محتويات
قصيدة: اللغة العربية
قال الشاعر حمد أبو شهاب:[١]
لُغةُ القُرآنِ يا شَمسَ الهُدى
- صَانَكِ الرّحمَنُ مِن كَيدِ العِدا
هَل عَلى وَجْه الثَّرى مِن لُغةٍ
- أحْدَثتْ في مَسمَعِ الدهْرِ صَدى
مِثْلما أحدَثْتِه فِي عالَمٍ
- عَنكِ لا يعلَمُ شيئًا أبدًا
فَتَعاطَاكِ فأمسَى عَالِمًا
- بكِ أفتَى وتَغَنَّى وحَدَا
وعَلى رُكنِكِ أرسَى عِلمَهُ
- خَبَر التوكيدِ بعْد المُبتَدا
أنتِ علَّمتِ الأُلى أنّ النُهَى
- هِي عَقلُ المرْءِ لا مَا أفسَدَا
ووضَعْتِ الاسْمَ والفِعلَ ولَمْ
- تترُكِي الحَرْفَ طَليقًا سَيّدا
أنتِ مَنْ قَوَّمتِ مِنهُم ألسُنًا
- تجْهلُ المَتنَ وتؤذِي السَنَدا
بكِ نحنُ الأُمّة المُثلَى التي
- تُوجِزُ القولَ وتُزجِي الجيّدا
بينَ طَيَّاتكِ أغلَى جَوهر
- غَرّد الشَّادِي بِها وانْتَضَدا
في بَيانٍ واضِحٍ غَارَ الضُحَى
- منهُ فاستَعْدَى عليْكِ الفَرقَدا
نحنُ علَّمنَا بكِ الناسَ الهُدى
- وبكِ اختَرْنا البيَانَ المُفرَدا
وَزَرعْنا بكِ مجدًا خَالِد
- يتَحدّى الشَّامِخَاتِ الخُلّدا
فوقَ أجْوازِ الفَضَا أصدَاؤُه
- وبكِ التاريْخُ غَنّى وشَدَا
مَا اصْطَفاكِ اللهُ فينَا عَبَثٌ
- لا ولا اختَارَكِ للدّينِ سُدَى
أنتِ مِنْ عَدنَان نُورٌ وهُدى
- أنتِ منْ قحْطَان بَذْلٌ وفَدَا
لُغَةٌ قَد أنزَلَ اللُه بها
- بَيّنات مِن لَدُنه وهُدَى
والقَريضُ العَذْبِ لولاها لَمَا
- نَغِم المُدلَجُ بالليلِ الحِدَا
حَمْحَماتُ الخَيلِ من أصْواتِه
- وصَليلُ المَشرِفياتِ الصَّدى
كنْتُ أخْشَى مِن شبَا أعْدائه
- وعَليهَا اليَومَ لا أخشَى العِدا
إنّما أخشَى شبِا جُهالةٍ
- مِن رُعَى الغَيّ وخُلَى الرُّشدَا
يا وُلاةَ الأمْرِ هلْ مِن سَامِعٍ
- حينَما أدعُو إلى هَذا النَدا؟
هذِه الفُصحَى التي نشدُو بِها
- ونُحْيي مَن بِشَجواها شَدا
هي رُوحُ العرَبِ مَن يحفَظه
- حَفِظَ الروحَ بهَا والجَسَدا
إنْ أرَدتُم لُغةً خالِصَةً
- تبْعَثُ الأمسَ كَريمًا والغَدَا
فَلها اختَارُوا لَها أربَابُه
- مَن إذا حَدّث عنْها غَرّدا
وأَتَى بالقولِ منْ مَعدَنِه
- نَاصِعًا كالدُّر حَلّى العَسْجَدا
يا وِعاءَ الدِّينِ والدّنيا مَع
- حسبُكِ القرآنَ حِفظًا
كُلّما قادِكِ شيطَانُ الهَوَى
- للرَّدى نجَّاكِ سُلطَانُ الهُدَى.
