فضل قراءة القران في الفجر

كتابة:
فضل قراءة القران في الفجر

فضل قراءة القرآن الكريم وقت الفجر

يُستحسَن قراءة القرآن الكريم في كل وقتٍ وحين، إلّا أنّ وقت الفجر أفضلها، وذلك للفضل العظيم الذي يعود على المسلم بقراءة القرآن في هذا الوقت،[١][٢][٣] حيث بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ صلاة الفجر من الصلوات التي تشهدها ملائكة اللّيل وملائكة النهار، لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وتَجْتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ ومَلائِكَةُ النَّهارِ في صَلاةِ الفَجْرِ)،[٤][٥] لِذا يُستحَبّ للمسلم الإطالة في قراءة القرآن في صلاة الفجر حتى تكون قراءته ممّا تشهده الملائكة له كما قال الله -تعالى-: (وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا)،[٦] وتجدر الإشارة إلى أنّ المقصود بقرآن الفجر في الآية السابقة؛ أي ما يُقرَأ من القرآن في صلاة الفجر.[٧]


وقد حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على الذكر بعد أداء صلاة الفجر بقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ)،[٨] وبذلك تكون قراءة القرآن الكريم في وقت الفجر سبباً في نيل أجر حجّةٍ وعمرةٍ تامّتَين؛ لِأنّ أفضل الذكر وأحسنه قراءة القرآن الكريم.[٩]


فضل تلاوة وقراءة القرآن الكريم

هناك العديد من الفضائل لتلاوة القرآن الكريم، ومنها ما يأتي:

  • نيل الأجر العظيم؛ والذي يظهر من خلال العديد من الآيات القرآنية الكريمة، منها قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)،[١٠] والعديد من الأحاديث النبويّة، منها قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، و الحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقول الم حرفٌ و لكن: ألِفٌ حرفٌ، و لامٌ حرفٌ، و ميمٌ حرفٌ)،[١١] وقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ)،[١٢][١٣][١٤] بل إنّ رسول الله قد عدّ تلاوة القرآن الكريم أحد الأمرين الذي يُحسَد المرء عليهما، فقال: (لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ، وآناءَ النَّهارِ).[١٥][١٦]
  • نيل شفاعة القرآن الكريم يوم القيامة، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ)،[١٧] وقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الصِّيامُ والقرآنُ يشفَعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ).[١٨][١٤][١٦]
  • نيل المنزلة العالية في الجنّة مع السفرة الكرام البررة، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ).[١٩][١٦]
  • انغمار القلب بالسكينة والهدوء، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ).[٢٠][١٣]
  • العلوّ في درجات الجنّة وِفق ما تُليَ من القرآن الكريم وعُمِل به، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُقالُ لصاحبِ القُرآنِ يومَ القيامةِ: اقرَأْ وارْقَ ورتِّلْ كما كُنْتَ تُرتِّلُ في دارِ الدُّنيا، فإنَّ منزلتَك عندَ آخِرِ آيةٍ كُنْتَ تقرَؤُها).[٢١][١٤][١٦]
  • عمران القلب وصلاحه، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ الذي ليسَ في جوفِهِ شيءٌ من القرآنْ كالبيتِ الخَرِبِ).[٢٢][١٦]


آثار قراءة القرآن الكريم والأدلة على ذلك

أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم لِإصلاح نفوس وقلوب العباد، ولِتحقيق هذه الغاية ميّزه بقوة تأثير عظيمة لا يمكن للعقل البشري إدراكها، ومن مظاهر هذه القوة ما يأتي:[٢٣]

  • قوة تأثير القرآن الكريم قادرة على تحريك الجبال من مكانها، وشقّ الأرض إلى نصفين، وتكليم الموتى، لقوله -تعالى-: (وَلَو أَنَّ قُرآنًا سُيِّرَت بِهِ الجِبالُ أَو قُطِّعَت بِهِ الأَرضُ أَو كُلِّمَ بِهِ المَوتى)،[٢٤] وقوله -تعالى-: (لَوْ أَنزَلْنَا هَـذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).[٢٥]
  • قوة تأثير القرآن الكريم كانت سبباً في مشيب شعر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: (قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).[٢٦]


