عاصمة كمبوديا التاريخ والاقتصاد والتعليم والثقافة

كتابة:
عاصمة كمبوديا التاريخ والاقتصاد والتعليم والثقافة

مملكة كمبوديا

مملكة كمبوديا التي كانت تُعرف سابقًا بكمبوتشيا، وهذا الاسم مشتقّ من اللغة السنسكريتية، تقع كمبوديا في أقصى جنوب شرق قارة آسيا، تحدُّها من الشمال الغربي والغرب تايلاند ومن الجنوب الشرقي والشرق فيتنام وخليج تايلاند من الجنوب، الحكم فيها ملكي دستوريّ والملك نورودوم سيهاموني، يبلغ عدد سكانها أكثر من 14 مليون شخص بمساحة تقدر بنحو 181 ألف كيلو مترًا مربعًا، معظم سكان كمبوديا من عرق الخمير ويعتنقون الديانة البوذية من ثيرافادا مع وجود بعض المسلمين وبعض العرقيات الأخرى كالفيتنامية والصينية، ويعدُّ قطاع الزراعة من أهم الموارد الاقتصادية في البلاد، حيثُ يعتمد عليها أكثر من 59% من مجموع السكان، بالإضافة إلى أن السياحة وصناعة الألبسة والبناء تعدُّ من القطاعات المهمة، وقد عُثر على آبار نفط وغاز في المياه الإقليمية لكمبوديا وسيكون لهذا الأمر شأن كبير في دفع عجلة الاقتصاد فيها أشواطًا كبيرة، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول عاصمة كمبوديا: التاريخ والاقتصاد والتعليم والثقافة.[١]

مدينة بنوم بنه عاصمة كمبوديا

تعدُّ مدينة بنوم بنه عاصمة مملكة كمبوديا وأكبر المدن وأكثرها كثافةً سكانية فيها، تقع المدينة على نهر ميكونغ، كما أنَّ بنوم بنه أغنى المدن في البلاد وهي المركز السياسي والاقتصادي والثقافي أيضًا، كانت تعرف في بداية القرن العشرين بلؤلؤة آسيا، واشتُهرت بالجمع بين الطابع الخميري التقليدي والطابع الحديث الفرنسي بحكم استعمار فرنسا لها، كان اسم المدينة سابقًا كرونك جاكتوموك ويعني مدينة الوجوه الأربعة وهو مأخوذ من تقاطع الأنهار فيها، أمَّا اسمها الحالي فقد أخذته من معبد وات بنوم وهو معبد التل.[٢]

تاريخ مدينة بنوم بنه

تحكي الأسطورة حول تأسيس مدينة بنوم بنه أنَّ عجوزًا راهبة من سكان المنطقة المحليين كانت تسكن في مدينة شاكتموك أو جاكتموك وهي بنوم بن قديمًا ذهبت في عام 1372م إلى نهر مكونك لتحضر الماء فوجدت جذع شجرة كوكي يطفو فوق المياه وداخل فجوة في الجذع وجدت أربعة تماثيل برونزية تمثال حجري لبوذا، فجلبت داون بن أي الجدة بن التماثيل وأمرت أهل القرية أن يقوموا ببناء ربوة من الطين إلى شمال شرق بيتها وفوقها معبد، واستخدمت شجر الكوكي لبناء المعبد الذي سيضمُّ التماثيل الخمسة، وأطلقت اسمها على المعبد ليصبح وات بنوم داون بن ويسمَّى حاليًا وات بنوم، فسمِّيت المدينة على هذا الاسم بنوم بن ويعني في اللغة الخميرية تلة بن، ونقلت العاصمة إليها بعد أن كانت عاصمة جمهورية الخمير هي مدينة أنغكور الواقعة بالقرب من مدينة سيام ريب 350 كيلو مترًا إلى الغرب، وفي عام 1867م أصبحت بنوم بنه عاصمة كمبوديا الدائمة، وامتدت إليها الحرب الفيتنامية في بداية سبعينيات القرن العشرين، بين الشيوعيين وأعدائهم، فسيطر الشيوعيون الخمير الحمر على البلاد في عام 1975م، فنقل الخمير الحمر معظم سكان المدينة إلى الأرياف ليعملوا في الزراعة، فتدنّى عدد السكان كثيرًا حتى وصل إلى عشرين ألف نسمة فقط، وفي عام 1979م أطاحت القوات الفيتنامية وشيوعيون آخرون بالخمير الحمر وسيطروا على المدينة وبدأ الأهالي بالعودة إليها، وازداد عد سكانها بشكل كبير خلال سنوات قليلة حتى وصل في التسعينيات إلى أكثر من 800 ألف نسمة.[٣]