قصيدة: لا تقل عن لغتي أم اللغات
قال الشاعر وديع عقل:[٢]
لا تَقُلْ عَـن لُغَتي أُم اللغَاتِ
- إنّها تَبرَأُ منْ تِلكَ البَنَاتِ
لُغَتي أكْرَمُ أمٍّ لمْ تَلِدْ
- لذَويهَا العُربِ غَيرَ المُكْرِمَاتِ
مَا رَأتْ للضّاد عَيني أثَرًا
- فِي لُغاتِ الغَربِ ذاتِ الثَغْثَغاتِ
إنّ ربِي خَلقَ الضادَ وقَدْ
- خَصّها بالحَسنَاتِ الخَالِدَاتِ
وعَدَا عَادٍ مِنَ الغَربِ عَلى
- أرْضِنَا بالغَزوَاتِ المُوبِقَاتِ
هَاجَمَ الضّادَ فكَانَتْ معقَلًا
- ثَابِتًا فِي وَجْهِه كُلّ الثّبَاتِ
مَعقَلٌ رَدّ دَواهِيهِ فَما
- بَاءَ إلّا بالأَمانِي الخَائِبَاتِ
أيُّها العُربُ حَمَى معْقَلَكُم
- ربُّكُم مِن شَرّ تلكَ النائِبَاتِ
إنّ يومًا تُجرَحُ الضّادَ ُبِه
- هًو واللِه لكُم يَومَ المَمَاتِ
أيُّها العُربُ إذا ضَاقَتْ بِكم
- مُدُنُ الشّرقِ لهَولِ العَاديَاتِ
فاحذَرُوا أن تَخْسَرُوا الضّاَدَ ولَو
- دَحْرَجُوكم مَعَها في الفَلَواتِ.
قصيدة: أم البيان روى فصيح نداك
قال الشاعر محسن شرارة:
أُمُّ البيانِ رَوى فَصِيحَ نَداكِ
- سِرًَا لِيَعْرُبَ رائِعًا بِصَداكِ
اللهُ أَظهَرَ في النُّفوسِ جَمالَهُ
فَحَوى اللغاتِ جَميعَها وَحَواكِ
يا رَيْقَةَ اللُّسْنِ الفِصاحِ وَذَوْقَها
- لَكِ في الفُنونِ مَهارَةُ الحياكِ
مَشَتِ الحَضارَةُ في ظِلالِكِ وانْثَنَت
- تَنشِي عُقُولَ شُعوبِها كَفَّاكِ
في رِيشَةِ الفَنانِ مِنْكِ بَراعَةٌ
- عَكَسَ الخَيَالَ بِها بَهْيُ سَناكِ
الفِكْرُ والقَلَمُ البَديعُ كِلاهُما
- لكِ فِيهِما وُحْيٌ مِن الأَمْلاكِ
نَطَقَت بِهِ الشُّعَرَاءُ فِي تَرْنيمِها
- وَبَدا عَلى تَسْبيحِه النّساكُِ
في آهَةِ الشّاكي شُعورُكِ ثائِرٌ
- وَعلى السَّوائِلِ مِنْ دُموعِ الباكِي
هذي المُروجُ تَعانَقَت أَغْصانُها
- وَالزَّهْرُ يَعْبَقُ مِن فَتيقٍ ذَاكي
وَبِواحَةِ الصَّحْرَا قَصيدُكِ سَائِلٌ
- بِمَنابِتِ الأَوْرادِ وَالأَشْواكِ
وَالطَّيْرُ مِن طَرَبٍ عَلَيْهِ عَواكِفٌ
- وَالنَّاسُ بَيْنَ تَغازُلٍ وَتَشاكِ
لُغَةُ العَواطِفِ كُلُّ شَعْبٍ ناهِضِ
- لَمْ يَبْنِ صَرْحَ نُهُوضِهِ إِلاكِ
أَرْضُ الجَزِيرَةِ في الأَعاصِيرِ الأُلَى
- رَفَعَتْ على حَدْوِ النِّياقِ بُناكِ
تَفنّى رَواتُكِ في الشُّعوبِ جَميعُها
- وَالضّادُ خَالِدَةٌ بِها أَنْباكِ
يَنْمُو على سُنَنِ الطّبيعََةِ رائِعًا
