محتويات
ترك موسى هارون لملاقاة ربّه
كم يومًا صام موسى -عليه السّلام- عندما ذهب إلى جبل الطّور؟
وعد الله -عزّ وجلّ- موسى -عليه السّلام- حينما كان في مصر بأن ينزل عليه كتابًا فيه يحلّ فيه الحلال ويحرّم الحرام، فلمّا محق الله فرعون وقومه تذكّر بنو إسرائيل وعدَ الله لهم بالكتاب، فسأل موسى ربه ذلك، فأمره أن يصوم ثلاثين يومًا ويأتي إلى جبل طور سيناء لكي يكلّمه الله ويعطيه الكتاب وهو صائم، فصام موسى -عليه السّلام- كما أمره الله عزّ وجلّ.[١]
ثمّ سار إلى الجبل وجعل أخاه هارون -عليه السّلام- خليفةً له على بني إسرائيل، وفي طريقه إلى الجبل تنبّه إلى أنّ رائحة فمه ليست بطيبة، فاستاك بعودٍ أو ببعض لحاء شجرة فأوحى الله إليه: "أما علمت أن خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك؟"، ثمّ قضى موسى الثّلاثين يومًا فأمره تعالى أن يُتمّ أربعين يومًا صيامًا، فصامها، فكانت الأيّام العشرة الأخرى هي العشر الأولى من شهر ذي الحِجّة، ففي تلك الليالي العشر افتُتِنَ قومه بنو إسرائيل وتركوا دينهم.[١]
السامري
إلى من ينتسب السّامريّ؟
وهو رجلٌ من بني إسرائيل وقيل إنّه لم يكن منهم بل كان من أهل باجرمى يقال له السّامريّ، وهو الذي كان سببًا في افتتان قوم موسى -عليه السلام- بني إسرائيل عن دينهم، حيث فعل أفعالًا شككتهم في عقيدتهم ودينهم وكانت سببًا في أن تركَ كثير منهم دينهم بسببه،[٢] أو قيل هو من قوم يعبدون البقر، وكان حب تلك العبادة يجري في عروقه.[٣]
جمع السامري لحلي القوم وصناعة العجل!
من أين أحضر السّامريّ الحُليّ؟
لقد كان السّبب في افتتان قوم موسى -عليه السّلام- أنّ السّامريّ أخذ حُليًّا من حفرةٍ وجعلها على شكل عجل، وكانت هذه الحليّ لبني إسرائيل غنِموها أو استعاروها من القِبط فجمعها هارون -عليه السّلام- منهم وجعلها في حفرة ينتظر مجيء موسى -عليه السّلام- ليحكم لهم فيها.[٤]
فلمّا جعل السّامريّ تلك الحُليّ على شكل عِِجل في ثلاثة أيّام أحضر حفنةً من ترابٍ كانت قد داسته دابّة جبريل -عليه السّلام- فألقاه على ذاك العجل فصار عجلًا جسدًا من لحم ودمٍ له خُوار مثل خوارالعجل الحقيقيّ.[٤]
السامري يطلب من القوم عبادة العجل!
هل عبد قوم موسى العجل؟
فلمّا رأى بنو إسرائيل العجل قالوا بأنّه هو الإله، وقالوا: "نسي موسى ربّه عندنا، وذهب يتطلبه، وهو هاهنا"، تعالى الله وجلّ عن قولهم هذا،[٥] ثمّ أشركوا بأن عبدوا العجل من دون الله كلّهم إلّا اثنا عشر ألفًا منهم وكان عددهم أكثر من ذلك بكثير،[٦] وقال الله -تعالى- مبينا لهم بطلان ما ذهبوا إليه: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}،[٧] وفي هذه الآية إشارة واضحة على أنّ هذا العجل الذي صنعه السامريّ لا يمكن أن يكون إلهًا، فإنّ من صفات الإله أن يضرَّ وينفع، وهذا العجل لا يستطيع ضرًّا ولا نفعًا، ثمّ إنّ هذا العجل لا يستطيع أن يكلّمهم ولا أن يهديهم لأمرٍ، ولا يمكن أن يكون هذا العجل إلهًا وهذه صفته.[٨]
محاولة هارون أن يعيد القوم إلى عبادة الله
هل قاتل هارون من ارتدّ عن دينه من بني إسرائيل؟
فلمّا عكفوا على العجل يعبدونه من دون الله -جلّ وعلا- أخبرهم هارون -عليه السّلام- بأنّ هذا العجل لا يعقل أن يكون إلهًا وأخذ يحثّهم بذلك على ترك عبادة العجل من دون الله تعالى؛ فاستجاب له بعضهم وأبى آخرون إلّا عبادة العجل وطاعة الهوى؛ فقالوا: {لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى}،[٩][٨] فأقام هارون بمن معه من المؤمنين وتركَ أولئكَ القوم فلم يقاتلهم.[١٠]
عودة موسى!