ومن خلال ما سبق يتبيّن مدى تأثير القرآن الكريم في مخلوقات الله -تعالى- العظيمة؛ كالجبال والأرض ونحوهما، لِذا فلا شكّ بقدرته على التأثير في أرواح ونفوس وقلوب البشر، وهو ما قد ثبت في العديد من الآيات القرآنية التي بيّنت تأثيره في نفوس المؤمنين وغيرهم على حدّ سواء، كقوله -تعالى-: (أُولـئِكَ الَّذينَ أَنعَمَ اللَّـهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّن حَمَلنا مَعَ نوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبراهيمَ وَإِسرائيلَ وَمِمَّن هَدَينا وَاجتَبَينا إِذا تُتلى عَلَيهِم آياتُ الرَّحمـنِ خَرّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)،[٢٧] وقوله -تعالى-: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ).[٢٨][٢٣][٢٩]


وقد ثبت تأثيره في النفوس في العديد من الأحاديث النبوية، منها ما ثبت عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (قالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمعهُ مِن غيرِي فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: {فَكيفَ إذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ وجِئْنَا بكَ علَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قالَ: أمْسِكْ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ)،[٣٠] وما ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: (فجاء بلالٌ يُؤذِنُه بالصَّلاةِ فلمَّا رآه يبكي قال: يا رسولَ اللهِ لِمَ تَبكي وقد غفَر اللهُ لك ما تقدَّم وما تأخَّر؟ قال: أفلا أكونُ عبدًا شكورًا لقد نزَلَتْ علَيَّ اللَّيلةَ آيةٌ، ويلٌ لِمَن قرَأها ولم يتفكَّرْ فيها {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}).[٣١][٢٩] وثبت تأثير القرآن الكريم في النفوس أيضا في العديد من آثار السلف الصالح، منها ما ثبت عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أنّه قال: (سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هذِه الآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِن غيرِ شيءٍ أمْ هُمُ الخَالِقُونَ، أمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ والأرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ، أمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ} قالَ: كَادَ قَلْبِي أنْ يَطِيرَ).[٣٢][٢٩][٣٣]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، فتاوى واستشارات موقع الإسلام اليوم، صفحة 256، جزء 1. بتصرّف.
  2. عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 30، جزء 255. بتصرّف.
  3. طلال عرقسوس (1424هـ - 2004م)، التوسل في كتاب الله عز وجل (الطبعة السادسة والثلاثون)، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 28. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 648، صحيح.
  5. سيد سابق، العقائد الإسلامية، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 121. بتصرّف.
  6. سورة الإسراء، آية: 78.
  7. محمد المقدم، لماذا نصلي، صفحة 9، جزء 11. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 6346، صحيح.
  9. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية ، صفحة 767، جزء 2. بتصرّف.
  10. سورة فاطر، آية: 29-30.
  11. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 6469، صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 803، صحيح.
  13. ^ أ ب محمود الملاح (1431هـ - 2010م)، فتح الرحمن في بيان هجر القرآن (الطبعة الأولى)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 73-75. بتصرّف.
  14. ^ أ ب ت سعيد القحطاني، عظمة القرآن وتعظيمه وأثره في النفوس في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 33-35. بتصرّف.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5026، صحيح.
  16. ^ أ ب ت ث ج عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 4-7، جزء 54. بتصرّف.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 804، صحيح.
  18. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 10/118، صحيح.
  19. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 798، صحيح.
  20. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2699، صحيح.
  21. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 766، صحيح.
  22. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2087، صحيح.
  23. ^ أ ب مجدي الهلالي (1427هـ - 2006م)، إنه القرآن سر نهضتنا (الطبعة الأولى)، القاهرة: مؤسسة اقرأ، صفحة 22-23. بتصرّف.
  24. سورة الرعد، آية: 31.
  25. سورة الحشر، آية: 21.
  26. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3297، صحيح.
  27. سورة مريم، آية: 58.
  28. سورة المائدة، آية: 83.
  29. ^ أ ب ت سعيد القحطاني، عظمة القرآن وتعظيمه وأثره في النفوس في ضوء الكتاب والسنة ، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 17-23. بتصرّف.
  30. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 4582، صحيح.
  31. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 620، صحيح.
  32. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 4854، صحيح.
  33. سعيد القحطاني، رَحمةٌ للعَالَمِين، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 273. بتصرّف.
5352 مشاهدة
للأعلى للسفل
×