فضل سورة طه
لم يرد في فضل سورة طه أدلة شرعية صحيحة، وإنّما الذي ورد فيها هي أحاديث ضعيفة نذكرها فيما يأتي:[١]
- ورد عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (أعطيتُ سورةَ البقرةِ منِ الذِّكرِ الأولِ، وأعطيتُ طهَ والطواسينَ منْ ألواحِ موسى، وأعطيتُ فاتحةَ الكتابِ وخواتيمَ البقرةِ منْ تحتِ العرشِ، وأعطيتُ المفصَّلَ نافلةً)،[٢] ويُعدُّ هذا الحديث من الأحاديث الضَّعيفة الواردة عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
- ورد عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (لا يقرأُ أهلُ الجنةِ منَ القرآنِ إلا طه ويس)،[٣] ويُعدُّ هذا الحديث من الأحاديث المرسلة.
- ورد عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال:(إن اللهَ قرأ طه و يس قبلَ أن يخلقَ آدمَ بألفِ عامٍ، فلما سمعتِ الملائكةُ القرآنَ قالت: طوبَى لأمةٍ ينزلُ هذا عليها وطوبَى لأجوافٍ تحملُ هذا وطوبَى لألسنٍ تتكلمُ بهذا)،[٤] ولم تثبت صحَّة هذا الحديث عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فهو حديثٌ منكر، وفي سنده إبراهيم بن مهاجر وشيخه وقد تكلَّم فيهما علماء الحديث.[٥][٦]
التعريف العام بسورة طه
نزلت سورة طه على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بعد سورة مريم، ويُطلق عليها اسم سورة الكليم، وقد نزلت السورة قبل إسلام الصَّحابيِّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وأشارت السورة إلى مهمَّة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ وهي مهمة إبلاغ رسالة الله -تعالى- للنَّاس جميعاً، فهو رسولٌ وعليه البلاغ وإرشاد النَّاس لدين الإسلام، وتوضيح مكانة القرآن الكريم وعظمته؛ فهو دستور الأمَّة وشريعتها، وأخبر الله -تعالى- نبيَّه محمَّد -صلى الله عليه وسلم- في السورة بأنَّه معه ولن يتركه أبداً؛ فهو مع الأنبياء والمؤمنين الصَّالحين، وتحدثت السورة عن سيدنا موسى -عليه السلام- والذين آمنوا معه من قومه، وعن يوم القيامة، وقصَّة سيدنا آدم -عليه السلام-.[٧][٨]
ذكر العلماء في سرِّ ترتيب سورة طه ونزولها بعد سورة مريم؛ أنَّه ورد ذكر قصص بعض الأنبياء في سورة مريم، مثل قصة سيدنا زكريا ويحيى وعيسى وإبراهيم -عليهم السلام- بشيءٍ من التفصيل، وأشارت السورة إلى قصة سيدنا آدم وموسى-عليهم السلام- باختصار. أمّا في سورة طه فقد تم تفصيل قصة سيدنا موسى وآدم -عليهم السلام-. [٩]
سبب نزول سورة طه
سورة طه من السُّور المكيَّة، حيث نزلت بمكَّة المكرَّمة، ويبلغ عدد آياتها مئةً وثلاثاً وخمسين آيةً، وهي السُّورة رقم عشرين في ترتيب سور القرآن الكريم في المصحف،[١٠][١١] وقد ورد في سبب نزول سورة طه ثلاثة أقوال للعلماء نوردها فيما يأتي:[١٢][١٣]
- القول الأوَّل: حيث قال بعض العلماء إنَّ سورة طه نزلت عندما كان النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقوم طوال اللّيل يتعبَّد لله -تعالى- حين أُنزِلت عليه سورة المزَّمِّل، حتى أنَّ أقدامه الشَّريفة كانت تتورَّم من طول فترة وقوفه عليهما في القيام، وكان يقوم على قدم واحدة، ثمَّ يكمل القيام على قدمه الأخرى، وشقَّ الأمر عليه كثيراً، فأنزل الله -تعالى- على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- سورة طه، قال الله - تعالى-: (طه* مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى).[١٤]
- القول الثاني: قال العلماء إنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عندما نزل عليه القرآن الكريم قام فصلَّى بأصحابه -رضوان الله عليهم- وأطال القيام، فأصبحت قبيلة قريش تتحدَّث عن القرآن الكريم بأنَّه نزل على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليشقى؛ فأنزل الله -تعالى- على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- سورة طه ليُبيِّنَ كذب المشركين، وأنَّ القرآن الكريم نوراً، وهدىً، ورحمةً للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وللأمَّة الإسلاميَّة.
