علاج الحب من طرف واحد في الإسلام

كتابة:
علاج الحب من طرف واحد في الإسلام

علاج الحبّ من طرف واحد في الإسلام

ينظر الإسلام للذكر والأنثى على أنهما نوعان لجنس واحد، بهما تكتمل الحياة ويستمر النّسل، ولمّا كان الأمر كذلك جعل الله -تعالى- الزواج سنة متّبعة وشِرعة ماضية بين البشر، وفي سبيل ذلك اقتضت سنّة المولى -سبحانه- أنْ يجعل في قلب كلّ من الرجل والأنثى ميلاً فطرياً للآخر.

ويحدث أنْ يقع رجل أو امرأة بميل أو حب أو عشق لآخر من طرف واحد، قال النّبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: (حبّب إليَّ من دنياكم النساء)،[١] وهذا لا يُذَمّ إذا انتهى إلى حلال،[٢] ولكن قد يكون الحبّ من طرفٍ واحدٍ ويتطوّر الحال بالمحبّ فيمرض، وربما يُضيِّع بهذا دينه ودنياه، وعند ذلك لا بدّ من علاج،[٣] وفيما يأتي بيان أهمّ الوسائل العلاجية لذلك:

  • الزّواج من الطرف الثاني

إن كان ذلك مستطاعًا، قال النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: (لم أرَ للمتحابَّيْن مثل النكاح)،[٤] فهو أسرع وأنفع علاج؛ (تغيير الصياغة) فإن من لم يُعالج في بداية الأمر، سيصل في نهاية الأمر إلى مرضٍ لا يُشفى منه إلّا بالزواج من المحبوب.[٥]

  • إقناع النفس باليأس من المحبوب

إذا لم يستطع المُحبّ أن يتزوّج المحبوبَ؛ فمن العلاجات النّافعة أن يُقنع نفسه باليأس من الوصول إليه، فالنّفس عادةً إذا أصابها اليأس من شيءٍ فإنّها تستريح منه، ولا تلتفت إليه، ويقلّ إدمان التفكير به.[٦]

  • الانشغال بالعبادة والإخلاص فيها

قال الله -تعالى-: (كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السّوءَ وَالفَحشاءَ إِنَّهُ مِن عِبادِنَا المُخلَصينَ)،[٧] فالانشغال عن عبادة الله -سبحانه- وفراغ القلب من ذلك من أهمّ أسباب الابتلاء بهذا العشق والتعلّق بالآخر، والانشغال بعبادة الله -تعالى- والإخلاص فيها ستشغله عن إدمان التفكّر بالمحبوب.[٨]

  • الدعاء

إنْ لم تنفع معه تلك العلاجات، فعليه أن يكثر من الدعاء أن يُفرّج الله -تعالى- عنه ما ابتلي به، وأن لا يكثر من ذكر الطّرف الآخر فيفضحه لأنّه لم يصل إليه، وليعلم أنّه يقرع باب الكريم الذي لا يردّ سائلا.[٩]

لماذا يكون الحب من طرف واحد؟

للحبّ من طرفٍ واحدٍ ثلاثة أسباب:[١٠]

  • علةٌ في المحبّة، فقد يعلم المحبوب أنّ حبّ المُحب عرضيّ، لا من ذاته، فينفر منه، فيتعلّق المُحبّ به.
  • مانعٌ بالمحبّ، يمنع الطّرف الثّاني أن يُحبّه؛ كعيب في خَلقه، أو خُلقه، أو هيئته، وما إلى ذلك من موانع.
  • مانعٌ بالمحبوب، يمنعه من مشاركة المُحبّ في الحبّ؛ كبعض التّقاليد التي تمنع زواج أحدهما من الآخر.

نماذج عن الحب من طرف واحد

فيما يأتي ذكر نماذج عن الحب من طرفٍ واحدٍ:

  • يوسف وامرأة العزيز

قال الله -تعالى- في قصّة يوسف -عليه السّلام-: (وَقالَ نِسوَةٌ فِي المَدينَةِ امرَأَتُ العَزيزِ تُراوِدُ فَتاها عَن نَفسِهِ قَد شَغَفَها حُبًّا إِنّا لَنَراها في ضَلالٍ مُبينٍ)،[١١] فقد كانت تحبّه من طرفٍ واحدٍ حتّى ذهب بها حبّه كلّ مذهب،[١٢] وقد حكى الله -تعالى- هذا المرض عن امرأة العزيز وهو مرضٌ إذا استحكم صَعُبَ على كلّ طبيبٍ علاجه.[١٣]

  • الجارية وصديق ابن حزم

فقد حكى ابن حزم -رحمه الله- في طوق الحمامة قصّةََ حبٍ من طرفٍ واحدٍ لجاريةٍ من ذوات المنصب والجمال أحبّت صديقًا له، حتّى ذهب عقلها واشتهرت قصّتها بين النّاس، وكادت أن تموت من الحبّ لولا أنّهم تداركوها بالعلاج.[١٤]

المراجع

  1. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3939، صححه الالباني في صحيح الجامع 3124.
  2. ابن قيم الجوزية، الداء والدواء، صفحة 209. بتصرّف.
  3. ابن قيم الجوزية، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، صفحة 184. بتصرّف.
  4. رواه ابن ماجه، في صحيح ابن ماجه، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3029، صححه الألباني في صحيح الجامع 5200.
  5. ابن حزم الظاهري، طوق الحمامة، صفحة 242. بتصرّف.
  6. ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 251. بتصرّف.
  7. سورة يوسف، آية:24
  8. ابن قيم الجوزية، الداء والدواء، صفحة 212. بتصرّف.
  9. ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 252. بتصرّف.
  10. ابن قيّم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 249. بتصرّف.
  11. سورة يوسف، آية:30
  12. شمس الدين القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، صفحة 176. بتصرّف.
  13. ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 244. بتصرّف.
  14. ابن حزم الظاهري، طوق الحمامة، صفحة 242. بتصرّف.
4462 مشاهدة
للأعلى للسفل
×