محتويات
صحة الحديث
حديث (أطبق عليهم الأخشبين) حديث متفقٌ عليه؛ أي أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحهما، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (أنَّها قالَتْ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ قالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ علَى وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلَّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا).[١][٢]
شرح الحديث
معاني مفردات الحديث
بيان معاني مفردات الحديث النبوي فيما يأتي:
- أُطْبِقَ: أُغلق، أضُم.[٣]
- الأخْشَبَيْنِ: الأخشْب هو: الجبل الغليظ، والأخشبان هما: الجبلان المطبقان في مكّة.[٤]
- أصْلابِهِمْ: جمع صُلْب وهو الظَّهْر، والمراد: ذريّتهم.[٥]
المعنى الإجمالي للحديث
شرح وبيان الحديث النبوي السابق فيما يأتي:[٦][٧]
- تسأل عائشة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن أشدّ ما حصل له بعد يوم أُحد، فأخبرها النبيّ أنّ أشدّ ما كان عليه من الأذى يوم الطائف، وكان ذلك بعدما اشتدّت عليه الهموم بموت أعزّ الناس عليه، فماتت زوجته خديجة -رضي الله عنها- وعمّه أبي طالب، فتوجّه إلى أهل الطائف يدعوهم إلى الإسلام، وإلى نصرته ونصرة رسالته، فلمّا عرض الإسلام على كبيرهم كنانة بن عبد ياليل وغيره من كبار أهل الطائف لم يستجيبوا له، بل آذوه أشدّ إيذاء، فجعلوا صغارهم يرمونه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه.
- توجّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من شدّة الهمّ والغمّ إلى جبلٍ صغيرٍ بين مكة والمدينة يسمّى قرن الثعالب، فرفع رأسه إلى السماء فرأى جبريل في غيمةٍ تُظلّه على غير عادةٍ في السماء، فأخبره أنّ الله -تعالى- وكّل ملك الجبال ليأمره بما يشاء، فلمّا كلّمه ملك الجبال عرض عليه أن يهلك القوم بإطباق جَبَلَين عليهم، فآثر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- استحقاقهم للعذاب برجاء خروج ذريةً منهم تعبد الله، ولا تشرك به شيئاً، عفواً ورحمةً منه -عليه الصلاة والسلام-.
ما يُستفاد من الحديث
دلّ الحديث على فوائد عدّةٍ، يُذكر منها:[٨]
- الحثّ على عدم التعجّل في الدعاء.
- ينصر الله -تعالى- مَن ينصر دينه، ويتولّاه في معيّته -سبحانه-.
- بيان حرص عائشة أمّ المؤمنين على التعلّم وعدم التردّد في سؤال مَن أعلم منها.
- عفو النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وسماحته وإيثاره لنُصرة الدِّين على أمور الدنيا.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3231، حديث صحيح.
- ↑ "حديث (أطبق عليهم الأخشبين)"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 13/2/2022. بتصرّف.
- ↑ "معنى أطبق"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.
- ↑ "شرح حديث أطبق عليهم الأخشبين"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 13/2/2022. بتصرّف.
- ↑ "معنى أصلابهم"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.
- ↑ "شرح حديث هلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ من يوم أحد"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (11/9/2021)، "شرح حديث عائشة: "لقد لقيت من قومك""، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.
- ↑ "شرح حديث هلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ من يوم أحد"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.