قصائد جبران خليل جبران

كتابة:
قصائد جبران خليل جبران


يا عزيزينا اللذين اقترنا


يا عزيزينا اللذين اقترنا ليكن عيشكما عيش صفاء

خير ما يدعو المحبون به
لكما نسل كريم ورفاء

أن أدلين عروس كملت

بمعان خير ما فيها الوفاء
ودمتري ذو خصال يزدهى 
بحلاها الصادقون الشرفاء


قبس بدا من جانب الصحراء

قبس بدا من جانب الصحراء

هل عاد عهد الوحي في سيناء

أرنو إلى الطور الأشم فأجتلي

إيماض برق واضح الإيماء

حيث الغمامة والكليم مروع

أرست وقوراً أيما إرساء

دكناء مثقلة الجوانب رهبة

مكظومة النيران في الأحشاء

حتى تكلم ربها فتمزقت

بين الصواعب في سنى وسناء

وتنزلت أحكامه في لوحها

مكتوبة آياتها بضياء

أترى العناية بعد لأي هيأت

للشرق منجاة من الغماء

فأتيح في لوح الوصايا جانب

خال لمؤتنف من الإيصاء

وتخلفت بين الرمال مظنة

لتفجر في الصخرة الصماء

قد آن للعاشين في ظلمائهم

حقبا خروجهم من الظلماء

إني لميمون النقيبة ملهم

إبراء زمناهم وري ظماء

إن لم يقدهم قائد ذو مرة

متبين منهم مكان الداء

يهديهم سبل الرقي ملائما

لزمانهم وطرائق العلياء

ألشاعرية لا تزال كعهدها

بعد النبوة مهبط الإيحاء

والصوت إن تدع الحقيقة صوتها

والنور نور خيالها الوضاء

يا شيخ سيناء التي بعث الهدى

من تيهها في آية غراء

سنرى وأنت معرب عن حقها

كيف الموات يفوز بالأحياء


أيها المعرض عني

أيها المعرض عني

شفني لهفي عليكا

طال شوقي وأوامي

أرني أنظر إليكا


يرقى الذرى ويعيش مغتباطا

يرقى الذرى ويعيش مغتباطا

شعب على أعدائه خشن

تبكي العيون الشام راسفة

في القيد محدقة بها المحن

أتعز أمصار بفتيتها

وتهون تلك بهم وتمتهن

أشقى اليتامى في مرابعه

شعب يعيش وماله وطن


ما لجرح جرحته من ضماد

ما لجرح جرحته من ضماد

نفذ السهم في صميم فؤادي

رحمة يا زمان أين أميري

ونصيري بعد الحبيب الغادي

يا ليالي يوم أمسى عليلا

قد كسوتن بالسواد سوادي

بات من دائه حليف سهاد

وأنا من جوى حليف سهاد

ثمّ كان الفراق ما من رجاء

بعده للقاء قبل المعاد

أين أنسي إذا افتقدت أنيسا

آه من وحشتي وطول افتقادي

جاء شجوي من حيث كان سروري

كيف بدلت قربه ببعاد


ما باله ما أصابه

ما باله ما أصابه

ما ؤله في الغابة

هب الغداة واولى

إلى الزوال اضطرابه

آنا يبين وآن

يخفى وراء غيابه

أنى تنقل يمشي

في زينة وغرابه

موشحا بشعاع

أو مستقلا سحابه

أو خائضا بحر فيء

يشق شقا عبابه

تفر بين يديه

أهلهة لعابه

او عابرا بخطاه

مجرة مناسبة

من الوريقات تجري

بها الصبا الوثابه

حتى إذا الشمس مالت

بين الأسى والدعابه

تلقى وداعا بهيجا

والظل يلقي كاب

أجرت على منكبيه

حلى نضار مذابة

فلاح كالطيف لولا

هز النسيم ثيابه

ماذا توخيت يا من

اضوى العناء إهابه

من كل ذات غراس

وكل ذات عشابه

فكان ما رمت سؤلا

عزت إليه الإحابة

أردت في الزهر بكرا

فتنانة خلابه

عن كل بنت ربيع

بحسنها تنتابه

براقة عن ذكاء

ضحاكة عن جابه

فواحة عن خلال

ذكية مستطابة

نقية لم تطالع

بأعين مرتابه

للمجتلي هي روض

وللشجي صحابه

أنيبها في وفاء

عني أعز إنابه

لدى أميرة فضل

مصونة وهابه

بها جمال ونبل

إلى عل ومهابه

مقامها لا يسامى

كرامة وحسابه

أسدت إلي جميلا

وما قضيت نصابه

فظلت في الزهر أبغي

تلك التي لا تشابه

حتى إذا طال كدي

ولم افز بالطلابة

نظمتها من خيال

وصغتها بالكتابة

على الهدية رسما

تثيب بعض الإثابه


الطائر العالي مراده

ألطائر العالي مراده

ماذا يجشمه مراده

قد يبتغي أوجالسهى

ويخون همته عتاده

ويصاد بين صغاره

إن عز في القحم اصطياده

أودت بإسماعيل نجدته

وأضناه سهاده

رخصت عليه حياته

وغلت على قدر بلاده

لا بدع أن تفنى عزائمه

وأن يأتي رقاده

وفي الجهاد وطاح مختتم

بصرعته جهاده

سمح إذا جار المعاش

عليه أصنفه معاده

ألأريحية ذخره

ومكارم الأخلاق زاده

متشبث بالحق يرعاه

وبالله اعتضاده

جمع الأنام على اختلاف

في مشاربهم وداده

جمعا تالفت الخصوم به

وفي ذاك انفراده

فالشعب وفق في هواه

مسودوه أو سواده

أشهدت لهفته عليه

حين قيل دنا بعاده

ما في محبيه

امرؤ أقض به وساده

تشكو مرارته السؤاد

وفي مرائرهم سؤاده

أرأيت في التشييع ما

الشعب الحزين وما احتشاده

ولمحت ما تحت العبوسة

من شجى تورى زناده

وعرفت من جمر الأسى

ما ليس يستره رماده

وكأن بين ضولعهم

كبدا ألم بها كباده

أنظرت تقويض البناء

الضخم حين هوى عماده

وطغى على الأبصار

بعد بياضه الزاهي سواده

ريعت له شم الصروح

وعم أهليها حداده

فرثى لذاك البيت طارف

عزه ورثى تلاده

لهفي على نجم خب

لن يجدي العين الإتقاده

وعلى شبيه النصل أغمد

رونق النصر أغتماده

أين الفتى الحر الأبي

واين سؤدده وآده

أين الأديب الألمعي

وما يرقشه مداده

ما القول توحيه قريحته

ويبدعه اجتهاده

أين الخ البر الذي

يرجى نداه أو ذياده

أكفى مقيل إن كب

بأخيه في شوط جواده

أين النقي الطبع في

دهر قد استشرى فساده

طهرت من الأوضار شيمته

ولم يدنس بجاده

يا مضجعا للتوأمين

طوى جمالهما جماده

كأضالع الحاني على

ولديه قد لانت صلاده

سقيا ورعيا لا عداك

العفو ساكبة عهاده

ألفرقدا تواري

والأفق عاوده أربداده

فليعل فيه ثالث القمرين

وليسلم فؤاده
6747 مشاهدة
للأعلى للسفل
×