- سِرُّ الثَّقافَةِ في حَصاةِ نُهاكِ
هذا حَمُورَابي أَتى بِكِ شرْعَةٌ
- نُبّهتْ على خطَواتها شعْرَاكِ
فَأَتى المُهَلْهَلُ حَامِلًا بِقَصِيدَةِ
- لِلنَّاسِ مِنْ آثارِها أَسْماكِ
وَتَلَفَتَ الكِندِيُّ فَانْبَجَسَتْ لَه
- لِما تَنْقُلُ ثَرّةَ عَيْناكِ
وَالرَّوْعَةُ الكُبْرَى تَمَشَتْ في ذُرى
- حَرّاءَ ناطِقَةً بِسِرِّ هُداكِ
دَرَجَتْ مع الإِسْلامِ في آياتِهِ
- فَتَفَتَحَتْ فيها عُيونُ ذَكاكِ
هَمّوا بِأن يَحْكُوكِ في قُرْآنِهِ
- فَأخْرَسَ مِن عَيِّ لِسانِ الحاكي
إِنّ الذي خَلَقَ البيانَ وَسِرَّهُ
- يَكَفي البيانُ تَقَوُّل الأَُفَّاكِ
في كُلِّ عَصْرٍ للعُروبَةِ فِتْيَةٌ
- يَتوارَثونَ الفَضْلَ مِن نَجْواكِ
قصيدة: ماذا طحا بك يا صناجة الأدب
قال الشاعر علي الجارم:[٣]
مَاذَا طَحَا بِكَ يَا صَنَّاجَةَ الأدَبِ
- هَلاَّ شَدَوْتَ بِأَمْدَاحِ ابْنَةِ العَرَبِ
أطَارَ نَوْمَكَ أَحْدَاثٌ وَجَمْتَ لَهَا
- فَبِتَّ تَنْفُخُ بَيْنَ الهَمِّ والْوَصَبِ
وَالْيَعْرُبِيَّةُ أَنْدى مَا بَعَثْتَ بِهِ
- شَجْوًا مِنَ الْحُزنِ أَوْ شَدْوًا منَ الطَّرَب
رُوحٌ مِنَ اللّهِ أَحْيَتْ كُلَّ نَازِعَةٍ
- مِنَ البَيَانِ وَآتَتْ كُلَّ مُطَّلَبِ
أَزْهَى مِنَ الأَمَلِ البَسَّامِ مَوْقِعُهَا
- وَجَرْسُ أَلْفَاظِهَا أَحْلَى مِنَ الضَّرَبِ
وَسْنَى بِأخْبِيَةِ الصَّحْرَاءِ يُوقِظهَا
- وَحْيٌ مِنَ الشَّمْسِ أَوْ همْسٌ مِنَ الشهبِ
تُحْدَى بِهَا اليَعْمَلاَتُ الكُومُ إِنْ لَغِبَتْ
- فَلاَ تُحِسُّ بِإِنْضَاءٍ وَلاَ لَغَبِ
تَهْتَزُّ فَوْقَ بِحَارِ الآلِ رَاقِصَةً
- وَالنَّصْبُ لِلنيبِ يَجْلُو كُرْبَةَ النَّصَبِ
لَمْ تَعْرِف السَّوْطَ إِلاَّ صَوْتَ مُرْتَجِزٍ
- كَأنَّ في فيهِ مِزْمارًا مِنَ القَصَبِ
تُصْغِي إِلَى صَوْتِهِ الأَطْيَارُ صَامِتَةً
- إِذَا تَردَّدَ بَيْنَ القُورِ وَالهِضَبِ
كَأنَّهُ وَظَلاَمُ اللَّيْل يَكْنٌفُهُ
- غُثَاءَةٌ قُذِفَتْ في مَائِجٍ لَجِبِ
قَدْ خَالَطَ الوَحْشَ حَتَّى مَا يُرَوّعُهَا
- إِذَا تَعَرَّضَ لَمْ تَنْفِرْ وَلَمْ تَثِبِ
يَرْنُو بِعَيْنٍ عَلَى الظَّلْمَاءِ صَادِقَةٍ
- كَأَعْيُنِ النَّسْرِ أَنّى صُوّبَتْ تُصِبِ
هُوَ الْحَيَاةُ بِقَفْرٍ لا حَياةَ بِهش
- كالمَاءِ في الصّخْرِ أَوْ كالمَاءِ في الْحَطَبِ
يَبِيتُ مِنْ نَفْسِهِ في مَنْزِلٍ خَضِلٍ
