محتويات
مفهوم الحوار
قبل الحديث عن فن الحوار الناجح لا بدّ من تعريف الحوار، حيث عُرف الحوار على أن ّه الخطاب الذي يكون بين شخص متكلّم وشخص مستمع، ويستطيع المتكلم من خلال الحوار مراجعة الحديث وتبادله وتداوله مع المستمع، ويكون الهدف من ذلك الحوار هو إنتاج أفكار جديدة في عقل المتحدث، دون الاعتماد فقط على الأفكار القديمة، وخلال هذا الحوار يمكن توضيح المعاني، وإثراء المفاهيم التي تعمل بدورها على تقدم الفكر بين المتكلم والمستمع، والحوار هو فن الخطاب الذي يُستَطاع من خلاله محاولة الإقناع في موضوع ما، أو يعمل على تقوية إقناع قام به سابقًا والتحقق من مدى واقعيته والعمل على ترسيخه، ويكون الهدف من الحوار هو ترسيخ نقاش عقلاني بعيدًا عن العنف.[١]
فن الحوار الناجح
يعدّ فن الحوار الناجح أساسيًا في بناء جسر للتواصل والتخاطب مع الآخرين، وقد تعمل كلمات قليلة على بناء ثقة تمتد لعشرات السنين وقد تسهم كلمة واحدة في هدم ثقة بُنيت منذ عشرات السنين، وهنا تكمن أهمية فن الحوار الناجح في أن يكون الإنسان منتبهًا إلى خطابه مع الآخرين، ويعدّ الحوار ضروريًا لأن ّه يميز البشر عن سائر المخلوقات، ومن خلال الحوار يتمّ الوصول صل إلى المراد ونبتعد عن أي وسيلة تعمل على تقليل احترام الذات أو تنتقص من شأن الآخرين أو تؤدي إلى عدم احترامهم حتى يكون فن الحوار ناجحًا ينبغي مراعاة الآتي:[٢]
- أن يكون الحوار موضوعيًا: بمعنى أن يهتم بموضوع النقاش لا بالشخص نفسه ويجب أن يكون الحوار حول شيء محدد، فبعض النقاشات تتحول إلى جدال عميق، لأنّها لا تدور حول نقطة محددة تنتهي عندها.[٢]
- أن يكون الحوار محددًا: من أكثر الأخطاء التي يتعرض لها الناس في فن الحوار الناجح أن هم يفتتحون الحوار حول موضوع ما، ولا يكونوا قد اتفقوا على مفاهيم حول هذا الموضوع، وقد يكونوا متفقين فيها ولكن لم يبحثوا موضوع الاتفاق أو توضيح تلك النقاط المشتركة، وهو ما يجعل الأطراف غير متّفقة أبدًا، في حين أن الحوار يتطلب الاتفاق على نقطة محددة.[٢]
- أن يكون الحوار واقعيًا: بمعنى البحث بالوقائع قبل الذهاب إلى تفسيرها، فيجب العمل على نقاش الوقائع قبل البحث في التخيلات والتأويلات التّي من الممكن أن لا تحدث ومن الممكن أن يرفضها الطرف المقابل.[٢]
- أن يكون الشخص المحاور متفائلًا: فلا يمكن أن نسيء الظن بالطرف الآخر منذ البداية، ويجب أن يُبنى الحوار على افتراض أن الحوار إيجابي، إذ لا يمكن أن ينجح الحوار مع الظن السيء بالطرف الآخر لأن ّه سيؤدي حتمًا إلى فهم كل الرسائل التّي تصل من الطرف المقابل بطريقة سلبية حتى لو كانت ايجابية.[٢]
- تهيئة الجو المناسب لإقامة الحوار: إذ يجب الابتعاد عن الأجواء التي تكون جماعية غير المنظمة، إذ لا يمكن الوصول الى نتائج في مثل هذه الظروف وتضيع حقوق الأشخاص، ويجب مراعاة العامل النفسي والاجتماعي للشخص المحاور، فلا يجوز إقامة حوار مع فرد يعاني من الإرهاق والتعب الجسدي أو النفسي؛ لأن مثل هذه الظروف ستؤثر حتمًا على الحوار.[٣]
- الإخلاص وصدق النية في الحوار: ومعنى ذلك أن يتوفر الإخلاص لله وحسن نية المحاور وأن يبتعد المحاور عن الرياء وحب الظهور على الخصم ومحاولة التفوق على الآخرين، ومحاولة المحاور انتزاع الثناء والإعجاب له وحده ومن دلائل الإخلاص لله والتجرد في العمل أن يعبر المحاور عن سعادته في ظهور الحق والصواب حتى لو ظهر الصواب عن طريق الشخص الذي يقيم الحوار معه، وأن يكون عند المحاور قناعة أن الأفكار والآراء ومسالك الحق ليست ملكًا أو حق لشخص دون غيره.[٣]
