صفات الشخصية الكتومة وكيفية التعامل معها

كتابة:
صفات الشخصية الكتومة وكيفية التعامل معها

ما أبرز صفات الشخصية الكتومة؟

الشخصية الكتومة (Introvert Personality) هي شخصية هادئة تتمتع بقوة فريدة من نوعها، وهي قدرتها على شحن طاقتها من خلال قضاء الوقت بمفردها، على عكس الشخصيات المنفتحة على الآخرين، والذين لا يستطيعون شحن طاقاتهم وعقولهم إلا من خلال تواجدهم مع أناس آخرين [١]، وفيما يأتي أبرز صفات الشخصية الكتومة:


عدم التحدث عن الحياة الشخصية

الشخص الكتوم لا يحب أن يتحدث عن حياته الشخصية، ولا يحب أن يعرف الآخرين كل شيء عنه، لأنه يشعر أنه كلما عرف الآخرين عنه شيئًا كلما زاد شعوره بالضعف، لذا فإن هذا النوع من الأشخاص لا يحب أن يفصح عن أي شيء شخصي، ولا يحب الحديث عن نفسه وما يحدث في حياته.[٢]


عدم خلق أحاديث مع الآخرين

لا يحب الشخص الكتوم أن يقوم بخلق أحاديث مع الآخرين، وهذا ما يجعله مرتديًا لسماعات الرأس أغلب الوقت وهو في الخارج، فهو لا يريد أن ينخرط في قدر كبير من التواصل مع الآخر، لاسيما الغرباء الذين يتجنب التفاعل معهم قدر الإمكان، كذلك فإن الرسائل والاتصالات الواردة له تكون أكثر بكثير من الاتصالات والرسائل التي يقوم بإرسالها للآخرين.[٣]


الميل إلى العزلة والصمت

يميل الشخص الكتوم إلى العزلة والصمت وقضاء الكثير من الوقت بمفرده، ويحب أن يقوم بالتفكير العميق قبل التحدث، لذا فإن فكرة وجوده في المنزل بمفرده تكون فكرة عظيمة بالنسبة له، لأنها تسمح له بالتفكير بحرية، وتمده بالسعادة والطاقة، لذا فإن الشخص الكتوم يستمتع بالكثير من النشاطات الفردية مثل القراءة، الكتابة، الأعمال اليدوية، البستنة وغيرها.[٤]


من جانب آخر فإن تواجد الشخص الكتوم مع الكثير من الأشخاص يصيبه بالتعب والإرهاق ويستنزف طاقته، وهذا لا يعني أنه لا يحب التجمع مع الأصدقاء والعائلة أو زملاء العمل، ولكنه يعني أنه يحتاج بعد أي تجمع ولقاء مع الآخرين إلى مكان هادئ لقضاء بعض الوقت بمفرده وشحن طاقته مرةً أخرى.[٥]


تجنب النقاشات الطويلة

لا يحب الشخص الكتوم الانخراط في نقاشاتٍ طويلة، سواء كانت هذه النقاشات مع العائلة أو مع الزملاء في العمل، ولا يتطوع لإبداء آرائه أو نصائحه أو حتى الاشتراك في الحديث لاسيما في الأماكن العامة، لذا فإنه في أغلب الوقت يحتفظ برأيه لنفسه ما لم يطلبه الآخرون منه أو يصرون على معرفته.[٣]


ردود أفعال هادئة

غالبًا ما يتم وصف الشخص الكتوم بأنه ذو شخصية انطوائية وهادئة ومتحفظة، وربما يصنفه البعض على أنه يتسم بالخجل، إلا أن صفة الخجل ليس سمة ملازمة لجميع الأشخاص الكتومين بالطبع، ويرجع السبب في رودود أفعال الكتومين الهادئة والمتحفظة إلى أنهم أشخاص يقومون بالتفكير كثيرًا في اختيار كلماتهم بعناية، لذا لا يقومون بإضاعة وقتهم في أحاديث لا داعي لها.[٥]


الاستماع الجيد للآخرين

يظن الكثير من الأشخاص أن الشخص الكتوم لا يستطيع أن يكون قائدًا أو مديرًا نظرًا لأنه يكون شخصيةً غير منفتحة وهذا غير صحيح، لأن من أهم إيجابيات الشخص الكتوم أنه جيدٌ جدًا في الاستماع إلى أفكار الآخرين، سواء كان مع موظفيه أو أصدقائه، فالشخص الكتوم على الرغم من أنه لا يكون صداقاتٍ كثيرة إلا أنه يكون صداقاتٍ عميقة مع عددٍ قليلٍ من الأشخاص الذين يتحدث لهم ويسمعهم جيدًا.[٦]


الشخص الكتوم لا يكون بالضرورة منعزلًا تمامًا عن الآخرين، لكنه يحتاج إلى وقت بمفرده أكثر من الأشخاص الآخرون، كما أن الخجل ليس صفة سائدة عند كل الشخصيات الكتومة، وهذا على عكس الاعتقاد الشائع عند الجميع.