جغرافية مدينة بنوم بنه

تقع مدينة بنوم بنه العاصمة في المنطقة الجنوبية الوسطى من مملكة كمبوديا عند تقاطع الأنهار الثلاثة الشهيرة في البلاد وهي: نهر ميكونغ ونهر باساك ونهر تونل ساب، يهيمن نهر ميكونغ على مساحات كبيرة من أراضي المملكة لذلك يمنح بنوم بنه موقعها الهام والحيوي والمتميز، ويشكل أهم طرق النقل والتجارة في منطقة جنوب شرق قارة آسيا فهو سابع أطول نهر في آسيا بطول يصل إلى 4350 كيلو مترًا، حيثُ يربط بين كمبوديا والصين وميانمار وتايلاند وفيتنام ولاو،[٤] أمَّا نهر ساب فهو أهم رافد لبحيرة تونلي ساب وهي أكبر مصدر للمياه العذبة في المنطقة، وتقع المدينة على دائرة عرض 11 درجة شمال خط الاستواء و 104 درجة شرق غرينيتش، وتقدَّر مساحة المدينة بنحو 678 كيلو مترًا مربعًا، وترتفع عن سطح البحر 14 مترًا، ويعدُّ مناخ بنوم بنه مداريًّا موسميًّا، حيثُ تشيعُ أجواء جافة على طول الفترة الممتدة من بداية شهر تشرين الثاني وحتى شهر نيسان، وتشيع أجواء ماطرة من بداية شهر أيار وحتى شهر تشرين الثاني، وترتفع الرطوبة ودرجات الحرارة في هذه الفترة، وتتساقط فيها كميات كبيرة من المطر تقدر بنحو 90% من كمية الأمطار التي تهطل طوال العام.[٥]

التعداد السكاني في مدينة بنوم بنه

بلغَ عدد سكان مدينة بنوم بنه في عام 2008م أكثر من 2 مليون نسمة، بكثافة سكانية تقدر بنحو 5358 شخص لكل كيلو مترًا مربعًا، ويبلغ معدل النمو السكاني فيها 3.92% وقد تضاعف نمو المدينة أربعة أضعاف من عام 1979م، وما تزال العمل قائمًا على توسيع بعض المناطق من أجل استيعاب النمو السكاني، ومعظم سكان بنوم بنه من الكمبوديين الخمير، إذ يشكلون أكثر من 90% من مجموع السكان، بالإضافة إلى وجود أقليات من جنسيات مختلفة منها الصينيون والفيتناميون وغيرهم، ودين الدولة وغالبية السكان هي الديانة البوذية، مع وجود أقليات من المسلمين، واللغة الرسمية في المدينة هي اللغة الخميرية، ويتمذُ استخدام اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية بشكل كبير في المدينة.[٦]

نظام الحكم في مدينة بنوم بنه

نظام الحكم في كمبوديا ملكي دستوري، ويحكم العاصمة بنوم بنه مجلس بلدي مكون من ستة أعضاء ويرأسه حاكم، ويوجد بعض المسؤولين المستشارين الذين يتبعون مجلس الوزراء في البلاد، ويقوم المجلس البلدي بعلمه فيما يخص العاصمة، وتتبع بلدية بنوم بنه لوزرة الداخلية في الدولة، حيثُ تخصص الوزارة من ميزانيتها لصالح العاصمة، وهذا ما يجعل مجلس البلدية في بنوم بنه يتمتع باستقلال جزئي من جهة التخطيط، وبما أنَّ البلدية تتبع للمجلس الوزاري إداريًا فإنّ كثير من القرارات لا يتمُّ اتخاذها في حدود البلدية.[٧]