- يجب أن يكون هناك انصاف وعدل في الحوار: فمن المبادئ والخطوات الأساسية التي تسهم في نجاح الحوار أن يكون من يقوم بإدارة الحوار عادلًا ويكون قادرًا على إنصاف الخصم، وأن يكون لديه القدرة على الفصل بين الفكرة والقائل، كما أنّه يستطيع أن يثني على الأفكار التي تكون جيدة والأدلة الصحيحة المقدمة من المحاور.[٣]
- الالتزام بآداب الحوار: ويعني ذلك أن تكون على قدر من التواضع مع الطرف الآخر، وعدم الإساءة إلى الطرف الآخر في عملية الإقناع، وقبول الحق والإقرار بالصواب والتراجع عن الخطأ.[٣]
- الحلم والصبر: يجب على المحاور أن يتحلى بالصبر والهدوء وألّا يضطر الى الغضب، ولا ينفر لأي أمر وألّا يسمح لأيّ شخص أن يستفزه.[٣]
كيفية إدارة الحوار
بعد الحديث عن فن الحوار الناجح هناك عدد من المراحل التي يجب اتباعها من أجل الوصول إلى الغاية من فن الحوار الناجح، وتحقيق الأهداف التّي يطمح المتحاورين إليها، لذّا يجب قبل البَدء بالحوار الاتفاق على قواعد السلوك التّي تعمل بدورها على تنظيم الحوار ومنع الوقوع في الحوار العشوائي وتجنب كل أشكال التوتر والشك وسوء الفهم، حيث إن هناك عددًا من النقاط التي تسهم في الوصول إلى فن الحوار الناجح:[٤]
- تحديد الهدف من الحوار بنقاط مفهومة وواضحة لكل الأطراف.
- تحديد ما يستطيع المتحاورون نقاشه، إذ يجب الاتفاق على مجموعة من النقاط.
- تحديد الموضوعات التي سيتحدث عنها خلال الحوار.
- الاتّفاق على وقت محدّد للبدء في الحوار.
- تحديد الأطراف الأكثر قدرة على توضيح الهدف المطلوب من الحوار.
- تحديد شخص يقوم بتولي إدارة الجلسة الحوارية ويقوم بتسجيل النقاط الرئيسة في عملية الحوار.
- العمل على تسجيل النقاط والأفكار التي تتلخص من موضوع الحوار.
معوقات الحوار
يتعرض الحوار للعديد من المشكلات والمعوقات التي تسهم في تعطيل وإفشال الحوار، ويرجع سبب هذه المشكلات والعوائق إلى عدم جدية بعض المحاورين، وتكون هذه الأسباب أما شخصية ترتبط بالمحاور أو موضوعية ترتبط بالجو المحيط بالحوار، ومن هذه المعوقات ما يأتي:[٥]
المعوقات الشخصية
تتضمّن المعوقات الشخصية التصرفات والممارسات التي يتعمد طرف من المتحاورين القيام بها، وقد يكون شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص ويكون الهدف من هذه الممارسات تحقيق أهداف شخصية مغايرة للحوار، ومع وجود هذه الممارسات لا يستطيع المتحاورون الاستمرار في الحوار مما يؤدي إلى عدم تحقيق الجدوى والفائدة من الحوار، ومن هذه التصرفات الثرثرة، وعدم الوضوح، وتعمد إخفاء الحقيقة أو جزء منها، والإطالة بالحديث دون نتيجة تذكر، وعدم الوضوح عند عرض الموضوع، والغضب والانفعال الشديد.[٥]
المعوقات الموضوعية
وتتضمن الصعوبات والمعوقات التي لا ترتبط بأطراف الحوار، ويرتبط التأثير بالجو المحيط بالحوار أو بالمصطلحات التي يستعملها المتحاورين وقد لا تكون مفهومة للحضور، أو تفهم بطريقة أخرى، أو اختلاف العقليات والأفكار المتبادلة بين اطراف الحوار ومن هذه المعوقات الضوضاء والتشويش التي تحدث بسبب مقاطعته الحضور للحوار دون هدف، أو الانشغال بالاحاديث الجانبية دون الانتباه للمحاورين، ومن المعوقات عدم وجود مفاهيم محددة للحوار حولها.[٥]
المراجع
- ↑ "الحوار الحضاري"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-4. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج د. شريف أبو فرحة، فن الحوار: تنمية ذاتية، صفحة 15. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج رنا جمال، مهارات الحوار الفعالة مع الآخرين، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ سناء سليمان، فن وأدب الحوار بين الأصالة والمعاصرة، صفحة 59.
- ^ أ ب ت "معوقات الحوار"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-26. بتصرّف.