محتويات
ابن بطوطة يبدأ رحلاته
في سنة 1355 للميلاد كتب رجل عجوز في السطور الأخيرة من كتاب استغرق في كتابته عدة أعوام: "هُنا انتهت الرحلة المسماة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) وكان الفراغ من تقييدها في ثالث ذي الحجة عام ستة وخمسين وسبعمائة للهجرة"،[١] كان هذا الرجل العجوز هو أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي بن بطوطة، المولود في طنجة 703 هجري / 1303 ميلادي.[٢]
رحل ابن بطوطة من طنجة عندما بلغ الثانية والعشرين من عمره، وكان يُريد الحجّ وزيارة مكة المكرمة وزيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-،[٢] وبعد أن انتهى من زيارته قرر أن يذهب إلى العراق، فقال عن بغداد: "مدينة دار السلام، وحضرة الإسلام، ذات القدر الشريف والفضل المنيف مثوى الخلفاء ومقر العلماء".[٣]
ابن بطوطة يعود لمكة مجددًا لينطلق منها
بعد ذلك رحل إلى بلاد فارس، وبعد أن انتهى من رحلته قرر العودة إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج مرة ثانية، وقال في وصفه لخُدّام المسجد الشريف مسجد رسول الله عندما كان يراهم في المسجد: "وخدام هذا المسجد الشريف وسدنته فتيان من الأحابيش وسواهم، وهم على هيأت حسان وصور نظاف، وملابس ظراف، وكبيرهم يعرف بشيخ الخدام، وهو في هيئة الأمراء الكبار، ولهم المرتبات بديار مصر والشام، ويوتي إليهم بها في كل سنة".[٤]
ثم طاف ابن بطوطة في شواطئ البحر الأحمر، وبعدها انتقل إلى اليمن، وكان يُقيم بكل مدينة يزورها فترة من الزمن، ثم يرحل منها إلى غيرها، وبعد اليمن ذهب إلى شواطئ أفريقيا، ثم انتقل إلى دولة عُمان والخليج الفارسي، وبعدها عاد إلى مكة المكرمة، وأقام فيها بضعة أعوام كي يدرس علوم الدين والفقه.[٥]
ثم قام وحجّ فيها للمرة الرابعة قبل أن ينطلق ويعود إلى بلاد المغرب بعد رحلته الآسيوية الطويلة والكبيرة إلى الهند، واستلم القضاء في الهند خمس سنوات،[٥] ثم بعدها اتّجه نحو الصين ثم نحو جزر المالديف، وتولّى أيضًا القضاء فيها لمدة ثلاث سنوات، وهناك شاهد السمك البحري وأشجار النارجيل، وذكر أنّ بيوت أهلها من الخشب، وأنّ سكانها أهل نظافة وتنزه عن الأقذار ولهم أمانة وأدب.[٦]
كما قصّ ابن بطوطة في كتابه قصصًا حول الكثير من الأقطار النائية، مثل: البلغار، المغول، السودان الغربي، ويُعد ابن بطوطة من الرحالة الذين لا تقسيم لهم، فهو رحال بري وبحري وجغرافي حيّر العديد من المفكرين، فعاملوه معاملةً خاصةً، وأفردوا له أبوابًا للحديث عن أدب رحلاته وأهميتها.[٧]
ابن بطوطة يُؤلف كتابه
عندما عاد ابن بطوطة إلى المغرب استدعاه الحاكم (سلطان فاس) في ذلك الوقت وسمع منه ما شاهده في البلدان، وأمره أن يكتب أخبار رحلاته التي تنقّل فيها بين البلدان، وعيّن له كاتبًا يُسمى ابن جزّي حتى يُدوّن له أحداث رحلاته، وكتبها في كتاب اسمه (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)، الذي عُرِف فيما بعد برحلة ابن بطوطة، فكانت رحلاته هي التي عرّفت الناس به.[٨]
المراجع
- ↑ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي، رحلة ابن بطوطة، صفحة 280. بتصرّف.
- ^ أ ب حازم محمد، علماء عرفهم الإسلام، صفحة 31-34. بتصرّف.
- ↑ محمد بن عبد الله ابن بطوطة، ابن جزي الكلبي، رحلة ابن بطوطة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، صفحة 156. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي، رحلة ابن بطوطة، صفحة 343-357. بتصرّف.
- ^ أ ب حسن عبد السميع محسن، ابن بطوطة الرحالة وكيف صور المجتمع الإسلامي في عصره؟، صفحة 26-27. بتصرّف.
- ↑ توماس ج ابيركوني، "ابن بطوطة أشهر الرحالة"، مجلة الفيصل، العدد 190، صفحة 41. بتصرّف.
- ↑ حسن عبد السميع محسن، ابن بطوطة الرحالة وكيف صور المجتمع الإسلامي في عصره؟، صفحة 72. بتصرّف.
- ↑ سيد حامد النساج، "دعوة لدراسة أدب الرحلات"، مجلة الفيصل، العدد 186، صفحة 91-92. بتصرّف.