قصائد الشاعر جرير

كتابة:
قصائد الشاعر جرير

قصيدة: تنعى النعاة أمير المؤمنين لنا

تَنعى النُعاةُ أَميرَ المُؤمِنينَ لَنا

يا خَيرَ مَن حَجَّ بَيتَ اللَهِ وَاِعتَمَرا

حُمِّلتَ أَمرًا عَظيمًا فَاِصطَبَرتَ لَهُ

وَقُمتَ فيهِ بِأَمرِ اللَهِ يا عُمَرا

فَالشَمسُ كاسِفَةٌ لَيسَت بِطالِعَةٍ

تَبكي عَلَيكَ نُجومَ اللَيلِ وَالقَمَرا[١]

قصيدة: أبا العوف إن الشول ينفع رسلها

أَبا العَوفِ إِنَّ الشَولَ يَنقَعُ رِسلُها

وَلَكِن دَمُ الثَأرِ النُمَيرِيِّ أَنقَعُ

تُبَكّي عَلى سَلمى إِذا الحَيُّ أَصعَدوا

وَتَترُكُ رَيّانَ القَتيلَ المُضَيَّعا

إِذا صُبَّ ما في القَعبِ فَاِعلَم بِأَنَّهُ

دَمُ الشَيخِ فَاِشرَب مِن دَمِ الشَيخِ أَو دَعا[٢]

قصيدة: باع أباه المستنير وأمه

باعَ أَباهُ المُستَنير وَأُمَّهُ

بِأَشخابِ عَنزٍ بِئسَ رِبحُ المُبايِعِ

تَعَرَّضتَ لي مِن دونِ بَرزَةَ وَاِبنِها

أَلُؤمَ اِبنَ لُؤمٍ يا دَعِيَّ البَلاتِعِ

نَهَيتُ بَناتِ المُستَنيرِ عَنِ الرُقى

وَعَن مَشيِهِنَّ اللَيلَ بَينَ المَزارِعِ

وَما مُستَنيرُ الخُبثِ إِلّا فَراشَةٌ

هَوَت بَينَ مُؤتَجِّ الحَريقَينِ ساطِعِ[٣]

قصيدة: جزيت الطيبات أخًا لقوم

جُزيتَ الطَيِّباتِ أَخًا لِقَومٍ

أَخاً يا عُروَ كُنتَ لَهُم جِماعا

وَثَغرٍ قَد شَهِدتَ فَلَم تُضِعهُ

وَلَولا ما شَهِدتَ لَكانَ ضاعا

وَكَم مِن مَأزِقٍ جَلَّيتَ عَنهُ

إِذا كانَ الرِجالُ بِهِ رَعاعا

تَخَيَّرَتِ المَنايا يَومَ زارَت

نَواصِيَنا تُقَمِّعُها اِنقِماعا[٤]

قصيدة: إن الذي بعث النبي محمدًا

إِنَّ الَّذي بَعَثَ النَبِيَّ مُحَمَّدًا

جَعَلَ الخِلافَةَ في الإِمامِ العادِلِ

وَلَقَد نَفَعتَ بِما مَنَعتَ تَحَرُّجًا

مَكسَ العُشورِ عَلى جُسورِ الساحِلِ

قَد نالَ عَدلُكَ مَن أَقامَ بِأَرضِنا

فَإِلَيكَ حاجَةُ كُلِّ وَفدٍ راحِلِ

إِنّي لَآمُلُ مِنكَ خَيرًا عاجِلًا

وَالنَفسُ مولَعَةٌ بِحُبِّ العاجِلِ

وَاللَهُ أَنزَلَ في الكِتابِ فَريضَةً

لِاِبنِ السَبيلِ وَلِلفَقيرِ العائِلِ[٥]

قصيدة: يا عين جودي بدمع هاجه الذكر

يا عَينُ جودي بِدَمعٍ هاجَهُ الذِكَرُ

فَما لِدَمعِكَ بَعدَ اليَومِ مُدَّخَرُ

إِنَّ الخَليفَةَ قَد وارى شَمائِلَهُ

غَبراءُ مَلحودَةٌ في جولِها زَوَرُ

أَمسى بَنوها وَقَد جَلَّت مُصيبَتُهُم

مِثلَ النُجومِ هَوى مِن بَينِها القَمَرُ

كانوا شُهودًا فَلَم يَدفَع مَنِيَّتَهُ

عَبدُ العَزيزِ وَلا رَوحٌ وَلا عُمَرُ

وَخالِدٌ لَو أَرادَ الدَهرُ فِديَتَهُ

أَغلَوا مُخاطَرَةً لَو يُقبَلُ الخَطَرُ

قَد شَفَّني رَوعَةُ العَبّاسِ مِن فَزَعٍ

لَمّا أَتاهُ بِدَيرِ القَسطَلِ الخَبَرُ[٦]

