَعَ الخَطبِ المُلِمِّ عَلَيَّ خَطبُ

إِلى كَم ذا العِقابُ وَلَيسَ جُرمٌ

وَكَم ذا الاِعتِذارُ وَلَيسَ ذَنبُ

فَلا بِالشامِ لَذَّ بَفِيِّ شُربٍ

وَلا في الأَسرِ رَقَّ عَلَيَّ قَلبُ

فَلا تَحمِل عَلى قَلبٍ جَريحٍ

بِهِ لِحَوادِثِ الأَيّامِ نَدبُ

أَمِثلي تُقبِلُ الأَقوالُ فيهِ

وَمِثلُكَ يَستَمِرُّ عَلَيهِ كِذبُ

جَنانِيَ ما عَلِمتَ وَلي لِسانٌ

يَقُدُّ الدَرعَ وَالإِنسانَ عَضبُ

وَزَندي وَهوَ زَندُكَ لَيسَ يَكبو

وَناري وَهيَ نارُكَ لَيسَ تَخبو

وَفَرعي فَرعُكَ السامي المُعَلّى

وَأَصلي أَصلُكَ الزاكي وَحَسبُ

لِإِسمَعيلَ بي وَبَنيهِ فَخرٌ

وَفي إِسحَقَ بي وَبَنيهِ عُجبُ

وَأَعمامي رَبيعَةُ وَهيَ رَصَيدٌ

وَأَخوالي بَلَصفَرَ وَهيَ غُلبُ

وَفَضلي تَعجِزُ الفُضَلاءُ عَنهُ

لِأَنَّكَ أَصلُهُ وَالمَجدُ تِربُ

فَدَت نَفسي الأَميرَ كَأَنَّ حَظّي

وَقُربي عِندَهُ مادامَ قُربُ

فَلَمّا حالَتِ الأَعداءُ دوني

وَأَصبَحَ بَينَنا بَحرٌ وَدَربُ

ظَلِلتَ تُبَدِّلُ الأَقوالَ بَعدي

وَيَبلُغُني اِغتِيابُكَ ما يُغِبُّ

فَقُل ماشِئتَ فِيَّ فَلي لِسانٌ

مَليءٌ بِالثَناءِ عَلَيكَ رَطبُ

وَعامِلني بِإِنصافٍ وَظُلمٍ

تَجِدني في الجَميعِ كَما تُحِبُّ


المراجع

  1. خليل الدويهي، ديوان أبي فراس الحمداني، صفحة 162. بتصرّف.
  2. " أبلغ بني حمدان في بلدانها"، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 13/1/2022. بتصرّف.
  3. "زماني كلهُ غضبٌ وعتبُ"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
8796 مشاهدة
للأعلى للسفل
×