خلق الشهامة
يتم تعريف الشَّهامة بأنها مصدر شهم، وهو ما يدلّ على الذكاء، والشَّهم: الفطن الفؤاد المتوقِّد، الجَلْد، والجمع شِهام..، وقد شَهُم الرجل أي: هو جَلِدٌ، وقيل: "الشَّهم معناه في كلام العرب: الحَمول، صاحب الجلد بما يحمل، الذي لا تلقاه إلَّا حَمولًا، طيِّب الخاطر بما حمل، وأما تعريف الشهامة اصطلاحًا، فهو: الحرص على الأعمال العِظام؛ توقُّعًا للأحدوثة الجميلة، وقيل: الشَّهامة هي: الحِرص على الأمور العظام؛ توقعًا للذِّكر الجميل عند الحقِّ والخلق"، وعند أكثر أهل اللغة: النخوة صفة ملازمة للرجل ويقال له شهم دون المرأة، فالنخوة هي تمام الرجولة، وإن خلق الشهامة لَيعدّ من أكثر ما اتّصف به العرب، وكانت صفات الرجل الشهم خير صفات عندهم، وتاليًا تذكر صفات الرجل الشهم.[١]
صفات الرجل الشهم
بعد معرفة مفهوم مصطلح الشهامة وأهميتها، يتم الآن إفراد الحديث عن صفات الرجل الشهم، لأنه كما هو معروف عند العرب، تعد صفة الشهامة واحدة من أهم ما يجب على المرء الاتّصاف به، وعلامة من علامات رجولته التامة، وتاليًا تذكر صفات الرجل الشهم:[١]
- بما أن خلق الشهامة كان مميزًا عند العرب في العصرين، الجاهلي وصدر الإسلام، فإن الرجل الشهم، يكون بذلك محافظًا على ما أوصاه به دينه وعرفه.
- يكون الرجل الشهم مقتديًا بخير البشر، النبي -صلى الله عليه وسلم- لما عرف عنه كثيرًا النخوة والشهامة، بنصرة المظلوم، وإقراء الضيف.
- يكون الرجل الشهم ملتزمًا بوصية نبيه -صلى الله عليه وسلم-، إذ أوصى النبي الكريم بالتزام المسلم بتمام الأخلاق، والشهامة واحدة من تلك الأخلاق الحميدة.
- يعرف المرء ذو الشهامة بالتأني واللين عندما يواجه اللحظات المزرية، ودائمًا ما يعرف فعله بالاتزان وصحة المقصد.
- يعرف عن الرجل الشهم أنه محبوب بين الناس، لما له من أفضال عليهم، لأنه يساعد المحتاج، ويحسن إلى الناس، فتزيد محبته في قلوبهم.
- من أهم ما يميز صاحب صفات الرجل الشهم هو مد يد العون لمن لا يعرف كمن يعرفه.
- إن التخلّق بخلق الشهامة دليل على علُوّ همة الشهم، وشرف نفسه.
صور عن الشهامة
بعد ذكر مفهوم مصطلح الشهامة، وبيان أهمية هذا الخلق الكريم والمحمود، وذكر صفات الرجل الشهم، يتم الآن ذكر أمثلة من التاريخ الإسلامي على أحداث بيّنت مدى اهتمام المسلمين بخلق الشهامة، وتخلّقهم بهذا الخلق، وتاليًا تذكر تلك الأمثلة والصور ما يأتي:
- عن عبد الرحمن بن عوف قال: "إنِّي لفي الصف يوم بدر، إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فَتَيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرًّا من صاحبه: يا عم أرني أبا جهل. فقلت: يا ابن أخي، وما تصنع به؟ قال: عاهدت الله إن رأيته أن أقتله، أو أموت دونه. فقال لي الآخر سرًّا من صاحبه مثله، فما سرني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إليه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء".[٢]
- عن أسلم، مولى عمر قال: خرجت مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك صبية صغارًا، والله ما ينضجون كراعًا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم. فوقف معها عمر ولم يمض، ثم قال: مرحبًا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعامًا، وحمل بينهما نفقة وثيابًا، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها، قد حاصرا حصنًا زمانًا فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه.[٢]
- قدم رجل للخليفة العباسي المعتصم ناقلًا له ما رأى في عمورية: "يا أمير المؤمنين، كنت بعمورية فرأيت امرأة عربية في السوق مهيبة جليلة تسحل إلى السجن فصاحت في لهفة: "وامعتصماه وامعتصماه!"، فأرسل المعتصم رسالة إلى أمير عمورية قائلا له: "من أمير المؤمنين إلى كلب الروم، أخرج المرأة من السجن وإلا أتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندي"، فلم يستجب ذلك الغرّ، فانطلق المعتصم بجيشه ليستعد لمحاصرة عمورية فمضى إليها، فلما استعصت عليه قال: "اجعلوا النار في المجانيق وارموا الحصون رميا متتابعًا ففعلوا، فاستسلمت ودخل المعتصم عمورية، وكان فتحه لعمورية استجابة لصرخة استغاثة من امرأة مسلمة وغيرها من الذين انتهكت محارمهم، وسفكت دماؤهم، فضرب المستعصم بذلك أروع مثال على صفات الرجل الشهم.[٣]
المراجع
- ^ أ ب "النخوة والشهامة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "نماذج في الشهامة"، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "المعتصم بالله"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.