قانون العمل القطري

كتابة:
قانون العمل القطري

تطور العمل

بدأ الإنسان في العمل منذ قديم الزمن لتلبية حاجاته الضرورية من مأكل ومشرب وملبس، فقد كان يعمل في مجال الزراعة وفي مجال نحت الصخور وصيد الأسماك، وبعد الثورة الصناعيّة التي شهدها العالم، زادت فرص العمل وأعداد العمال وأرباب العمل، مما جعل المشرّعين في الدول يتخذوا موقفًا واحدًا أمام هذا التطور وهو تنظيم أحكام العمل في قانون واحد، ولذلك سيتم توضيح قانون العمل القطري، واهتمام الشريعة الإسلاميّة بالعمل، وخصائص عقد العمل وعناصره.

قانون العمل القطري

يعرف قانون العمل القطري على أنّه: "مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم علاقات العمل التابع المأجور، والذي يقوم به أشخاص مقابل أجر لحساب أشخاص آخرين وتحت توجيههم ورقابتهم"، وكانت علاقات العمل بين العمال وأصحاب العمل قديمًا تخضع لقواعد القانون المدنيّ، لكن بعد التقدّم الصناعيّ والتجاريّ، الذي أدى إلى زيادة أعداد أصحاب العمل والعمال بصورةٍ واسعة، وبسبب التطور التكنولوجي الذي نتج عنه اختراعات عديدة في مجال أدوات وآلات العمل، كان من الواجب تقنين أحكام العمل في قانون خاص به، فشرع قانون العمل القطري.[١]

والذي عمل على تنظيم علاقات العمل بناءً على أسس جديدة تحافظ على حق العامل ومصالح رب العمل في الوقت ذاته، حيث عمل على إعادة التوازن بين أطراف عقد العمل، حيث استقل قانون العمل عن القانون المدني، وأصبح فرعًا من فروع القانون العام، ومن المعروف أن قواعد القانون العام تتصف بالثبات؛ لأنّها تتعلق بسيادة الدولة، ولا يجوز تحت أي ظرف الاتفاق على ما يخالفها أو التنازل عنها، وإلّا عُدّ ذلك باطلًا في نظر القانون.[١]

اهتمام الشريعة الإسلامية بالعمل

بعد بيان قانون العمل القطري لا بُدّ من معرفة العمل في منظور الشريعة الإسلامية، فقد حثت الشريعة الإسلامية على العمل، وأوضحت مكانته في حياة المسلمين، حيث إنّ القرآن الكريم ذكر العمل وأهميته في العديد من آياته، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[٢]، فهذه الآية الكريمة دَعَت الإنسان إلى العمل ورغبت به، وأوصته على العمل بأمانة وإخلاص؛ لأنه محاسبٌ أمام الله عن جميع أعماله.[٣]

ويجب أن يكون الأجر الذي يأخذه العامل متناسبًا مع الجهد البدني أو الجسدي الذي يقوم به، كما أنّه من الواجب الحفاظ على سلامة العامل، وعدم تشغيله إلّا في ساعات وأوقات محددة، وتوفير له قسطًا من الراحة، كما يجب على العامل احترام صاحب العمل وتنفيذ تعليماته والمحافظة على أسرار عمله، ويتضح من ذلك أن للعمل أهميّةً ومكانة عالية في الشريعة الإسلاميّة.[٣]

خصائص عقد العمل

ينظّم قانون العمل القطري أحكام وقواعد قانون العمل، كما إنه يبين شروط عقد العمل الفردي والجماعي، ولعقد العمل العديد من الخصائص التي تميّزه عن غيره من العقود، وهذه الخصائص تُجمَل في الآتي:[٤]

