محتويات
ما هي صلة الرّحم؟
إنّ صلة الرحم هي تعاهد الأقارب من الخؤولة والعمومة وكافة الأنساب والأصهار سواء كانوا ورثة أم لا، بتقديم الإحسان إليهم، والعطف عليهم، وعنايتهم ورعايتهم، بكل ما أؤتي العبد المسلم إلى ذلك من سبيل، وإن قوبل من قِبَل رحمِه بالصدّ والإساءة،[١] وهي ليست بسنَّة كما يظنُّه كثيرون وإنّماواجب على كل مسلم ويختلف ذلك على اختلاف درجات قرابة الأرحام،[٢] ويكون ذلك بأوجه عديدة، أبرزها ما يأتي:[٣]
- السؤال عن الأرحام، وتفقُّد أحوالهم، سواء كان ذلك بزيارتهم أو الاتصالات الهاتفيّة.
- تقديم الهدايا لهم، والتصدّق على فقرائهم، وإخراج زكاة الأموال لهم، فالأقربون أولى بالمعروف.
- إنزالهم منازلهم، احترام كبيرهم، والشفقة على صغيرهم.
- مشاركة ذوي الأرحام أفراحهم وأتراحهم، وعيادة مريضهم، وإجابة دعوتهم.
- الوَلْمُ لهم إن أمكن.
كما يمكنك التعرّف على ماهية الرحم بالاطلاع على هذا المقال: من هم الأرحام
ما هي أهميّة صلة الرّحم من النّاحية الدينيّة والتعبديّة؟
لطالما كانت صلة الرّحم من الأمور التعبديّة التي أوحى بها الله في شريعته، فإن لها أهميّة دينيّة يمكن تلخيصها فيما يأتي:[٤]
- رضا الله سبحانه وتعالى، فهو الذي أمر بصلة الرحم وإسعاد الأرحام، وطاعته موجبة لرضاه ولنيل الحسنات، وقطع الرحم معصية موجبة لغضبه وكسب السيّئات، كما أنَّها كفّارة الذنوب.
- بركة في الرزق، وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم:"مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَه".[٥]
- زيادة المروءة في العبد، وسبيل لكسب الثواب بعد الموت، لأن الناس تفتقد واصل الرحم، وتذكر محاسنه وتدعو له.
ما هي أهمية صلة الرّحم من الناحية الاجتماعيّة؟
فيما يأتي أبرز آثار صلة الأرحام على المجتمع:[٦]
- انتشار المودّة بين الأقارب، فهي سبب للألفة والمحبة، وتقوية أواصر العلاقات بينهم.
- ارتفاع قدر الواصل لرحمه وتكون له منزله بين أقاربه وفي مجتمعه كافّة، وهي سبيل السيرة الحسنة.
- حصول واصلي الرحم قيمة وشأن، ويكون لهم بذلك منعة وعصبة بأقاربهم.
- صلة الرحم تمنع انتشار الحقدوالحسد في المجتمع، فالفقير مثلا يتعاهده أقاربه بالنفقة، والمريض يعوده أهلوه فبذلك تنتشر المحبة وتقل مشاعر النقمة على الأقارب والمجتمع.
