الأنبياء الصالحين
خلقَ الله تعالى جنس البشر ليستخلفهم في الأرض، وجعلَ منهم الصالح والمُفسد وجعلَ بينهما صِراعًا يدور إلى يوم القيامة؛ ومن رحمةِ الله عزَّ وجلَّ بالبشر فقد أرسلَ إليهم الرسل والأنبياء لكي يقوموا بالدعوةِ إلى التوحيد وإصلاح البشر وإرشادهم ومن أجل معرفةِ الصالح من المُفسد أيضًا فمن حكمة الله تعالى وعدله أنه لا يُعذبُ قومًا قبل أن يُرسل إليهم الرسل لينذروهم ويُخبروهم بالدين والأعمال الصالحة كما قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا}[١] وأيضًا بذلك تُقام الحجةُ عليهم بأن الدعوة قد وصلتهم ولكنم استكبروا وأعرضوا؛ ومن بين هؤلاء الأنبياء الّذين أرسلهم الله عزَّ وجلَّ النبي زكريا عليه السلام، فما هي قصة النبي زكريا وما الثمرات التي يُمكن الاستقادة منها؟.[٢]
قصة النبي زكريا للأطفال
يمتدُّ نسبُ النبي زكريا عليه السلام إلى النبي يعقوب عليه السلام وقد كانَ عهدُ النبي زكريا قريبًا من النبي عيسى عليه السلام وذلك وفقًا للقصص التي أخبرت عن أن النبي زكريا قد كفل السيدة مريم عليها السلام، وقد وردَ اسم النبي زكريا في القرآن سبعَ مرات وتمَّ الحدبثُ عن قصة النبي زكريا في ثلاثة مواضع في سورٍ مختلفة وهي: آل عمران، ومريم، والأنبياء؛ كما ورد أن النبي زكريا كان نجارًا، وقد تم شرح القصة بشكل تفصيلي في سورة مريم لأنَّ القصة تُعدُّ جزءًا من كرامات مريم عليها السلام فقد أخبرنا القرآن أن قصة النبي زكريا بدأت عندما تقدمّ به العمر وبدأ الشيب يظهرُ على رأسه وأن امرأته قد تقدم بها السن أيضًا وكانت عاقرًا فلم تضع له مولودًا لكي يحملَ اسمه ويتمكنَّ من أن يرثَ عنه حكمته لأنَّ مواليه وأبناء عمومته كانوا أشرارًا وليس لديهم وازع ديني يمنعهم عن الشر كما قال تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا}[٣] وظلت هذه الخواطر في بال النبي زكريا إلى أن دخل ذاتَ يومٍ للمعبد ليتعبد الله فوجد مريم عليها السلام في محرابها ووجد عندها فاكهة الصيف في وقت الشتاء فقال لها: أنى لك هذا؛ فقالت له أن هذا من عند الله وأن الله يرزق من يشاء بغير حساب، بعد ذلك أدرك زكريا عليه السلام الأمر وتوجه إلى دعاءِ الله عزَّ وجلَّ بأن يهب له ذرية صالحة فبعدها سمع الملائكة تبشره بأن هناك مولودًا قادمًا اسمه يحيى عليه السلام وأنه سيكون نبيًا أيضًا فقال عندها أنه كيف يكون لي ولدًا وامرأتي عاقر وقد بلغت الكبر في السن وقد كان هذا السؤال طلبًا للطمأنينة وليس شكًا في رحمة الله ولكن أتاه الردُ من الملائكة كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}[٤][٥]
الفوائد والثمرات المقتطفة من القصة
بعد سرد أحداثِ هذه القصة الجميلة وهي قصة النبي زكريا عليه السلام وما حدث بينه وبين مريم بنت عمران عليه السلام وكيف أنَّه تمَّ رزقه بيحيى عليه السلام رغم عدمِ حصول هذا الشيء في الحياة الطبيعية وبمثلِ هذه الظروف فإننا نستخلص من هذه القصة العديد من الدروس والعبر المفيدة ومن أهمها ما يأتي:[٦]
- التدرج في الأمور التي لا تكون في العادة: فالذي رزق مريم بالطعام في غير آوانه هو نفسه الذي رزقَ زكريا بمولود مع أن الأسباب لمجيئه كانت شبيهة بالاستحالة وهو نفسه الذي رزق مريم عليها السلام بمولودٍ من غيرِ أب، وهذه هي قدرة الله سبحانه وتعالى ولكنه سبحانه تدرج معنا في هذه الأمور لكي تستطيع عقولنا إدراكها؛ وهذا ما ينبغي أن يقوم به الدعاة في الدعوة إلى الله وهو التدرج في الدعوة.
- التعلق بالله: فيجبُ على المسلم أن يتعلقَ بالله وحده سبحانه وتعالى وأن يُحسن الظنَّ به بأنه ناصرٌ ومعينٌ له في الأوقات الصعبة.
- الأمل في التمكين: فإن هذه القصة إن تمَّ أخذها من أكثر من ناحية فإنها تعطينا الأمل في التمكين للأمة الإسلامية حتى وإن كانت تمر بحالة ضعف فإنَّ نصر الله قادمٌ لا محالة ويكفي في ذلك حسنُ الظنِّ والإخلاصُ لله تعالى.
المراجع
- ↑ سورة الإسراء، آية: 15.
- ↑ "منهج الأنبياء والرسل في الإصلاح في ضوء القرآن الكريم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 02/19/2020. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية: 5.
- ↑ سورة مريم، آية: 9.
- ↑ "قصة زكريا عليه السلام"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 02/21/2020. بتصرّف.
- ↑ "بصائر ذوي التمييز بلطائف الكتاب العزيز (5)"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 02/22/2020. بتصرّف.