قصة أم جميل زوجة أبي لهب

كتابة:
قصة أم جميل زوجة أبي لهب

من هو أبو لهب

أبو لهب هو عبد العزَّى بن عبد المطَّلب عمُّ الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- ويكنَّى أبا عتبة لكن والده عبد المطلب لقَّبه بأبي لهب لوسامته وإشراق وجهه، وهو الأخ غير الشقيق لعبد الله بن عبد المطلب والد الرسول، كان أول من جهرَ بعداوتِه للإسلام والدعوة التي جاء بها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ومارس العديد من أنواع الإيذاء والإساءة للرسول، وحاول كثيرًا صدَّ الناس عن الإسلام، وردَ ذكره في القرآن الكريم باسمه في سورة المسد، قال تعالى: "تبَّت يدا أبي لهبٍ وتبَّ" [١]، وفي هذا المقال حديثٌ عن قصة زوجة أبي لهب أم جميل وما تضمّنته قصتها من عبر. [٢]

قصة أم جميل زوجة أبي لهب

هي أروى بنت حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، أخت الصحابي الجليل أبي سفيان بن حرب، زوجة أبي لهب، كانت من سادات نساء قريش، وكانت دائمًا عونًا وسندًا لزوجها أبي لهب على محارية وإيذاء النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، وكانت دائمًا تضعُ الأشواك في طريق النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- حتَّى تُدمي قدميه وكانت تلقي الأشواك أيضًا على ثيابه التي يتركها حتى تجفّ بعد غسلها رغم صلة القرابة التي كانت تربطهم والجوار والمصاهرة، فقد تزوَّجت أبا لهب عمَّ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- وأنجبت منه عدَّة أبناء وهم: عتبة وعتيبة ومعتب ودرة وعزة وخالدة، وكان ابنها عتبة متزوِّجًا من أم كلثوم بنت رسول الله وابنها عتيبة كان متزوِّجًا من رقيَّة بنت رسول الله، اللتيْن تزوَّجَهما عثمان بن عفان بعد أن ضغطت أم جميل زوجة أبي لهب على ولديها أن يطلِّقا ابنتَيْ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-.

وقد كانتْ جارةٌ للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- فكان بيتها مجاورًا لبيت خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، ويُقال إنّها تبرَّعت بعقدِ ذهب في جيدها من أجل إيذاء النبيّ فأبدلها الله حبلًا من مسد، فكانت لا تتركُ عملًا يؤذي النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- إلا حاولت أن تقوم به وتُساند زوجَها عليه، وعندما دعا الرسول قومَه إلى جبل الصفا ليخبرهم بدعوته، قال له أبو لهب: تبًّا لكَ سائرَ اليوم، ألهذا جمعتنا، فأنزل الله بعد ذلك فيه وفي زوجته سورة المسد، قال تعالى: "تبَّتْ يدَا أبِي لهَبٍ وتَبَّ * ما أَغنَى عنهُ مالُهُ ومَا كسَبَ * سيصْلَى نارًا ذاتَ لَهبٍ * وامرَأَتُهُ حمَّالةَ الحَطبِ * في جيدِهَا حَبلٌ منْ مَسدٍ" [٣].

ولمَّا سمعت أم جميل زوجة أبي لهب ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن الكريم أتت رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو جالسٌ عند الكعبة ومعه أبو بكرٍ الصديق وفي يدها حجرًا مستطيلًا، فلمَّا وقفت عليهما أخذ الله بصرها عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ولم تعد ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكرٍ أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدتُه لضربتُ بهذا الفِهر فاه، أما والله إنِّي لشاعرةٌ وأنشدت قائلةً: "مذَمَّمًا عصينا وأمرَه أبينا ودينَه قَلينا"، ثمَّ انصرفت. فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله أما تراها رأتك؟، فقال: "ما رأتني، لقد أخذ الله ببصرِها عني"، فكانت أم جميل امرأةً سَليطةً تبسُط لسَانَها في رسول الله، وتُطيل عَليه الافتِراءَ والدسَّ، وتُؤجِّج نَار الفِتْنةِ، وتُثير حربًا شَعواءَ شرسةً على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- [٤].

مضامين قصة أم جميل زوجة أبي لهب

في قصة أم جميل زوجة أبي لهب الكثير من العبر التي يخبرُنا بها الله تعالى والتعاليم التي يجبُ على المسلمين الاقتداء بها، بدايةً من الصبر على أذى الكافرين والمُسيئين كما صبر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فالصبر من الخصال التي حثَّ عليها الإسلام كثيرًا وأكَّد أن للصابرين أجرًا كبيرًا عندَ الله، قال تعالى: "إنَّما يوفَّى الصَّابرون أجرَهم بغيرِ حسابٍ" [٥]، وأيضًا نجد في مجريات القصة أنَّ الله لا يضيع عنده مثقال ذرة فمن ظلمَ سيعاقبه الله تعالى والجزاء من جنس العمل وأنَّ دعوةَ المظلوم مستجابة، فكما كانت أم جميل زوجة أبي لهب تؤذي رسول الله بالشوك، فبينما هي حاملةٌ ذاتَ يومٍ حزمةً من ذلك الشَّوك، فقعَدت على حجَرٍ لتَستريح، فجُذبت مِن خَلفها.

وقد كانت تَحْتَطب في حبلٍ تَجعَله في جيدها من لِيفٍ، فخنَقها اللهُ -جلَّ وعزَّ- بهِ فهلَكَت وهو في الآخرة حَبْلٌ من نَارٍ في جيدها ولذلك نجد تحريم أذيةُ المؤمنين بشكلٍ مطلقٍ، وفي القصة معجزةٌ خالدةٌ إلى قيام الساعة وهي دليلٌ على صدق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-؛ لأنَّ سورة المسد نزلت في أبي لهب وزوجته وتوعَّدتهما بالنَّار، وأكَّدت على أنَّهما سيموتان على الكفر ولو استطاعا لأعلنا إسلامَهما من أجل تكذيب القرآن الكريم ولكنَّه وعدُ الله تعالى الصادق، فقد صدقَ الله وماتَ أبو لهب وزوجته وهما على الكفر. [٤]

مواضع ذكر قصة أم جميل زوجة أبي لهب في القرآن

لم تَرِدْ قصّة أم جميل زوجة أبي لهب إلَّا في سورة واحدة من القرآن الكريم وهي سورة المسد، والتي تحدَّثت عن أبي لهب وزوجته بشكلٍ مختَصر وتوعدتمها بنار جهنَّم في الآخرة وحبلٍ من مسدٍ في جيدِ زوجة أبي لهب جرَّاء ما فعلاه برسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- من أذى وإساءة، قال تعالى: {تبَّتْ يدَا أبِي لهَبٍ وتَبَّ * ما أَغنَى عنهُ مالُهُ ومَا كسَبَ * سيَصْلَى نارًا ذاتَ لَهبٍ * وامرَأَتُهُ حمَّالةَ الحَطبِ * في جيدِهَا حَبلٌ منْ مَسدٍ} [٣]. [٦]

المراجع

  1. {المسد: الآية 1}
  2. أبو لهب, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 26-11-2018، بتصرف
  3. ^ أ ب {المسد: الآيات 1 - 5}
  4. ^ أ ب لا تكونوا كحمالة الحطب, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 26-11-2018، بتصرف
  5. {الزمر: الآية 10}
  6. حمالة الحطب, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 26-11-2018، بتصرف
6124 مشاهدة
للأعلى للسفل
×