قصيدة: ليس زمان بالكميتين راجعًا

لَيسَ زَمانٌ بِالكُمَيتَينِ راجِعًا

وَلَيسَ إِلى ذاكَ الزَمانِ رُجوعُ

لَيالِيَ لا سَرّي إِلَيهِنَّ شائِعُ

وَلا أَنتَ لِلمُستَودَعاتِ مُشيعُ

فَلَو أَنجَبَت أُمُّ الفَرَزدَقِ لَم يَعِب

فَوارِسَنا لا ماتَ وَهوَ جَميعُ

أَلا رُبَّما فَدّى بُكورًا فَوارِسي

بِأُمّيهِ مَلهوفُ الفُؤادِ مَروعُ

هُوَ النَخبَةُ الخَوّارُ ما دونَ قَلبِهِ

حِجابٌ وَلا حَولَ الفُؤادِ ضُلوعُ

أَصابَ قَرارَ اللُؤمِ في بَطنِ أُمِّهِ

وَراضَعَ ثَديَ اللُؤمِ وَهوَ رَضيعُ[٧]

قصيدة: ما أرضى بنصح بني كليب

ما أَرضى بِنُصحِ بَني كُلَيبٍ

وَما أَنا عَن عَريفِهِمُ بِراضي

وَما أَنسى صَنيعَهُمُ بِحَجرٍ

وَبِالقَصَباتِ مَحبِسَهُم مَخاضي

وَلَو شاءَ الأَطِبَّةُ أَخبَروني

بِداءٍ في قُلوبِهِمِ المِراضِ

وَكَم دافَعتُ مِن خَطِلٍ ظَلومٍ

وَأَشوَسَ في الحُكومَةِ ذي اِعتِراضِ

شَديدٌ مِن وَرائِهِمُ ضَريري

بَطيءٌ بَعدَ مِرَّتِيَ اِنتِقاضي[٨]

قصيدة: يا تيم ما القارون في شدة القرى

يا تيمُ ما القارونَ في شِدَّةِ القِرى

بِتَيمٍ وَلا الحامونَ عِندَ الحَقائِقِ

وَتَيمٌ تُماشيها الكِلابُ إِذا غَدَوا

وَلَم تَمشِ تَيمٌ في ظِلالِ الخَوافِقِ

وَتَيمٌ بِأَبوابِ الزُروبِ أَذِلَّةٌ

وَما تَهتَدي تَيمٌ لِبابِ السُرادِقِ

وَما أَحسَنَ التَيمِيُّ في جاهِلِيَّةٍ

مُنادَمَةَ الجَبّارِ فَوقَ النَمارِقِ

تَعادى عَلى الثَغرِ المَخوفِ جِيادُنا

وَتَيمٌ تَحاسى جُنَّحاً في المَعالِقِ

وَما أَنتُمُ يا تَيمُ قَد تَعلَمونَهُ

بِفُرسانِ غاراتِ الصَباحِ الدَوالِقِ[٩]

قصيدة: أسرى لخالدة الخيال ولا أرى

أَسَرى لِخالِدَةَ الخَيالُ وَلا أَرى

طَلَلًا أَحَبَّ مِنَ الخَيالِ الطارِقِ

إِنَّ البَلِيَّةَ مَن يُمَلُّ حَديثُهُ

فَاِنشَح فُؤادَكَ مِن حَديثِ الوامِقِ

أَهواكِ فَوقَ هَوى النُفوسِ وَلَم يَزَل

مُذ بِنتِ قَلبِيَ كَالجَناحِ الخافِقِ

طَرَباً إِلَيكَ وَلَم تُبالي حاجَتي

لَيسَ المُكاذِبُ كَالخَليلِ الصادِقِ

هَل رامَ بَعدَ مَحَلِّنا رَوضُ القَطا

فَرُوَيَّتانِ إِلى غَديرِ الخانِقِ

ما يُقحِمونَ عَلَيَّ مِن مُتَمَرِّدٍ

إِلّا سَبَقتُ فَنِعمَ قَومُ السابِقِ[١٠]