- القول الثَّالث: قال بعض العلماء إنَّ بعض كفار قريش ومنهم أبا جهل، والنضر بن الحارث، والمطعم بن عدي كانوا يستهزئون على الدِّين الإسلامي، ويقولون للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه سيشقى بترك دينهم إلى الدِّين الإسلاميِّ؛ فأنزل الله -تعالى- على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- سورة طه، رداً على أقاويل سادة قريش وكذبهم واستهزاءهم بالدِّين الإسلامي.
موضوعات سورة طه
قد تضمَّنت سورة طه موضوعاتٍ مهمَّةً وكثيرةً؛ نذكرها فيما يأتي:[١٥][١٦]
- أخبرنا الله -تعالى- في مقدِّمة آيات سورة طه عن مهمَّة النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ومكانة معجزة القرآن الكريم الذي أنزله سبحانه دستوراً للأمَّة الإسلاميَّة.
- أخبرنا الله -تعالى- في سورة طه عن قصَّة سيدنا موسى -عليه السلام- ودعوته لفرعون وقومه لتوحيد الله -تعالى- وحده، وتحدثت سورة طه عن الجدال الذي دار بين موسى -عليه السلام- وفرعون، وعن حديث سيدنا موسى -عليه السلام- مع السحرة وإيمانهم بالله -تعالى- وحده.
- أخبرنا الله -تعالى- في سورة طه عن قصة بني إسرائيل عندما تركهم سيدنا موسى -عليه السلام-، فضلُّوا واتَّبعوا قول السَّامريِّ؛ فاتَّخذوا من العجل إلهاً وعبدوه من دون الله -تعالى-، وعند عودة موسى -عليه السلام- غاضباً قام بتحطيم العجل وحرقه ورميه بِاليمِّ.[١٧]
- أخبرنا الله -تعالى- في سورة طه عن الهدف الأساسي من نزول القرآن الكريم، وتحدَّثت آيات السُّورة عن يوم القيامة وجزاء المؤمنين والكافرين يوم القيامة.
- أخبرنا الله -تعالى- في سورة طه عن جزءٍ بسيطٍ من قصَّة سيدنا آدم -عليه السلام-، وسجود الملائكة له، وقصَّة نسيان سيدنا آدم -عليه السلام- أمر الله -تعالى- واتِّباع وساوس الشَّيطان، وقبول الله -تعالى- لتوبته.
- أمر الله -تعالى- النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بالصَّبر والدَّوام على ذكر الله -تعالى-، وتذكير أهله وأمَّته بالصَّلاة والمحافظة عليها، وتذكير الكافرين بسوء العاقبة يوم القيامة إذا استمرُّوا على ضلالهم وطغيانهم.
المراجع
- ↑ السيوطي، كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور، صفحة 548. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الضعيفة، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم:2826، ضعيف.
- ↑ رواه ابن عمر العسقلاني، في الكافي الشاف، عن الحسن البصري، الصفحة أو الرقم:185، مرسل.
- ↑ رواه ابن عدي، في الكامل في الضعفاء، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:352، منكر.
- ↑ عبد العزيز الراجحي، شرح تفسير ابن كثير، صفحة 2. بتصرّف.
- ↑ عبد القاهر الجرجاني، كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور، صفحة 57. بتصرّف.
- ↑ محمد حجازي، كتاب التفسير الواضح، صفحة 476. بتصرّف.
- ↑ محمد طنطاوي، كتاب التفسير الوسيط، صفحة 83. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين، كتاب الموسوعة القرآنية خصائص السور، صفحة 237. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوى، كتاب الأساس في التفسير، صفحة 3337. بتصرّف.
- ↑ السيوطي، كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور، صفحة 548. بتصرّف.
- ↑ ابن الجوزي، كتاب زاد المسير في علم التفسير، صفحة 150. بتصرّف.
- ↑ السيوطي، كتاب الدر المنثور بالتفسير بالمأثور، صفحة 549. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية:1-2
- ↑ الطنطاوي، كتاب التفسير الوسيط، صفحة 83-84. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور، كتاب التحرير والتنوير، صفحة 181-182. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين، كتاب الموسوعة القرآنية خصائص السور، صفحة 222. بتصرّف.