فضل صلة الرّحم في القرآن الكريم
فيما يأتي الآيات الواردة في القرآن الكريم التي تحثّ على صلة الرحم:[٧]
- {وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.[٨]
- {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ وَالمِسكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَلا تُبَذِّر تَبذيرًا}.[٩]
- {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}.[١٠]
- {إِنَّ اللَّـهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ وَإيتاءِ ذِي القُربى}.[١١]
- {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ وَبِالْوَاجالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ}.[١٢]
- {وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}.[١٣]
- {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ شَكور}.[١٤]
- {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.[١٥]
- {وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ}.[١٦]
- {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّـهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}.[١٧]
- {وَأُولُو الأَرحامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ}.[١٨]
- {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ}.[١٩]
فضل صلة الرّحم من السنّة النبويّة
ورد في فضل صلة الرحم في السنة النبويّة الأحاديث الآتية:
- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ رجلًا جاء يسأله: يا رسول الله من أبرّ؟ فقال له عليه السلام:"أُمَّكَ وأباكَ وأختَكَ وأخاكَ ومَولاكَ الَّذي يلي ذاكَ حقٌّ واجبٌ، ورحمٌ موصولةٌ".[٢٠][٢١]
- عن النبيِّ لمَّا نزل قول الله تعالى:{وأنْذِرْ عَشيرَتَكَ الأَقْرَبين}،[مرجع] دعا قريشًا فقال:"يا بَنِي كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي عبدِ شَمْسٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي عبدِ مَنافٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي هاشِمٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي عبدِ المُطَّلِبِ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا فاطِمَةُ، أنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فإنِّي لا أمْلِكُ لكُم مِنَ اللهِ شيئًا، غيرَ أنَّ لَكُمْ رحْمًا سَأبلّها ببَلالِها".[٢٢][٢٣]
- عن أبي أيّوب الأنصاري، أنّ رجلًا جاء للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، قالَ: ما له ما له. وقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَبٌ ما له، تَعْبُدُ اللَّهَ ولَا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ، وَتصلُ الرّحم".[٢٤][٢٥]
- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنَّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال:"خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ منه قامَتِ الرَّحِمُ، فأخَذَتْ بحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فقالَ له: مَهْ، قالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِن القَطِيعَةِ، قالَ: ألا تَرْضينَ اَنْ أصِلَ مَنْ وصَلك، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ، قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَذاكِ قالَ أبو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أن تُفْسِدُوا في الأرْضِ وتُقَطِّعُوا أرْحامَكُمْ}".[٢٦][٢٧]
- عن النبيِّ أنَّ رجلًا جاء يشكو أقاربه، فقال:"يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم وَيُسِيؤُونَ إلَيَّ، وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقالَ: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ، فَكَأنَّما تسفّهم الملّ وَلَا يَزَالُ معكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عليهم ما دُمْتَ علَى ذلكَ"، وفي الحديث تأكيد على أنّ صلة الرّحم لا تكون بناء على ما يقدّمه الأقربون وإنما هي واجبة ولو قوبل المرء بالقطيعة.[٢٨][٢٩]
- عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم:"مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ لَه في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".[٣٠][٣١]
- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- محذرًا من قطيعة الرحم بقوله: "ما مِن ذنبٍ أحرى أنْ يُعجِّلَ اللهُ لصاحبِه العقوبةَ في الدُّنيا مع ما يدَّخِرُ له في الآخرةِ مِن قطيعةُ الرّحمِ والبغي".[٣٢][٣٣]
كما يمكنك التعرّف على كيفية صلة الرحم برمضان وغيره بالاطلاع على هذا المقال: كيفية صلة الرحم في شهر رمضان
المراجع
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، قطيعة الرحم المظاهر الأسباب سبل العلاج، صفحة 20. بتصرّف.
- ↑ عبدالله الرحيلي، الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها، صفحة 148. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، قطيعة الرحم المظاهر الأسباب سبل العلاج، صفحة 21. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلاميّة العامة، صفحة 404. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2067 ، صحيح.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، قطيعة الرحم المظاهر الأسباب سبل العلاج، صفحة 30-31. بتصرّف.
- ↑ خالد الخراز، موسوعة الأخلاق الخراز، صفحة 348-450. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء ، آية:1
- ↑ سورة الإسراء، آية:26
- ↑ سورة محمد، آية:22-23
- ↑ سورة النحل، آية:90
- ↑ سورة البقرة، آية:83
- ↑ سورة النساء، آية:36
- ↑ سورة الشورى، آية:23
- ↑ سورة النور، آية:22
- ↑ سورة البقرة، آية:177
- ↑ سورة الأحزاب، آية:6
- ↑ سورة الأنفال، آية:75
- ↑ سورة الروم، آية:38
- ↑ رواه الألباني، في مشكلة الفقر، عن كليب النفعي، الصفحة أو الرقم:43، حسن.
- ↑ البخاري، الأدب المفرد بالتعليقات، صفحة 27. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:204، صحيح.
- ↑ البخاري، الأدب المفرد بالتعليقات، صفحة 28. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:1396، أورده في صحيحه.
- ↑ البخاري، الأدب المفرد بالتعليقات، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:4830، صحيح.
- ↑ البخاري، الأدب المفرد بالتعليقات، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2558، صحيح.
- ↑ البخاري، الأدب المفرد بالتعليقات، صفحة 31. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2067، صحيح.
- ↑ البخاري، الأدب المفرد بالتعليقات، صفحة 33. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:456، أخرجه في صحيحه.
- ↑ البخاري، الأدب المفرد بالتعليقات، صفحة 38. بتصرّف.