أبو لهب
هو عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم عمّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وُلد في مكة وتوفي بها، وكنيته أبو عتبة، امتاز بالصرامة والحدة وجفاء الطباع وغلظة القلب وسرعة الغضب وحب الأصنام والعناية بها، أمّا صفاته الجسمانيّة فكان طويلًا فارع الطويل جَهور الصوت وسيمًا ذا وجهٍ أبيض مشرق مع حُمرةٍ حتى لقبه أبوه بأبي لهب، وقال بعض المفسرين أن هذا اللقب أُطلق عليه بعد نزول سورة المسد مقررةً أنه من أهل النار، وكان من أشد الناس فرحًا بمولد ابن أخيه محمدًا -عليه السلام- ثم انقلب ذلك الحب إلى عداءٍ، وهذا المقال يسلط الضوء على قصة أبو لهب.
قصة أبو لهب
قبل البعثة النبوية كان عبد العزى بن عبد المطلب من أشد الناس حُبًا لابن أخيه حتى أنّه أعتق ثويبة مولاته حين جاءته البشارة بولادته، ولاحقًا تزوّج ابنيْه عتبة وعُتيبة من ابنتي الرسول الكريم رقية وأم كلثوم -رضي الله عنهما- تقويةً لأواصر المحبة والقرابة، وحين بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وصدع بدعوة الحق كما أمره ربه كان عمه أبو لهب من أوائل المعادين للإسلام ولنبيه وساندته في ذلك العداء الشرس زوجته أم جميلٍ، فكان يعمد إلى إشعال النار في درب الرسول الكريم لمنعه من الوصول إلى الكعبة والصلاة عندها، كما أمر ابنيه عتبة وعُتيبة بتطليق ابنتيْ الرسول الكريم إمعانًا في إيذائه نفسيًّا، ولم يشارك في غزوة بدرٍ وأرسل نيابةً عنه العاص بن هشام، أمّا هو فجلس عند أصنام قريشٍ يناجيها ويطلب منها النصر لكن كانت الهزيمة المدوية من نصيبهم فحزن حزنًا شديدًا وكتم حزنه في نفسه وقيل هو السبب في إصابته بمرض العدسة -مرض جلدي كالطاعون- فمات منه وبقي ثلاثة أيامٍ دون أن يُدفن حتى أنتنت جثته، فخاف قومه من العار فحفروا حفرةً عميقةً ودفعوه إليها دفعًا وألقوا فوقه الحجارة من بعيدٍ خوفًا من العدوى. [١]
مضامين قصة أبو لهب
تضمّنت قصة أبي لهب واحدًا من أهمّ المفاهيم في الشريعة الإسلامية، وهو العدالة بين جميع الناس فلا محاباة لأحدهم كونه من أقارب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذ استحق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، فلم تشفع له قرابته تلك، كما تضمنت القصة: [٢][٣]
- نزول سورة المسد في أبي لهب وزوجته، والتي تحمل في ثناياه الإهانة في الدنيا والوعيد بالعذاب الشديد في الآخرة على الرغم من كونهما عمه وزوجة عمه.
- تعرُّض الرسول الكريم لشتّى أصناف العذاب والتنكيل من مشركي قريشٍ حتى من أقرب الناس إليه.
- طلاق ابتنيْ الرسول -عليه الصلاة والسلام- شكلٌ من أشكال الضغط النفسي عليه.
- النهاية العادلة لكلّ مَن حارب الله ورسوله في الدنيا.
مناسبة آية تبت يدا أبي لهب وتب
قال تعالى: "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ" [٤] هذه الآية الكريمة ضمن سورة المسد التي نزلت في أبي لهب حينما دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- أقاربه كي ينذرهم، فقال أبو لهب تبًّا لك ألهذا جمعتنا فأنزل الله هذه السورة.
لفظ تَبَّتْ هو دعاءٌ من الله تعالى على أبي لهب بالخسران مرتين: مرةً لذاته وأخرى لعمله، فالتَّب والتَّبابُ في اللغة العربية هو الخسران، وقال بعض المفسرون إنّ الجزء الأول من الآية: "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ" هو دعاءٌ عليه والجزء الثاني "وَتَبَّ" هو خبرٌ عنه أي أنه خسر عمل يديه وخسر هو أيضًا وقد قُدّمت اليدان على سائر الجسم لأنّهما آلة العمل والبطش والجبروت التي كانت تفتك وتبطش بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه. [٥]
المراجع
- ↑ موت أبي لهب عبرة ومعجزة،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 12-11-2018، بتصرف
- ↑ تفسيرسورة المسد،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 12-11-2018، بتصرف
- ↑ " لقاء النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه "،, "www.kalemtayeb.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 12-11-2018، بتصرف
- ↑ {المسد: الآية 1}
- ↑ تفسير الطبري سورة المسد،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 12-11-2018، بتصرف