فضل سورة المؤمنين

كتابة:
فضل سورة المؤمنين

سورة المؤمنين

تعدُّ سورة المؤمنين من السور المكية، حيث نزلتْ على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة بعد سورةِ الأنبياء، وهي في الجزءِ الثامنِ عَشر وفي الحزبِ الخامِس والثَّلاثين، رقمها من حيثُ الترتيبِ في المصحفِ الشريفِ 23، عددُ آياتِها 118 آيةً، سمِّيت بسورة المؤمنين لأنها بدأت بالحديثِ عن المؤمنين وصفاتهم، قال تعالى: "قد أفلحَ المؤمنون" [١]، وسنبيِّنُ في هذا المقال فضل سورة المؤمنين وبعضَ ما تضمَّنته من عِبر وأحكَام.

مضامين سورة المؤمنين

بدأت السورة بالحديثِ عن المؤمنين وصفاتهم وأكَّدت على فلاحهم بهذه الصفات التي سيدخلون بها الجنَّة بإذنه تعالى، قال تعالى: "قدْ أفلَحَ المُؤمنُونَ * الَّذينَ هُم في صلاتِهِمْ خاشعُونَ * والَّذينَ هُم عنِ اللَّغوِ معرِضُونَ * والَّذينَ همْ للزَّكاةِ فاعلُونَ * والَّذينَ هم لفرُوجهِم حافظُونَ * إلَّا علَى أزوَاجِهِمْ أوْ ما ملكَت أيمَانهُمْ فإِنَّهمْ غيرُ ملُومينَ * فمنِ ابتغَى وراءَ ذلِكَ فأولئِكَ همُ العادُونَ * والَّذينَ هم لأماناتهِم وعَهدهِمْ راعونَ * والَّذينَ همْ علَى صلوَاتهِمْ يحَافظُونَ" [٢].

الأدلة على قدرة الله تعالى

تحدَّثت السورة عن بعض البراهينِ والأدلَّة على قدرة الله -سبحانه وتعالى- وعلى وحدانيته، كاستعراض أطوار خلق الإنسان وهو في رحمِ أمِّه، ثم نهاية حياته بالموتِ المحتومِ والذي يكونُ بعده النشورُ، حيثُ يخرجُ الناس للحساب يوم القيامة، قال تعالى: "ولَقَدْ خلَقْنَا الإِنسَانَ منْ سلالَةٍ منْ طينٍ * ثمَّ جعَلنَاهُ نطفَةً في قرَارٍ مكِينٍ * ثمَّ خلَقنَا النُّطفةَ علَقةً فخَلقنَا العلَقةَ مضغَةً فخَلقنَا المُضغَةَ عظامًا فكَسونَا العظَامَ لحمًا ثمَّ أنشَأْنَاهُ خَلقًا آخرَ فَتبارَكَ اللَّه أحسَنُ الخالقِينَ * ثمَّ إنَّكُم بعدَ ذلِكَ لميِّتونَ" [٣]، ثمَّ تشير إلى قدرة الله تعالى في خلقِ السموات السبع، وأنَّه تعالى لم يُهملُ شؤونَ خلقِه.

تناول قصص الأنبياء

تتناولُ الآياتُ قصَّة سيدنا نوح -عليهالسلام- وقصة الطوفان، وقصّة سيدنا هود -عليه السلام-، وبعد ذلك تستعرضُ الآياتُ قصصًا عن أخبار الأمم السابقة تبيانًا لسنَّةِ الله تعالى في خلقه وصولًا إلى موسى وعيسى -عليهما السلام-، وأنَّ كلَّ أمَّة سينتهي أجلها وتكذِّبُ الرسلَ فيقعُ عليها العقاب والعذاب، قال تعالى: "ثمَّ أرسَلْنَا رسُلَنَا تترَى كلَّ ما جاءَ أُمةً رسولُهَا كذَّبُوهُ فأَتبَعنَا بعضَهُمْ بعضًا وجَعَلناهُمْ أحادِيثَ فبُعدًا لقَومٍ لا يؤمِنُونَ" [٤]، وفرَّقت الآيات بين حال الناس الذين غفلوا عن رسالة محمد -صلَّى الله عليه وسلم- فغدوا متفرقين متنازعين بينما المؤمنون يعبدون الله تعالى كما أراد ويعملون الصالحات، ثمَّ تظهرُ الآيات التعجُّب من الكفار في كفرهم وفي الأسباب التي تقف وراء كفرهم!.

