شعر النابغة الذبياني

كتابة:
شعر النابغة الذبياني


قصيدة: عفا ذو حُسًا من فرتنى فالفوارع

قال النّابغة الذّبياني:[١]

عَفا ذو حُسًا مِن فَرتَنى فَالفَوارِعُ

:::فَجَنبا أَريكٍ فَالتِلاعُ الدَوافِعُ

فَمُجتَمَعُ الأَشراجِ غَيَّرَ رَسمَها

:::مَصايِفُ مَرَّت بَعدَنا وَمَرابِعُ

تَوَهَّمتُ آياتٍ لَها فَعَرَفتُها

:::لِسِتَّةِ أَعوامٍ وَذا العامُ سابِعُ

رَمادٌ كَكُحلِ العَينِ لَأيًا أُبينُهُ

:::وَنُؤيٌ كَجَذمِ الحَوضِ أَثلَمُ خاشِعُ

كَأَنَّ مَجَرَّ الرامِساتِ ذُبولَها

:::عَلَيهِ حَصيرٌ نَمَّقَتهُ الصَوانِعُ

عَلى ظَهرِ مِبناةٍ جَديدٍ سُيورُها

:::يَطوفُ بِها وَسطَ اللَطيمَةِ بائِعُ

فَكَفكَفتُ مِني عَبرَةً فَرَدَدتُها

:::عَلى النَحرِ مِنها مُستَهِلٌّ وَدامِعُ

عَلى حينَ عاتَبتُ المَشيبَ عَلى الصِبا

:::وَقُلتُ أَلَمّا أَصحُ وَالشَيبُ وازِعُ

وَقَد حالَ هَمٌّ دونَ ذَلِكَ شاغِلٌ

:::مَكانَ الشِغافِ تَبتَغيهِ الأَصابِعُ

وَعيدُ أَبي قابوسَ في غَيرِ كُنهِهِ

:::أَتاني وَدوني راكِسٌ فَالضَواجِعُ


قصيدة: لعمرك ما خشيت على يزيد

قال النّابغة الذبيانيّ:[٢]

لَعَمرُكَ ما خَشيتُ عَلى يَزيدٍ

:::مِنَ الفَخرِ المُضَلَّلِ ما أَتاني

كَأَنَّ التاجَ مَعصوبًا عَلَيهِ

:::لِأَذوادٍ أُصِبنَ بِذي أَبانِ

فَحَسبُكَ أَن تُهاضَ بِمُحكَماتٍ

:::يَمُرُّ بِها الرَويُّ عَلى لِساني

فَقَبلَكَ ما شُتِمتُ وَقاذَعوني

:::فَما نَزُرَ الكَلامُ وَلا شَجاني

يَصُدُّ الشاعِرُ الثَنيانُ عَنّي

:::صُدودَ البَكرِ عَن قَرمٍ هِجانِ

أَثَرتَ الغَيَّ ثُمَّ نَزَعتَ عَنهُ

:::كَما حادَ الأَزَبُّ عَنِ الظِعانِ

فَإِن يَقدِر عَلَيكَ أَبو قُبَيسٍ

:::تَمَطَّ بِكَ المَعيشَةُ في هَوانِ

وَتُخضَب لِحيَةٌ غَدَرَت وَخانَت

:::بِأَحمَرَ مِن نَجيعِ الجَوفِ آني

وَكُنتَ أَمينَهُ لَو لَم تَخُنهُ

:::وَلَكِن لا أَمانَةَ لِليَمانِ


قصيدة: المرءُ يأمل أن يعيش

قال النّابغة الذّبيانيّ:[٣]

المَرءُ يَأمُلُ أَن يَعيشَ

:::وَطولُ عَيشٍ قَد يَضُرُّه

تَفنى بَشاشَتُهُ وَيَبقى

:::بَعدَ حُلوِ العَيشِ مُرُّه

وَتَخونُهُ الأَيّامُ حَتّى

:::لا يَرى شَيئًا يَسُرُّه

كَم شامِتٍ بي إِن هَلِكتُ

:::وَقائِلٍ لِلَّهِ دَرُّه


قصيدة: هذا غلام حسن وجهه

قال النّابغة الذّبيانيّ:[٤]

