شعر جاهلي عن الحب

كتابة:
شعر جاهلي عن الحب

قصيدة: أبت ذكر من حب ليلى تعودني

قال الشاعر زهير بن أبي سلمى:[١]

أَبَت ذِكَرٌ مِن حُبِّ لَيلى تَعودُني

عِيادَ أَخي الحُمّى إِذا قُلتُ أَقصَرا

كَأَنَّ بِغُلّانِ الرَسيسِ وَعاقِلٍ

ذُرى النَخلِ تَسمو وَالسَفينَ المُقَيَّرا

أَلَم تَعلَمي أَنّي إِذا وَصلُ خُلَّةٍ

كَذاكِ تَوَلّى كُنتُ بِالصَبرِ أَجدَرا

وَمُستَأسِدٍ يَندى كَأَنَّ ذُبابَهُ

أَخو الخَمرِ هاجَت حُزنَهُ فَتَذَكَّرا

هَبَطتُ بِمَلبونٍ كَأَنَّ جِلالَهُ

نَضَت عَن أَديمٍ لَيلَةَ الطَلِّ أَحمَرا

أَمينِ الشَوى شَحطٍ إِذا القَومُ آنَسوا

مَدى العَينِ شَخصاً كانَ بِالشَخصِ أَبصَرا

كَشاةِ الإِرانِ الأَعفَرِ اِنضَرَجَت لَهُ

كِلابٌ رَآها مِن بَعيدٍ فَأَحضَرا

وَخالي الجَبا أَورَدتُهُ القَومَ فَاِستَقَوا

بِسُفرَتِهِم مِن آجِنِ الماءِ أَصفَرا

رَأَوا لَبَثاً مِنّا عَلَيهِ اِستَقاؤُنا

وَرِيُّ مَطايانا بِهِ أَن تُغَمَّرا

وَخَرقٍ يَعِجُّ العَودُ أَن يَستَبينَهُ

إِذا أَورَدَ المَجهولَةِ القَومُ أَصدَرا

تَرى بِحِفافَيهِ الرَذايا وَمَتنِهِ

قِياماً يُقَطِّعنَ الصَريفَ المُفَتَّرا

تَرَكتُ بِهِ مِن آخِرِ اللَيلِ مَوضِعي

فِراشي وَمُلقايَ النَقيشَ المُشَمَّرا

وَمَثنى نَواجٍ ضُمَّرٍ جَدَلِيَّةٍ

كَجَفنِ اليَمانِي نَيُّها قَد تَحَسَّرا

وَمَرقَبَةٍ عَرفاءَ أَوفَيتُ مَقصِرًا

لَأَستَأنِسَ الأَشباحَ فيها وَأَنظُرا

قصيدة: أعلنت في حب جمل أي إعلان

قال الشاعر ابن المضلّل:

أَعلَنتُ في حُبِّ جُملٍ أَيَّ إِعلانِ

وَقَد بَدا شَأنُها مِن بَعدِ كِتمانِ

وَقَد سَعى بَينَنا الواشونَ وَاِختَلَفوا

حَتّى تَجَنَّبتُها مِن غَيرِ هِجرانِ

هَل أَبلُغَنها بِمِثلِ الفَحلِ ناجِيَةٍ

عَنسٍ عُذافِرَةٍ بِالرَحلِ مِذعانِ

كَأَنَّها واضِحُ الأَقرابِ حَلَّأَهٌ

عَن ماءٍ ماوانَ رامٍ بَعدَ إِمكانِ

فَجالَ هافٍ كَسَفّودِ الحَديدِ لَهُ

وَسطَ الأَماعِزِ مِن نَقعٍ جَنابانِ

تَهوي سَنابِكُ رِجلَيهِ مُحَنَّبَةً

في مُكرَهٍ مِن صَفيحِ القُفِّ كَذّانِ

يَنتابُ ماءَ قُطَيّاتٍ فَأَخلَفَهُ

وَكانَ مَورِدُهُ ماءً بِحَورانِ

تَظَلُّ فيهِ بَناتُ الماءِ أَنجِيَةً

كَأَنَّ أَعيُنَها أَشباهُ خيلانِ

فَلَم يَهُلهُ وَلَكِن خاضَ غَمرَتَهُ

يَشفي الغَليلَ بِعَذبٍ غَيرِ مِدّانِ

وَيلُ أُمِّ قَومٍ رَأَينا أَمسِ سادَتَهُم

في حادِثاتٍ أَلَمَّت خَيرَ جيرانِ

يَرعَينَ غِبّاً وَإِن يَقصُرنَ ظاهِرَةً

يَعطِف كِرامٌ عَلى ما أَحدَثَ الجاني

وَالحارِثانِ إِلى غاياتِهِم سَبَقاً

عَفواً كَما أَحرَزَ السَبقَ الجَوادانِ

وَالمُعطِيانِ اِبتِغاءَ الحَمدِ مالَهُما

وَالحَمدُ لا يُشتَرى إِلّا بِأَثمانِ

قصيدة: سألت المحبين الذين تحملوا

قالت الشاعرة أم الضحاك المحاربية:

سَألتُ المحبّين الّذي تحمّلوا

تَباريحَ هَذا الحبّ في سالف الدهرِ

فَقُلتُ لَهم ما يُذهب الحبّ بعدما

تَبوّأ ما بينَ الجَوانحِ والصدرِ

فَقالوا شفاء الحبّ حبٌّ يُزيلهُ

مِن آخر أو نأيٌ طويلٌ على هجرِ

أَو اليأس حتّى تذهل النفسُ بَعدما

رَجت طَمعًا واليأس عونٌ على الصبرِ

قصيدة: أرى الحب لا يفنى ولم يفنه الألى

قالت الشاعرة أم الضحاك المحاربية:

وما الحبُّ إلّا سمعُ أذنٍ ونظرةٌ

وَجنّة قلبٍ عَن حديثٍ وعن ذكرِ

وَلَو كانَ شيء غيره فني الهوى

وَأَبلاه مَن يهوى ولو كان من صخرِ

قصيدة: بالعفر دار من جميلة هيجت

قال الشاعر الطفيل الغنوي:

بِالعُفرِ دارٌ مِن جَميلَةَ هَيَّجَت

سَوالِفَ حُبٍّ في فُؤادِكَ مُنصِبِ

وَكُنتَ إِذا بانَت بِها غِربَةُ النَوى

شَديدَ القُوى لَم تَدرِ ما قَولُ مُشغِبِ

كَريمَةُ حُرِّ الوَجهِ لَم تَدعُ هالِكًا

مِنَ القَومِ هُلكًا في غَدٍ غَيرَ مُعقِبِ

أَسيلَةُ مَجرَى الدَمعِ خُمصانَةُ الحَشا

بَرودُ الثَنايا ذَاتُ خَلقٍ مُشَرعَبِ

تَرى العَينُ ما تَهوى وَفيها زِيادَةٌ

مِنَ اليُمنِ إِذ تَبدو وَمَلهَىً لِملعَبِ

قصيدة: صرمت جديد حبالها أسماء

قال الشاعر زهير بن أبي سلمى:[٢]