- وَمِنْ شَبَا بِيضِهِ في مَعْقلٍ أَشِبِ
يَهْتَزُّ للجُودِ والمَشْتَاةُ بَاخِلَةٌ
- وَالقُرُّ يَعْقِدُ رَأْسَ الكلْبِ بالذّنَبِ
تهْفُو إِلَيْهِ بَنَاتُ الْحَيّ مُعْجَبَةً
- وَالْحُبُّ يَنْبُتُ بَيْنَ العُجْبِ وَالعَجَبِ
إِذَا تَنَقَّبْنَ إِذْ يَلْقَيْنهُ خَفَرًا
- فَشَوقُهُنَّ إِليْهِ غَيْرُ مُنْتقِبِ
تَرَاهُ كُلُّ فَتَاةٍ حِينَ تَفْقِدُهُ
- في البَدْرِ والسَّيْفِ والضِّرغَامِ وَالسُّحُبِ
زَيْنُ الفِنَاءِ إِذَا مَا حَلَّ حَبْوَتَهُ
- لِلْقَوْلِ لَبَّاهُ مِنْهُ كُلُّ مُنْتَخَبِ
أَوْ هَزَّ شَيْطَانُهُ أَوتَارَ مَنْطِقِهِ
- فَاخْشَ الأَتِيَّ وَحَاذِرْ صَوْلَةَ العُبُبِ
مَامَسَّ بِالكَفِّ أَوْرَاقًا وَلاَ قَلَمًا
- وَرَأْيُهُ زِنَةُ الأَوْرَاقِ وَالكُتُبِ
يَطِيرُ لِلحَرْبِ خِفّاً غَيْرَ مُدَّرِعٍ
- في شِدَّةِ البَأْسِ مَا يُغْنِي عَنِ اليَلَب
إذَا دَعَاهُ صَرِيخٌ كَانَ دَعْوَتَهُ
- وَإنْ دَعَتْهُ دَوَاعِي الذُّعْرِ لَمْ يُجِبِ
لاَ تَرْهَبُ الْجَارَةُ الْحَسْنَاءُ نَظْرتَهُ
- كَأَنَّ أَجْفَانَهُ شُدَّتْ إِلَى طَنُبِ
جَزِيرَةٌ أَجْدَبَتْ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ
- وَأَخْصَبَتْ في نَوَاحِي الخُلْقِ والأَدَبِ
جَدْبٌ بِهِ تَنْبُتُ الأَحْلاَمُ زَاكِيَةً
- إِنَّ الحِجَارَةَ قَدْ تَنْشَقُّ عَنْ ذَهَبِ
تَوَدُّ كُلُّ ريَاضِ الأَرْضِ لَوْ مُنِحَتْ
- أَزْهَارُهَا قُبْلَةً مِنْ خَدِّهَا التَّرِبِ
وَتَرْتَجِي الغِيدُ لَوْ كَانَتْ لآلِئُهَا
- نَظْمًا مِنَ الشِّعْرِ أَوْ نَثْرًا مِنَ الْخُطَبِ
يَا جِيرَةَ الْحَرَمِ المَزْهُوِّ سَاكِنُهُ
- سقَى العُهُودَ الْخَوالِي كُلُّ مُنْسَكِبِ
لِي بيْنَكُمْ صِلَةٌ عَزَّتْ أوَاصِرُهَا
- لأَنَّهَا صِلَةُ القُرآنِ وَالنَّسَبِ
أرى بعَيْنِ خَيالي جاهِليَّتكُمْ
- ولِلتَّخيُّلِ عَيْنُ القَائِفِ الدَّربِ
وَأَشْهَدُ الْحَشْدَ لِلشُّورَى قَدِ اجْتَمعُوا
- وَلَسْتُ أَسْمَعُ مِنْ لَغْوٍ وَلاَ صَخَبِ
مِنْ كُلِّ مُكْتَهِلٍ بالبُرْدِ مُشْتَمِلٍ
- لِلقَوْلِ مُرْتَجِلٍ لِلهُجْرِ مُجْتَنِبِ
وَأَلْمَحُ النَّارَ في الظَّلْمَاءِ قَدْ نُصِبَتْ
- لِطَارِقِ اللَّيْلِ وَالْحَيْرَانِ والسَّغبِ
نَارٌ وَلَكِنَّها قَدْ صُوِّرَتْ أَمَلًا
- بَرْدًا إِذَا خَابَتِ الآمَالُ لَمْ يَخِبِ