كيف يمكن التعامل مع الشخصية الكتومة؟

غالبًا ما يشتكي أصحاب الشخصية الكتومة أن الآخرين لا يفهمونهم جيدًا، وربما يكون هذا بسبب بعض المفاهيم الخاطئة التي يكونها الآخرين عنهم [٧]، إلا أن التعامل مع الصديق أو الزوج الكتوم أو الأبناء أو الآباء والأمهات أو أي شخصٍ من هذا النوع تربطنا به علاقة شخصية أو عملية يجب أن يتم من خلال ما يأتي:


تفهم الشخصية الكتومة

يجب تفهم الشخصية الكتومة وعدم تصنيفها بأنها شخصية غير اجتماعية لأن هذا الوصف يكون غير مهذب ويضعها في موقفٍ محرج، ويجب أن يفهم الناس من حول الشخصية الكتومة أن شخصيتهم مختلفة، لذا لا يجب أن يشعروا بالضيق على سبيل المثال إذا طلبوا من الشخص الكتوم الخروج ولم يوافق، لأنه من الصعب عليه أن يكون متاحًا للخروج واللقاء على مدار الأسبوع، ويجب تفهم أن وحدته وانعزاله أمرُ ضروري لصحته.[٨]


احترام طبيعة الشخصية الكتومة

الشخصية الكتومة تحتاج في كثير من الأحيان إلى قضاء الوقت بمفردها، لذا يجب احترام طبيعة شخصيتها ومنحها مساحتها الخاصة التي تريدها، لأن منع الشخص الكتوم من هذا سيصيبه بالانهيار والتوتر مما يصعب عليه عملية التواصل مع الآخرين، مما قد يعني حصول مشكلة بينه وبين المحيط. [٨]


منح الشخصية الكتومة الود والأمان

يجب أن يتم منح الشخصية الكتومة الود والأمان، ولا يجب النظر لها على أنها شخصية تحتاج للإصلاح، لذا يجب التعامل مع هذه الشخصية بمزيدٍ من الرحمة، فمثلًا لا يجب إجبار الطفل الكتوم على القيام بمهمة جماعية مع أطفالٍ منفتحون، لأن هذا لن يساعده على تجاوز طبيعة شخصيته، بل سيهدد شعوره بالأمان وسيدخله في حالة من الارتباك.[٧]


عدم وضع الشخصية الكتومة في موقف محرج

لا يجب أن يوضع الشخص الكتوم في موقفٍ محرج، من خلال إجباره -على سبيل المثال- على الخروج أو الانضمام لنشاطات معينة أو التحدث بينما لا يريد ذلك، لأن هذا لن يكون شيئًا مرحًا بالنسبة له، بل يكون شيئًا محرجًا يصيبه بالتوتر ويعتبره هجوم على شخصيته مما قد يصيبه بالمرض والإعياء.[٩]


محاولة خلق حديث مع الشخصية الكتومة

يمكن أن تكون الشخصية الكتومة بالنسبة للآخرين شخصية صامتة، لذا فقد يشعر من حولهم بعدم الراحة لأنهم يستمعون أكثر مما يتحدثون، إلا أن محاولة خلق حديث مع الشخصية الكتومة بطريقةٍ مختلفة قد تجعل الشخص الكتوم ثرثارًا، حيث إنه إذا ما تم إثارة موضوعات تهمهم بالفعل سوف يشتركون في الحديث ويطرحون وجهة نظرهم، لكن يجب منحهم الفرصة والصبر عليهم لأنهم لا يتحدثون بسرعة، بل يأخذون وقتًا في التفكير قبل عرض أفكارهم.[٩]


لا يتطلب التعامل مع الشخص الكتوم أكثر من محاولة فهمه بصورةٍ صحيحة، وعدم تصنيفه أو إجباره على فعل ما لا يريد فعله، أو وضعه في موقفٍ محرج، لأن هذا سيزيد من توتره وشعوره بعدم الراحة.


