صلاة الحامل متى تصليها قاعدة؟ وهل تؤثر الصلاة سلبًا أو إيجابًا عليها؟

كتابة:
صلاة الحامل متى تصليها قاعدة؟ وهل تؤثر الصلاة سلبًا أو إيجابًا عليها؟

المشقة تجلب التيسير

جاء الدين الإسلامي رحمة للناس كافة، و قد ظهر ذلك من خلال التكاليف التي أمر الله تعالى عباده بها، فلم تكن هذه التكاليف في صورتها المفروضة بها جامدة لا تقبل التبديل، بل يمكن أن تُزال بعض الأركان أو الهيئات أو الشروط حال وجود ما يدعوا لذلك بناءً على القاعدة الفقهية القائلة: "المشقة تجلب التيسر"، والمراد بهذه القاعدة: أنّ العبد المكلف إذا كان في حالة يحصل له بها مشقة أو حرج عند تطبيقه لبعض الأحكام الشرعية، فإن الشريعة الإسلامية جاءت لرفع هذه المشقة وهذا الحرج عنه وذلك بتخفيف الحكم عليه، وليست كل مشقة يجوز بوجودها التخفيف إنما للمشقة ضوابط تُحدُّ بها، فالمشقة الموجبة للتخفيف هي المشقة العارضة الواضحة التي تظهر آثارها على مؤدي العبادة حال أدائه لها؛ كأن يزيد مرضه أو يتأخر شفاؤه أو تسوءَ حالته الصحية، قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.[١][٢]

متى تصلي المرأة الحامل قاعدة؟

المرأة الحامل من حيث الحكم تدخل في باب صلاة المريض فالمريض بحكم ما ألمَّ به من المرض يجوز له أداء الصلاة بترك ما يعجز عن القيام به، فلا يؤدي من أركان الصلاة إلا ما يستطيع القيام به، ويترك ما يعجز عنه، وتكون صلاته مقبولةً، وذلك من باب التخفيف على المريض ومن في حكمه كالحامل وغيرهم، قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا}،[٣] كما رُوي عَن الصحابي الجليل عمرَان بن حصين رضي اللَّه عنهُ أنه قَالَ: "كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلاةِ ، فَقَالَ : صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ"،[٤] ومن هذا الباب فإن الحامل تنزل منزلة المريض فإن استطاعت الصلاة قائمةً صلت قائمةً لكون القيام ركنٌ منأركان الصلاة ولا تجوز الصلاة دون القيام للقادر عليه، فإن عجزت عن القيام جاز لها أن تصلي قاعدة بعد أن تستشير الطبيب المسلم الحاذق فيفتيها بأن في القيام ضررٌ عليها وأن الجلوس أفضل لها فتصلي جالسةً وتصح صلاتها على هذا النحو،[٥] فإن شرعت المرأة في الصلاة واقفةً ثم شقَّ عليها متابعة الصلاة قائمةً مشقةً تؤدي إلى الإضرار بها أو بجنينها جاز لها أن تجلس، أما هل يكون الجلوس على الكرسي أم على الأرض فلا فرق بينهما إلا أن المستحب أن يكون الجلوس على الأرض متربعًا إن أمكنها ذلك، فإن عجزت عن الجلوس متربعةً تحقيقًا للسنة جلست على الكرسي.[٦]

وتنبغي الإشارة إلى أن المسلمة لا يجوز لها أن تفتي نفسها من تلقاء نفسها بالجلوس خلال الصلاة أو عند البدء بها دون الرجوع إلى الطبيب الحاذق أو العالم المسلم الذي يفتيها بما يناسب حالتها الصحية وإن كان يجوز لها الصلاة جالسة أم لا، فالأحرى بها سؤال أهل الاختصاص من أهل الطب والعلم الشرعي، فإن أفتاها الطبيب المسلم الحاذق بجواز ذلك أخذت بقوله ويكون قوله حال ثبوت الإضرار بها، كما أن الفقيه المتخصص يُدرك أهمية القيام في الصلاة ومتى يجوز تركه للضرورة فلا ينبغي لها ترك القيام إلالضرورة مُلحة لا من تلقاء نفسها.[٧]