رَمْزُ الْحَيَاةِ وَرَمْزُ الْجُودِ مَا فَتِئَتْ
- فَوْقَ الثَّنِيَّاتِ تَرْمِي الجَوَّ باللَّهَبِ
يَشُبُّهَا أرْيحي كُلَّمَا هَدَأَتْ
- أَلْقَى عَلَى جَمْرِهَا جَزْلًا مِنَ الحَطَبِ
وَأُبْصِرُ القَوْمَ يَوْمَ الرَّوْعِ قَدْ حُشِدُوا
- لِلْمَوتِ يَجْتَاحُ أَوْ لِلنَّصْرِ وَالغَلَبِ
يَرْمُونَ بِالشَّرِّ شَرًّا حِينَ يفْجَؤُهُمْ
- وَرَايُهُمْ فَوْقَهُمْ خَفَّاقَةُ العَذَبِ
وَأَحْضُرُ الشُّعَرَاءَ اللُّسْنَ قدْ وَقَفُوا
- وَلِلْبَيانِ فِعَالُ الصَّارِمِ الذَّرِبِ
أَبُو بَصيرٍ لَهُ نَبْرٌ لَوْ اتُّخِذَتْ
- مِنْهُ السِّهَامُ لَكَانَتْ أَسْهُمَ النُّوَبِ
إِذَا رَمَاهَا كمَا يَخْتَارُ قَافِيَةً
- دَارتْ مَعَ الفَلَكِ الدَّوَّارِ في قُطُبِ
وَأُغْمِضُ العَيْنَ حِينًا ثُمَّ أَفْتَحُهَا
- عَلَى جَلاَلٍ بِنُورِ الْحَقِّ مُؤتَشِبِ
نُورٌ مِنَ اللّهِ هَالَ القَوْمَ سَاطِعُهُ
- وَلَيْسَ يُحْجَبُ نُورُ اللّهِ بِالْحُجُبِ
تَكَلَّمَتْ سُوَرُ القُرْآنِ مُفْصِحَةً
- فَأَسْكَتَتْ صَخَبَ الأَرْمَاحِ والقُضُبِ
وَقَامَ خَيْرُ قُرَيْشٍ وَابْنُ سَادَتِهَا
- يَدْعُو إِلَى اللّهِ في عَزْمٍ وفي دَأبِ
بِمَنْطِقٍ هَاشمِيِّ الوَشْي لَوْ نُسِجَتْ
- مِنْهُ الأَصَائِلُ لَمْ تَنْصُلْ وَلَمْ تغِبِ
طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُ الأيَّامِ وَابْتَهَجتْ
- ومَرَّ دَهْرٌ وَدَهْرٌ وَهي لَمْ تَطِبِ
وَهُزَّتِ الرَّاسِيَاتُ الشمُّ وَارْتَعَدَتْ
- لِهَوْلِهِ البَاتِرَاتُ البِيضُ في القُرُبِ
وَأَصْبَحَتْ بِنْتُ عَدْنَانٍ بِنَفْحَتِهِ
- تِيهًا تُجَرِّرُ مِن أَذْيالِهَا القُشُبِ
فَازَتْ برُكْنٍ شَديدٍ غَيْرِ مُنْصَدِعٍ
- مِن البَيَانِ وَحَبْلٍ غَيْرِ مُضْطَرِبِ
وَلَمْ تَزَلْ مِنْ حِمى الإِسْلاَمِ في كَنَفٍ
- سَهْلٍ وَمْن عِزِّه في مَنْزِلٍ خَصِب
حَتَّى رَمَتْهَا اللَّيَالي في فَرَائدها
- وَخَرَّ سُلْطَانُهَا يَنْهَارُ مِنْ صَبَبِ
وَعَاثَت الْعُجْمَةُ الْحَمْقَاءُ ثَائِرَةً
- عَلَى ابْنَةِ البِيدِ في جَيْشٍ مِنَ الرَّهَبِ
يَقُودُهُ كُلُّ وَلاَّغٍ أَخِي إِحَنٍ
- مُضَمَّخٍ بِدِمَاءِ العُرْبِ مُخْتَضِبِ
لَمْ يُبْقِ فِيهَا بِنَاءً غَيْرَ مُنْتقِضٍ
- مِنَ الفَصِيحِ وَشَمْلاً غَيْرَ مُنْقضَبِ
كَأَنَّ عَدْنَانَ لَمْ تَملأْ بَدَائِعُهُ
- مَسامِعَ الكَوْنِ مِنْ نَاءٍ وَمُقْتَرِبِ
