فضل سورة البقرة

كتابة:
فضل سورة البقرة

فضل سورة البقرة

  • اشتملت سورة البقرة على أمهاتِ الأحكام الشرعية: ومعظم أصول الدين وفروعه، كما بيَّنت نظام الحياة للمسلمين، وقامت بإرشادهم إلى ما يَصلُحُ لهم فيها، كما بيَّنت لهم سُبل النجاة يوم القيامة، لذلك سمِّيَت بفسطاطِ القرآن.[١]
  • ميَّزت سورة البقرة من يحفظها عن غيره من الناس: ودليل ذلك أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بعث جماعةً من المسلمين فسأل كلّ واحدٍ منهم ما معه من القرآن؛ أي ما يحفظ من القرآن حتى وصل إلى رجل كان من أصغرهم سنًا فسأله ما معك فأجاب كذا وكذا وسورة البقرة، فقال رسول الله: "أمعك سورةَ البقرةِ؟!، فقال: نعم، قال: فاذهبْ، فأنت أميرُهم"،[٢] فكان لحفظ الصحابي سورة البقرة موضع تقديم له على غيره.[٣]
  • احتوَت سورة البقرة على أعظم آية في القرآن الكريم: وهي آية الكرسي، ودلَّ على ذلك ما رواه أبو المنذر أنّ النبي-صلّى الله عليه وسلّم- سأله عن أعظم آيات القرآن الكريم فأجابه أبا المنذر بقوله أنّ الله ورسوله أعلم، فكرَّر النبي سؤاله ثانية فأجابه أبو المنذر بأنّها آية: "{اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هو الحَيُّ القَيُّومُ}، قالَ: فَضَرَبَ في صَدْرِي، وقالَ: واللَّهِ لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنْذِرِ"،[٤] وسبب عظمتها أنّها اشمتلت على مجموعة من صفات الله -عزّ وجلّ- لم تجتمع في غيرها من آيات القرآن الكريم.[٥]


فضل خواتيم سورة البقرة

  • عن ابن عبَّاس -رضي الله عنهما- أنّ جبريل -عليه السلام- كان عند النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فسمع النبي صوتًا، فأخبره جبريل أنّ بابًا من السماء فُتِح لأوّل مرةٍ وأنّه نزل منه ملَك لم ينزل من قبل، وقال: "أَبْشِرْ بنُورَيْنِ أُوتِيتَهُما لَمْ يُؤْتَهُما نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بحَرْفٍ منهما إلَّا أُعْطِيتَهُ"،[٦] ويظهر من هذا الحديث الفضل العظيم لخواتيم سورة البقرة فقد نزلت من باب في السماء لم ينزل منه آيات قبلها، وجاء بها مَلك لم يسبق له أن نزل بغيرها من الآيات.[٧]
  • عن أبي مسعود أنَّ النبي- صلَى الله عليه وسلّم- قال: "مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ [يعني: مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ]"،[٨] فإنّ من قرأهما في ليلته سواءً في صلاته أو على فراشه كَفتاهُ شرور تلك الليلة وقيامها، وقد أوصى أهل العلم عُموم المسلمين بقراءة هاتين الآيتين، لما فيهما من أصول الاعتقاد والإيمان، وما جُمع فيهما من خير الدعاء في الدنيا والآخرة.[٩]


فضل قراءة سورة البقرة

جاءت الأحاديث النبوية الشريفة تحثُّ على قراءة سورة البقرة، وما يحوز عليه قارؤها من خير وفضل، ومن ذلك ما رواه عبدالله بن بُريدة عن أبيه -رضي الله عنهما- أنّه كان جالسًا في مجلس رسول الله فسمعه يقول: "تَعلَّموا سورةَ البَقَرةِ؛ فإنَّ أخْذَها بَرَكةٌ، وتَرْكَها حَسْرةٌ، ولا يَستَطيعُها البَطَلةُ[١٠] وفي هذا الحديث يتبيّن أنّ تعلّم سورة البقرة هو سنّة مؤكدة لما فيها من فضل كبير، وفي تركها حسرة لما في ذلك من فوات مغانم كثيرة.[١١]


كما أنّ قوله صلّى الله عليه وسلّم: "أخذها بركة"، أي أنّ المحافظة على تلاوتها بشكل مستمر، والعمل بما جاء فيها من أوامر وأحكام، فيه زيادة ونماء،[١٢] وقوله: "ولا تستطيعها البطلة", فإنّ البطلة هم السحرة، أي لا يستطيع السحرة تعلمها ولا إتقانها، كما لا يمكنهم العمل بها أو التأمل في معانيها وآياتها، وقالوا إنّ سورة البقرة من المعجزات التي لا يستطيع السحرة مُواجهتها مباشرة بسحرهم.[١١]


