عرض لحالة الطفل التوحُّدي

كتابة:
عرض لحالة الطفل التوحُّدي

نعرض لكم فيما يلي حالة لطفلة تعاني من التوحد مع توضيح للحالة.. كيف تم تشخيصها ما هي الصعوبات التي واجهتها

التوحد حالة تصيب بعض الأطفال عند الولادة أو خلال مرحلة الطفولة المبكرة وتجعلهم غير قادرين على تكوين علاقات اجتماعية طبيعية وغير قادرين على تطوير مهارات التواصل.

ونبدأ في هذا الفصل بعرض لحالة طفلة توحدية لتسليط الضوء على السمات والأنماط السلوكية الأكثر شيوعاً لدى الأطفال التوحديين.

الحالة:

طفلة ترتيبها الثانية في عائلتها تعرضت لصعوبات عديدة أثناء فترة الحمل والولادة.

أصيبت والدتها بنزيف خلال الأسبوع الرابع عشر من فترة الحمل.

تمت ولادة الطفلة قبل ثلاثة أسابيع من الموعد المحدد واستمرت عملية الولادة قرابة (23) ساعة.

تم إنعاشها بالأوكسجين مباشرة بعد الولادة.

ولتلك الأسباب كان والدا الطفلة يعاملانها بمنتهى الرفق.

كانت والدتها تواجه مشكلة كلما أرادت إرضاع طفلتها، فإما أن تتألم وتمانع الرضاعة أو أن تقبل عليها بنهم شديد ثم تستفرغ القليل الذي رضعته.

كما كانت الطفلة تواجه صعوبات في النوم فلم تكن تخلد للنوم إلا بصعوبة وبعد ساعات من المحاولة.

لم تتمكن الطفلة من الجلوس إلا بعد أن أكملت عامها الأول ولم تكن قادرة على الحبو.

وعندما بلغت سن الثانية لم تكن قادرة على استخدام أي كلمة، بدأت الطفلة تمشي عندما بلغ عمرها سنتين ونصف إلا أن قدرتها على إخراج الأصوات لم تتحسن وكانت تتصف باللامبالاة واستمرت على هذا السلوك.

كما كانت تصدر عنها أنماط سلوكية غريبة فعلى سبيل المثال كانت مغرمة بشم الأشياء والملابس والأطعمة كما كانت تحب لمس وتحسس الأشياء خصوصا ذات الملمس الخشن.

عندما بلغت الطفلة سن الرابعة تم عرضها على مركز نفسي متخصص بالأطفال وتم تشخيص حالتها وتأكد أنها تعاني من التوحد إضافة الى تأخر في النمو بشكل عام.

أُلحقت الطفلة ببرنامج خاص بالمعاقين عقلياً تتوفر فيه خدمات علاج النطق.

بعد سنة توقفت نوبات الغضب التي كانت تنتاب الطفلة إلا أن سلوكياتها غير العادية استمرت.

فعلى سبيل المثال كانت الطفلة تجري في كل أرجاء المنزل للتأكد من قطع قطن صغيرة قامت بربطها في كل الكراسي الموجودة في المنزل وكانت تقوم بذلك بطريقة روتينية.

عندما بلغت الطفلة ست سنوات انتقلت إلى مدرسة خاصة للأطفال التوحديين.

تعلمت الطفلة تحت إشراف المعلمات بعض المهارات للحياة اليومية لكنها لم تكن قادرة على تعلم القراءة، الكتابة أو الكلام.

عندما بلغت الطفلة سن الرابعة عشر أصيبت بالصرع وبعد خمس سنوات كان لابد لها من مغادرة المدرسة فتم تحويلها للإقامة في وحدة سكنية خاصة بالتوحديين البالغين ولم يحدث أي تطور يذكر على قدرتها اللغوية وعوضاً عن ذلك تعلمت ما يقارب الخمسين من لغة الإشارة تستخدمها للتعبير عن حاجاتها.

تظهر لدى الطفلة خصائص اضطراب التوحد من عدم قدرة على تكوين علاقات اجتماعية أو مهارات تواصل طبيعية وتعلق غير مألوف ببعض الأشياء المحيطة بها.

أي أن الطفلة تمثل حالة نمطية للأطفال التوحديين حيث لم تكن قادرة على التفاعل والاستجابة مع محيطها كما كانت تواجه صعوبات في مجال التفاعل الاجتماعي والتواصل اللغوي وتقوم بأنماط سلوكية كلاسيكية.

ما هو سبب التوحد؟

أثبتت البحوث والدراسات الطبية أن اضطراب التوحد يحدث لأسباب بيولوجية ومن تلك الأسباب المحتملة التي تم تحديدها:

  • العوامل الجينية (الوراثية).
  • الالتهابات الفيروسية.
  • المشاكل التي يمكن أن تصاحب فترة الحمل الولادة.