مَضَتْ بِخَيْرِ كُنوزِ الأَرْضِ جَائِحةٌ
- وَغَابَت اللُّغَةُ الفُصْحَى مَعَ الغَيَبِ
لَوْلا فُؤَادٌ أَبُو الفَارُوقِ مَا وجَدَتْ
- إِلَى الْحَيَاةِ ابنَةُ الأَعْرَابِ مِنْ سَبَبِ
أعَزَّ مِنْهَا حِمىً رِيعَتْ كَرَائِمُهُ
- وَكَانَ مَمْنُوعُهُ نَهْبًا لمُنْتهِبِ
وَرَدَّ بِالمَجْمَعِ المَعْمُورِ غُرْيَتَهَا
- وَحَاطَها بِكَرِيمِ العَطْفِ والْحَدَبِ
قصيدة: في رحاب الضاد
قال الشاعر عبد الرزاق الدرباس:
بِكِ تَاجُ فَخرِي وانطِلاقُ لِسَاني
- ومُرورُ أيَّامِي ودِفْءُ مَكاِني
لُغَةُ الجُدُودِ ودَربُنا نَحْوَ العُلا
- وتَنَاغُم اليَاقُوتِ والمَرجَانِ
قِفْ فِي رِحاب ِالضّاَدِ تَكسَب رِفعةًً
- فمَجَالُها بَحْرٌ بلا شُطْآنِ
اللهُ أكْرَمَها وبَاركَ نُطقََهَا
- فأَرَادَها لتَنَزُّلِ القُرآنِ
اقْرَأْ، فمُفْتاحُ العُلومِ قِراءَةٌ
- عمَّتْ بَشَائِرُها عَلى الأكْوَانِ
عِلمٌ وفِكْرٌ، حِكْمَةٌ ومَواعِظ
:::فقْهٌ وتفسيرٌ، وسِحْرُ بيان ِ
وعَروضُها نغمُ العواطفِ والهَوى
- ومآتِرٌ تبقَى مَدى الأَزمَانِ
عربيةٌ، والعُرْبُ أهلُ مضافةٍ
- وفصاحةٍ ومروءةٍ وطِعانِ
عربيةٌ، والمُصْطَفى أرسَى بها
- مِنْهَاجَ صَرْح ٍثَابتِ الأركانِ
فغدَتْ عَلى الأيّامِ صَوتَ حَضَارةٍ
- تسمُو بنُورِ العِلْمِ والإيمَانِ
هِيَ فِي حَنَايا الرُّوحِ نَبْضَةُ خَافِقِي
- ومِنَ المَحَبَّة صِدقُها المُتَفانِي
لا تَهجُرُوها فَهِي حِصْنُ ثبَاتِنا
- وخَلاصُنا مِنْ خَيبَةِ الخُسْرانِ
وخُلاصَةُ القَولِ الطويْلِ عِبَارةٌ
- سَارَتْ بمعْنَاها خُطَا الرُّكبَانِ
مَا بَرَّ قومٌ أمَّهمْ ولسانَهمْ إلا
- وحازُوا السَّبقَ في المَيدان
وإذا أهَانُوها فإنَّ مصيرَهم
- عَيْشُ الهَوانِ وذلَّةُ الخذْلانِ.
قصيدة: لغة الضاد
قال الشاعر صباح الحكيم:
أًنا لا أَكْتُبُ حَتى أَشْتَهِرْ
- لَا وَلا أَكْتُبُ كَيْ أَرْقَى القَمَرْ
أَنا لا أَكْتُبُ إِلّا لُغَةً
- في فُؤَادي سَكَنَتْ مُنْذُ الصّغَرْ
لُغَةُ الضّادِ وَمَا أَجْمَلُهَا
- سَأُغَنّيها إلى أَنْ أَنْدَثِرْ
سَوْفَ أَسْرِي في رُباها عَاشِقًا
- أَنْحَتُ الصّخْرَ وَحَرْفي يَزْدَهِرْ
لا أُبالي بالَذي يَجْرَحُنِي
- بَلْ أَرى في خَدْشِهِ فِكْرًا نَضِرْ
أَتَحَدى كُلّ مَنْ يَمْنَعُني
- إِنّهُ صَاحِبِ ذَوْقٍ مُعْتَكِرْ
أنا جُنْدِيٌ وَسَيْفِي قَلمِي
