اليونان
تحتلّ اليونان موقعًا مهمًّا بين ملتقى القارات الثَّلاث: الأفريقيَّة والأوروبيَّة والآسيويَّة، عاصمتها أثينا وتُعدُّ من أكثر المناطق تلوثًا في العالم، يبلغ تعداد سكان اليونان نحو 10701000، يحدُّها من الغرب البحر الأيوني ومن الشَّرق بحر إيجه، ومن الجنوب البحر الأبيض المتوسط، وتملك حدودًا بريَّة في الشَّمال مع تركيا وألبانيا وبلغاريا، تتميَّز اليونان بالتَّنوع العرقي والدِّيني واللغوي، فرغم الأصول اليونانيَّة لأغلب السُّكان، إلَّا أنَّ هذا التَّنوع نتج من الهجرات وحروب اليونان في فترات الإمبراطوريَّة الرومانيَّة، تغطي الغابات مساحات واسعة فيها ويتنَّوع فيها الغطاء النَّباتي تبعًا لتنوع المناخ حتَّى قيل عن غطائها النَّباتي أنَّه أشبه بلوحة فسيفسائيَّة، تدعم الحكومة فنَّ المسرح الذي يميل إليه الجماهير والكتَّاب، وتعدُّ اليونان دولةً ضاربةً في التَّاريخ حيث تنتشر فيها المواقع التُّراثيَّة التي تحويها كمدينة رودس، وتجذب مواقعها الأثريَّة كلوحاتها الفسيفساء والمنحوتات في الكنائس والقبور الكثير من السُّياح، وتشتهر اليونان بازدهار ثقافتها وأدبها فقد تمَّ تكريم شاعرين فيها بجائزة نوبل، وسيذكر فيما يأتي تاريخ علم اليونان.
تاريخ علم اليونان، وسبب اختيار هذا الشكل له
في النِّقاش عن أصل العلم اليوناني وفيما لو كان له روابط تاريخيَّة بألوانه وتصميمه، وقد قيل إنَّ لهذا العلم أصولًا قديمة قد ترجع لعائلة كريتان كالرجيس آنذاك، وهناك من قال إنَّ هذا التَّصميم قد يعود للإمبراطور البيزنطيِّ نيسيفوروس الثاني، ولكن لم يستطع المؤرخون إثبات صحة هذا الادِّعاء، ومن أجل ذلك كان لزامًا عَرض المراحل التَّاريخيَّة التي مرَّ بها علم اليونان، ومن تلك المراحل التَّاريخيَّة ما يأتي.
علم اليونان في المراحل المبكرة
لم يستطع المؤرّخون الوقوف على أعلام رسميَّة لليونان في العصور القديمة، على الرُّغم من أنَّ هناك من قال إنَّ أول راية تعود إلى تاريخ 963-969م للإمبراطور نيسيفوروس الثاني، إلَّا أنَّ هذا لم يُثبت تاريخيًا، ومن الممكن حَصر تلك المرحلة القديمة بثلاث فترات هي كالآتي:
- الرَّايات القديمة: لقد كانت الأعلام في ذلك الوقت مقتصرة على الرَّايات الشَّخصيَّة للأسر الحاكمة، وكانت غالبيَّة تلك الرَّايات والأعلام عبارة عن قماش أحمر داكن اللون، تثبَّت على رأس الرُّمح أو الصَّاري وفي مقدمة الجيوش، بالإضافة لبعض الرُّموز المرسومة على الدَّروع.
- أعلام الدَّولة البيزنطيَّة: لقد استخدمت الدَّولة البيزنطيَّة العلم كشارةٍ لها في الحروب، وطغت الألوان الحمراء والزَّرقاء والبيضاء على تلك الأعلام والرَّايات، بالإضافة للصَّليب الذي ظهرَ بشكل واضح في راياتهم، بالإضافة لتواجد بعض الرُّموز والتَّصاوير للسِّيدة مريم العذراء والسَّيد المسيح -عليه السَّلام- كحدِّ زعمهم وتخيُّلاتهم.
- علم منتصف القرن الرَّابع عشر: لم تقف كتب التَّاريخ في ذلك الوقت على تواجد علم موحد ما قبل منتصف القرن الرَّابع عشر، ولكن عندما آل الحكم لعائلة Palaiologoi، ظهر العلم الذي يضمُّ الصَّليب الأحمر والأبيض بالإضافة لتكرار رمز بيت على الرَّاية.