قصيدة: أمست طهية كالبكار أفزها

أَمسَت طُهَيَّةُ كَالبِكارِ أَفَزَّها

بَعدَ الكَشيشِ هَديرُ قَرمٍ بازِلِ

يا يَحيَ هَل لِيَ في حَياتِكَ حاجَةٌ

مِن قَبلِ فاقِرَةٍ وَمَوتٍ عاجِلِ

حَلَّت طُهَيَّةُ مِن سَفاهَةِ رَأيِها

مِنّي عَلى سَنَنِ المُلِحِّ الوابِلِ

أَطُهَيُّ قَد غَرِقَ الفَرَزدَقُ فَاِعلَموا

في اليَمِّ ثُمَّ رَمى بِهِ في الساحِلِ

مَن كانَ يَمنَعُ يا طُهَيُّ نِساءَكُم

أَم مَن يَكُرَّ وَراءَ سَرحِ الجامِلِ

ذاكَ الَّذي وَأَبيكِ تَعرِفُ مالِكٌ

وَالحَقُّ يَدمَغُ تُرَّهاتِ الباطِلِ

إِنّا تَزيدُ عَلى الحُلومِ حُلومُنا

فَضلًا وَنَجهَلُ فَوقَ جَهلِ الجاهِلِ[١١]

قصيدة: أمسى خليطك قد أجد فراقا

أَمسى خَليطُكَ قَد أَجَدَّ فِراقا

هاجَ الحَزينَ وَذَكَّرَ الأَشواقا

هَل تُبصِرانِ ظَعائِنًا بِعُنَيزَةٍ

أَم هَل تَقولُ لَنا بِهِنَّ لَحاقا

حَثَّ الحُداةُ بِهِم وَراءَ حُمولِهِم

بُزلاً تَجاسَرُ لَم يَكُنَّ حِقاقا

يا رُبَّ قائِلَةٍ تَقولُ وَقائِلٍ

أَسُراقَ إِنَّكَ قَد خَزيتَ سُراقا

إِنَّ الَّذينَ عَوَوا عُواءَكَ قَد لَقوا

مِنّي صَواعِقَ تُخضِعُ الأَعناقا

فَإِذا لَقيتَ مُجَيلِسًا مِن بارِقٍ

لاقَيتَ أَطبَعَ مَجلِسٍ أَخلاقا

الناقِصينَ إِذا يُعَدُّ حَصاهُمُ

وَالجامِعينَ مَذَلَّةً وَنِفاقا

وَلَقَد هَمَمتُ بِأَن أُدَمِّرَ بارِقًا

فَرَقَبتُ فيهِم عَمَّنا إِسحاقا[١٢]

قصيدة: لا تحسبي سباسب العراق

لا تَحسِبي سَباسِبَ العِراقِ

وَنَغَضانَ القُلُصِ المَناقي

كَأَنَّما يَرقَينَ في مَراقي

نَومَ الضُحى واضِعَةَ الرِواقِ

هانَ عَلى ذاتِ الحَشا الخَفّاقِ

ما لَقِيَت نَفسي مِنَ الإِشفاقِ

وَما تُلاقي قَدَمي وَساقي

مِنَ الحَفا وَعَدَمِ السُواقِ

جارِيَةٌ مِن ساكِني الأَسواقِ

لَبّاسَةٌ لِلقُمُصِ الرِقاقِ

أَبغَضُ ثَوبَيها إِلَيها الباقي

تَأكُلُ مِن كيسِ اِمرِئٍ وَرّاقِ

قَد وَثِقَت إِن ماتَ بِالنَفاقِ

فَهوَ عَلَيها هَيِّنُ الفِراقِ

تَضحَكُ عَن ذي أُشُرٍ بَرّاقِ

كَالأُقحُوانِ اِهتَزَّ في البِراقِ[١٣]