الاقتصاد في مدينة بنوم بنه

يقوم الاقتصاد في مدينة بنوم بنه عاصمة مملكة كمبوديا على قطاع الزراعة بشكل أساسي، ويعدُّ أهم قطاع بالنسبة لعصب الاقتصاد فيها، إذ يعتمد نحو 59% من مجموع السكان على الزراعة في معيشتهم وحياتهم، حيثُ يشكل الأرز المحصول الرئيس في الزراعة، ولحركة التجارة أثر في اقتصاد المدينة، وخصوصًا عبر الطريق المائي في نهر ميكاونغ الذي يربط دول جنوب شرق آسيا، ويتوقع أن يساهم استخراج النفط والغاز الذي اكتُشِفت مكامنه في مياه كمبوديا الإقليمية في ازدهار البلاد بشكل عام والعاصمة بشكل خاص في كافة المجالات.[٨]

التعليم في مدينة بنوم بنه

أولَت الحكومة في كمبوديا التعليمَ اهمتامًا أكثر في السنوات الأخيرة ولا سيما في العاصمة بنوم بنه، فقد تمَّ تشكيل نظام تعليمي يستطيع أن يوفِّر أفضل النتائج المناسبة والعادلة لكل الأطفال والفتيان ويمكنه دعم جميع الخدمات التي تقدمها الدولة، وبسبب الحروب الكثيرة التي عانت منها البلاد في القرن العشرين وعدم الاستقرار السياسي تراجع قطاع التعليم في النصف الثاني من القرن العشرين، لكنَّ الدولة لاحقًا بدأت بإعادة افتتاح المدارس والمؤسسات التعليمية بعد عام 1979م، وتحتوي العاصمة على مؤسسات التعليم العالي كلها، كالجامعة الملكية التي تأسست في عام 1960م والأكاديمية الملكية لكمبوديا التي تأسست عام 1965م، ويستطيع أكثر من نصف السكان الذين تبلغ أعمارهم أكثر من 15 سنة أن يقرأوا ويكتبوا رغم أنَّ كثير من مناطق البلاد تفتقر إلى المدارس.[٩]

الثقافة في مدينة بنوم بنه

كانت أهم الأسباب التي ساعدت الثقافة في العاصمة الكمبودية بنوم بنه على التطور والمضيّ إلى الأمام اعتناق بوذية ثيرافادا والاستعمار الفرنسي واعتناق الهندوسية وثقافة عصر الأنغكور وانتهاءً بالعولمة الحديثة، ومن أهم المؤسسات التي تعمل على تطوير وتعزيز الثقافة وزارة الفنون الجميلة الكمبودية والثقافة، يرتدي سكان الريف من الخمير وشاح كراما الذي يعتبر أحد ميزات للّباس الكمبودي التقليدي، وتنطوي ثقافة الخمير على العديد من الرقصات المميزة والمختلفة مع أساليب عمارة ونحت انتشر وتطور في عصر الإمبراطورية الخميرية، وقد تمَّ تبادل تلك الأساليب مع الدول المجاورة كلاوس وتايلاند، ويعدُّ معبد أنغكور وات من الأمثلة الشهيرة التي حفظت تلك الهندسة المعمارية للخمير، وتقام العديد من المهرجانات منها مهرجان بون أم تيوك أي مهرجان سباق القوارب الذي يقام كل عام بعد أن ينتهي موسم الأمطار وعندما يبدأ نهر ميكونغ بالانحسار والرجوع إلى مستواه الطبيعي، ويتم تقديم الشكر للقمر والتمتع بالألعاب النارية في أجواء كرنفالية جميلة، ومن أهم الألعاب الشعبية كرة القدم ومصارعة الديوك،[١٠] ومهرجان الماء السنوي وهو أكبر مهرجان يقام في بنوم بنه في شهر نوفمبر، وقد توفي في عام 2010م 348 شخصًا أثناء المهرجان على جسر الفرار.[١١]

