علاج النرجسية في الإسلام

كتابة:
علاج النرجسية في الإسلام

علاج النرجسية في الإسلام

قال ابن القيم الجوزية: "إِنَّ الْكِبْرَ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ، وَمُدَاوَاتُهُ فَرْضُ عَيْنٍ"،[١] ويكون علاجه كما يأتي:

  • أن يقوم الإنسان بمعرفة أصل صفة النرجسية والتكبر عنده، ويكون ذلك بأن يعرف الإنسان حجم نفسه وأن يعرف ربَّه -سبحانه وتعالى-، وأن يعترف بأنه مخلوقٌ ضعيفٌ فقيرٌ إلى الله -سبحانه وتعالى-، فقد خلقه ضعيفاً،[١]

وذلك في قوله -تعالى-: (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ* مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ* ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ)،[٢] فيقوم باستئصال أصل هذه الصفة التي مصدرها القلب، ويكون ذلك بأن يعرف حقيقة نفسه.[٣]

  • أن يعلم الإنسان ما به من العلل والأسقام، فلو أصابه ضرر أو مرض لظهر ضعفه وبان عجزه.[٤]
  • إن كان السبب هو النسب فيجب على المرء أن يعلم أن هذا اعتزازٌ بكمال غيره، وأن ما يعتز به من نسبِ لأبيه أو لجده فإنه إنسانٌ ضعيفٌ خُلِق من نطفةٍ، وأصله التراب،[١] ولن ينفعه نسبه وحسبه، فميزان التفاضل بين الناس هو التقوى.

عن ابن عباس -رضي الله عنه-: (لا أرى أحدًا يعملُ بهذه الآيةِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى} حتى بلغ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] فيقولُ الرجلُ للرجلِ: أنا أكرمُ منك! فليس أحدٌ أكرمُ من أحدٍ إلا بتقوى الله).[٥]

تعريف النرجسية

تعرَّف النرجسية على أنها الشخصية التي ترى أنها عظيمةً ومهمةً ومختلفةً عن غيرها بشكل غير عادي، ويشعر صاحب هذه الشخصية بحب الذات وأهميتها، بحيث يرى نفسه شخص نادر الوجود وشخصية فريدة من نوعها، ويتصف صاحب هذه الشخصية بالاستغلالية وتحقيق مصالحه على حساب الآخرين.[٦]

كما يتصف الشخص النرجسي بجنون العظمة، بحيث يرى أنه في القمة وباقي الناس دونه، فيقوم بتقدير ذاته تقديراً وهمياً بشكل مبالغ فيه، وهذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمراض النفسية والاضطرابات الشخصية.[٧]

وهذه الصفة توافق صفة الكِبر، فكلاهما يتصفان بصفات العُجُب والتكبر والغرور، ويرى من يتصف بهاتين الصفتين أنه أفضل من البقية، ويستصغر غيره ولا يحترم كبيراً ولا صغيراً، وهذه من الصفات السيئة التي يجب على المسلم عدم التخلُّق بها.

رأي الشريعة في النرجسية

يعتبر الكِبر من صفات الشخصية النرجسية وهي من الصفات المذمومة، وقد ذمَّت الشريعة الإسلامية الصفات السيئة والأخلاق غير الحميدة بشكلٍ عام ومن ذلك خلق التكبر، قال -تعالى- في المتكبرين: (الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّـهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ).[٨]

وثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: (إِنَّ أهلَ النارِ كلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ، جَمَّاعٍ مَنَّاعٍ، وأهلُ الجنةِ الضُّعَفَاءُ المَغْلوبُونَ)،[٩]وحثَّ في المقابل على التواضع وعدم التكبر، ومن ذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وإنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ علَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ علَى أَحَدٍ).[١٠][١١]

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ)،[١٢] وَقد يؤدي تكبّر الإنسان على غيره من المخلوقات إلى أن يتكبر على خالقه كما فعل إبليس، فلم يقبل بتنفيذ أمر الله -سبحانه وتعالى- بالسجود لآدم -عليه السلام-.[١١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 170-175. بتصرّف.
  2. سورة عبس، آية:18 19 20
  3. التويجري، محمد بن إبراهيم، كتاب موسوعة فقه القلوب، صفحة 1395. بتصرّف.
  4. أبو حامد الغزالي، كتاب إحياء علوم الدين، صفحة 362. بتصرّف.
  5. رواه الالباني، في صحيح الأدب المفرد ، عن ابن عباس، الصفحة أو الرقم:689، اسناده صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 921. بتصرّف.
  7. محمد إسماعيل المقدم، كتاب محو الأمية التربوية، صفحة 8. بتصرّف.
  8. سورة غافر، آية:35
  9. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1741، صحيح على شؤط مسلم.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عياض بن حمار ، الصفحة أو الرقم:2865، صحيح.
  11. ^ أ ب عز الدين بن عبد السلام، كتاب مقاصد الرعاية لحقوق الله عز وجل، صفحة 141. بتصرّف.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2588، صحيح.
4080 مشاهدة
للأعلى للسفل
×