قصائد نزار قباني عن الوطن

كتابة:
قصائد نزار قباني عن الوطن

قصيدة ترصيع بالذهب على سيف دمشقي

أتراها تحبني ميسـون؟

أم توهمت والنساء ظنون

يا ابنـة العم والهوى أمويٌ

كيف أخفي الهوى وكيف أبين

هل مرايا دمشق تعرف وجهي

من جديد أم غيرتني السنيـن؟

يا زماناً في الصالحية سـمح

أين مني الغوى وأين الفتون؟

يا سريري ويا شراشف أمي

يا عصافير، يا شذا، يا غصون

يا زورايب حارتي، خبئني

بين جفنيك فالزمان ضنين

واعذريني إن بدوت حزين

إن وجه المحب وجه حزين

ها هي الشام بعد فرقة دهر

أنهر سبعـة وحـور عين

آه يا شام، كيف أشرح ما بي

وأنا فيـك دائمـاً مسكون

يا دمشق التي تفشى شذاه

تحت جلدي كأنه الزيزفون

قادم من مدائن الريح وحـدي

فاحتضني كالطفل يا قاسيون

أهي مجنونة بشوقي إليها

هذه الشام، أم أنا المجنون؟

إن تخلت كل المقادير عني

فبعيـني حبيبتي أستعيـن

جاء تشرين يا حبيبة عمري

أحسن وقت للهوى تشرين

ولنا موعد على جبل الشيخ

كم الثلج دافئ وحنـون

سنوات سبع من الحزن مرت

مات فيها الصفصاف والزيتون

شام يا شام يا أميرة حبي

كيف ينسى غرامـه المجنون؟

شمس غرناطة أطلت علين

بعد يأس وزغردت ميسلون

جاء تشرين، إن وجهك أحلى

بكثير، ما سـره تشـرين ؟

إن أرض الجولان تشبه عينيك

فماءٌ يجري ولـوز وتيـن

مزقي يا دمشق خارطة الذل

وقولي للـدهر كن فيـكون

استردت أيامها بك بدرٌ

واستعادت شبابها حطين

كتب الله أن تكوني دمشق

بك يبدأ وينتهي التكويـن

هزم الروم بعد سبع عجاف

وتعافى وجداننا المـطعـون

اسحبي الذيل يا قنيطرة المجد

وكحل جفنيك يـا حرمون

علمينا فقه العروبـة يا شام

فأنت البيـان والتبيـيـن

وطني، يا قصيدة النار والورد

تغنـت بما صنعت القـرون

إركبي الشمس يا دمشق حصان

ولك الله حـافظ وأميـن.


القصيدة الدمشقية

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ

إنّي أحبُّ وبعـضُ الحـبِّ ذبّاحُ

أنا الدمشقيُّ لو شرّحتمُ جسدي

لسـالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ

و لو فتحـتُم شراييني بمديتكـم

سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا

زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا

وما لقلـبي –إذا أحببـتُ- جـرّاحُ

الا تزال بخير دار فاطمة

فالنهد مستنفر والكحل صبّاح

ان النبيذ هنا نار معطرة

فهل عيون نساء الشام أقداح

مآذنُ الشّـامِ تبكـي إذ تعانقـني

وللمـآذنِ كالأشجارِ أرواحُ

للياسمـينِ حقـولٌ في منازلنـا

وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتـاحُ

طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنـا

فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ

هذا مكانُ "أبي المعتزِّ" منتظرٌ

ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ و لمـاحُ

هنا جذوري هنا قلبي هنا لغـتي

فكيفَ أوضحُ؟ هل في العشقِ إيضاحُ؟

كم من دمشقيةٍ باعـت أسـاورَها

حتّى أغازلها والشعـرُ مفتـاحُ

أتيتُ يا شجرَ الصفصافِ معتذراً

فهل تسامحُ هيفاءٌ ووضّـاحُ؟

خمسونَ عاماً وأجزائي مبعثرةٌ

فوقَ المحيطِ وما في الأفقِ مصباحُ

تقاذفتني بحـارٌ لا ضفـافَ لها

وطاردتني شيـاطينٌ وأشبـاحُ

أقاتلُ القبحَ في شعري وفي أدبي

حتى يفتّـحَ نوّارٌ وقـدّاحُ

ما للعروبـةِ تبدو مثلَ أرملةٍ؟

أليسَ في كتبِ التاريخِ أفراحُ؟

والشعرُ ماذا سيبقى من أصالتهِ؟

إذا تولاهُ نصَّـابٌ ومـدّاحُ؟

وكيفَ نكتبُ والأقفالُ في فمنا؟

وكلُّ ثانيـةٍ يأتيـك سـفّاحُ؟

حملت شعري على ظهري فأتعبني

ماذا من الشعرِ يبقى حينَ يرتاحُ؟


قصيدة بلادي

من لثغة الشحرور .. من

بحة نايٍ محزنه ..

من رجفة الموال .. من

تنهدات المئذنه ..

من غيمةٍ تحبكها

عند الغروب المدخنه

وجرح قرميد القرى

المنشورة المزينه ..

من وشوشات نجمةٍ

في شرقنا مستوطنه

من قصة تدور

بين وردةٍ .. وسوسنه

ومن شذا فلاحةٍ

تعبق منها (الميجنه)

ومن لهاث حاطبٍ

عاد بفأسٍ موهنه ..

جبالنا .. مروحةٌ

للشرق .. غرقى ، لينه

توزع الخير على الدنيا

ذرانا المحسنه

يطيب للعصفور أن

يبني لدينا مسكنه ..

ويغزل الصفصاف ..

في حضن السواقي موطنه

حدودنا بالياسمين

والندى محصنه

ووردنا مفتحٌ

كالفكر الملونه ..

وعندنا الصخور تهوى

والدوالي مدمنه

وإن غضبنا .. نزرع

الشمس سيوفاً مؤمنه ..

5603 مشاهدة
للأعلى للسفل
×