قصيدة: ألا حي دار الهاجرية بالزرق

أَلا حَيِّ دارَ الهاجِرِيَّةِ بِالزُرقِ

وَأَحبِب بِها دارًا عَلى البُعدِ وَالسُحقِ

سَقَتكِ الغَوادي هَل بِرَبعِكِ قاطِنٌ

أَمِ الحَيُّ ساروا نَحوَ فَيحانَ فَالعَمقِ

فَقَد كُنتِ إِذ لَيلى تَحُلُّكِ مَرَّةً

لَنا بِكِ شَوقٌ غَيرُ طَرقٍ وَلا رَنقِ

أَلا قُل لِبَرّادٍ إِذا ما لَقيتَهُ

وَبَيِّن لَهُ إِنَّ البَيانَ مِنَ الصِدقِ

أَحَقٌّ بَلاغاتٌ أَتَتني مَشابِهًا

وَبَيِّن لَهُ إِنَّ البَيانَ مِنَ الصِدقِ

فَإِيّاكَ لا تَبدُر إِلَيكَ قَصيدَةٌ

تُغَنّي بِها الرُكبانُ في الغَربِ وَالشَرقِ

فَلَولا أَبو زَيدٍ وَزَيدٌ أَكَلتُمُ

جَنى ما اِجتَنَيتُم مِن مَريرٍ وَمِن حَذقِ

بَني أَرقَمٍ لا توعِدوني فَإِنَّني

أَرى لَكُمُ حَقًّا فَلا تَجهَلوا حَقّي

وَرُبّوا الَّذي بَيني وَبَينَ قَديمِكُم

وَكُفّوا الأَذى عَنّي يَلِن لَكُمُ خُلقي

فَإِنّي لَسَهلٌ لِلصَديقِ مُلاطِفٌ

وَلِلكاشِحِ العادي شَجًا داخِلَ الحَلقِ[١٤]

قصيدة: ألا حي الديار وإن تعفت

أَلا حَيِّ الدِيارَ وَإِن تَعَفَّت

وَقَد ذَكَّرنَ عَهدَكَ بِالخَميلِ

وَكَم لَكَ بِالمُجَيمِرِ مِن مَحَلٍّ

وَبِالعَزّافِ مِن طَلَلٍ مُحيلِ

وَقَد خَلَتِ الطُلولُ مِن آلِ لَيلى

فَما لَكَ لا تُفيقُ عَنِ الطُلولِ

وَإِن قالَ العَواذِلُ قَد شَجاهُ

مَحَلُّ الحَيِّ مِن لَبَبِ الأَميلِ

لَقَد شَعَفَ الفُؤادَ غَداةَ رَهبى

تَفَرُّقُ نِيَّةِ الأَنَسِ الحُلولِ

إِذا رَحَلوا جَزِعتَ وَإِن أَقاموا

فَما يُجدي المُقامُ على الرَحيلِ

أَخِلّايَ الكِرامُ سِوى سَدوسٍ

وَما لي في سَدوسٍ مِن خَليلِ

إِذا أَنزَلتَ رَحلَكَ في سَدوسٍ

فَقَد أُنزِلتَ مَنزِلَةَ الذَليلِ

وَقَد عَلِمَت سَدوسٌ أَنَّ فيها

مَنارَ اللُؤمِ واضِحَةَ السَبيلِ

فَما أَعطَت سَدوسٌ مِن كَثيرٍ

وَلا حامَت سَدوسٌ عَن قَليلِ[١٥]

