عامر بن فهيرة بطل الهجرة ودفين الملائكة

كتابة:
عامر بن فهيرة بطل الهجرة ودفين الملائكة

ما هو دور عامر بن فهيرة في الهجرة النبوية؟

صحابي مولى أبو بكر الصديق -رضي الله عنهما-، وكان من الذين عُذّبوا لما اعتنقوا الإسلام، فاشتراه أبو بكر واعتقه، فصار مولى له، فما هو دور عامر في الهجرة النبوية؟ وكيف هاجر إلى المدينة؟ وكيف استشهد؟ كل هذه التساؤلات سيجيب عنها هذا المقال.


عامر بن فهيرة -رضي الله عنه- من الصحابة الكرام، كان له دور بارز في هجرة رسول الله -عليه الصلاة والسلام وأبي بكر -رضي الله عنه- إلى المدينة المنورة، واختاره الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما يتحلّى به من شجاعة، وأمانة، وقوّة، ويتجلّى دوره بعد أن هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومكث مع أبي بكر في غار ثور ثلاث ليال؛ حيث كان عامر -رضي الله عنه- يزودهما بألبان من الغنم الذي معه، ويتتبّع بغنمه آثار أقدامهما؛ فهو الصحابي الذي كان يمسح آثار الرسول وأبو بكر، حتى لا يتتبّعها المشركون ويعرفوا مكانهما، وبذلك تفشل محاولات قريش في معرفة مكان اختباء الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر -رضي الله عنه-.[١]


روى البخاري عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: (لَحِقَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وأَبُو بَكْرٍ بغَارٍ في جَبَلٍ يُقَالُ له: ثَوْرٌ، فَمَكُثَ فيه ثَلَاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُما عبدُ اللَّهِ بنُ أبِي بَكْرٍ، وهو غُلَامٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِفٌ، فَيَرْحَلُ مِن عِندِهِما سَحَرًا، فيُصْبِحُ مع قُرَيْشٍ بمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فلا يَسْمَعُ أمْرًا يُكَادَانِ به إلَّا وَعَاهُ، حتَّى يَأْتِيَهُما بخَبَرِ ذلكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ، ويَرْعَى عليهما عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِن غَنَمٍ، فيُرِيحُهَا عليْهما حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ في رِسْلِهِما حتَّى يَنْعِقَ بهَا عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ بغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِن تِلكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ).[٢]


كيف هاجر عامر بن فهيرة إلى المدينة؟

عندما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة لكثرة ما عانى المسلمون في مكة من المشركين، لم يكن معه إلا أبو بكر -رضي الله عنه-، وعامر بن فهيرة يتتبّع آثارهم بغنمه حتى وصلوا المدينة، بالإضافة إلى دليل استأجره الرسول -صلى الله عليه وسلم- لفطنته وذكائه؛ يُدعى عبد الله بن أُريقط.[٣]


روى البخاري عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: (فَكانَ عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ غُلَامًا لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ الطُّفَيْلِ بنِ سَخْبَرَةَ، أخُو عَائِشَةَ لِأُمِّهَا، وكَانَتْ لأبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ، فَكانَ يَرُوحُ بهَا ويَغْدُو عليهم ويُصْبِحُ، فَيَدَّلِجُ إلَيْهِما ثُمَّ يَسْرَحُ، فلا يَفْطُنُ به أحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ معهُما يُعْقِبَانِهِ حتَّى قَدِما المَدِينَةَ).[٤]


كيف استُشهد الصحابي عامر بن فهيرة؟

إنّه لشرف عظيم أن ينال المسلم منزلة الشهادة، وكان للصاحبي عامر بن فهيرة نصيب من الشرف على عدَّة أصعدة؛ بدءاً من صُحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في هجرته، مُروراً بمشاركته في بعض غزواته، وانتهاءً باستشهاده؛ فقد وافته المنيّة يوم بئر معونة، ولما أسر عمرو بن أمية الضمري سأله عامر بن الطّفيل: "هل تعرف أصحابك؟"، فطاف فيهم وكان يسأل عن نسبهم حتى قال له: هل تفقد أحد منهم؟، قال: نعم، أفقد مولى أبي بكر -رضي الله عنه- يُقال له عامر بن فهيرة، فسأله: كيف كان فيهم؟، قال: أفضلنا، فقال له: إنّه تمَّ طعنه برمح، ثم انتزع رمحه، فعلى بالسماء حتى والله ما أراه"؛ فهو الصحابي الذي رفع بين السماء والارض بعد استشهاده، ويُقال إنَّ من قتله رجل يُدعى جبار بن سلمى، وأسلم بعد الذي رآه من مقتل عامر -رضي الله عنه-، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سمع خبره مقتله إن الملائكة وارت جثّته وأُنزل في عليين.[٥]