- وَحُروفُ الضّادِ فيها تَسْتَقِرْ
سَيَخوضُ الحَرْبَ حِبْرَ قَلَمِي
- لا يَهابُ المَوْتَ لايَخْشى الخَطَرْ
قلبيَ المَفْتونُ فِيكُم أَمتي ثَمِلٌ
- في وُدِكُم حَدّ الخَدرْ
في ارْتِقاءِ العِلْمِ لا لا أَسْتَحِي
- أَسْتَجْدِ الفِكْرَ من كُلِّ البَشَرْْ
أنا كَالطّيْرِ أَغَنّي أَلَمِي
- وَقَصيدي عَازِفٌ لَحْنَ الوَتَرْ
قصيدة: طلعتْ فالمولد مجهول
يقول الشاعر عبد الرحيم أحمد الصغير:
طَلَعَتْ فالمَولِدُ مجهُولُ
- لُغة ٌ في الظُلمةِ قِنديلُ
حمَلتْ تارِيخًا، ما تَعِبتْ
- فالحِملُ جَديدٌ وأصِيْلُ
تتعانقُ فيهِ بلا حَدٍّ
- وتذُوبُ قُلوبٌ وعُقولُ
فتفِيضُ الأرضُ بمختلِفٍ
- مُتَّفِقٍ أجْدَبُهُ نِيلُ
طَلَعتْ، أتُراهَا قد غرَبتْ
- قَبْلًا؟ فالمَوكِبُ مَوصُولُ
أم نَحْنُ طَلَعنَا مِن شَجرٍ
- ثَمرًا أنضَجَهُ التَرتيلُ؟
فكَأنّ البِدءَ وقد عبرَتْ
- عينيهِ، حنِينٌ وطُلولُ
والروحُ يُذيعُ بِشارَتها
- تذكارٌ قاسٍ وجَميلُ
يُوقِفُها والريحُ رُخاءٌ
- يُطلِقُها والغيمُ ثقيلُ
طَلَعَتْ، وطَلَعْنا أوغَرَبتْ
- وغرَبْنا فالفرقُ ضئيلُ
نتَّفِقُ ونختلفُ قليلًا
- في أنّ الشامِلَ مشمولُ
فيُقالُ: يئِسْنا وانحسرَتْ
- ويُقالُ: سمَوْنا وتطُولُ
ويُقالُ: عشِقنا وابتهجَتْ
- ويُقالُ: غدَرْنا وتميلُ
ونَظلُّ كِيانًا مُنفردًا
- رُكناه فروعٌ وأصُولُ
ما جفَّ شِتَاء في دمِنا
- يخضرُّ ربيعًا ويسيلُ.
قصيدة: لغتي الفصحى لسان السؤدد
قال الشاعر أحمد تقى الدين:
لُغتِي قَد أَلِفَتْها أُذُني
- وفُؤادِي ولِسانِي وَيَدِي
لُغتِي تاريخُ مَجدِي فإِذا
- صُنتُها أبْقَيتُ عالٍ محتَدي
لُغةُ الشِّعر وفي أفصَحِها
- أُنزِلَ القرآنُ أقوى عَضُدِ
نَبَذُوها جانِبًا واعْتَقَدوا
- عُقمَها عن وَضْع لفظٍ مُفرَدِ
ولها بَابُ اشْتِقاقٍ واسِعٌ
- فاْدخُلوه مَنْ يُفتِّش يَجِدِ
ليسَ فيها قِصَرٌ عن حاجَةٍ
- وهي للوارِدِ أصفَى مَورِد
وهيَ كالبَحْر لمَن غاصَ بهِ
- ظَفَرٌ في دُرِّه والعَسْجَدِ
والذي عَامَ يُلاقِي صَدَفًا
- أيَرى العالَمُ غيرَ الزَّبدِ
وزَعَمْتم إذْ ضَعُفتـم أَنّهـا
- ضَعُفت وهي بكُم لم تَسعَدِ
يا بَنِي أُمي أمَا مِن مُتَّهمٍ
- بَينكُم للضَّادِ أو مِن مُنْجِدِ
هِيَ أقوَى صِلَةٍ ما بينكُم
- فاجعَلُوها قِبلةَ المُسْتَرشِدِ
لَيسَ مِن جَامِعَةٍ فيكُم سوَى
- أن تَدينُوا بالِّلسَانِ الأَبجَدِي.
