عبقرية خالد بن الوليد العسكرية

كتابة:
عبقرية خالد بن الوليد العسكرية

سيف الله المسلول

هو الصحابي الجليل خالد بن الوليد بن المغيرة، أحد صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لقَّبه سيف الله المسلول، اشتُهر الصحابي خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بالتكتيك والدهاء العسكري وحقَّق العديد من الانتصارات في مئات المعارك التي خاضها ضد الروم والفرس وحلفائهم والقبائل العربية، وحققت انتصاراته فتح كامل لشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد فارس، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول نبذة عن حياة خالد بن الوليد وأشهر معاركه، وما جاء عن عبقرية خالد بن الوليد العسكرية.[١]

حياة خالد بن الوليد

قبل البدء بالحديث عن عبقرية خالد بن الوليد العسكرية سيتمُّ ذكر لمحة عن حياته -رضي الله عنه-، ولدَ الصحابي خالد بن الوليد في عام 592م في مكة المكرمة، ويعود نسبه إلى مرة بن كعب جدِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السابع، وهو من قبيلة بني مخزوم القرشية العريقة، ووالدته لبابة بنت الحارث وخالته ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، يُكنَّى أبا سليمان، وكان أحد أشراف قبيلة قريش قبل الإسلام، وكانت توكَل إليه أعنَّة الخيل والقبة التي يجمعون فيها معدات الجيش الذي يجهزونه، تعلَّم الفروسية منذُ أن كان صغيرًا وبرعَ فيها براعة شديدة حتى أصبح من فرسان قريش الأشدَّاء، قاتل ضدَّ المسلمين قبل إسلامه في معركة أحد والأحزاب، ولم يحضر بدر الكبرى لأنه كان مسافرًا لبلاد الشام، لم يسلم خالد بن الوليد إلا في السنة الثامنة من الهجرة وفي شهر صفر تحديدًا بعد صلح الحديبية، وقد رحَّب به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفرحَ به كثيرًا، توفي في حمص في عهد عمر بن الخطاب عام 642م على فراشه وقد كان يتمنى أن يُقتل في ساحات المعارك.[١]

معارك خالد بن الوليد

لقد خاض الصحابي الجليل خالد بن الوليد -رضي الله عنه- الكثير من المعارك التي حقَّق فيها انتصارات عظيمة حتى قبل أن يدخلَ في الإسلام، فقد خاضَ ضدَّ المسلمين معركةَ أحد ومعركة الأحزاب، واستطاع هو أن يقلبَ الهزيمة في معركة أحد إلى نصر للمشركين، وأمَّا بعد أن دخلَ في دين الله تعالى كانت غزوة مؤتة ضد الروم والغساسنة أوَّل معركة يشارك فيها في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد استلم راية المعركة بعد أن توفي قادتها الثلاثة، وشارك في فتح مكة وكان على رأس إحدى الكتائب المقاتلة وشارك أيضًا في غزوة حنين وحصار الطائف، وكان في غزوة تبوك ضد الروم أيضًا التي لم يحدث فيها قتال، وأما في عهد أبي بكر فقد قادَ معركة اليمامة التي كانت من أكبر المعارك التي انتصر فيها المسلمون ضد المرتدين، وتوجَّه بجيش كبير ضدَّ الفرس فخاض معارك ضارية لفتح العراق ومنها: معركة كاظمة، معركة الأبله، معركة المزار، معركة اليس، معركة الولجه، الأنبار، عين التمر وغيرها. وفي عهد عمر بن الخطاب توجه لفتح الشام وكانت معركة اليرموك من أهم وأعظم المعارك التي خاضها المسلمون بقيادته وحققوا فيها انتصارًا كبيرًا مهد لفتح بلاد الشام كلها بسرعة.[٢]

عبقرية خالد بن الوليد العسكرية

في الحديث عن عبقرية خالد بن الوليد العسكرية لا بدَّ من القول بأنَّ التاريخ الإسلامي فيه الكثير من الأشخاص العظماء الذي أبهروا الأمم وسطِّرَت البطولات التي صنعوها بحروف من ذهب، ومن أشهر القادة المسلمين على الإطلاق في المجال العسكري والحروب هو الصحابي خالد بن الوليد سيف الله المسلول -رضي الله عنه-، ويعدُّ من أبرز العسكريين الدهاة الذين حقَّقوا انتصارات خارقة وعظيمة في فترة زمنية قصيرة، فقد ظهرت عبقرية خالد بن الوليد العسكرية -رضي الله عنه- في بداية الأمر في معركة أحد وكان حينها إلى جانب المشركين لما يدخلْ في الإسلام بعد، وعندما نزلَ الرماة المسلمون من على الجبل التفَّ خالد بمن معه من المشركين على المسلمين ووجهوا لهم ضربةً من الخلف أطاحت بهم وحولت النصر لصالح المشركين فهُزم المسلمون في معركة أحد.[٣]

