من قصائد محمود سامي البارودي
قصيدة: طرب الفؤاد وكان غير طَروب
قال محمود سامي البارودي:
طَرِبَ الْفُؤادُ وكانَ غَيْرَ طَرُوبِ
:::والْمَرْءُ رَهْنُ بَشاشَةٍ وَقُطُوبِ
وَرَدَ الْبَشِيرُ فَقُلْتُ مِنْ سَرَفِ الْمُنَى
:::أَعِدِ الْحَدِيثَ عَليَّ فَهْوَ حَسِيبي
خَبَرٌ جَلا صَدَأَ الْقُلُوبِ فَلَمْ يَدَعْ
:::فِيهَا مَجالَ تَحَفُّزٍ لِوَجِيبِ
ضَرَحَ الْقَذَى كَقَمِيصِ يُوسُفَ عِنْدَمَا
:::وَرَدَ الْبَشِيرُ بِهِ إِلَى يَعْقُوبِ
فَلْتَهْنَ مِصْرُ وَأَهْلُهَا بِسَلامَةٍ
:::جاءَتْ لَهَا بِالأَمْنِ بَعْدَ خُطُوبِ
بِالْمَاجِدِ الْمَنْسُوبِ بَلْ بِالأَرْوَعِ الْ
:::مَشْبُوبِ بَلْ بِالأَبْلَجِ الْمَعْصُوبِ
رَبِّ الْعُلاَ وَالْمَجْدِ إِسْمَاعِيلَ مَنْ
:::وَضَحَتْ بِهِ الأَيَّامُ بَعْدَ شُحُوبِ
وَرَدَ الْبِلادَ ولَيْلُها مُتَراكِبٌ
:::فأَضاءَهَا كَالْكَوْكَبِ الْمَشْبُوبِ
بِرَوِيَّةٍ تَجْلُو الصَّوَابَ وَعَزْمَةٍ
:::تَمْضِي مَضاءَ اللَّهْذَمِ الْمَذْرُوبِ
مَلِكٌ تَرَفَّعَ أَنْ تَكُونَ صِفاتُهُ
:::إِلَّا لَهُ أَوْ لاِبْنِهِ الْمَحْبُوبِ[١]
قصيدة: بقلبي للهوى داء عجيب
قال محمود سامي البارودي:
بِقَلْبِي لِلْهَوَى داءٌ عَجِيبُ
:::تَحَيَّرَ فِي تَلافِيهِ الطَّبِيبُ
إِذا أَخْفَيْتُهُ أَبْلَى فُؤادِي
:::وَإِنْ أَظْهَرْتُهُ غَضِبَ الْحَبيبُ[٢]
قصيدة: قالت وقد سمعتْ شِعري فأعجبها
قال محمود سامي البارودي:
قَالَتْ وقَدْ سَمِعَتْ شِعْرِي فَأَعْجَبَها
:::إِنِّي أَخَافُ عَلَى هَذَا الغُلامِ أَبِي
أَرَاهُ يَهْتِفُ بِاسْمِي غَيْرَ مُكْتَرِثٍ
:::وَلَوْ كَنَى لَمْ يَدَعْ لِلظَّنِّ مِنْ سَبَبِ
فَكَيْفَ أَصْنَعُ إِنْ ذَاعَتْ مَقَالَتُهُ
:::مَا بَيْنَ قَوْمِي وهُمْ مِنْ سادَةِ الْعَرَبِ
فَنَازَعَتْها فَتَاةٌ مِنْ صَوَاحِبِهَا
:::قَوْلًا يُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمَاءِ واللَّهَبِ
قَالَتْ دَعِيهِ يَصُوغُ الْقَوْلَ في جُمَلٍ
:::مِنَ الْهَوَى فَهْيَ آياتٌ مِنَ الأَدَبِ
وما عَلَيْكِ وفي الأَسْمَاءِ مُشْتَرَكٌ
:::إِنْ قالَ في الشِّعْرِ يا لَيْلَى وَلَمْ يَعِبِ
وَحَسْبُهُ مِنْكَ داءٌ لَوْ تَضَمَّنَهُ
:::قَلْبُ الْحَمامَةِ ما غَنَّتْ عَلَى عَذَبِ
فَاسْتَأْنَسَتْ ثُمَّ قالتْ وَهْيَ بَاسمَةٌ
:::إِنْ كانَ ما قُلْتِ حَقًّا فَهْوَ في تَعَبِ
يا حُسْنَهُ مِنْ حَدِيثٍ شَفَّ باطِنُهُ