صَرَمَت جَديدَ حِبالِها أَسماءُ

وَلَقَد يَكونُ تَواصُلٌ وَإِخاءُ

فَتَبَدَّلَت مِن بَعدِنا أَو بُدِّلَت

وَوَشى وُشاةٌ بَينَنا أَعداءُ

فَصَحَوتُ عَنها بَعدَ حُبٍّ داخِلٍ

وَالحُبُّ تُشرِبُهُ فُؤادَكَ داءُ

وَلِكُلِّ عَهدٍ مُخلَفٍ وَأَمانَةٍ

في الناسِ مِن قِبَلِ الإِلَهِ رِعاءُ

خَودٌ مُنَعَّمَةٌ أَنيقٌ عَيشُها

فيها لِعَينِكَ مَكلَأٌ وَبَهاءُ

وَكَأَنَّها يَومَ الرَحيلِ وَقَد بَدا

مِنها البَنانُ يَزينُهُ الحِنّاءُ

بَردِيَّةٌ في الغيلِ يَغذو أَصلَها

ظِلٌّ إِذا تَلعَ النَهارُ وَماءُ

أَو بَيضَةُ الأُدحِيِّ باتَ شِعارَها

كَنَفا النَعامَةِ جُؤجُؤٌ وَعِفاءُ

قصيدة: طربت وهاجتك الظباء السوارح

قال الشاعر عنترة بن شداد:

طَرِبتَ وَهاجَتكَ الظِباءُ السَوارِحُ

غَداةَ غَدَت مِنها سَنيحٌ وَبارِحُ

تَغالَت بِيَ الأَشواقُ حَتّى كَأَنَّم

بِزَندَينِ في جَوفي مِنَ الوَجدِ قادِحُ

وَقَد كُنتَ تُخفي حُبَّ سَمراءَ حِقبَةَ

فَبُح لِانَ مِنها بِالَّذي أَنتَ بائِحُ

لَعَمري لَقَد أَعذَرتُ لَو تَعذِرينَني

وَخَشِّنتِ صَدرًا غَيبُهُ لَكَ ناصِحُ

قصيدة: إذا كان دمعي شاهد كيف أجحد

قال الشاعر عنترة بن شداد:

إِذا كانَ دَمعي شاهِدي كَيفَ أَجحَدُ

وَنارُ اِشتِياقي في الحَشا تَتَوَقَّدُ

وَهَيهاتَ يَخفى ما أُكِنُّ مِنَ الهَوى

وَثَوبُ سِقامي كُلَّ يَومٍ يُجَدَّدُ

أُقاتِلُ أَشواقي بِصَبري تَجَلُّد

وَقَلبِيَ في قَيدِ الغَرامِ مُقَيَّدُ

إِلى اللَهِ أَشكو جَورَ قَومي وَظُلمَهُم

إِذا لَم أَجِد خِلًّا عَلى البُعدِ يَعضُدُ

خَليلَيَّ أَمسى حُبُّ عَبلَةَ قاتِلي

وَبَأسي شَديدٌ وَالحُسامُ مُهَنَّدُ

حَرامٌ عَلَيَّ النَومُ يا اِبنَةَ مالِكٍ

وَمِن فَرشُهُ جَمرُ الغَضا كَيفَ يَرقُدُ

سَأَندُبُ حَتّى يَعلَمَ الطَيرُ أَنَّني

حَزينٌ وَيَرثي لي الحَمامُ المُغَرِّدُ

وَأَلثِمُ أَرضًا أَنتِ فيها مُقيمَةٌ

لَعَلَّ لَهيبي مِن ثَرى الأَرضِ يَبرُدُ

رَحَلتِ وَقَلبي يا اِبنَةِ العَمِّ تائِهٌ

عَلى أَثَرِ الأَظعانِ لِلرَكبِ يَنشُدُ

لَئِن يَشمَتِ الأَعداءُ يا بِنتَ مالِكٍ

فَإِنَّ وِدادي مِثلَما كانَ يَعهَدُ

قصيدة: عقاب الهجر أعقب لي الوصالا

قال الشاعر عنترة بن شداد:

عِقابُ الهَجرِ أَعقَبَ لي الوِصال

وَصِدقُ الصَبرِ أَظهَرَ لي المُحالا

وَلَولا حُبُّ عَبلَةَ في فُؤادي

مُقيمٌ ما رَعَيتُ لَهُم جِمالا

عَتَبتُ الدَهرَ كَيفَ يُذِلَّ مِثلي

وَلي عَزمٌ أَقُدُّ بِهِ الجِبالا

أَنا الرَجُلُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ

وَقَد عايَنتَ مِن خَبري الفِعالا

غَداةَ أَتَت بَنو طَيٍّ وَكَلبٍ

تَهُزُّ بِكَفِّها السُمرَ الطِوالا

بِجَيشٍ كُلَّما لاحَظتُ فيهِ

حَسِبتُ الأَرضَ قَد مُلِأَت رِجالا

وَداسوا أَرضَنا بِمُضَمَّراتٍ

فَكانَ صَهيلُها قيلاً وَقالا

تَوَلَّوا جُفَّلًا مِنّا حَيارى

وَفاتوا الظُعنَ مِنهُم وَالرِحالا

وَما حَمَلَت ذَوُو الأَنسابِ ضَيم

وَلا سَمِعَت لِداعيها مَقالا

وَما رَدُّ الأَعِنَّةِ غَيرُ عَبدٍ

وَنارُ الحَربِ تَشتَعِلُ اِشتِعالا

بِطَعنٍ تُرعَدُ الأَبطالُ مِنهُ

لِشِدَّتِهِ فَتَجتَنِبُ القِتالا

صَدَمتُ الجَيشَ حَتّى كُلَّ مُهري

وَعُدتُ فَما وَجَدتُ لَهُم ظِلالا

وَراحَت خَيلُهُم مِن وَجهِ سَيفي

خِفافاً بَعدَما كانَت ثِقالا

تَدوسُ عَلى الفَوارِسِ وَهيَ تَعدو

وَقَد أَخَذَت جَماجِمَهُم نِعالا

وَكَم بَطَلٍ تَرَكتُ بِها طَريح

يُحَرِّكُ بَعدَ يُمناهُ الشِمالا

وَخَلَّصتُ العَذارى وَالغَواني

وَما أَبقَيتُ مَع أَحَدٍ عِقالا

قصيدة: أغالبك القلب اللجوج صبابة

قال الشاعر المرقش الأكبر:

أَغالِبُكَ القلبُ اللَّجوج صَبابَةً

وشوقًا إلى أسماءَ أمْ أنتَ غالبُهْ

يهيمُ ولا يعْيا بأسماء قلبُه

كذاك الهوى إمرارُه وعواقِبُهْ

أيُلحى امرؤ في حبِّ أسماء قد نأى

بِغَمْزٍ من الواشين وازوَرَّ جانبُهْ

وأسماءُ هَمُّ النفس إن كنتَ عالمًا

وبادي أحاديثِ الفؤادِ وغائبهْ

إذا ذكرَتْها النفسُ ظَلْتُ كأنَّني

يُزعزعني قفقاف وِرْدٍ وصالبُهْ

قصيدة: سرى ليلًا خيال من سليمى

قال الشاعر المرقش الأكبر:

سَرى لَيْلًا خَيالٌ مِنْ سُلَيْمى

فأَرَّقَني وأصْحابي هُجُودُ

فَبِتُّ أُدِيرُ أَمْرِي كلَّ حالٍ

وأَرْقُبُ أَهْلَها وهُمُ بعيدُ

عَلى أَنْ قَدْ سَما طَرْفِي لِنارٍ

يُشَبُّ لها بذِي الأَرْطى وَقُودُ

حَوالَيْها مَهًا جُمُّ التَّراقي

وأَرْآمٌ وغِزْلانٌ رُقُودُ

نَواعِمُ لا تُعالِجُ بُؤْسَ عَيْشٍ

أَوانِسُ لا تُراحُ وَلا تَرُودُ

يَزُحْنَ مَعًا بِطاءَ المَشْيِ بُدّاً

عليهنَّ المَجاسِدُ والبُرُودُ

سَكَنَّ ببلْدَةٍ وسَكَنْتُ أُخرى

وقُطِّعَتِ المواثِقُ والعُهُودُ

فَما بالي أَفِي ويُخانُ عَهْدِي

وما بالي أُصادُ وَلا أَصِيدُ

ورُبَّ أَسِيلةِ الخَدَّيْنَ بِكْرٍ

مُنَعَّمَةٍ لها فَرْعٌ وجِيدُ

وذُو أُشْرٍ شَتِيتُ النَّبْتِ عَذْبٌ

نَقِيُّ اللَّوْنِ بَرَّاقٌ بَرُودُ

لَهوْتُ بها زَمانًا مِن شَبابي

وزارَتْها النَّجائِبُ والقَصِيدُ

أُناسٌ كلَّما أَخْلَقْتُ وَصْلاً

عَنانِي منهُمُ وَصْلٌ جَدِيدُ

قصيدة: قل لأسماء أنجزي الميعادا

قال الشاعر المرقش الأكبر:

قُلْ لأسماء أَنْجِزي الميعادا

وانْظُري أنْ تُزوِّدي منكِ زادا

أًينما كنتِ أو حَلَلتِ بأَرضٍ

أو بلادٍ أَحيَيْتِ تلكَ البلادا

إن تَكُونِي تَرَكْتِ رَبْعَكِ بالشَّأ

مِ وجاوَزْتِ حِمْيرًا ومُرادا

فارْتَجِي أَن أَكونَ منكِ قريبًا

فاسْألي الصَّادِرِين والوُرَّادا

وإذا ما رأَيْتِ رَكْبًا مُخِبِّيـ

ـنَ يَقُودونَ مُقْرَباتٍ جِيادا

فَهُمُ صُحْبتِي على أَرْحُلِ المَيْـ

ـسِ يُزَجُّونَ أَيْنُقًا أَفْرادا

وإذا ما سَمعتِ من نحوِ أرضٍ

بِمُحِبٍّ قد ماتَ أَو قِيلَ كادا

فاعْلَمِي غيرَ عِلْمِ شَكٍّ بأنِّي

ذاكِ وأبْكِي لِمُصْفَدٍ أَنْ يُفادى

أو تناءت بك النوى فلقد قدتِ

فؤادِي لحينه فانقادا

ذاك أنِّي علقت منك جوى الحبّ

وليدًا فزدتُ سنّاً فزادا

قصيدة: لخولة بالأجزاع من إضم طلل

قال الشاعر طرفة بن العبد:

لِخَولَةَ بِالأَجزاعِ مِن إِضَمٍ طَلَل

وَبِالسَفحِ مِن قَوٍّ مُقامٌ وَمُحتَمَل

تَرَبُّعُهُ مِرباعُها وَمَصيفُها

مِياهٌ مِنَ الأَشرافِ يُرمى بِها الحَجَل

فَلا زالَ غَيثٌ مِن رَبيعٍ وَصَيِّفٍ

عَلى دارِها حَيثُ اِستَقَرَّت لَهُ زَجَل

مَرَتهُ الجَنوبُ ثُمَّ هَبَّت لَهُ الصَبا

إِذا مَسَّ مِنها مَسكَنًا عُدمُلٌ نَزَل

كَأَنَّ الخَلايا فيهِ ضَلَّت رِباعُها

وَعوذًا إِذا ما هَدَّهُ رَعدُهُ اِحتَفَل

لَها كَبِدٌ مَلساءُ ذاتُ أَسِرَّةٍ

وَكَشحانِ لَم يَنقُض طِوائُهُما الحَبَل

إِذا قُلتُ هَل يَسلو اللُبانَةَ عاشِقٌ

تَمُرُّ شُؤونُ الحُبِّ مِن خَولَةَ الأَوَل

وَما زادَكَ الشَكوى إِلى مُتَنَكِّرٍ

تَظَلُّ بِهِ تَبكي وَلَيسَ بِهِ مَظَل

مَتى تَرَ يَومًا عَرصَةً مِن دِيارِها

وَلَو فَرطَ حَولٍ تَسجُمُ العَينُ أَو تُهَل

فَقُل لِخَيالِ الحَنظَليَّةِ يَنقَلِب

إِلَيها فَإِنّي واصِلٌ حَبلَ مَن وَصَل

أَلا إِنَّما أَبكي لِيَومٍ لَقيتُهُ

بِجُرثُمَ قاسٍ كُلُّ ما بَعدَهُ جَلَل

إِذا جاءَ ما لا بُدَّ مِنهُ فَمَرحَبًا

بِهِ حينَ يَأتي لا كِذابٌ وَلا عِلَل

أَلا إِنَّني شَرِبتُ أَسوَدَ حالِكًا

أَلا بَجَلي مِنَ الشَرابِ أَلا بَجَل

فَلا أَعرِفَنّي إِن نَشَدتُكَ ذِمَّتي

كَداعي هَديلٍ لا يُجابُ وَلا يَمَل

قصيدة: لخولة أطلال ببرقة ثهمد

قال الشاعر طرفة بن العبد:

لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ

تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ

وُقوفًا بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم

يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ

كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً

خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ

عَدَوليَّةٌ أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ

يَجورُ بِها المَلّاحُ طَورًا وَيَهتَدي

يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها

كَما قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ

وَفي الحَيِّ أَحوى يَنفُضُ المَردَ شادِنٌ

مُظاهِرُ سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ

خَذولٌ تُراعي رَبرَبًا بِخَميلَةٍ

تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي

وَتَبسِمُ عَن أَلمى كَأَنَّ مُنَوِّرًا

تَخَلَّلَ حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدي

سَقَتهُ إِياةُ الشَمسِ إِلّا لِثاتِهِ

أُسِفَّ وَلَم تَكدِم عَلَيهِ بِإِثمِدِ

وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها

عَلَيهِ نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ

وَإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِهِ

بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي

أَمونٍ كَأَلواحِ الأَرانِ نَصَأتُها

عَلى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهرُ بُرجُدِ

جَماليَّةٍ وَجناءَ تَردي كَأَنَّها

سَفَنَّجَةٌ تَبري لِأَزعَرَ أَربَدِ

تُباري عِتاقًا ناجِياتٍ وَأَتبَعَت

وَظيفًا وَظيفًا فَوقَ مَورٍ مُعَبَّدِ

تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَولِ تَرتَعي

حَدائِقَ مَوليِّ الأَسِرَّةِ أَغيَدِ

تَريعُ إِلى صَوتِ المُهيبِ وَتَتَّقي

بِذي خُصَلٍ رَوعاتِ أَكلَفَ مُلبِدِ

قصيدة: أفاطم مهلًا بعض هذا التدلل

قال الشاعر امرؤ القيس:

أَفاطِمَ مَهلًا بَعضَ هَذا التَدَلُّلِ

وَإِن كُنتِ قَد أَزمَعتِ صَرمي فَأَجمِلي

وَإِن تَكُ قَد ساءَتكِ مِنّي خِلقَةٌ

فَسُلّي ثِيابي مِن ثِيابِكِ تَنسُلِ

أَغَرَّكِ مِنّي أَنَّ حُبَّكِ قاتِلي

وَأَنَّكِ مَهما تَأمُري القَلبَ يَفعَلِ

وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلّا لِتَضرِبي

بِسَهمَيكِ في أَعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ

وَبَيضَةِ خِدرٍ لا يُرامُ خِباؤُه

تَمَتَّعتُ مِن لَهوٍ بِها غَيرَ مُعجَلِ

قصيدة: زار الخيال خيال عبلة في الكرى

قال الشاعرعنترة بن شداد:

زارَ الخيالُ خيالُ عَبلَة َ في الكَرى

لمتِّيم نشوانَ محلول العرى

فنهضتُ أشكو ما لقيتُ لبعدها

فتنفَّسَتْ مِسكًا يخالطُ عَنْبَرا

فضَممتُها كيما أقبِّلَ ثغرَها

والدَّمعُ منْ جَفنيَّ قد بلَّ الثرى

وكشفتُ برقعها فأشرقَ وجهها

حتى أعادَ اللَّيلَ صُبحًا مُسفِرًا

عربيةٌ يهتزُّ لين قوامها

فيخالُه العشَّاقُ رُمحًا أسمرا

محجوبةٌ بصوارمٍ وذوابل

سمرٌ ودونَ خبائها أسدُ الشرى

يا عَبلَ إنَّ هَواكِ قد جازَ المَدى

وأنا المعنى فيكِ من دون الورى

يا عَبلَ حبُّكِ في عِظامي مَعَ دَمي

لمَّا جرت روحي بجمسي قدْ جرَى

وَلقد عَلِقْتُ بذَيلِ مَنْ فَخُرتْ به

عبسٌ وسيفُ أبيهِ أفنى حميرا

يا شأْسُ جرْني منْ غرامٍ قاتلٍ

أبدًا أزيدُ به غرامًا مسعرا

يا ساشُ لولا أنْ سلطانَ الهوى

ماضي العزيمة ما تملكَ عنترا

قصيدة: ودع هريرة إن الركب مرتحل

قال الشاعر الأعشى:

يُضاحِكُ الشَمسَ مِنها كَوكَبٌ شَرِقٌ

مُؤَزَّرٌ بِعَميمِ النَبتِ مُكتَهِلُ

يَومًا بِأَطيَبَ مِنها نَشرَ رائِحَةٍ

وَلا بِأَحسَنَ مِنها إِذ دَنا الأُصُلُ

عُلَّقتُها عَرَضًا وَعُلَّقَت رَجُلاً

غَيري وَعُلَّقَ أُخرى غَيرَها الرَجُلُ

وَعَلَّقَتهُ فَتاةٌ ما يُحاوِلُها

مِن أَهلِها مَيِّتٌ يَهذي بِها وَهِلُ

وَعُلِّقَتني أُخَيرى ما تُلائِمُني

فَاِجتَمَعَ الحُبَّ حُبّاً كُلُّهُ تَبِلُ

فَكُلُّنا مُغرَمٌ يَهذي بِصاحِبِهِ

ناءٍ وَدانٍ وَمَحبولٌ وَمُحتَبِلُ

قالَت هُرَيرَةُ لَمّا جِئتُ زائِرَها

وَيلي عَلَيكَ وَوَيلي مِنكَ يا رَجُلُ

يا مَن يَرى عارِضاً قَد بِتُّ أَرقُبُهُ

كَأَنَّما البَرقُ في حافاتِهِ الشُعَلُ

قصيدة: صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله

قال الشاعر زهير بن أبي سُلمى:

صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَأَقصَرَ باطِلُه

وَعُرِّيَ أَفراسُ الصِبا وَرَواحِلُه

وَأَقصَرتُ عَمّا تَعلَمينَ وَسُدِّدَت

عَلَيَّ سِوى قَصدِ السَبيلِ مَعادِلُه

وَقالَ العَذارى إِنَّما أَنتَ عَمُّنا

وَكانَ الشَبابُ كَالخَليطِ نُزايِلُه

فَأَصبَحتُ ما يَعرِفنَ إِلّا خَليقَتي

وَإِلّا سَوادَ الرَأسِ وَالشَيبُ شامِلُه

قصيدة: بانت سعاد وأمسى حبلها رابا

قال الشاعر الأعشى:

بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها رابا

وَأَحدَثَ النَأيُ لي شَوقًا وَأَوصابا

وَأَجمَعَت صُرمَنا سُعدى وَهِجرَتَنا

لَمّا رَأَت أَنَّ رَأسي اليَومَ قَد شابا

أَيّامَ تَجلو لَنا عَن بارِدٍ رَتِلٍ

تَخالُ نَكهَتَها بِاللَيلِ سُيّابا

وَجيدِ مُغزِلَةٍ تَقرو نَواجِذُها

مِن يانِعِ المَردِ ما اِحلَولى وَما طابا

وَعَينِ وَحشِيَّةٍ أَغفَت فَأَرَّقَها

صَوتُ الذِئابِ فَأَوفَت نَحوَهُ دابا

هِركَولَةٌ مِثلُ دِعصِ الرَملِ أَسفَلُها

مَكسُوَّةٌ مِن جَمالِ الحُسنِ جِلبابا

تُميلُ جَثلًا عَلى المَتنَينِ ذا خُصَلٍ

يَحبو مَواشِطَهُ مِسكًا وَتَطيابا

رُعبوبَةٌ فُنُقٌ خُمصانَةٌ رَدَحٌ

قَد أُشرِبَت مِثلَ ماءِ الدُرِّ إِشرابا

وَمَهمَهٍ نازِحٍ قَفرٍ مَسارِبُهُ

كَلَّفتُ أَعيَسَ تَحتَ الرَحلِ نَعّابا

يُنبي القُتودَ بِمِثلِ البُرجِ مُتَّصِلًا

مُؤَيَّدًا قَد أَنافوا فَوقَهُ بابا

كَأَنَّ كوري وَميسادي وَميثَرَتي

كَسَوتُها أَسفَعَ الخَدَّينِ عَبعابا

قصيدة: ريح الحجاز بحق من أنشأك

قال الشاعر عنترة بن شداد:[٣]

ريحَ الحِجازِ بِحَقِّ مَن أَنشاكِ

رُدّي السَلامَ وَحَيِّ مَن حَيّاكِ

هُبّي عَسى وَجدي يَخِفُّ وَتَنطَفي

نيرانُ أَشواقي بِبَردِ هَواكِ

يا ريحُ لَولا أَنَّ فيكِ بَقِيَّةً

مِن طيبِ عَبلَةَ مُتُّ قَبلَ لِقاكِ

كَيفَ السُلُوُّ وَما سَمِعتُ حَمائِم

يَندُبنَ إِلّا كُنتُ أَوَّلَ باكي

بَعُدَ المَزارُ فَعادَ طَيفُ خَيالَه

عَنّي قِفارَ مَهامِهِ الأَعناكِ

يا عَبلَ ما أَخشى الحِمامِ وَإِنَّما

أَخشى عَلى عَينَيكِ وَقتَ بُكاكِ

يا عَبلَ لا يَحزُنكِ بُعدي وَاِبشِري

بِسَلامَتي وَاِستَبشِري بِفَكاكي

هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ

إِن كانَ بَعضُ عِداكِ قَد أَغراكِ

يُخبِركِ مَن حَضَرَ الشَآمَ بِأَنَّني

أَصفَيتُ وُدّاً مَن أَرادَ هَلاكي

ذَلَّ الأُلى اِحتالوا عَلَيَّ وَأَصبَحوا

يَتَشَفَّعونَ بِسَيفِيَ الفَتّاكِ

فَعَفَوتُ عَن أَموالِهِم وَحَريمِهِم

وَحَمَيتُ رَبعَ القَومِ مِثلِ حِماكِ

وَلَقَد حَمَلتُ عَلى الأَعاجِمِ حِملَةً

ضَجَّت لَها الأَملاكُ في الأَفلاكِ

فَنَثَرتُهُم لَمّا أَتَوني في الفَل

بِسِنانِ رُمحٍ لِلدِما سَفّاكِ



لقراءة المزيد من الأشعار الجاهليّة، اخترنا لك هذا المقال: أجمل أبيات الشعر الجاهلي.

المراجع

  1. زهير بن أبي سلمى، ديوان زهير بن أبي سلمى، صفحة 58-59.
  2. "صرمت جديد حبالها أسماء"، ديواني، اطّلع عليه بتاريخ 27/01/2021م.
  3. "ريح الحجاز بحق من أنشأك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 27/01/2021م.
5482 مشاهدة
للأعلى للسفل
×