علم معاني القرآن الكريم

كتابة:
علم معاني القرآن الكريم

علوم القرآن الكريم

إنّ مصطلح علوم القرآن يدلّ على العلوم التي تبحث في جميع ما يتعلّق بالقرآن الكريم، فهذا المصطلح جامع لعلوم التجويد والقراءات والرسم والإعجاز بالإضافة إلى علم مشكل القرآن وغريبه، وعلم الناسخ والمنسوخ وأصول التفسير إلى غير ذلك من العلوم التي يكون فيها القرآن الكريم هو موضع البحث والشرح، وقد اهتم العلماء قديمًا وحديثًا بالعلوم والمباحث المتعلقة بعلوم القرآن وألّفوا في جمعها وإحصاء عددها المصنفات ومنها كتاب "البرهان في علوم القرآن" للإمام الزركشي وهو معدود من أوائل الكتب المصنفّة في هذا الفن والجامعة لعلوم القرآن بشتّى أنواعها، وقد أوصل الزركشي عدد هذه العلوم في البرهان إلى سبعةٍ وأربعين علمًا، ثمّ قال: "واعلم أنّه ما من نوع من هذه الأنواع إلّا ولو أراد الإنسان استقصاءه لاستفرغ عمره ثمّ لم يحكم أمره"، أمّا الإمام السيوطي فقد أوصلها إلى ثمانين نوعًا، وقد نشأت علوم القرآن منذ زمن النبوة إلّا أنّها لم تدوّن آنذاك، وسيّتحدّث هذا المقال عن علم معاني القرآن الكريم.[١]

علم معاني القرآن الكريم

إنّ علم المعاني هو أحد العلوم المختصّة باللغة العربية، أمّا علم معاني القرآن فهو أحد العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم وإن كانت ذات ارتباط وثيق بالقرآن الكريم إلا أنّ موضوعها الرئيس هو القرآن ومفرداته وأساليبه، وقد عرّف الدكتور مساعد الطيّار علم معاني القرآن في كتابه المسمّى "أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم"، بأنّه: البيان اللغوي لألفاظ وأساليب العربية الواردة في القرآن الكريم، وقد كان علم التفسير قائمًا وله روّاده قبل ظهور علم معاني القرآن فعندما شارك علماء العربية بتفسير القرآن الكريم ظهر علم معاني القرآن،[٢] وهذا ما يُفسّر كون معظم الكتب المختصّة بعلم معاني القرآن هي من وضع اللغويين كما أنّ المباحث التي نوقشت في هذا المجال لغوية في غالبيتها، أمّا عن علم غريب القرآن فهو جزءٌ من علم معاني القرآن الكريم حيث إنّ علم المعاني يعمل على توضيح المفردات ثمّ بيان المعنى المقصود من الآيات، مع مراعاة أسلوب العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، إلّا أنّ المفسّرين قد سبقوا أهل اللغة إلى علم الغريب وأصبحوا هم العمدة في هذا المجال.[٣]

تاريخ علم معاني القرآن الكريم

لقد كان علم التفسير قائمًا بذاته وله شيوخه وحلقاته وتلاميذه، فلمّا عمد أهل اللغة إلى الاشتغال بعلوم القرآن والدمج ما بين علوم العربية وتوضيح مقصود الآيات في شرح القرآن الكريم ظهر علم معاني القرآن، وقد نشأ هذا العلم وظهر في البداية على يد علماء اللغة والنحو الذين كانوا مختلفي المذاهب اللغوية فبعضهم كوفي المذهب والآخر بصري المذهب، وربما يعود هذا إلى التنافس الحاصل بين مذهبي الكوفة والبصرة في ذلك العصر، وقد ألّف في هذا النوع من العلوم جماعة من لغويي القرن الثاني الهجري، كما نُسب لبعضهم مؤلفات وتصانيف في معاني القرآن، ومنهم: محمد بن الحسن الرؤاسي المتوفي سنة 170 للهجرة، ويونس بن حبيب الضبي المتوفى سنة 182 للهجرة، وعلي بن حمزة الكسائي المتوفى سنة 189 للهجرة، ولكنّ الذين ألفوا في هذا المجال لم يُطلق على كتبهم اسم تفسير القرآن ولم يعدّوا من ضمن المفسرين حيث بقي التفسير علم له أصول وروايات مشهورة وصحف مكتوبة ولم تختلط بمؤلفات معاني القرآن، وفيما يأتي بعضٌ من الكتب المطبوعة في علم معاني القرآن الكريم:[٤]

  • معاني القرآن للفرّاء الكوفي المتوفى سنة 207 للهجرة.
  • معاني القرآن لأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش البصري النحوي المتوفى سنة 215 للهجرة.
  • معاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج البصري المتوفي سنة 311 للهجرة.
  • معاني القرآن لأبي جعفر النحاس المتوفي سنة 338 للهجرة.
  • إيجاز البيان عن معاني القرآن لمحمود بن أبي الحسن النيسابوري المتوفى سنة 553 للهجرة.