  • عقد العمل من العقود المسماة: حيث إنّ المشرع قام بتنظيم كافة أحكام عقد العمل في قانون العمل القطري، وأطلق عليه تسمية كبقية العقود، حيث يسمّى بعقد العمل.
  • عقد العمل عقد رضائي: يعدّ عقد العمل من العقود الرضائية، وتعرف العقود الرضائية على أنها العقود التي تشترط توافق القبول مع الإيجاب حتى تنعقد، أي أنّه من الواجب تراضي الطرفين على عقد العمل، ولا يكفي الرضى في عقد العمل، بل يعتبر عقد العمل من العقود الشكلية التي من الواجب كتابتها لدواعي الإثبات.
  • عقد العمل عقد معاوضة: حيث إنّ كلّ طرف من أطراف عقد العمل يأخذ عوضًا مقابل ما قدمه، فالعامل يقوم بالعمل مقابل الأجر الذي يمنحه إياه صاحب العمل، ورب العمل يعطي العامل أجره مقابل ما يبذله من جهد في العمل.
  • عقد العمل عقد ملزم لجانبين: حيث إنّ العقد لا يعد ملزمًا لجانب واحد، بل إنه يرتب إلتزامات متقابلة في ذمة كل من أطراف عقد العمل، ويترتب على ذلك أن عقد العمل يخضع لقواعد العقود الملزمة لجانبين، سواء من حيث الدفع بعدم التنفيذ أم الفسخ لعدم التنفيذ.
  • عقد العمل من عقود المدة: يعتبر عنصر الزمن من العناصر الجوهرية الواجب وجودها في قانون العمل؛ لأنه من خلال تحديد الزمن يتم قياس الجهد الذي بذله العامل وما قدمه صاحب العمل للعامل.

عناصر عقد العمل الفردي

لكلّ عقد من العقود شروط وعناصر من الواجب توفّرها حتى يعدّ العقد صحيحًا، وكذلك عقد العمل الذي يلتزم بموجبه العامل بأن يعمل لدى رب العمل لقاء أجر، وحتى يعتبر عقد العمل تامًا وقانونيًا يجب أن تتوفّر فيه ثلاثة عناصر أساسيّة كالآتي:[٥]

  • عنصر العمل: والذي يعدّ سبب التزام العامل لقاء الأجر الذي يتقاضاه، وقد يكون هذا العمل إما جسديًا كالبناء أو الخياطة، أو ذهنيًا كتأليف الروايات والقصص، أمّا محل التزام رب العمل، هو الأجر الذي يدفعه العامل للعامل، وجميع حقوقه التي نص القانون على منحها للعامل.
  • عنصر التبعية: والذي يجعل العامل تابعًا لرب العمل، ويعمل تحت إشرافه ورقابته وتوجيهه، ويلتزم العامل بإطاعة وتنفيذ جميع أوامر وتعليمات صاحب العمل دام أنها في حدود القانون، وبناءً على هذا العنصر يطلق على العامل بالتابع، وعلى صاحب العمل بالمتبوع.
  • عنصر الأجر: وهو الذي يتقاضاه العامل مقابل الجهد الذي يقوم به عند آدائه لعمله، ولقد حددت قوانين العمل الحد الأدنى للأجور، ويجب على صاحب العمل ألّا يخالف هذا الحد وإلا تعرض للمسؤولية التأديبية المنصوص عليها في قانون العمل وقانون العقوبات.
  • عنصر المدة: وهي الفترة الزمنية للعمل المحددة في عقد العمل، وتتنوع العقود بين عقود محددة المدة وعقود غير محددة المدة، حيث إنّ العقود محدّدة المدة تنتهي بإنتهاء المدة المنصوص عليها في العقد، أما العقد غير محدد المدة ينتهي بالإرادة المنفردة لأحد الأطراف بشرط أن يوجه إشعار إلى الطرف الآخر بتركه العمل قبل شهر واحد على الأقلّ.

المراجع

  1. ^ أ ب عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 42. بتصرّف.
  2. سورة التوبة، آية: 105.
  3. ^ أ ب عز الدين التميمي (1987)، العمل في الإسلام، الجزائر: شركة الشهاب، صفحة 51-52. بتصرّف.
  4. جعفر المغربي (2018)، شرح أحكام قانون العمل (الطبعة الثانية)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 79-81. بتصرّف.
  5. بشير هدفي (2006)، الوجيز في شرح قانون العمل، الجزائر: جسور للنشر والتوزيع، صفحة 58-60. بتصرّف.
3958 مشاهدة
للأعلى للسفل
×