روى البخاري عن عروة بن الزبير -رضي الله عنه- أنه قال: (لَمَّا قُتِلَ الَّذِينَ ببِئْرِ مَعُونَةَ، وأُسِرَ عَمْرُو بنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، قالَ له عامِرُ بنُ الطُّفَيْلِ: مَن هذا؟ فأشارَ إلى قَتِيلٍ، فقالَ له عَمْرُو بنُ أُمَيَّةَ: هذا عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، فقالَ: لقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ما قُتِلَ رُفِعَ إلى السَّماءِ، حتَّى إنِّي لَأَنْظُرُ إلى السَّماءِ بيْنَهُ وبيْنَ الأرْضِ، ثُمَّ وُضِعَ، فأتَى النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- خَبَرُهُمْ فَنَعاهُمْ، فقالَ: إنَّ أصْحابَكُمْ قدْ أُصِيبُوا، وإنَّهُمْ قدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ، فقالوا: رَبَّنا أخْبِرْ عَنَّا إخْوانَنا بما رَضِينا عَنْكَ، ورَضِيتَ عَنَّا، فأخْبَرَهُمْ عنْهمْ).[٦]


أسئلة شائعة من القراء حول عامر بن فهيرة

قد تدور أسئلة كثيرة في أذهان النّاس عن بعض الصحابة -رضوان الله عليهم-، ومن الأسئلة الشائعة عن الصحابي عامر بن فهيرة -رضي الله عنه- ما يأتي:

  • متى أسلم الصحابي عامر بن فهيرة؟

لقد نال الصحابي عامر -رضي الله عنه- الشرف في كونه من المسلمين الأوائل؛ فقد أسلم قبل دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم، وقبل أن يدعو النّاس للإسلام فيها، وكان من المستضعفين الذي عُذّبوا بمكة حتى يرجع عن إسلامه، فاشتراه أبو بكر -رضي الله عنه- وأعتقه، وكان يرعى غنم أبي بكر -رضي الله عنه-.[٧]


  • متى توفيَ الصحابي عامر بن فهيرة؟

تُوفّي الصحابي عامر بن فهيرة -رضي الله عنه- في يوم بئر معونة بعد إصابته برمح من رجل يدعى جابر بن سلمى، سنة أربعة للهجرة، وكان عمره حينئذٍ أربعين سنة.[٨]


  • ما كنية الصحابي عامر بن فهيرة ؟

كان الصحابي عامر بن فهيرة -رضي الله عنه- يُكنّى بأبي عمرو، وكان من مواليد الأزد، وهو من المسلمين الأوائل، وقبل أن يشتريه أبو بكر -رضي الله عنه- ويعتقه كان مملوكًا لعبد الله بن الطفيل.[٩]


  • ما المعارك التي شهدها الصحابي عامر بن فهيرة ؟

رافق الصحابي عامر بن فهيرة -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم- في هجرته إلى المدينة، وشارك معه في غزوة بدر، وغزوة أحد، وفي يوم بئر معونة، وأصيب فيه برمح واستشهد، وحصلت له كرامة في جثّته، وسُمّي دفين الملائكة.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 179. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5807، صحيح.
  3. ابن الجوزي، صفة الصفوة، صفحة 163. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4093، صحيح.
  5. السيوطي، كتاب شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور، صفحة 251. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم:4093، صحيح.
  7. ابن منظور ، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 342. بتصرّف.
  8. ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 342-343. بتصرّف.
  9. الطيب بامخرمة، كتاب قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، صفحة 82. بتصرّف.
4961 مشاهدة
للأعلى للسفل
×