أياً من هذه الأسباب يمكن أن يحدث تلفاً في المخ يعتقد أن تنتج عنه الإصابة بالتوحد.

إلا أن هذه الأسباب البيولوجية لا توجد عند كل طفل توحدي مما يدل أن هناك عوامل بيولوجية أخرى لم يتم كشفها حتى الآن.

هل الطفل الثاني سيكون توحدياً؟

يتخوف الآباء والأمهات عندما يلاحظون صفات التوحد على أبنائهم وغالباً ما يتساءلون إذا كانوا قد ورَّثوا تلك الصفات لأبنائهم.

في الواقع تصعب الإجابة بشكل قاطع على هذا التساؤل وما يمكن قوله هو انه اذا كان هناك تخوف يجب استشارة أخصائي الجينات... وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تم انجاب أطفالا أصحاء وعاديين بعدما أنجب طفلا توحدياً.

تشخيص التوحد:

التوحد إعاقة سلوكية ولا يتم تشخيص التوحد إلا إذا كانت الأنماط السلوكية الثلاثة التالية واضحة على الطفل.

1. خلل في علاقات الطفل بمحيطه الاجتماعي.

2. فشل الطفل في تطوير قدرات التواصل بشكل طبيعي.

3. اهتمامات الطفل تكون محدودة ومكررة.

يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تشخيص التوحد لا يتم لمجرد أن الطفل يعاني من قصور في أحد الأنماط المذكورة بل لابد من أن يظهر الطفل قصوراً في كل الجوانب الثلاثة مجتمعة.

ثمة عامل آخر يجب الأخذ به عند القيام بعملية التشخيص وهو عمر الطفل وقت ظهور أعراض التوحد عليه حيث يجب أن تظهر الأعراض الثلاثة على الطفل عندما يبلغ عمره (36) شهرا.

ومن النادر أن يتم تشخيص التوحد قبل أن يكمل الطفل عامه الثاني والأسباب وراء ذلك عديدة:

أولاً:

قبل أن يكمل عامه الثاني لا تكون أنماطه السلوكية قد اتضحت بطريقة تسمح بإجراء عملية التشخيص.

ثانياً:

عندما يكون الطفل التوحدي يعاني من إعاقة عقلية يتم التركيز على الإعاقة العقلية مما قد يؤدي إلى إغفال التوحد وعدم اكتشافه.

ثالثاً:

بما أن مشاكل اللغة والكلام تعتبر من أهم المشاكل التي يعاني منها المصاب بالتوحد يكون من الطبيعي أن تتم عملية التشخيص بعد أن تكون قدرة الطفل قد تطورت للحد الذي يسمح بإجراء تقييم لحصيلته اللغوية.

رابعاً:

يحدث عند قليل من الأطفال التوحديين أن تكون مظاهر النمو لديهم طبيعية في البداية ثم يعقب ذلك وبشكل مفاجئ مظاهر سلوك توحد وفقدان للمهارات ولا يحدث ذلك إلا بعد أن يتجاوز الطفل العامين من عمره.

وبالإضافة إلى تلك الأسباب قد يكون سبب تأخر تشخيص التوحد عائد إلى قلة المعرفة والخبرة لديهما حول مراحل النمو التي يمر بها الأطفال العاديين وبالتالي ليس بمقدورهم معرفة أذا كان طفلهم يعاني من مشاكل في النمو.

ومن التوقع أن يتمكن العاملون في مجال الرعاية الصحية الأولية من التعرف على حالات التوحد وإحالتها إلى الأخصائيين حتى يتسنى تشخيصها بدقة ليمكن خدمة ورعاية تلك الحالات في وقت مبكر.

أسباب الإصابة بالتوحد:

هناك العديد من المؤشرات الدالة على أن الإصابة بالتوحد تحدث نتيجة لعوامل بيولوجية واهم تلك المؤشرات هو أن الإصابة بالتوحد غالباً ما تكون مصحوبة بأعراض عصبية، إعاقة عقلية أو مشكلات صحية محددة كالصرع وفيما يلي عرض لبعض المؤشرات التي تدعم العوامل البيولوجية للإصابة بالتوحد.

♦ من خصائص الإصابة بالتوحد أنه:

  • يصيب الذكور أكثر من الإناث.
  • ينتشر بنفس النسبة تقريبا في كل المجتمعات والثقافات.

♦ العوامل المصاحبة للتوحد:

  • الإعاقة العقلية.
  • الصرع.
  • أعراض عصبية.
  • صعوبات أثناء فترة الحمل.
  • مشاكل أثناء الولادة.

♦ الارتباط بحالات أخرى:

  • حالات جينية (وراثية).
  • التهابات فيروسية.
3819 مشاهدة
للأعلى للسفل
×