قصيدة: لعمري لقد أشجى تميمًا وهدها

لَعَمري لَقَد أَشجى تَميمًا وَهَدَّها

عَلى نَكَباتِ الدَهرِ مَوتُ الفَرَزدَقِ

عَشِيَّةَ راحوا لِلفِراقِ بِنَعشِهِ

إِلى جَدَثٍ في هُوَّةِ الأَرضِ مُعمَقِ

لَقَد غادَروا في اللَحدِ مَن كانَ يَنتَمي

إِلى كُلِّ نَجمٍ في السَماءِ مُحَلِّقِ

ثَوى حامِلُ الأَثقالِ عَن كُلِّ مُغرَمٍ

وَدامِغُ شَيطانِ الغَشومِ السَمَلَّقِ

عِمادُ تَميمٍ كُلِّها وَلِسانُها

وَناطِقُها البَذّاخُ في كُلِّ مَنطِقِ

فَمَن لِذَوي الأَرحامِ بَعدَ اِبنِ غالِبٍ

لِجارٍ وَعانٍ في السَلاسِلِ موثَقِ

وَمَن لِيَتيمٍ بَعدَ مَوتِ اِبنِ غالِبٍ

وَأُمِّ عِيالٍ ساغِبينَ وَدَردَقِ

وَمَن يُطلِقُ الأَسرى وَمَن يَحقُنُ الدِما

يَداهُ وَيَشفي صَدرَ حَرّانَ مُحنَقِ

وَكَم مِن دَمٍ غالٍ تَحَمَّلَ ثِقلَهُ

وَكانَ حَمولًا في وَفاءٍ وَمَصدَقِ

وَكَم حِصنِ جَبّارٍ هُمامٍ وَسوقَةٍ

إِذا ما أَتى أَبوابَهُ لَم تُغَلَّقِ

تَفَتَّحُ أَبوابُ المُلوكِ لِوَجهِهِ

بِغَيرِ حِجابٍ دونَهُ أَو تَمَلُّقِ

لِتَبكِ عَلَيهِ الإِنسُ وَالجِنُّ إِذ ثَوى

فَتى مُضَرٍ في كُلِّ غَربٍ وَمَشرِقِ

فَتىً عاشَ يَبني المَجدَ تِسعينَ حِجَّةً

وَكانَ إِلى الخَيراتِ وَالمَجدِ يَرتَقي

فَما ماتَ حَتّى لَم يُخَلِّف وَرائَهُ

بِحَيَّةِ وادٍ صَولَةٍ غَيرَ مُصعَقِ[١٦]

قصيدة: طرقت لميس وليتها لم تطرق

طَرَقَت لَميسُ وَلَيتَها لَم تَطرُقِ

حَتّى تَفُكَّ حِبالَ عانٍ موثَقِ

حَيَّيتُ دارَكِ بِالسَلامِ تَحِيَّةً

يَومَ السُلَيَّ فَما لَها لَم تَنطِقِ

وَاِستَنكَرَ الفَتَياتُ شَيبَ المَفرِقِ

مِن بَعدِ طولِ صَبابَةٍ وَتَشَوُّقِ

قَد كُنتُ أَتبَعُ حَبلَ قائِدَةِ الصِبا

إِذ لِلشَبابِ بَشاشَةٌ لَم تُخلَقِ

أَقُفَيرَ قَد عَلِمَ الزُبَيرُ وَرَهطُهُ

أَن لَيسَ حَبلُ مُجاشِعٍ بِالأَوثَقِ

ذُكِرَ البَلاءُ فَلَم يَكُن لِمُجاشِعٍ

حَملُ اللِواءَ وَلا حُماةُ المَصدَقِ

نَحنُ الحُماةُ بِكُلِّ ثَغرٍ يُتَّقى

وَبِنا يُفَرَّجُ كُلُّ بابٍ مُغلَقِ

وَبِنا يُدافَعُ كُلُّ أَمرِ عَظيمَةٍ

لَيسَت كَنَزوِكَ في ثِيابِ الكَرَّقِ

قَد أَنكَرَت شَبَهَ الفَرَزدَقِ مالِكٌ

وَنَزَلتَ مَنزِلَةَ الذَليلِ المُلصَقِ

حَوضُ الحِمارِ أَبو الفَرَزدَقِ فَاِعلَموا

عَقَدَ الأَخادِعِ وَاِنشِناجَ المِرفَقِ

شَرُّ الخَليقَةِ مَن عَلِمنا مِنكُمُ

حَوضُ الحِمارِ وَشَرُّ مَن لَم يُخلَقِ

كَم قَد أُثيرَ عَلَيكُمُ مِن خِزيَةٍ

لَيسَ الفَرَزدَقُ بَعدَها بِفَرَزدَقِ

ذَكوانُ شَدَّ عَلى ظَعائِنَكُم ضُحًى

وَسَقى أَباكَ مِنَ الأَمَرِّ الأَعلَقِ[١٧]