لماذا يصبح الإنسان كتومًا؟

قام العالم دي إل جوهانسون من جامعة آيوا في الولايات المتحدة بدراسة عام 1999م، والتي سعى فيها لمعرفة الأسباب التي تؤدي لوجود شخص كتوم أو منفتح على الآخرين، حيث تبين أن الاختلاف في هذا يعود إلى طريقة تكوين دماغ الشخصيتين، إذ قام الباحثون في الدراسة بتصوير تدفق الدم في المخ لـ 18 شخص، وتوصل إلى أن الشخصيات الكتومة يزيد تدفق الدم لديها في الفص الجبهي والمهاد الأمامي، وأن السبب في وجود الشخص الكتوم هو زيادة النشاط في هذه المناطق في المخ.[١٠]


يقول العلماء أنه على الرغم من أنهم لا يعرفون سبب يقيني يجعل شخص ما كتومًا وآخر منفتحًا، إلا أن ما يعرفونه حقًا هو أن أدمغة هؤلاء الأشخاص تكون مختلفة وتعمل بشكلٍ مختلف، فالشخص الكتوم يزيد لديه تدفق الدم في الفص الجبهي في الدماغ أكثر من الشخص المنفتح، وهذا الجزء من الدماغ يكون مرتبط بالتذكر وحل المشكلات والتخطيط للمستقبل.[٦]


يقول العلماء أيضًا أن تفاعل الدوبامين "وهي مادة كيميائية مسئولة عن الشعور بالمتعة في الدماغ" لدى الشخص المنطوي تعمل بشكل مختلف عن الشخص المنفتح، فعلى الرغم من أن كلا الشخصيتين يمتلكان نفس القدر من هرمون الدوبامين، إلا أنها تسبب الإرهاق للشخص الكتوم، بينما تسبب المتعة للشخص المنفتح على الآخرين.[٦]


كما يقول عالم النفس الألماني هانز آيسنك أن بعض المواقف التي ينظر لها المنفتحون على أنها مواقف محفزة وممتعة، تجعل الشخص الكتوم يشعر بالإرهاق، مثل وجوده في مكتب مزدحم أو مطعم صاخب، وهذا لأن دماغ الشخص الكتوم يكون حساسًا تجاه هذه المواقف أكثر من الشخص المنفتح بكثير، وبالتالي يشعر بالتوتر وعدم الراحة.[١١]


لا يعني هذا أن الشخص المنفتح يكون أكثر سعادة من الشخص الكتوم، أو أكثر ثقة في النفس منه، لكنه يعني أن كلًا منهم يعيش الحياة بطريقةٍ مختلفة عن الآخر، فقد يحضر شخص كتوم وشخص منفتح نفس الحفلة، لكن يكون لكلٍ منهم أسبابه ودوافعه المختلفة عن الآخر [١١]، لذا فالشخص الكتوم ليس بحاجة لعلاج لكي يغير من شخصيته، وهذا لأن طبيعة شخصيته هي جزء من هويته.[١٢]


يعود السبب في وجود شخص كتوم أو شخص منفتح عن الآخرين يتعلق بطريقة عمل دماغ كلًا منهم المختلفة عن الآخر، فبينما يشعر مخ الشخص المنفتح بالمتعة في مواقف معينة، يشعر الشخص الكتوم بالإرهاق عند تعرضه لنفس المواقف.

المراجع

  1. "listen to the power of quiet people", liberationist, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  2. "5 Reasons an Introvert Isn’t Talking", introvert dear, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  3. ^ أ ب "Nine Signs You’re Really an Introvert", psychology today, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  4. "Are You an Introvert? Here’s How to Tell", healthline, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  5. ^ أ ب "How You Can Tell That You're an Introvert", verywellmind, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  6. ^ أ ب ت "Introvert Personality", webmd, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  7. ^ أ ب "11 Things Introverts Want You to Know", verywellmind, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  8. ^ أ ب "How to Understand Introverted People", wikihow, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  9. ^ أ ب "Understanding Introverts", psychologytoday, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  10. "Cerebral blood flow and personality: a positron emission tomography study", pubmed, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  11. ^ أ ب "Your DNA determines whether you're an introvert or an extrovert — here's how to tell which one you are", business insider, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  12. "Are You an Introvert? Here’s How to Tell", healthline, Retrieved 13/12/2020. Edited.
4457 مشاهدة
للأعلى للسفل
×