قال تعالى: "أفَلَمْ يدَّبَّروا القَولَ أَم جاءهُمْ ما لَم يَأتِ آباءهُمُ الأَوَّلينَ * أَم لَم يعرِفُوا رسولَهُمْ فهمْ لهُ منكِرُونَ * أمْ يقولُونَ بهِ جنَّةٌ بل جاءهُمْ بالحَقِّ وأكثَرُهُمْ للحَقِّ كارِهُونَ" [٥]، وتنفي الآياتُ الولدَ والشريكَ عن الله -جلَّ وعلا-، وتتحدثُ عن العذاب والمصاعب التي يتعرضُ لها الكافرون عند الموت لدرجة أنَّهم يَتمنَّون العودة إلى الحياة الدنيا ليعملوا صالحًا بعدَ فوات الأوان، قال تعالى: "حتَّى إذَا جاءَ أحدَهُمُ المَوتُ قالَ ربِّ ارجِعُونِ" [٦].

تصوير مشاهد يوم القيامة

تصوِّر الآياتُ مشاهد يوم القيامة وتوبِّخُ الكفار لسوء أعمالهم في الفترة التي عاشوها في الدنيا ولم يغتَنموها، وفي الختام تنتهي الآياتُ بتقديسِ الله تعالى وتسبيحه وتنزيهه عن كلِّ العيوبِ والنقائص، قال تعالى: "فتَعالَى اللَّه الملِكُ الحقُّ لا إلهَ إلَّا هوَ ربُّ العَرشِ الكرِيمِ * ومَنْ يدعُ معَ اللَّهِ إلهًا آخرَ لا برهَانَ لهُ بهِ فإِنَّمَا حسَابُهُ عنْدَ ربِّهِ إنَّهُ لا يفلِحُ الكافرُونَ" [٧][٨].

فضل سورة المؤمنين

سورة المؤمنين كالكثير من السور في القرآن الكريم لم ترِدْ في فضل سورة المؤمنين أحاديثُ خاصَّة بالسورةِ لوحدِها بل إنَّ كلَّ ما رودَ عبارة عن أحاديث ضعيفة أو موضوعةٍ لا أصلَ لها، كالحديث الذي رواه أبي بن كعب في فضل سورة المؤمنين أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "منْ قَرأَ سُورة المُؤمنون بشَّرتهُ المَلائكة بالرَّوح والرَّيْحَان، ومَا تَقرُّ بهِ عيْنُه عندَ نزُول ملَك المَوت" [٩]، ولكنَّ فضل سورة المؤمنين كفضلِ بقيَّة سورِ القرآن الكريم، ففي قراءتِها كما في قراءةِ القرآن الكريم كلِّه للمسلمِ في قراءتِه أجرٌ كبير وفضل عظيم لا يعلمه إلا الله.

كما ورد في الحديث الشريفِ الذي رواهُ عبد الله بن مسعود أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالَ: "من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ" [١٠]، وفضل سورة المؤمنين أيضًا في العملِ بما جاءت به من أحكام وأوامر كتبها الله تعالى على عباده المسلمين في كتابِه الكريم، وأخذ العبرةِ والعظةِ من آياتها الكريمة [١١].

تفسير آية أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا

يقولُ تعالى في سورة المؤمنين: "أفَحسِبتُمْ أنَّما خلَقناكُمْ عبَثًا وأنَّكُمْ إلَينَا لا ترجَعونَ" [١٢]، أي هل يظنُّ الإنسان أنَّه خلق كما تخلق البهائم مهمَلةً بلا ثوابٍ ولا عقاب ودون حكمة يعلمها الله تعالى، كما قال تعالى: "أيحسبُ الإنسانُ أنْ يُترك سدى" [١٣]، بل إن عكسَ ذلك هو الصحيح لأنَّ الله تعالى خلق عباده ليعبدوه، فيثيبهم على أداء ما أمرَهم به أو يعاقبُهم على تركِ ما فرضَه عليهم -سبحانه وتعالى-، ثمَّ يوم القيامة يرجعُ الجميع إلى الله فإمَّا إلى جنَّةٍ وإمَّا إلى نار، والله تعالى أعلم [١٤].

المراجع

  1. {المؤمنون: الآية 1}
  2. {المؤمنون: الآيات 1-9}
  3. {المؤمنون: الآيات من 12-15}
  4. {المؤمنون: الآية 44}
  5. {المؤمنون: الآيات 68 - 70}
  6. {المؤمنون: الآية 99}
  7. المؤمنون: الآيات 116، 117}
  8. تفسير سورة المؤمنون, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 2-11-2018، بتصرف
  9. الراوي: أبي بن كعب، المحدث: ابن حجر العسقلاني، المصدر: الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 196، خلاصة حكم المحدث: موضوع
  10. الراوي: عبدالله بن مسعود، المحدث: المنذري، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما
  11. سورة المؤمنون, ، "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 2-11-2018، بتصرف
  12. {المؤمنون: الآية 115}
  13. {القيامة: الآية 36}
  14. قوله: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 2-11-2018، بتصرف
4715 مشاهدة
للأعلى للسفل
×