هَذا غُلامٌ حَسَنٌ وَجهَهُ

:::مُستَقبِلُ الخَيرِ سَريعُ التَمام

لِلحارِثِ الأَكبَرِ وَالحارِثِ ال

:::ـأَصغَرِ وَالأَعرَجِ خَيرِ الأَنام

ثُمَّ لِهِندٍ وَلِهِندٍ وَقَد

:::أَسرَعَ في الخَيراتِ مِنهُ إِمام

خَمسَةُ آبائِهِمُ ما هُمُ

:::هُم خَيرُ مَن يَشرَبُ صَوبَ الغَمام


قصيدة: أتاني أبيت اللعن أنّك لمتني

قال النّابغة الذّبيانيّ:[٥]

أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني

:::وَتِلكَ الَّتي أُهتَمُّ مِنها وَأَنصَبُ

فَبِتُّ كَأَنَّ العائِداتِ فَرَشنَني

:::هَراسًا بِهِ يُعلى فِراشي وَيُقشَبُ

حَلَفتُ فَلَم أَترُك لِنَفسِكَ رَيبَةً

:::وَلَيسَ وَراءَ اللَهِ لِلمَرءِ مَذهَبُ

لَئِن كُنتَ قَد بُلِّغتَ عَنّي خِيانَةً

:::لَمُبلِغُكَ الواشي أَغَشُّ وَأَكذَبُ

وَلَكِنَّني كُنتُ اِمرًأ لِيَ جانِبٌ

:::مِنَ الأَرضِ فيهِ مُستَرادٌ وَمَذهَبُ

مُلوكٌ وَإِخوانٌ إِذا ما أَتَيتُهُم

:::أُحَكَّمُ في أَموالِهِم وَأُقَرَّبُ

كَفِعلِكَ في قَومٍ أَراكَ اِصطَنَعتَهُم

:::فَلَم تَرَهُم في شُكرِ ذَلِكَ أَذنَبوا

فَلا تَترُكَنّي بِالوَعيدِ كَأَنَّني

:::إِلى الناسِ مَطلِيٌّ بِهِ القارُ أَجرَبُ

أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً

:::تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ

فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ

:::إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ

وَلَستَ بِمُستَبقٍ أَخًا لا تَلُمَّهُ

:::عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرِجالِ المُهَذَّبُ

فَإِن أَكُ مَظلومًا فَعَبدٌ ظَلَمتَهُ

:::وَإِن تَكُ ذا عُتبى فَمِثلُكَ يُعتِبُ


قصيدة: يا دار ميّة بالعلياء فَالسند

قال النّابغة الذّبيانيّ:[٦]

يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ

:::أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ

وَقَفتُ فيها أُصَيلانًا أُسائِلُها

:::عَيَّت جَوابًا وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ

إِلّا الأَوارِيَّ لَأيًا ما أُبَيِّنُها

:::وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ

رَدَّت عَلَيهِ أَقاصيهِ وَلَبَّدَهُ

:::ضَربُ الوَليدَةِ بِالمِسحاةِ في الثَأَدِ

خَلَّت سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحبِسُهُ

:::وَرَفَّعَتهُ إِلى السَجفَينِ فَالنَضَدِ

أَمسَت خَلاءً وَأَمسى أَهلُها اِحتَمَلوا

:::أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لُبَدِ

فَعَدِّ عَمّا تَرى إِذ لا اِرتِجاعَ لَهُ

:::وَاِنمِ القُتودَ عَلى عَيرانَةٍ أُجُدِ

مَقذوفَةٍ بِدَخيسِ النَحضِ بازِلُها

:::لَهُ صَريفٌ صَريفُ القَعوِ بِالمَسَدِ

كَأَنَّ رَحلي وَقَد زالَ النَهارُ بِنا

:::يَومَ الجَليلِ عَلى مُستَأنِسٍ وَحِدِ

مِن وَحشِ وَجرَةَ مَوشِيٍّ أَكارِعُهُ

:::طاوي المُصَيرِ كَسَيفِ الصَيقَلِ الفَرَدِ

سَرَت عَلَيهِ مِنَ الجَوزاءِ سارِيَةٌ

:::تُزجي الشَمالُ عَلَيهِ جامِدَ البَرَدِ

المراجع

  1. "عَفا ذو حُساً مِن فَرتَنى فَالفَوارِعُ"، البيت العربي. بتصرّف.
  2. محمد أبو الفضل إبراهيم، ديوان النابغة الذبياني، صفحة 112. بتصرّف.
  3. "المَرءُ يَأمُلُ أَن يَعيشَ"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
  4. محمد أبو الفضل إبراهيم، ديوان النابغة الذبياني، صفحة 165. بتصرّف.
  5. "أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
  6. "يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
9284 مشاهدة
للأعلى للسفل
×