قصة الفيل في القرآن

كتابة:
قصة الفيل في القرآن

الكعبة المشرفة

هي بيت الله الحرام وقبلة المسلمين الذي أمرهم الله -تعالى- باستقبالها عند كلّ صلاة وذلك في قوله: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[١]، ولكنّ بناء الكعبة مرّ بمراحل عديدة على مرّ العصور وكلّها كان لترميمها وتحسين بناءها، فكان أول من بناها هم الملائكة بأمرٍ من الله -تعالى- ثمّ آدم -عليه السلام- ثمّ أبناء آدم ومن بعدهم إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- ثم العمالقة وبعدها ترممت في عهد الإسلام على يد عبد الله بن الزبير الأسدي -رضي الله عنه-، وقد حدثت واقعة الفيل والتي كانت بغرض هدم الكعبة، وسيأتي هذا المقال على ذكر أحداث قصة الفيل في القرآن.[٢]

قصة الفيل في القرآن

كانت الكعبة المشرفة منذ قديم الأزل مقصد الناس لأداء العبادات سواءٌ أكانوا مسلمين ومؤمنين بالله -تعالى- أو كانوا يعبدون من دونه أصنامًا وأوثان، وكما ورد في قصة الفيل في القرآن الكريم فإنّ أحداث القصة بدأت عندما سمع أبرهة الحبشي أنّ قبائل العرب تتجهّز للحج إلى الكعبة ويجهزون القرابين والهدايا، وكان أبرهة حينها وزيرًا للنجاشي ملك الحبشة، فبنى كنيسةً عظيمة ودعا الناس إلى الحج إليها، لكنّ أحدًا لم يستجب له لما للكعبة المشرفة من الأهميّة الدينية العظيمة، غير أنّ رجلً من قبيلة كنانة العربية دخل ليلًا ولطّخ قبلة الكنيسة، فلم يعجب هذا الأمر أبرهة وعزم على هدم الكعبة عندما علم أنّ من قام بهذا هو أحد أهل بيتها، وكان من عاداتهم في الحروب حينها استخدام الفيل لشدة قوته وتحمّله وصعوبة هزيمته، فجهّز أبرهة جيشًا وأعدّ الفيلة واتجه إلى مكة المكرمة حيث توجد الكعبة المشرفة.[٣]

فلمّا سمع العرب بقدوم جيش أبرهة لهدم الكعبة خرج ملك اليمن لقتاله لكنّ أبرهة هزمه وأسره، واعترضته بعض القبائل العربية أيضًا فهزمهم وأسر قادتهم، ولمّا وصل إلى مشارف مكة بعث برسولٍ منه إلى أشراف مكة، وكان حينها عبد المطلب -جدّ رسول الله- هو سيّد قريش، وكانت رسالته بأنّ أبرهة ومن معه لم يأتوا مقاتلين أو غازين بل جاؤوا لغرض هدم الكعبة هذا البيت العتيق، ونظرًا لما رأى عبد المطلب من قوة أبرهة وجيشه أمر أهل قريش بالخروج من مكّة إلى الجبال والشُعب، وقال مقولته المشهورة "للبيت ربٌّ يحميه"، فإن المشركين ومع كلّ ما كانوا عليه من الكفر والعصيان كانوا يؤمنون بوجود الله ربّ البيت الحرام، وكان ما أمر به عبد المطلب وتم إخلاء مكة من سكانها ووقف الجميع يترقب ما سيحدث.[٣]

ولما وصل أبرهة قبالة الكعبة المشرفة معتليًا الفيل وعازمًا على هدمها، وقف الفيل دون حراك وهمّ بالجلوس في مكانه فضربه أبرهة بمعولٍ كان معه فلم يتحرك، وأصبح الجنود يضربونه ويدفعون به ولكنّه لم يتحرك ولما وجهوه إلى جهة اليمن هرول إليها وإذا جعلوه باتجاه الكعبة وقف ولزم مكانه، ثمّ إنّ الفيل ركض واختبئ خلف أحد جبال مكة، فأرسل الله -جلّ وعلا- الطير أسرابًا عظيمة وكلٌّ منها يحمل حجارةً من نار وأصبحت تلقي حجارتها على أبرهة ومن معه وكان كلّ حجرٍ يصيب أحدًا منهم ويهلكه حتى احترقت أجساده وبان عظمهم، وقد وردت قصة الفيل في القرآن الكريم في قوله -تعالى- : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ}[٤]، فحجارة السجيل هي حجارةٌ من نار والعصف المأكول هو الطعام المأكول والمردود بعد أكله.[٣]

وقال أهل السيرة أنّ الله -جلّ وعلا- أصاب أبرهة بداءٍ في جسمه بحيث أصبح يتساقط منه إصبعًا إصبع إلى أن وصل إلى قومه كأنه فرخ طير ثمّ مات وهو على هذه الحال، وقد كانت حادثة الفيل إثباتًا لخلق الله جميعًا بأنّ الله موجودٌ وأنّه هو من حمى بيته الحرام، فزاد هذا الأمر الكعبة تشريفًا وعظمةً، وقد سجّل التاريخ هذه الحادثة لما كان فيها من المعجزات التي لم تكن موجودةً في ذاك الزمان، وإنّ تلك الحادثة كانت بمثابة إعلانٍ بفساد كلّ من في الأرض ليبعث الله -جلّ وعلا- نبيّه محمدًا مبشرًا ونذيرا.[٣]

عام الفيل

نظرًا لعظمة ما حدث مع أصحاب الفيل عند محاولتهم هدم الكعبة المشرفة، أطلق العرب على العام الذي وقعت به تلك الحادثة اسم عام الفيل، وأصبح تاريخًا يرجع إليه الناس وينسبون السنين له، ومن أهمّ الأحداث التي قامت في عام الفيل أيضًا هي ولادة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد جاء عن الصحابيّ الجليل عبد الله بن عباس في نًّص الحديث الشريف أنّه قال: " وُلِدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عامَ الفيلِ يومَ الاثنينِ الثامنَ عشرَ من شهرِ ربيعِ الأولِ وفيه بُعِثَ وفيه عُرِجَ به إلى السماءِ وفيه هاجرَ وفيه مات"[٥]، وبهذا يكون عام الفيل لدى المسلمين عامًا مميزًا ففيه حفظ الله -جلّ وعلا- الكعبة وزادها عظمةً وفيه ولد رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-.[٦]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية: 144.
  2. "بناء الكعبة قبل الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-06-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث "أصحاب الفيل"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-06-2019. بتصرّف.
  4. سورة الفيل، آية: 01-05.
  5. رواه ابن كثير ، في البداية والنهاية، عن جابر بن عبدالله و عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2/242 ، مشهور.
  6. "عام الفيل"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 16-06-2019. بتصرّف.
3948 مشاهدة
للأعلى للسفل
×