هل تؤثر الصلاة سلبًا أو إيجابًا على الحامل؟

تتعرض المرأة الحامل أثناء مرورها في فترة الحمل بالعديد من المشكلات الصحية، ومن ذلك ما يتعلق بالوزن الزائد الناتج عن الحمل، وخاصة في الأشهر الأخيرة من الحمل مما يتسبب بظهور بعض الآثار والمشاكل الصحية الآنية أو الدائمة، ومن تلك المشاكل والآثار ما يتعلق بآلام الركبة و آلام الظهر والمفاصل، وسبب هذه الآلام هو الضغط الهائل الذي تتعرض له مفاصل الركبة نتيجة الحمل والوزن والضغط المتمركز على مفاصل الركبة حال الوقوف خاصةً، كما أن التغييرات الهرمونية التي تحدث للمرأة في مرحلة الحمل تؤثر في آلام الركبة فتزيد منها إضافة إلى الوزن الذي نتج عن الحمل وأثر على المفاصل، حيث يتم إطلاق الهرمونات التي تخفف أربطة الرحم لتسهيل أمور الولادة وذلك تحديدًا يحصل في الفصل الثالث من الحمل، وهذه الهرمونات لا تؤثر على منطقتي الرحم والحوض فقط ولا تكون مرتكزةً عليهما بل ربما تؤثر الأوتار والأربطة الأخرى بما في ذلك الأربطة والأوتار الموجودة في منطقة الركبة وحولها مما يؤثر سلبًا على حركة الحامل ويثقل حركتها ويزيد آلامها خاصةً مع كثرة الوقوف.[٨]

ولتجنب آلام الركبة للحامل أثناء فترة الحمل ينبغي القيام بالعديد من الأمور كالمشي المتأني والحركة الدائمة وعدم الركون إلى الجلوس الطويل أو الوقوف المستمر، حتى لا يزيد ذلك من الآثار والأعراض المؤثرة في ألم الركبة، كما ينبغي على الحامل أن ترفع قدميها ما أمكن بهدف تخفيف الحمل الزائد على الركبتين، بالإضافة إلى ارتداء أحذية مبطَّنة أو الاستعانة بالأحذية الرياضية، والتخفيف من الوزن الزائد الناتج عن السمنة، وأخيراً تناول بعض العقارات المسكنة والتي لا تتعارض مع صحة الجنين وسلامة الحامل.[٨]

وينبغي الإشارة هنا كذلك أن الصلاة لا يمكن أن تؤثر على الحامل أو الجنين حيث إن الصلاة بمثابة الرياضة، وكما أُشير في الفقرة أعلاه فإن على الحامل أن تمارس الرياضة للتخفيف من آلام الركبة الناتجة عن الحمل الزائد وهو ما أثبته العلم الحديث والبحوث الطبية المعاصرة، فإن ثبت للمرأة الحامل بناءً على ما أفتاها به الطبيب المسلم المختص أو الفقيه المتخصص أن الصلاة ربما تؤثر على صحتها أو صحة جنينها جاز لها أن تجلس في الصلاة وتترك القيام بعد التحقق من وجود الضرر من القيام، وعدم إمكانيته لها مطلقًا، فإن قصَّرت بذلك ولم تلتزم بالأحكام الفقهية أخلَّت في صلاتها وصحتها وربما أدى ذلك إلى بطلان الصلاة، فينبغي عليها التثبت والتريُّث قبل ترك بعض أركان الصلاة.[٩]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:185
  2. "شرح قاعدة المشقة تجلب التيسير"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:286
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:1117، حديث صحيح.
  5. "صلاة الحامل"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. بتصرّف.
  6. "حامل ولا تستطيع الركوع ولا السجود"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. بتصرّف.
  7. "معيار قبول قول الطبيب الكافر في الفطر ونحوه"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. بتصرّف.
  8. ^ أ ب "Pregnancy and Knee Pain"، www.everydayhealth.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. Edited.
  9. "هل تؤثر الحركة في الصلاة على الحامل"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. بتصرّف.
5730 مشاهدة
للأعلى للسفل
×