ظاهرة الرقيق والجواري في العصر العباسي الأول

كتابة:
ظاهرة الرقيق والجواري في العصر العباسي الأول


ظاهرة الرقيق والجواري في العصر العباسي الأول

إنّ ظاهرة الرقيق والجواري في العصر العباسي الأوّل هي امتداد للعصر الأموي، حيث نعم النّاس في العصر الأموي بالرخاء وهو ما لم يتمكنوا منه في عصر الخلفاء الراشدين، والعرب في عادتهم يميلون إلى مجالس الطرب والغناء، والمرأة الحرة لم تكن لتمتهن الغناء الذي في أصله من نصيب الجواري، فكان العصر العباسي الأوّل مركزًا لتجارة الرقيق والجواري.[١]


حيث انتشرت دور الرقيق في كل من الكوفة والبصرة وبغداد وكان القائم على ذلك مجموعة من التجار الكبار في سوق النخاسي، ومن أشهرهم في مكة المكرمة ابن شماس وأمّا في المدينة المنورة فقد كان ابن رمانة ويزيد بن حوراء، ولم يكن العبيد والجواري في حالة من الاضطهاد بل كانوا يُدرسون الأدب والشعر والكتابة والقراءة حيث يرغب النّاس بهنّ في مجالس السمر.[١]



أثر الرقيق والجواري في الحياة السياسية في العصر العباسي الأول

ظهرت في العصر العباسي الأول مشكلة تدخل الجواري في الشؤون السياسية للدولة، وقد أدرك ذلك الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وقد كانت وصيته عند موته لابنه أن إيّاك أن تدخل النّساء في أمرك، وقد تحدّثت المصادر أنّ الخليفة العباسي الثالث محمد المهدي قد أولع بجاريته ولعًا شديدًا وكان اسمها جواهر، وقد ذُكر أنّه كان يراها أحق منه بالخلافة لشدة ذكائها وحكمتها.[٢]


أمّا جاريته الخيزران فقد ولدت له هارون الرشيد وقد تدخلت كثيرًا في شؤون السياسة وكانت تجرؤ عليه في بعض الأحيان، حيث أقدمت مرة على تمزيق ثوبه وقالت له أن ما رأيت منك خيرُا قط، وهي التي دفعته على مبايعة ولديها موسى وهارون الرشيد على الخلافة مع أنّ ابنه الأكبر كان عبد الله، وغير ذلك من الحوادث التي تثبت تدخل الجواري في الشؤون السياسية.[٢]



أثر الرقيق والجواري في الحياة الثقافية في العصر العباسي الأول

حرص أرباب النخاسة على تعليم الجواري مختلف أنواع الثقافة والأدب والشعر ونحو ذلك من الفنون التي تجذب أنظار الخُلاء والأغنياء إليهم، وكانوا يعلمونهن الغناء والرقص والرقة وأدب الحديث حتى أنّ مجلس الخلفاء الذي تؤمه بعض الجواري كان ليُقصد من مكان بعيد بسبب حسنه وجماله، وكان الشعراء يحضرون ذلك المجالس فيكون بمثابة القاعة الأدبية التي يؤتى فيها بكل طرف من الكلام.[٣]


أشاد الخلفاء في مدح بعض الجواري وكانوا يُثنون على إجاباتهم الحسن منها، ومع أنّ الجارية كانت تُحسن غير نوع من الفن والأدب إلا أنّها كانت برع وتميز في واحد أو أكثر.[٢]


لقد برعت الخيزران والدة هارون الرشيد برواية الحديث النبوي الشريف وذكر ابن الأثير في كتابه أنّها أخذت علمها عن الأوزاعي، وقد عمدت بعض الجواري إلى تأليف الشعر ومباراة الشعراء فيه بل وغنائه في مجالس الخليفة الذي يطرب إلى مثل ذلك.[٢]


المراجع

  1. ^ أ ب عبد السلام الترمانيني، الرق، صفحة 95 - 98. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ناهضة حسن، سلطة الجواري في العصر العباسي، صفحة 114 - 116. بتصرّف.
  3. بهيجة السروجي، التطور التاريخي لدور المرأة في العصر العباسي، صفحة 84. بتصرّف.
6115 مشاهدة
للأعلى للسفل
×