فضل سورة البقرة في حفظ البيت

إنّ لسورة البقرة فضلٌ في حفظ البيت من الشياطين ومن شرورهم وممّا جاء في ذلك، ما رواه سهيل بن سعد -رضي الله عنه- أنّ رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إنَّ لكلِّ شيءٍ سَنامًا وإنَّ سَنامَ القُرآنِ سورةُ البقرةِ مَن قرَأها في بيتِه ليلًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثَ ليالٍ ومَن قرَأها نهارًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثةَ أيَّامٍ"،[١٣] والمقصود من هذا الحديث أنّ المسلم إذا قرأ سورة البقرة في مكان سكنه، أكان بيتًا أو غيره فإنَّ الشيطان لا يدخل هذا المكان لمدَّة ثلاث ليال بسب الإحاطة والحفاظ الحاصلين من قراءة سورة البقرة.[١٤]


فضل سورة البقرة في حفظ النفس

خصّ الله عزّ وجلّ آية الكرسي من سورة البقرة بحفظ النفس من الشيطان، ومما دلَّ على ذلك قصَّة والد الصحابي أبيُّ بن كعب إذ قال: إنّه كان لهم مكان يحفظون فيه التمر وعند مراقبة والده للتمر وجد أنّه ينقص، فقرر حراسة التمر وبينما هو كذلك إذ رأى دابة على شكل غلام، فنظر إلى يديه وإذ بها كَيَّدِ الكلب، فعلم الرجل من ذلك بأنّه من الجن، فقال: ما حملك على سرقة التمر، فأجابه لقد علمت أنّك تحب الصدقة فأحببت أن آكل من طعامك، فسأله والد الصحابي وما يحفظنا منكم فقال: "هذه الآيةُ آيةُ الكرسيِّ قال فتركتُه وغدا أبي إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فأخبره فقال صدق الخبيثُ".[١٥][١٦]


فضل سورة البقرة يوم القيامة

عن أبي أمامة الباهلي أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما",[١٧] ومعنى الزهراوين، أي النوران.[١٨]


فإنَّ لقارئهما مغانم كثيرة منها، أنّهما يأتيان يوم القيامة على صورة سحابتين، أو ظِلُ سحابتين، أو يأتيان على شكل جماعة من الطير متصافة مع بعضها البعض بصفٍ واحد، فتقفان فوق رأس قارئهما فتظلّانه من حرِّ الشمس في الموقف العظيم، كما أنّ بقراءتهما دفع للعذاب وللزبانية في الآخرة، ونيل الشفاعة عند الله، ومن فضلهما في الدنيا خوف أعداء قارئهما منه وابتعادهم عنه.[١٨]


ويمكنك قراءة المزيد حول سورة البقرة وما تحويه من مقاصد بالاطلاع على هذا المقال: مقاصد سورة البقرة


وللاستزادة حول سورة البقرة وأبرز محاورها يمكنك الاطلاع على هذا المقال: تأملات في سورة البقرة

المراجع

  1. المناوي، كتاب فيض القدير، صفحة 149. بتصرّف.
  2. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2876، حديث حسن.
  3. محمد آدم الإثيوبي، كتاب مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه، صفحة 294. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:810، حديث صحيح.
  5. ابن الملك، شرح المصابيح لابن مالك، صفحة 19. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:806، حديث صحيح.
  7. ابن هبيرة، كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح، صفحة 239. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي مسعود، الصفحة أو الرقم:5008، حديث صحيح.
  9. أحمد حطيبة، كتاب شرح رياض الصالحين حطيبة، صفحة 17. بتصرّف.
  10. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:22950، حديث إسناده حسن في المتابعات والشواهد.
  11. ^ أ ب المناوي، كتاب فيض القدير، صفحة 149. بتصرّف.
  12. العزيزي، كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير، صفحة 271. بتصرّف.
  13. رواه ابن حبان، في صحيح لبن حبان، عن سهيل بن سعد، الصفحة أو الرقم:780، حديث أخرجه في صحيحه.
  14. المناوي، كتاب التيسير بشرح الجامع الصغير، صفحة 341. بتصرّف.
  15. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:317، حديث إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  16. السبكي ، محمود خطاب، كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود، صفحة 111. بتصرّف.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:804، حديث صحيح.
  18. ^ أ ب مظهر الدين الزيداني، كتاب المفاتيح في شرح المصابيح، صفحة 72-71. بتصرّف.
4713 مشاهدة
للأعلى للسفل
×