قصيدة: عفا نهيا حمامة فالجواء

عَفا نَهيا حَمامَةَ فَالجَواءُ

لِطولِ تَبايُنٍ جَرَتِ الظِباءُ

فَمِنهُم مَن يَقولُ نَوىً قَذوفٌ

وَمِنهُم مَن يَقولُ هُوَ الجَلاءُ

أَحِنُّ إِذا نَظَرتُ إِلى سُهَيلٍ

وَعِندَ اليَأسِ يَنقَطِعُ الرَجاءُ

يَلوحُ كَأَنَّهُ لَهَقٌ شَبوبٌ

أَشَذَّتهُ عَنِ البَقَرِ الضِراءُ

وَبانوا ثُمَّ قيلَ أَلا تَعَزّى

وَأَنّى يَومَ واقِصَةَ العَزاءُ

سَنَذكُرُكُم وَلَيسَ إِذا ذُكِرتُم

بِنا صَبرٌ فَهَل لَكُمُ لِقاءُ

وَكَم قَطَعَ القَرينَةَ مِن قَرينٍ

إِذا اِختَلَفا وَفي القَرنِ اِلتِواءُ

فَماذا تَنظُرونَ بِها وَفيكُم

جُسورٌ بِالعَظائِمِ وَاِعتِلاءُ

إِلى عَبدِ العَزيزِ سَمَت عُيونُ ال

رَعِيَّةِ إِن تُخُيِّرَتِ الرِعاءُ

إِلَيهِ دَعَت دَواعيهِ إِذا ما

عِمادُ المُلكِ خَرَّت وَالسَماءُ

وَقالَ أولوا الحُكومَةِ مِن قُرَيشٍ

عَلَينا البَيعُ إِذ بَلَغَ الغَلاءُ

رَأوا عَبدَ العَزيزِ وَلِيَّ عَهدٍ

وَما ظَلَموا بِذاكَ وَلا أَساؤوا

فَزَحلِفها بِأَزفُلِها إِلَيهِ

أَميرَ المُؤمِنينَ إِذا تَشاءُ

فَإِنَّ الناسَ قَد مَدّوا إِلَيهِ

أَكُفَّهُم وَقَد بَرِحَ الخَفاءُ

وَلَو قَد بايَعوكَ وَلِيَّ عَهدٍ

لَقامَ القِسطُ وَاِعتَدَلَ البِناءُ[١٨]