ما هو الكتاب الذي نزل على موسى عليه السّلام؟
ثمّ عاد موسى -عليه السلام- إلى بني إسرائيل ورأى ما هم عليه من عبادة العجل، وكانت معه الألواح التي كتب عليها التوراة فألقاها من هول ما رأى من انقلاب قومه عن دينهم، ثم أقبل إلى القوم فعنّفهم ووبّخهم لما رأى من هذا الفعل القبيح، ثم أقبل على أخيه هارون -عليهما السلام- فقال له: {يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي}،[١١] وفي هذا ينكر موسى على هارون -عليهما السّلام- عدم مجيئه إليه وإخباره بالأمر فور حدوثه، فأجابه هارون عليه السّلام بأنّ عدم مجيئه هو لأنّه خشي أن يكون ذهابه عنهم سببًا في التّفريق بين بني إسرائيل، فاستغفر موسى -عليه السّلام- الله له ولأخيه.[٨]
عقوبة موسى للسامري!
ما معنى قوله: {فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ}؟
ثم جاء موسى إلى السّامريّ فقال: {فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيّ}،[١٢] مستفسرًا عن سبب فعله لهذا الأمر الشّنيع، فأجابه السّامريّ أنّه رأى أثرَ فرس جبريل عليه السلام، وقيل إنّ فرسه كانت كلّما داست على موضع اخضرّ وخرج العشب فيه، فأخذ من أثرها ثمّ ألقاه على هذا العجل الذي كان من ذهب فصار له خوار، وكان ما كان، فقال له موسى عليه السّلام: {فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ}،[١٣] وهذا عقاب عاقب به موسى السّامريّ ويعني أن يهجر قومه وينفى عنهم فلا يمسّهم ولا يمسّونه.[١٤]
ماذا فعل موسى بالعجل؟
قال تعالى على لسان موسى: {وَانظُرْ إِلَى إِلهكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا}،[١٣] فأخذ موسى -عليه السّلام- العجل، ثمّ بَرَدَه فجعله متناثرًا كالذّرّات وألقاه في الهواء فتبعثر كأن لم يكن، وكان هلاك العجل بهذه الطريقة لأنّه كان من ذهب، فلا يناسبه الحرق في النار، وكما أنّ النّار تجعل الشيء رمادًا كذلك جعل موسى -عليه السّلام- العجل متناثرًا كالرّماد.[١٥]
العبر المستفادة من قصة السامري
يمكن استنباط الكثير من العبر من هذه القصّة، من ذلك:[٨]
- الهداية أمرٌ بيد الله تعالى؛ إذ إنّ كثير من الناس يضلّون عن طريق الحق وينحرفون إلى طريق الغواية مع وجود كثير من الطرق التي تدل على الطريق الحق.
- وجوب التروي والتحقق والاستقصاء عن الحقيقة قبل إنزال العقوبة، وذلك ما فعله موسى -عليه السلام- حينما عاد من الجبل، فسأل أخاه ثم سأل السّامريّ عمّا فعل.
- إنّ الله -تعالى- قد يمتحن عباده ليبلوهم أيّهم أكثر إيمانًا، فعلى المؤمن أن يتنبّه لذلك ويثبت كما ثبت الذين كانوا مع هارون عليه السلام.
يمكنك التعرّف على قصة النبي موسى كاملة بالاطلاع على هذا المقال: قصة موسى عليه السلام
المراجع
- ^ أ ب أبو الحسن ابن الأثير، الكامل في التاريخ، صفحة 164 - 165. بتصرّف.
- ↑ ابن الأثير، أبو الحسن، الكامل في التاريخ، صفحة 165. بتصرّف.
- ↑ ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، صفحة 353. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو الحسن ابن الأثير، الكامل في التاريخ، صفحة 165. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، البداية والنّهاية، صفحة 167. بتصرّف.
- ↑ النسفي، أبو البركات، تفسير النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل، صفحة 379. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية:88
- ^ أ ب ت ث ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 146 - 150. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية:91
- ↑ أبو الحسن ابن الأثير، الكامل في التاريخ، صفحة 166. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية:92 - 93
- ↑ سورة طه، آية:95
- ^ أ ب سورة طه ، آية:97
- ↑ ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 122. بتصرّف.
- ↑ الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 9372. بتصرّف.