:::عَنْ رِقَّةٍ أَلْبَسَتْنِي خِلْعَةَ الطَّرَبِ[٣]
قصيدة: أَهلال أرض أَم هلال سماء
قال محمود سامي البارودي:
أَهِلالُ أَرْضٍ أَمْ هِلالُ سماءٍ
:::شَمِلَ الزَّمَانَ وأَهْلَهُ بِضِيَاءِ
بَدَرَتْ لَوامِعُ مِنْهُ شَقَّ وَمِيضُها
:::حُجُبَ الظَّلامِ فَمَاجَ في لأْلاَءِ
وَبَدَتْ أَسِرَّتُهُ فَكانَتْ غُرَّةً
:::لِلْمُلْكِ فَوْقَ أَسِرَّةِ الْجَوْزَاءِ
نُورٌ تَوَلَّدَ بَيْنَ بَدْرٍ طالِعٍ
:::في أَوْجِ عِزَّتِهِ وَشَمْسِ عَلاءِ
أَكْرِمْ بِطَلْعَتِهِ هِلالاً لَم يَزَلْ
:::يَعْنُو إِلَيْهِ هِلالُ كُلِّ لِواءِ
هُوَ مَوْلِدٌ عَمَّ الْكِنانَةَ نُورُهُ
:::فَتَباشَرَتْ بِالْيُمْنِ وَالسَّرّاءِ
لَبِسَتْ بِهِ الدُّنيا جَمالَ شَبابِها
:::وَتَبَرَّجَتْ كَالغادَةِ الحَسْناءِ
فَاهْنَأْ بِعَبدِ القادِرِ الشَّهْمِ الَّذي
:::وافاكَ يَرْفُلُ في سَناً وَسَناءِ
وَاسْعَدْ بِهِ وَأَخِيهِ يا ابْنَ مَحَمَّدٍ
:::في ظِلِّ مُلْكٍ وارِفِ الأَفْيَاءِ
وَلَسَوْفَ تَنْجُمُ أَنْجُمٌ عَلَوِيَّةٌ
:::تَجْلُو ظَلامَ الشَّكِّ بِالآراءِ
مِنها صُدُورُ مَحَافِلٍ وَجَحَافِلٍ
:::في يَومِ أَقْضِيَةٍ وَيَوْمِ لِقَاءِ
وَبَوارِقٌ تَنْهَلُّ فينَا بالنَّدَى
:::وصَواعِقٌ تَنْقَضُّ في الأَعداءِ
وَكَأَنَّنِي بِكَ بَيْنَهُمْ مُتَرَفِّعًا
:::كَالْبَدْرِ بَيْنَ كَواكِبِ الخَضْراءِ
فانْعَمْ بِعِزِّكَ يا ملِيكُ ولا تَزَلْ
:::تَحْوِي يَدَاكَ مَقالِدَ الْعَلْياء ِ
لا زِلْتَ مَعْمُور الفِناءِ مُهَنًّأ
:::في نِعْمَةٍ مَوْصُولَةٍ بِبَقاءِ[٤]
قصيدة: وذي جبروت لا يرى غير نفسه
قال محمود سامي البارودي:
وَذِي جَبَرُوتٍ لا يَرَى غَيْرَ نَفْسِهِ
:::عَظِيمًا وَلا يُصْغِي إِلى قَوْل مُصْحِبِ
نَظَرْتُ إِلَيْهِ نَظْرَةً فَتَطامَنَتْ
:::غَوارِبُهُ وانْقادَ بَعْدَ التَّجَنُّبِ
وَمَا كُنْتُ لَوْلا أَنْ رَأَى كِبْرَ شَأْنِهِ
:::لأُصْدِرَهُ إِلَّا بِأَهْلٍ وَمَرْحَبِ
وَلَكِنَّنِي سَهْلٌ لِمَنْ رَامَ خُلَّتِي
- وَصَعْبٌ عَلَى ذِي الْكِبْرِياءِ الْمُغَلَّبِ
وَلَوْ أَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ شَقَاؤُهُ
:::لَطَارَتْ بِهِ في الناسِ عَنْقَاءُ مُغْرِبِ
وَلَكِنَّهُ أَلْقَى إِلَيَّ زِمَامَهُ
:::فَسِرْتُ بِهِ سَيْرَ الذَّلُولِ الْمُهَذَّبِ
وَلَيْسَ يَسُودُ المَرْءُ إِلَّا بِحِلْمِهِ
:::عَلَى قَوْمِهِ وَالصَّفْحِ عَنْ كُلِّ مُذْنِبِ[٥]