قصيدة: ولقد رحلت إليكم عيدية

وَلَقَد رَحَلتُ إِلَيكُمُ عيدِيَّةً

لا يَرعَوينَ إِلى جَنينٍ مُجهَضِ

أَصبَحنَ مِن نَقَوى حَفيرٍ دُلَّحًا

بِلِوى أُشَيقِرَ جائِلاتِ الأَعرُضِ

وَلَقَد عَلَونَ مِنَ السَماوَةِ مَعلَمًا

خُلُجًا مَوارِدُهُ بَعيدَ المَركَضِ

وَإِذا الإِدَلَّةُ خاطَروا مَجهولَها

مَشَقوا لَيالِيَ خِمسِها المُستَوفِضِ

يَسرونَ لَيلَهُم فَلَمّا غَوَّروا

خَفَقَ الخِباءُ بِمَنزِلٍ لَم يُخفَضِ

جَعَلوا القِسِيَّ مِنَ السَراءِ عِمادَهُ

وَبِكُلِّ أَبيَضَ في الغِمادِ مُفَضَّضِ

وَإِذا قَرُبنَ خَوامِسًا مِن صَلصَلٍ

صَبَّحنَ دومَةَ وَالحَصى لَم يَرمَضِ

إِنّي لَمُعتَمِدُ الخَليفَةِ زائِرًا

وَأَراهُ أَهلَ زِيارَتي وَتَعَرُّضي

لَيسَ البَرِيُّ كَمَن يُمَرَّضُ قَلبُهُ

فَأَنا المُشايِعُ قَلبُهُ لَم يَمرَضِ

فَوَثِقتُ ما سَلِمَ الخَليفَةُ بِالغِنى

لَيسَ البُحورُ إِلى الثِمادِ البُرَّضِ

بَحرٌ تَفيضُ لَهُ سِجالٌ بِالنَدى

وَإِلَيهِ جارِيَةُ البُحورِ الفُيَّضِ

يَجزيكَ رَبُّكَ حُسنَ قَرضِكَ إِنَّهُ

حَسَنُ المَعونَةِ واسِعُ المُتَقَرَّضِ

وَاللَهُ قَدَّرَ أَن تَكونَ خَليفَةً

خَيرَ البَرِيَّةِ وَاِرتَضاكَ المُرتَضي

يا اِبنَ الفَوارِعِ وَاِلتَقَت أَعياصُهُ

لُفّاً بِمُتَّسَعِ البِطاحِ الأَعرَضِ

أَعطاكَ رَبُّكَ مِن جَزيلِ عَطائِهِ

مُلكًا كُعوبُ قَناتِهِ لَم تُرفَضِ

هَل تَزجُرَنِّيَ أَن أَقولَ لِظالِمٍ

إِن كُنتَ صاحِبَ خُلَّةٍ فَتَحَمَّضِ

وَإِذا أُمَيَّةُ حُصِّلَت أَنسابُها

كُنتَ المَجانَ مِنَ الصَريحِ الأَمخَضِ[١٩]

قصيدة: حيوا أمامة واذكروا عهدا مضى

حَيّوا أُمامَةَ وَاذكُروا عَهدًا مَضى

قَبلَ التَصَدُّعِ مِن شَماليلِ النَوى

قالَت بَليتَ فَما نَراكَ كَعَهدِنا

لَيتَ العُهودَ تَجَدَّدَت بَعدَ البِلى

أَأُمامُ غَيَّرَني وَأَنتِ غَريرَةٌ

حاجاتُ ذي أَرَبٍ وَهَمٌّ كَالجَوى

قالَت أُمامَةُ ما لِجَهلِكَ ما لَهُ

كَيفَ الصَبابَةُ بَعدَ ما ذَهَبَ الصِبا

وَرَأَت أُمامَةُ في العِظامِ تَحَنِّيًا

بَعدَ استِقامَتِها وَقَصرًا في الخُطا

وَرَأَت بِلِحيَتِهِ خِضابًا راعَها

وَالوَيلُ لِلفَتَياتِ مِن خَضبِ اللِحى

وَتَقولُ إِنّي قَد لَقيتُ بَلِيَّةً

مِن مَسحِ عَينِكَ ما يَزالُ بِها قَذى

لَولا اِبنُ عائِشَةَ المُبارَكُ سَيبُهُ

أَبكى بَنِيَّ وَأُمَّهُم طولُ الطَوى

إِنَّ الرُصافَةَ مَنزِلٌ لِخَليفَةٍ

جَمَعَ المَكارِمَ وَالعَزائِمَ وَالتُقى

ما كانَ جُرَّبَ عِندَ مَدِّ حِبالِكُم

ضَعفُ المُتونِ وَلا اِنفِصامٌ في العُرى

ما إِن تَرَكتَ مِنَ البِلادِ مَضِلَّةً

إِلّا رَفَعتَ بِها مَنارًا لِلهُدى

أُعطيتَ عافِيَةً وَنَصرًا عاجِلًا

آمينَ ثُمَّ وُقيتَ أَسبابَ الرَدى

أَلحَمدُ لِلّاهِ الَّذي أَعطاكُمُ

حُسنَ الصَنائِعِ وَالدَسائِعِ وَالعُلى

يا اِبنَ الخَضارِمِ لا يَعيبُ جُباكُمُ

صِغرُ الحِياضِ وَلا غَوائِلُ في الجَبا

لا تَجفُوَنَّ بَني تَميمٍ إِنَّهُم

تابوا النَصوحَ وَراجَعوا حُسنَ الهُدى

مَن كانَ يَمرَضُ قَلبُهُ مِن ريبَةٍ

خافوا عِقابَكَ وَاِنتَهى أَهلُ النُهى

وَاِذكُر قَرابَةَ قَومِ بَرَّةَ مِنكُمُ

فَالرِحمُ طالِبَةٌ وَتَرضى بِالرِضا

سَوَّستَ مُجتَمَعَ الأَباطِحِ كُلِّها

وَنَزَلتَ مِن جَبَلَي قُرَيشٍ في الذُرى

أَخَذوا وَثائِقَ أَمرِهِم بِعَزائِمٍ

لِلعالَمينَ وَلا تَرى أَمرًا سُدى

يا اِبنَ الحُماةِ فَما يُرامُ حِماهُمُ

وَالسابِقينَ بِكُلِّ حَمدٍ يُشتَرى

ما زِلتُ مُعتَصِمًا بِحَبلٍ مِنكُمُ

مَن حَلَّ نُجوَتَكُم بِأَسبابٍ نَجا[٢٠]