وفي عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاض معركة مؤتة عندما كان عدد جيش المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل مقابل مئتي ألف مقاتل من الروم، فخاض المسلمون معركة خطيرة أوشكوا فيها على التعرض لإبادة كاملة، وقتل قادة الجيش الثلاثة الذين عينهم رسول الله فاجتمع الجند على إمارة خالد بن الوليد، فاستطاع أن ينقذَ جيش المسلمين ويحفظَ له هيبته وكيانه، فحاول إيهام الروم بوصول إمداد من المسلمين بإثارة غبار بعيد من قبل العشرات من الجنود، وبدَّل مواقع الجنود وجعل الميسرة ميمنة وهكذا استطاع أن ينسحبَ بالجيش ويحفظَ ما تبقى منه بأقل ما أمكن من خسائر، وقُتل يومها من الروم عدد كبير جدًّا، وعندما قال المسلمون عنهم بأنهم فروا من المعركة، قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بل أنتم الكرارون"[٤]، لأنهم صنعوا نصرًا بمواجهة ذلك الجيش الجرار والتخلُّص منه من خلال عبقرية خالد بن الوليد.[٥]

ولم يزل خالد بن الوليد في كل معركة منذ معركة أحد يظهر عبقريته وتتجلى في كل خطة يقوم بها، فبعدَ أن استلم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- الخلافة آمن كليًّا بما تحمله عبقرية خالد بن الوليد فوجَّهه إلى بلاد فارس لفتح تلك البلاد بدءًا من العراق، واستطاع هناك أن يخوض الكثير من المعارك ويحقِّق فيها انتصارات عظيمة ثبتت أقدام المسلمين في العراق فطلبَ منه بعد ذلك أن يتوجَّه لمؤازرة جيش الشام، فانطلق خالد بن الوليد في جيش من المسلمين وفي طريقه قام بفتح بصرى وهزمَ الغساسنة الذين كانوا حلفاء مع الروم، فخاض معركة اليرموك التي استطاع فيها أن يدحرَ القوات البيزنطية بعد أن وحَّد الجيش وقسَّم الجيش الإسلامي إلى 46 كتيبة أو كردوسًا وعلى كل كتيبة قائدٌ فذٌ، ثمَّ جرَّ الروم إلى المكان الذي خطط فيه لوقوع المعركة وجعل المدينة المنورة من خلف الجيش ليحتفظ بالإمدادت العسكرية وأوقع الروم في مصيدة لم يخرجوا منها إلا أشلاءً وفلولًا متفرقة بعد أن قُتلَ عددٌ كبيرٌ من جنودهم، وبسبب ذلك استطاعت عبقرية خالد بن الوليد هذه أن تمكِّن المسلمين من بسط السيطرة على بلاد الشام من خلال سلسلة من المعارك والفتوحات المباركة وهزيمة أعتى إمبراطوريتين وهما الفرس والروم في ذلك العصر.[٣]

فضل خالد بن الوليد

بعد الحديث عن عبقرية خالد بن الوليد العسكرية سيدور الحديث حول فضله -رضي الله عنه-، فقد كان من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووردَ في فضله العديد من الأحاديث، منها الحديث الذي لقَّبه فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسيف الله المسلول، قال -صلى الله عليه وسلم-: "نِعْمَ عبد الله خالد بن الوليد، سيْفٌ من سيوف الله"[٦]، وقد رويَ عن خالد بن الوليد أنَّه قال: "ما ليلة يهدي إليَّ فيها عروسٌ أنا لها محب، أو أبشَّرُ فيها بغلامٍ أحبَّ إليَّ من ليلة شديدة الجليد في سريَّةٍ من المهاجرين أصبِّحُ بها العدو"، فقد كان الجهاد في سبيل الله أحبَّ إليه من كل شيء في هذه الدنيا حتَّى وردَ عنه أنَّه قال أيضًا: "لقد منَعَني كثيرًا مِنَ القراءةِ الجهادُ في سبيلِ اللهِ"[٧]، أي عن قراءة القرآن والله تعالى أعلم.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت "خالد بن الوليد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 06-06-2019. بتصرّف.
  2. "خالد بن الوليد"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-06-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "العبقرية العسكرية في شخصية خالد بن الوليد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 06-06-2019. بتصرّف.
  4. رواه البزار، في البحر الزخار المعروف بمسند البزار، عن ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 12/8، لا نعلم روى ابن أبي ليلى عن ابن عمر غير هذا الحديث.
  5. "غزوة مؤتة"، www.islamweb.net، 06-06-2019. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6214 ، صحيح.
  7. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن قيس بن أبي حازم، الصفحة أو الرقم: 9/353، رجاله رجال الصحيح.
3320 مشاهدة
للأعلى للسفل
×