قصيدة: أَبعدَ ستّينَ لي حاجّ فأطلُبها
قال محمود سامي البارودي:
أَبَعْدَ سِتِّينَ لِي حَاجٌّ فَأَطْلُبهَا
:::هَيْهَاتَ ما لامْرِئٍ بَعْدَ الصِّبَا حاجُ
إِنَّ ابْنَ آدَمَ فِي الدُّنْيَا عَلَى خَطَرٍ
:::لا يَسْتَقِيمُ لَهُ قَصْدٌ وَمِنْهَاجُ
كَأَنَّمَا هُوَ في فُلْكٍ تُحِيطُ بِهِ
:::مِنْ جَانِبَيْهِ أَعاصِيرٌ وَأَمْواجُ
يَهْوَى الْبَقاءَ ومَكْرُوهُ الْفَنَاءِ بِهِ
:::وَيَسْتَعِزُّ بِأَمْنٍ فِيهِ إِزْعاجُ
لا أَحْفلُ الطَّيْرَ إِنْ غَنَّتْ وَإِنْ نَعَبَتْ
:::سِيَّان عِنْدِي صَفَّارٌ وَشَحَّاجُ
يَسْتَعْظِمُونَ مِنَ الْحَجَّاجِ صَوْلَتَهُ
:::وكُلُّ قَوْمٍ بِهِمْ لِلظُّلْمِ حَجَّاجُ[٦]
قصيدة: كيف طوَتكَ المنون يا ولدي
قال محمود سامي البارودي:
كَيْفَ طَوَتْكَ الْمَنُونُ يَا وَلَدِي
:::وَكَيْفَ أَوْدَعْتُكَ الثَّرَى بِيَدِي
وَا كَبِدِي يَا عَلِيُّ بَعْدَكَ لَوْ
:::كَانَتْ تَبُلُّ الْغَلِيلَ وَا كَبِدِي
فَقْدُكَ سَلَّ الْعِظَامَ مِنِّي وَرَدْ
- دَ الصَّبْرَ عَنِّي وَفَتَّ في عَضُدِي
كَمْ لَيْلَةٍ فِيكَ لا صَبَاحَ لَهَا
:::سهِرْتُهَا بَاكِيًا بِلا مَدَدِ
دَمْعٌ وَسُهْدٌ وَأَيُّ نَاظِرَةٍ
:::تَبْقَى عَلَى الْمَدْمَعَيْنِ وَالسَّهَدِ
لَهْفِي عَلَى لمحةِ النَّجَابَةِ لَوْ
:::دَامَتْ إِلَى أَنْ تَفُوزَ بِالسَّدَدِ
مَا كُنْتُ أَدْرِي إِذْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْ
:::كَ الْعَيْنَ أَنَّ الْحِمَامَ بِالرَّصَدِ
فَاجَأَنِي الدَّهْرُ فِيكَ مِنْ حَيْثُ لا
:::أَعْلَمُ خَتْلًا وَالدَّهْرُ كَالأَسَدِ[٧]
المراجع
- ↑ "طَرِبَ الْفُؤادُ وكانَ غَيْرَ طَرُوبِ"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
- ↑ "بِقَلْبِي لِلْهَوَى داءٌ عَجِيبُ"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
- ↑ "قَالَتْ وقَدْ سَمِعَتْ شِعْرِي فَأَعْجَبَها"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
- ↑ "أَهِلالُ أَرْضٍ أَمْ هِلالُ سماءٍ"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
- ↑ "وَذِي جَبَرُوتٍ لا يَرَى غَيْرَ نَفْسِهِ"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
- ↑ "أَبَعْدَ سِتِّينَ لِي حَاجٌّ فَأَطْلُبهَا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
- ↑ "كَيْفَ طَوَتْكَ الْمَنُونُ يَا وَلَدِي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.