مبادئ علم معاني القرآن الكريم

عند الحديث عن مبادئ علم معاني القرآن لا بدّ من إظهار جوانب الفرق بين علم المعاني وعلم التفسير، حيث إنّ كتب المعاني قد غلب عليها الصنعة اللغوية والنحوية وإن كانت تتحدّث عن القرآن الكريم وشرح مفرداتها، ويُرجع الباحثون هذا الأمر إلى أنّ من كتب في علم المعاني هم جهابذة اللغة وأعلامها، كما أنّ علم معاني القرآن منصب بشكل كامل على لغة القرآن وأساليبها ومضامين المفردات دون التفات إلى أسباب النزول والناسخ والمنسوخ في أغلب الأحيان، وهذه نقطة خلاف جوهرية بين علم التفسير وعلم معاني القرآن فالتفسير يتعرّض لجميع ما يخصّ الآية وجميع ما يتعلق بها من أسباب نزول وناسخ ومنسوخ وقراءات وجوانب لغوية وإعرابية، أمّا علم المعاني فهو يتعرّض للتفسير اللغوي بشكل خاص، كما أنّهم قلّما ينقلون عن كتب التفسير فإذا فعلوا ذلك فإنّهم يبدأون كلامهم بجملة قال "المفسرون" أو قال "أهل التفسير" وفي هذا تمييز لهم عن المفسرين وإقرار منهم بذلك، ومن نقاط الفروق الجوهرية أيضًا بين التفسير وعلم معاني القرآن الكريم أنّ الأخير كثيرًا ما يكون نتيجةً للإجابة عن سؤال أو بحثًا عن لفظٍ مشكل، حيث لم تتعرّض كتب المعاني لجميع آيات القرآن الكريم بخلاف كتب التفسير الجامعة ذات المناهج والأساليب المغايرة لما هي عليه كتب المعاني، وفيما يأتي بعضٌ من مبادئ وملامح علم معاني القرآن الكريم:[٥]

  • التزام المنهجية والأسلوب اللغوي في الطرح والبيان.
  • عدم التعرض لبيان وشرح جميع الآيات القرآنية.
  • طغيان التفسير اللغوي على كتب المعاني بشكل يجعل وجود مواضيع أخرى نادر الوجود في تلك الكتب.

فوائد علم معاني القرآن الكريم

إنّ فوائد علم معاني القرآن الكريم تتمحور في معظمها حول الفوائد اللغوية والنحوية ولكن قد يوجد من بين مؤلفي كتب علوم القرآن من قام بإيراد بعض الروايات التفسيرية عن السلف، وقد ضمّت بعض هذه الكتب إلى جانب معاني القرآن إعرابه أيضًا حتّى طغى الإعراب على علم المعاني وأصبحت هذه الكتب مراجعًا في إعراب القرآن الكريم، كما ظهرت التطبيقات النحوية في كتب المعاني بشكل واضح حتى طغت هذه القواعد على المعاني، ويظهر هذا جليّا في كتاب معاني القرآن للأخفش حيث كان يُكثر من الشواهد النحوية مقارنةً بالشواهد اللغوية وحديثه في المعاني، كما أنّ النحاس قد أكثر من إيراد روايات السلف في التفسير وقد اعتمد هذا الأسلوب حيث قال: "فقصدت في هذا الكتاب تفسير المعاني والغريب وأحكام القرآن والناسخ والمنسوخ عن المتقدمين من الأئمة وأذكر من قول الجلة من العلماء باللغة وأهل النظر ما حضرني"، أمّا الزجّاج فقد اعتمد في الروايات التفسيرية التي أوردها في كتابه على تفسير الإمام أحمد بن حنبل؛ حيث قال: "وجميع ما ذكرناه في هذه القصة مما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه، وكذلك أكثر ما رويت في هذا الكتاب من التفسير، فهو من كتاب التفسير عن أحمد بن حنبل".[٤]

المراجع

  1. "علوم القرآن...تعريفها، نشأتها، تدوينها"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  2. "كتاب أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  3. "كتاب أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "كتاب أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  5. "ما هي كتب ( معاني القرآن ) ؟"، vb.tafsir.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
4581 مشاهدة
للأعلى للسفل
×