السياحة في مدينة بنوم بنه

قطاع السياحة في كمبوديا عمومًا أحد أهم قطاعات في البلاد، إذ يحتلُّ المرتبة الثانية بعد قطاع صناعة النسيج، وقد وصلَ عدد السياح بين شهري كانون الثاني وكانون الأول في عام 2007م إلى أكثرمن 2 مليون سائح، بزيادة نسبتها 18.5% عن الفترة نفسها التي سبقتها من العام الذي قبله، وكان نصف السياح تقريبًا قد جاؤوا إلى العاصمة الكمبودية بنوم بنه،[١٢] ومن أهم الأماكن السياحية في بنوم بنه المتحف الوطني والذي يعدُّ أهم المتاحف التاريخية والأثرية في البلاد، بالإضافة إلى متحف تول سلينغ للإبادة الجماعية، ومن أهم المعالم الأثرية في بنوم بنه ما يأتي:

  • معبد وات بنوم: من أهم المعالم في المدينة، فقد بُنيت المدينة نتيجة قيام هذا المعبد، تمَّ بناؤه في عام 1372م، وهو أعلى مبنى ديني في مدينة بنوم نبه، يصل إرتفاعه إلى 27 مترًا، وحسب الأسطورة فقد دعت إلى قيامه عجوز تدعى بن بعد أن وجدت خمسة تماثيل لبوذا تطفور ضمن جذع شجرة في نهر ميكونغ.[١٣]
  • القصر الملكي: القصر الملكي في كمبوديا، وهو مجمع من الأبنية الفخمة والتي صمِّمت كي تكون مقرًّا للملك في كمبوديا، ومنذ ستينيات القرن التاسع عشر والملوك في البلاد يتوارثون الإقامة فيه، بُني القصر بين عام 1866م وعام 1870م، وذلك بعد أن نقلت العاصمة الملكية من أودونغ إلى مدينة بنوم بنه على يد الملك نورودوم، حيثُ شيِّد القصر على أنقاض قلعة قديمة، ويقع على الضفة الغربية لنهر ميكونغ.[١٤]
  • المتحف الوطني في كمبوديا: أهم متاحفالتاريخ في البلاد، ويضمُّ المتحف أكبر مجموعة أثرية في العالم تعود لشعوب الخمير، وحول العديد من الفنون مثل الخزف والنحت والبرونز وغيرها من أشياء إثنو غرافية، ويقدر عدد القطع الأثرية بأكثر من 14 ألف قطعة أثرية، تعود إلى عصور ما قبل التاريخ مرورًا بفترات قبل تأسيس إمبراطورية الخمير والفترة التي بعدها، والتي وصلت في ذروتها إلى دولة تايلاند وفيتنام جنوبًا، وقد تمَّ تشييد المباني الخاصة بالمتحف في بداية القرن العشرين بين عام 1917م وعام 1924م، وقد افتتح في عام 1920م، وتمَّ تجديده في عام 1968م.[١٥]
  • المعبد الفضي: يقع المعبد الفضي حنوب القصر الملكي ويعرف باسم معبد بوذا البلوري الزمردي، يضمُّ المعبد كثير من كنور كمبوديا الوطنية من تماثيل لبوذا وكثير من المجوهرات والذهب، وأهمها تمثال لبوذا وزنه 90 كيلو غرامًا صُنع بأمر الملك سيسواث، ويغطي التمثال لباس ملكي وتمَّ ترصيعه بنحو 9584 ماسة وصنع في عام 1907م، ورمِّمَ المعبد بأكثر من 5000 قطعة بلاط من الفضة مع إعادة تشكيل لواجهة المعبد الخارجية برخام إيطالي.[١٦]

المراجع

  1. "كمبوديا"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.
  2. "بنوم بن"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.
  3. "بنوم بنه"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.
  4. "نهر ميكونغ"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  5. "بنوم بنه"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  6. "بنوم بنه"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  7. "كمبوديا"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  8. "بنوم بنه"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  9. "كمبوديا"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  10. "كمبوديا"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  11. "بنوم بنه"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  12. "كمبوديا"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  13. "بنوم بنه"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  14. "القصر الملكي في كمبوديا"، en.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  15. "متحف كمبوديا الوطني"، en.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
  16. "معبد الفضة ، بنوم بنه"، en.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
6869 مشاهدة
للأعلى للسفل
×