علم اليونان خلال فترة الحكم العثماني
لقد استطاعت القوَّات العثمانيَّة السيطرة على أراضي اليونان وتحويلها لمملكةٍ من الممالك التَّابعة لها، إلَّا أنَّ الدَّولة العثمانيَّة قد سمحت لهم برفع علمهم الخاص بهم، والذي كان عبارة عن رايةٍ بيضاء اللون عليها صليبٌ أزرق وقد صوَّروا بداخل الصَّليب صورةً لقديسٍ يذبح التِّنين، ومن ثمَّ سُمح للسُّفن التِّجاريَّة رفع علم يمثِّل السُّلطة العثمانيَّة والسُّلطة الدِّينيَّة الأرثوذكسية، وهو عبارة عن رايةٍ مقسومة بخطين أفقيين الأحمر للعثمانيين والأزرق للأرثوذكس، وبعد توقيع معاهدة Kyuchuk-Kaynardzhiysky سُمحللسُّفن رفع الرَّاية الرُّوسيَّة على الصَّواري.
علم اليونان خلال فترة الثَّورات
بدأت الثَّورات والانتفاضات تنادي باستقلال اليونان وحريتها، ورُفعت في تلك الأثناء العديد من الرَّايات والأعلام التي تحمل شعارات النَّبالة أو الرُّموز الثَّورية بالإضافة لصورٍ لبعض الطِّيور الأسطوريَّة، ومن أعلام تلك الثَّورات ما يأتي:
- علم الثورة عام 1769م: لقد كانت أولى الثَّورات التي تنادي باستقلاليَّة اليونان هي ثورة عام 1769م، حيثُ رُفعت الرَّاية التَّقليديَّة وهي الصَّليب الأزرق على خلفيَّة بيضاء.
- علم الثورة عام 1821م: لقد استمرَّ العلم التَّقليدي بتمثيل الثَّورات حتَّى عام 1821م، حين تمَّ عكس العلم ليصبح بصليب أبيض على خلفيَّةٍ زرقاء اللون، وقيل أنَّ لهذا العلم أصول منذ تاريخ 1800 والعائد لأحد القادة العسكريين.
- علم الثورات ما بين 1821م و 1829م: بدأت الانتفاضة في اليونان تتوسع من أجل نيل حريتها، وفي ذلك الوقت ظهر المثَّقفون والأدباء المحليِّون الذين بأوا باتِّخاذ الشِّعارات الخاصَّة بهم، واتَّسع الأمر حتَّى بدأ زعماء القبائل والقادة العسكريين باتِّخاذ الشِّعارات والرَّايات الخاصة بهم، مثل شعار الموت أو الحياة وشعار طائر الفينيق وغيره من الشِّعارات.
تحية علم اليونان واستخدامه
إنَّ العلم اليوناني من الأعلام التي نصَّت الدَّولة على طرق استخدامه، فيرفع العلم على القنصليات اليونانيَّة والموانئ والسُّفن بالإضافة للمباني الحكوميَّة وساحات المدارس من السَّاعة الثَّامنة صباحًا وحتَّى غروب الشَّمس، ويمكن استخدامه كعلامةٍ تجاريَّةٍ، بالإضافة لاستخدامه كغطاءٍ للتَّابوت بشرط أن تكون الزَّاوية التي يتواجد فيها الصَّليب إلى الجانب الأيمن من الرأس، ومن طرق تحيَّتهم واحترامهم للعلم أنَّهم يقومون بحرق العلم التَّالف بجوٍّ مهيبٍ ومحترم، ويجب عدم الإساءة للعلم أو تشويهه برمزٍ أو شعار آخر، وإلَّا فإنَّ هذا الأمر سيعرّض فاعله للمساءلة القانونيَّة.