قصيدة: بان الخليط ولو طوعت ما بانا

بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما بانا

وَقَطَّعوا مِن حِبالِ الوَصلِ أَقرانا

حَيِّ المَنازِلَ إِذ لا نَبتَغي بَدَلًا

بِالدارِ دارًا وَلا الجيرانِ جيرانا

قَد كُنتُ في أَثَرِ الأَظعانِ ذا طَرَبٍ

مُرَوَّعًا مِن حِذارِ البَينِ مِحزانا

يا رَبُّ مُكتَإِبٍ لَو قَد نُعيتُ لَهُ

باكٍ وَآخَرَ مَسرورٍ بِمَنعانا

لَو تَعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ لَنا

أَو تَسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا

كَصاحِبِ المَوجِ إِذ مالَت سَفينَتُهُ

يَدعو إِلى اللَهِ إِسرارًا وَإِعلانا

يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي مَطِيَتَهُ

بَلِّغ تَحِيَّتَنا لُقّيتَ حُملانا

بَلِّغ رَسائِلَ عَنّا خَفَّ مَحمَلُها

عَلى قَلائِصَ لَم يَحمِلنَ حيرانا

كَيما نَقولُ إِذا بَلَّغتَ حاجَتَنا

أَنتَ الأَمينُ إِذا مُستَأمَنٌ خانا

تُهدي السَلامَ لِأَهلِ الغَورِ مِن مَلَحٍ

هَيهاتَ مِن مَلَحٍ بِالغَورِ مُهدانا

أَحبِب إِلَيَّ بِذاكَ الجِزعِ مَنزِلَةً

بِالطَلحِ طَلحًا وَبِالأَعطانِ أَعطانا

يا لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ

أَو ساقِيًا فَسَقاهُ اليَومَ سُلوانا

أَو لَيتَها لَم تُعَلِّقنا عُلاقَتَها

وَلَم يَكُن داخِلَ الحُبُّ الَّذي كانا

هَلّا تَحَرَّجتِ مِمّا تَفعَلينَ بِنا

يا أَطيَبَ الناسِ يَومَ الدَجنِ أَردانا

قالَت أَلِمَّ بِنا إِن كُنتَ مُنطَلِقًا

وَلا إِخالُكَ بَعدَ اليَومِ تَلقانا

يا طَيبَ هَل مِن مَتاعٍ تُمتِعينَ بِهِ

ضَيفًا لَكُم باكِرًا يا طَيبَ عَجلانا

ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ

هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا

يا أُمَّ عَمروٍ جَزاكِ اللَهُ مَغفِرَةً

رُدّي عَلَيَّ فُؤادي كَالَّذي كانا

أَلَستِ أَحسَنَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ

يا أَملَحَ الناسِ كُلِّ الناسِ إِنسانا

يَلقى غَريمُكُمُ مِن غَيرِ عُسرَتِكُم

بِالبَذلِ بُخلًا وَبِالإِحسانِ حِرمانا[٢١]


للاطّلاع على سيرة الشّاعر، ننصحك بقراءة هذا المقال: نبذة عن الشاعر جرير.

المراجع

  1. "تنعى النعاة أمير المؤمنين لنا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  2. "أبا العوف إن الشول ينقع رسلها"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  3. "باع أباه المستنير وأمه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  4. "جزيت الطيبات أخا لقوم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  5. "إن الذي بعث النبي محمدا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  6. "يا عين جودي بدمع هاجه الذكر"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  7. " ليس زمان بالكميتين راجعاً"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  8. "ما أرضى بنصح بني كليب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  9. "يا تيم ما القارون في شدة القرى"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  10. "أسرى لخالدة الخيال ولا أرى"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  11. "أمست طهية كالبكار أفزها"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  12. "أمسى خليطك قد أجد فراقا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  13. "لا تحسبي سباسب العراق"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  14. "ألا حي دار الهاجرية بالزرق"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  15. "ألا حي الديار وإن تعفت"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  16. "لعمري لقد أشجى تميما وهدها"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  17. "طرقت لميس وليتها لم تطرق"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  18. جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي، ديوان جرير، صفحة 13-14.
  19. "ولقد رحلت إليكم عيدية"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
  20. جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي، ديوان جرير، صفحة 9.
  21. "بان الخليط ولو طوعت ما بانا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020.
5732 مشاهدة
للأعلى للسفل
×