محتويات
طرق كفالة اليتيم
يترتّب على كفالة اليتيم فضلٌ عظيمٌ، وأساسها الرعاية والإنفاق، فمَن قام بهما فقد حاز الثواب الأكمل، ومن اقتصر على أحدهما؛ فينال أجر الكفالة أيضاً،[١] وتكون كفالة اليتيم على صورَتَين، بيانهما فيما يأتي:
- الصُّورة الأولى: ضمّ اليتيم إلى عائلة الكافل، وتربيته كما يرّبي أولاده، وينفق عليهم إلى أن يصل إلى سِنّ البلوغ؛ فصفة اليُتم تنتهي ببلوغ اليتيم، وهذه الصُّورة تعدّ أعلى درجات الكفالة؛ إذ إنّ الكافل ضمّ اليتيم الى أولاده، وعامله وأحسن اليه كما يعامل أولاده ويُحسن إليهم، وهي الصُّورة التي كانت غالبةُ في عصر الصحابة -رضي الله عنهم- كما تبيّن باستقراء الأحاديث النبويّة،[٢] وتجدر الإشارة إلى أنّ كفالة اليتيم لا تقتصر على الجانب الماديّ فقط؛ كالأكل، والشُّرب، وغيرهما، بل تتعدّى إلى التربية والحضانة التي تعدّ أهمّ من الجانب الماديّ،[٣] وقد حذّرت العديد من نُصوص الوحي من الاعتداء على اليتيم، وظُلمه، منها: قَوْله -تعالى-: (وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ)،[٤] وقَوْله أيضاً: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)،[٥] وذلك تحذيراً من خلط مال اليتيم بمال غيره؛ لئلا يقع أي الغبن والغشّ في مال اليتيم، فخَشي الأوصياء على اليتامى وفصلوا أموال وطعام الأيتام، حتى وإن زاد الطعام، مع الإشارة إلى أنّ الدِّين الإسلاميّ دِين اعتدالٍ ويُسرٍ، فالمخالطة لا حرج فيها إن حققّت مصلحة اليتيم، بل قد تكون خيراً من الفَصْل.[٦]
- الصُّورة الثانية: كفالة اليتيم دون ضمّه إلى عائلة الكافل، وهي أقل درجةً من الطريقة السابقة، وتكون من مال الكافل؛ إذ يتكفّل بمبلغٍ من المال لليتيم، ويقدّمه للجهة القائمة عليه، سواءً كان في جمعيّةٍ خيريّةٍ، أو كان مع أمّه، ويجب تعيين المال على أنّه لكفالة يتيمٍ، فلو تمّ دفع المبلغ دون تعيين جهة الصَّرف، أو كان المبلغ غير كافياً للكفالة؛ فلا يعدّ دافع المبلغ كافلاً، وإمّا يكون الكافل قريباً من اليتيم؛ كالجدّ، والجدّة، والعمّ، والخال، وغيرهم، وإمّا أن يكون من غير الأقارب، إلّا أنّ الكلّ داخلٌ في قَوْل الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (كافِلُ اليَتِيمِ له، أوْ لِغَيْرِهِ أنا وهو كَهاتَيْنِ في الجَنَّةِ)،[٧] وينال الفضيلة الكافل سواءً كفل اليتيم من ماله الشخصيّ، أو من مال اليتيم بولايةٍ شرعيةٍ.[٢][٨]
كيفيّة رعاية اليتيم
العناية باليتيم ورعايته تتحقّق بإكرامه، ورحمته، والعطف عليه، وعدم التسبّب له بأي أذىً في القول أو الفعل، والوصاية على اليتيم تشمل أيضاً تعليمه، إذ إنّ التعليم من المصالح والضروريات له، ويقوم مقام الأكل والشُّرب، لقَوْله -تعالى-: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)،[٩] كما أنّ الكفالة تشمل تربيته وإصلاحه؛ لقَوْله -تعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ)،[١٠][١١] وتشمل أيضاً تنمية ماله وتجارته، وتقديم أي مساعدةٍ له تعود عليه بالمصلحة بمشورة أهل الخبرة والعلم والعدالة.[١٢]
فَضْل كفالة اليتيم
يُراد بالكفالة: الضمان، فيُقال: كفِل الشخصَ؛ أي أنّه ضامناً له، قائماً ومُنفقاً عليه، وقد وردت الكفالة في القرآن الكريم، كقَوْله -تعالى-: (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا)،[١٣]وكفالة اليتيم تعني إشارده، والحرص على تربيته التربية السليمة، والإنفاق عليه، ورعايته، وتدبير أموره، وللكفالة فضلٌ عظيمٌ، ومنزلةٌ رفيعةٌ، يدلّ على ذلك قَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى).[١٤][١٥]
حكم أكل مال اليتيم
حرّم الله -عزّ وجلّ- أكل أموال الغير، وتزداد الحُرمة إن كان المال مال يتيمٍ، فأكله من الكبائر، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)،[١٦] إذ إنّ اليتيم صغيرٌ ضعيفٌ، غير قادرٍ على الدِّفاع عن نفسه؛ فشُدّدت الحُرمة،[١٧] وأَكْل مال اليتيم من الظُلم الذي أخبر عنه الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)،[١٨][١٩] ويُراد بأَكْل مال اليتيم؛ الانتفاع بأي شيءٍ منه بأي صورةٍ، فالانتفاع يأخذ حكم الأَكْل، ولا فرق بينهما.[٢٠]
المراجع
- ↑ "كيف تحقق فضيلة كفالة اليتيم "، www.islamweb.net، 17-7-2002. بتصرّف.
- ^ أ ب حسام الدين عفانة، فتاوى يسألونك (الطبعة الأولى)، فلسطين: مكتبة دنديس، صفحة 230-231، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ محمد بن صالح العثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 9، جزء 171. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 152.
- ↑ سورة النساء، آية: 10.
- ↑ إبراهيم القطان، تيسير التفسير ، صفحة 124، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2983، صحيح.
- ↑ لجنة فتاوى الشبكة الإسلامية، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 13106، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ سورة الضحى، آية: 9.
- ↑ سورة البقرة، آية: 220.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، صفحة 255، جزء 45. بتصرّف.
- ↑ عبدالعزيز السلمان، مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار ، صفحة 31-32، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 37.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 6005، صحيح.
- ↑ أحمد عمر مختار (2008)،معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، عالم الكتب، صفحة 1945-1946، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 10.
- ↑ سعيد بن مسفر، دروس للشيخ سعيد بن مسفر ، صفحة 25، جزء 59. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 10.
- ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد ، صفحة 11، جزء 118. بتصرّف.
- ↑ عبدالله بن محمد الغنيمان، شرح فتح المجيد، صفحة 5، جزء 57. بتصرّف.