قصيدة: محاورة مع حوراء
قال الشاعر محمد ظافر الهلالي:
سِبحَانَ مَن في عِلمِه السّرِ كالجَهرِ
- مُقسِّمُ الأرزَاقِ فِي البَرّ والبَحْرِ
ومِنْ بَعد هذا يا أَخِي هَاكَ قِصَّةٌ
- مُشَوّقةُ الأحداثِ قَد شَغَـلَتْ فِكرِي
لَقدْ خِلتُ حَوراءَ العُـيونِ جَميلَةٌ
- لها أَثَرٌ في القلبِ أقوَى مِنَ السِّحرِ
فَتَاة كأنَّ البَدرَ يُشْبِه وَجْهَها
- ولَكِنّها أبْهَى جَمَالًا مِنَ البَدْرِ
فَقُلتُ لَهَا مَنْ أنتِ؟ قَالتْ أنَا التي
- حَفِظتُ لًكُم قََدْرًا وضَيّعتُم قََدْري
فقُلتُ لَها بالله ربّك أفْصِحِي
- فقالَتْ أنا أُمّ المشَاعِر الشِّعرِ
أنَا لُغَةُ الأعْرَابِ مِنْ كُلّ أًمَّةٍ
- أنا لُغَةُ الآدابِ مِن سَابِقِ الدّهرِ
أنَا لُغَةٌ قد شرَّفَ الله قَدْرَهَا
- بهَا أُنزِل القُرآنُ في ليلَةِ القَدْرِ
فَقُلتُ لها أهلًا وسَهْـلًا ومَرحَبًا
- عَليكِ سَلامُ الله يا لُغَةَ الـذّكْر
ولكِنْ لِمَاذا تَظْهرينَ حَزينة؟
- فَقَالَتْ لِما قَدْ حَلَّ بالشِّعرِ والنَّثرِ
بِأَسبَابِ قَومٍ لستُ أرغَبُ ذكْرَهُم
- وإنْ ذُكِرُوا عِندِي يضيقُ بهِم صَدرِي
أُنَاسٌ أرَاهُم ينظُمُون قصَائِد
- ضِعَافًا بِهَا قَد شَوَّهُوا سُمعَةَ الشِّعرِ
ومِن عَجَـبٍ قالُوا دَرَسْـنَا عُلُومَها
- ومَا عَرِفُوا مَواضِع النَّصْبِ والكَسْرِ
فقُـلتُ لَهَا لا تَحزَنِي وتَصَبّرِي
- قَليْلًا فَلا تَحيَا الضَّفادِعُ في البَحرِ
وحَاوَرتُها حتّى تبَدّل حالُها
- وقَالَتْ لَقَدْ حَرّرتَ فِكرِي مِنَ الأسْر
وأخْرجْتَنِي مِن بَيتِ هَمٍّ دخَلتُه
- وأبدَلْتَني عن حَالةِ العُسْر بالُيْسر
قصيدة: رجعتُ لنفسي فاتهمت حصاتي
قال الشاعر حافظ إبراهيم:
رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي
- وناديتُ قومِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي
رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني
- عَقِمتُ فلم أجزَع لقولِ عِداتي
وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائِسِي
- رِجالًا وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظًا وغاية
- وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة
- وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخترَعاتِ
أنا البحرُ فِي أحشَائِه الدُرّ كَامِنٌ
- فهَلْ سَألُوا الغَوّاصََ عن صَدَفاتِي
فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِني
- ومنكم وإن عَزَّ الدَّواءُ أساتِي
فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني
- أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي
أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة
- وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ
أتَوا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَننًا
- فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ
أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ
- يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي
ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يومًا عَلِمتُمُ
- بما تحتَه مِن عَثرَة وشَتاتِ
سقى اللهُ في بَطنِ الجزِيرة أَعْظُمًا
- يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَناتِي
حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى
- وحَفِظتُه لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ
وفاخَرْت أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ
- حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ
أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزلَقًا
- مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة
وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصرَ ضَجّة
- فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتِي
أَيهجُرنِي قومِي عفَا اللُه عنهمُ
إلى لغة لم تتصِل برُواةِ
سَرَتْ لُوثَة الإفرَنجِ فيها كمَا سَرَى
- لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ
فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعَة
- مشكَّلة َالأَلوانِ مُختلفاتِ
إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ
- بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي
فإمّا حَياة تبعثُ المَيْتَ في البِلى
- وتُنبِتُ في تلك الرُّمُوسِ رُفاتي
وإمّا مَمات لا قيامَة بعدهُ
- ممات لَعَمرِي لم يُقَسْ بمَمَاتِ
المراجع
- ↑ "اللغة العربية"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 07/01/2021م.
- ↑ "لا تقل عن لغتي أم اللغات"، ديواني، اطّلع عليه بتاريخ 07/01/2021م.
- ↑ "ماذا طحا بك يا صناجة الأدب"، بوابة الشعراء، اطّلع عليه بتاريخ 07/01/2021م.