فن التوقيعات في العصر العباسي

كتابة:
فن التوقيعات في العصر العباسي

فن التوقيعات في العصر العباسي

يعتبر فن التوقيعات من أشهر أشكال الفنون النثرية التي اشتهر بها العصر العباسي، وتطورت بشكل كبير في العصر العباسي الأول الممتد من الأعوام الهجرية 132--232، وقد أقام الباحثون للمقامات فنًا خاصًا بها لما فيها من بلاغة وروعة، وسنتعرف في هذا المقال على أهم تفاصيلها.

تعريف التوقيعات

تُعرف التوقيعات على أنها التذييل الذي يقوم به الخليفة على الرسالة المتوجهة إليه من الوالي أو أحد الوزراء أو غيرهم ممن يشغلون مناصب سياسية رسمية في الدولة، وتعتبر التوقيعات بناءً على هذا أمرًا رسميًا ديوانيًا بالكامل، ويعرفها الأديب والعالم اللغوي المصري شوقي ضيف على أنها "التوقيعات عبارات موجزة بليغة تعود ملوك الفرس ووزراءهم أن يوقعوا بها على ما يقدم إليهم من تظلمات الأفراد في الرعية وشكاواهم، وحاكاهم خلفاء بني عباس ووزراؤهم في هذا الصنيع، وكانت تشيع في الناس ويكتبها الكتاب ويتحفظونها وظلامته، وقد سموا الشكاوى والظلامات بالقصص لما يحكي من قصة الشاكي وظلامته، وسموها بالرقاع تشبيها لها برقاع الثياب".[١]

سمات وخصائص التوقيعات

تتعدد سمات التوقيعات وخصائصها، ويمكن اختصارها بالنقاط التالية:[٢]

  • الإيجاز البلاغي.
  • دقة الصياغة.
  • متانة التركيب.
  • قوة المعنى.
  • نفاذ التأثير.
  • تنوع أساليبها؛ حيث يمكن أن تكون خبرية أو إنشائية.
  • تضمنها للعديد من الاقتباسات، مثل الاقتباسات المأخوذة من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، إضافة للأمثال، والحكم، وأبيات الشعر.
  • تضمنها لمفاهيم دلالية كثيرة.
  • الإيقاع الموسيقي البارز.
  • جدية الخطاب وصرامته.
  • تضمنها للاستعارات والتشبيهات التي تدل على ذكاء صاحبها.

عوامل ازدهار التوقيعات في العصر العباسي

ازدادت العوامل التي ساهمت في جعل التوقيعات فنًا مزدهرًا بهذا الشكل في العصر العباسي، ومن أبرز هذه العوامل:[١]

  • رغبة الخلفاء العباسيين لتثبيت حكمهم وضرورة ذلك في أول فترة خلافتهم بعد توليهم الحكم بعد بني أمية، فقد أدت التوقيعات إلى فرض حكم العباسيين، وفرض سيطرتهم عبر الأوامر التي كانت تلقى من الخلفاء على هيئة التوقيعات.
  • تميز الخلفاء العباسيون بالثقافة والأدب؛ الأمر الذي كان جليًا من بلاغة توقيعاتهم واللغة الأدبية المميزة المستخدمة فيها.
  • اختلاط العباسيين بالحضارات الأخرى، ولا سيما الحضارة الفارسية، والتي اشتهرت بالتوقيعات، فأخذوا عنهم هذا الفن، وأضافوا إليه لمسة عربية.

أمثلة من توقيعات الخلفاء في العصر العباسي

هناك العديد من التوقيعات العباسية المشهورة للخلفاء، وتاليًا ذكرٌ لأبرزها:[١]

  • الخليفة أبو العباس السفاح: وقع الخليفة أبو العباس السفاح على كتاب عددٍ من أفراد بطانته الذين اشتكوا حبس أرزاقهم "من صبر في الشدة شارك في النعمة".
  • الخليفة أبو جعفر المنصور: وقع الخليفة أبو جعفر المنصور لواليه في مصر عندما شكى له نقص مياه نهر النيل" طهر عسكرك من الفساد، يعطك النيل القياد".
  • الخليفة هارون الرشيد: وقع الخليفة هارون الرشيد في حادثة البرامكة "أنبتته الطاعة، وحصدته المعصية"، ووقع إلى والي خراسان "داوِ جرحك لا يتسع".

المراجع

  1. ^ أ ب ت رفيع أحمد، "قراءة في فن التوقيعات العربية وإيجازه قراءة أنموذجية للعصور المختلفة"، مجلة أقلام الهند، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.
  2. عبد الكريم حسين علي رعدان، "فن التوقيعات في الأدب العربي"، دار المنظومة، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.
5225 مشاهدة
للأعلى للسفل
×