العلم الحالي لليونان
بعد أن نالت اليونان استقلالها كان العمل الأوَّل الذي قام به دستور الدَّولة هو إلغاء المجالس المحليَّة التَّابعة لمركزيَّة المدن وذلك من أجل فرض الإدارة المركزيَّة للبلاد كافَّةً، وعملت على إلغاء الأعلام المتعددة للثَّورات وذلك باتِّخاذ تصميمٍ موحَدٍ للعلم اليوناني، والذي كان عبارة عن ثلاث رايات وهي كالأتي:
- علم الأرض: وهو عبارة عن راية زرقاء اللون وعليها صليب أبيض، وهو إلى الآن ما زال يرفرف على مبنى البرلمان القديم.
- العلم الوطني: لقد تمَّ اتِّخاذ العلم الوطني في عام 1822م، وهو عبارة عن راية عليها تسعُ خطوط زرقاء ويحتل زاوية العلم شارة علم الأرض.
- اللافتة البحرية: وهذا العلم كان عبارة عن رايةٍ زرقاء اللون، وفي زاويتها شارة لرايةٍ بأرضيَّة بيضاء اللون وصليبٍ أزرق، ومن ثمَّ تم أخذ قرار بإلغاء هذه اللافتة.
وصف علم اليونان، ألوانه ومعانيها
ما زالت الأسباب التي دعت الدَّولة اليونانيَّة لاختيار ألوان الصَّليب الأبيض على خلفيَّةٍ زرقاء، والمخالفة للصَّليب الأزرق التَّقليديِّ المرسوم على خلفيَّةٍ بيضاء مجهولة إلى حدٍّ ما، وقد اشتُرط في الخطوط الأفقيَّة للعلم أن تبدأ باللون الأزرق وتنتهي باللون الأزرق أيضًا، وهناك بعض التَّفاسير لرمزيَّة ومعاني ألوان علم اليونان، سيتمُّ ذكرها فيما يأتي:
ألوان العلم اليوناني وتصميمه الهندسي
إنَّ ألوان علم اليونان المعتمدة فيه هي الأبيض والأزرق، ولكنَّ يجب أن يُستخدم اللون الأزرق بتدرُّجه الدَّاكن، وقيل أنَّه للألوان الزَّرقاء والبيضاء علاقةٌ بتاريخ اليونان القديم، فمنهم من قال أنَّها بألوان راية الإسكندر الأكبر، ومنهم من قال بأنَّها على صلة بأسطورتهم الألهة أثينا، وقد ارتبط اللون الأزرق عندهم بلباس الأباطرة والزِّي الرَّسمي الملكي وغيره.[١]
رموز العلم اليوناني
منذ القدم لم تتواجد الرُّموز بشكلٍ واضحٍ على أعلام اليونان، وإنَّما اقتصرت الرموز في علم اليونان على الصَّليب واعتماد اللون الأبيض والأزرق، وقد قيل أنَّ تلك الألوان والخطوط التي تشكِّل العلم اليوناني بتناوبها وأعدادها تدلُّ على عددٍ من التَّفاسير هي كالآتي:[١]
- التَّفسير الأول: هناك من قال إنَّ هذه الخطوط تمثِّل مقاطعًا للحروف، فالخطوط الزرقاء تمثِّل كلمة أو الموت والخطوط البيضاء تمثل كلمة الحريَّة، لتشكل تلك الخطوط جملة الحريَّة أو الموت.
- التَّفسير الثَّاني: هناك من قال إنَّ هذه الألوان تمثِّل حسب الأساطير اليونانيَّة آلهة الفن عندهم.
- التَّفسير الثَّالث: وقيل إنَّ اللون الأزرق يمثِّل السَّماء، واللون الأبيض يمثِّل البحر.
الشكل الهندسي للعلم اليوناني
إنَّ التَّصميم الهندسي الذي اعتمده دستور البلاد آنذاك للعلم، يقوم على أن تكون الرَّاية مستطيلة الشَّكل، ويمثِّل الطُّول فيها ثلثي العرض، بخطوطٍ أفقيَّةٍ تتناوب بين اللونين الأزرق والأبيض، وعلى الخطوط الزَّرقاء أن تكون خمسة والبيضاء أربعة، ولم يغفل دستور البلاد عن أبعاد الصَّليب المتواجد في كانتون العلم، فيجب أن يكون عرض العلم خمسة أضعاف ذراعي الصَّليب.[١]
المراجع
- ^ أ ب ت "Flag of Greece", en.wikipedia.org, Retrieved 2020-06-30. Edited.