الشعر الصوفي
ظهر الشعر الصوفي في الأدب العربي مع بداية الظهور الصوفي الذي كان ذاتيًا، ومتعددًا في طرق التعبير عنه، واستخدم هذا النوع من الشعر كوسيلة لنشر التصوف وأصوله، ولما يعتقد به المتصوف، حيث تم استعماله كقالب تعبيري عن المحبة التي تعني عند أهل الصوفية طريق الوصول إلى الله تعالى، ويعد اللون الغزلي من أهم ألوان الشعر الصوفي، والذي يتسم بوجود ألفاظ ذات دلالات روحية شفافة، تزيد من جمالية الغزل، وتسمو بالجسد إلى درجة الوصول إلى الروح، وفي هذا المقال سيتم ذكر بعض القصائد التي تحتوي على شعر صوفي غزلي.
شعر صوفي غزلي
فيما يلي ذكر أبيات من قصائد صوفية تحتوي على شعر صوفي غزلي:
- يقول الشاعر مهدي منصور يا من نذرتُ لهُ القصائد والهوى ووقدتُ أيامي لكي ألقاهُ وتقول قامته إذا عبرت غوى أقدم وتنكر صوتها شفتاه يختار من قزحِيَّـتي سكنًا لهُ حتّى بشتّى ما أراهُ أراهُ أمعذبًا أضنى رؤاي وليس لي نور يبدد غربتي إلاه علمتني أن الجراح عقيدة فرض الأسى طاب الذي صلاّه ذا القلب ناقوس بدير جوارحي أهدى شقائق وجنتيك دماه يبدو سكونك كالصلاة، وكل من صلى الإله بعطفه يهواه اغضب فلو صلى سكونك سيدي أمسى غريمي في هواك الله
- يقول الحلاج طَلَعَتْ شمس من أحبّ بلَيّلٍ فاستنارت فما عليها من غروب بعد شمس النهار تطلع باليلِ وشمس القلوب ليس تغيـب
- ويقول أيضًا في شعر صوفي غزلي والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا و حبّـك مقـرون بأنفاسـي ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهــم إلا و أنت حديثي بين جلاســي ولا ذكرتك محزوناً و لا فَرِحا إلا و أنت بقلبي بين وسواســـي ولا هممت بشرب الماء من عطش إلا رَأَيْتُ خيالاً منك في الكـــأس ولو قدرتُ على الإتيان جئتـُكم سعياً على الوجه أو مشياً على الرأس ويا فتى الحيّ إن غّنيت لي طربا فغّنـني وأسفا من قلبك القاسي ما لي وللناس كم يلحونني سفها ديني لنفسي ودين الناس للنـــاس
- ويقول أيضًا يا نسيم الروح قولي للرشـا لم يزدني الـِورْد إلا عطشـا لي حبيبٌ حبّه وسط الحشـا إن يشا يمشي على خدّي مشا روحه روحي وروحي روحه إن يشا شئتُ وإن شئتُ يشـا
- وله أبيات يقول فيها: ما زلتُ أطفو في بحار الهوى يـرفـعـني المَـوْجُ و انحطُّ ما زلتُ أطفو في بحار الهوى يـرفـعـني المَـوْجُ و انحطُّ فتارةً يـرفعـني مَـوْجُـهـا وتـارة أهــوى وانـغــطّ حتّى إذا صيَّرني في الـهوى إلى مـكـان مـا لـه شــطّ ناديتُ يا من لم أَبُـح بِاسمـه ولم أَخُـنْـهُ في الهــوى قطّ تقيك نفسي السُّـوء من حاكم ما كان هذا بيننــا شــرط
- يقول عفيف الدين التلمساني أَبداً بِذكْرِكَ تَنْقَضِي أَوْقَاتِي مَا بَيْنَ سُمَّاري وَفي خَلَواتي يَا وَاحِدَ الحُسْنِ البَديع لِذاتِهِ أَنَا وَاحِدُ الأَحْزانِ فيكَ لِذَاتي وَبِحُبِّكَ اشْتَغَلتْ حَواسِي مِثْلَمَا بِجَمالِكَ امْتلأَتْ جَمِيعُ جِهَاتي
- يقول ابن الفارض
- هُوَ الحُبّ فاسلمْ بالحشا ما الهَوَى سَهْلُ فَما اختارَهُ مُضْنًى بهِ، ولهُ عَقْلُ هُوَ الحُبّ فاسلمْ بالحشا ما الهَوَى سَهْلُ فَما اختارَهُ مُضْنًى بهِ، ولهُ عَقْلُ وعِشْ خالياً فالحبُّ راحتُهُ عناً وأوّلُهُ سُقْمٌ، وآخِرُهُ قَتْلُ ولكنْ لديَّ الموتُ فيه صبابة ً حَياة ٌ لمَن أهوَى، عليّ بها الفَضْلُ نصحتُكَ علماً بالهوى والَّذي أرَى مُخالفتي فاخترْ لنفسكَ ما يحلو فإنْ شِئتَ أنْ تحيا سَعيداً، فَمُتْ بهِ شَهيداً، وإلاّ فالغرامُ لَهُ أهْلُ تمسّكْ بأذيالِ الهوى واخلعْ الحيا وخلِّ سبيلَ النَّاسكينَ وإنْ جلُّوا وقلْ لقتيلِ الحبِّ وفَّيتَ حقَّهُ وللمدَّعي هيهاتَ مالكحلُ الكحلُ
- قلبى يُحَدّثنى بأَنّكَ مُتْلِفِي روحى فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ لم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ الذى لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي ما لى سِوَى روحى وباذِلُ نفسِهِ فى حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد أسعَفْتَنى يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تسعفِ
خصائص الشعر الصوفي
إن ما يتميز به الشعر الصوفي عن باقي ألوان الشعر العربي هو ما زاده جمالاً على جمال القصيدة العربية المعروفة من خلال ما يلي:
- استخدام الألفاظ الخاصة: حيث تتميز لغة الشعر الصوفي باستخدام الألفاظ ذات الغزل الحسي، للتعبير عن معاني الروح، كما تحمل المفردات في طياتها العديد من الإشارات والإلماحات إلى كل ما هو روحاني.
- استخدام الرموز: وتختلف الرموز في الشعر الصوفي اختلافًا كليًا عن الرموز الأخرى التي تستخدم في الأسطورة في الشعر أو ما شابه، فهي رموز ذات بعد ديني وتنتمي إلى الروح الصوفية، كالجبة، والقباب، والطواف، والصلاة، والعشق الإلهي.
- عدم الكشف عن المعنى الحقيقي دائمًا: وهي من أهم ميزات الشعر الصوفي حيث يستخدم في الشعر الصوفي بعض الكلمات والمعاني ذات الدلالات غير الواضحة والتي قد تؤدي أكثر من غرض، ولا يتم الكشف عن هذه المعاني إلا من قبل الشعراء بينهم وبين ذواتهم.