قصة النبي يحيى
قصة النبي يحيى -عليه السلام- من القصص التي ذُكرت في القرآن الكريم، حيث بشَّرَ الله تعالى به والده زكريا -عليه السلام- بقوله تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا} [١]، ولم يُسَمَّ أي أحدٍ بهذا الاسم قبله، وقد وهبَ الله تعالى النبي يحيى -عليه السلام- من لدنه علمًا وحكمة، وألهمه التسبيح والتفكّر، فكان نبيًّا لا مثيل له في التسبيح والزهد والتفكّر في عظمة الله تعالى وحبّه، لذلك أحبّه الناس وأحبته جميع الكائنات؛ لأنه كان زكيًا وتقيًا، وقد كان النبي يحيى -عليه السلام- يعيش في زمن عيسى -عليه السلام- نفسه، وهو ابن خالته؛ إذ إنّ مريم بنت عمران هي خالة النبي يحيى.
وُلِدَ يحيى لأبيه زكريا بعد زمنٍ طويل من الانتظار، لهذا فإنّ ميلاده كان بمثابة معجزة، بعد أن كاد يئسَ زكريا من الذرية، لكن زكريا -عليه السلام- كان يدعو الله ليلًا نهارًا أن يُرزقه الذرية الصالحة، ويطلب من الله بقلبٍ نقي وخشوعٍ تام، وعندما جاء يحيى نشأ في بيتٍ طاهر، وكان رحيمًا جدًا بالطيور والحيوانات التي كان يُطعمها ويحنو عليها ويعطيها من طعامه، حتى لو بقي هو بلا طعام، وكلما كبر يحيى في السن كان وجهه يمتلء بالنور، كما يمتلئ قلبه بالحكمة وحب المعرفة والإيمان وحب الله تعالى والسلام، وكان رحيمًا بوالديه وجميع الناس، وعندما أصبح صبيًا آتاه الله الحكمة ورزقه حب الشريعة والقدرة على القضاء بين الناس، وقد كان شديد الحكمة لا يغلبه أحدق في زمانه، لهذا علّم الناس أُصول دينهم وبيّن لهم طريق الصواب، وحذرهم من طريق الخطأ.
دعا النبي يحيى -عليه السلام- الناس إلى التوبة من الذنوب، ولهذا كان جميع الناس يحبونه ويتمنون له الخير لما التمسوا فيه من حكمة وخير، وفي كثيرٍ من الأحيان كان يخرج للحقول والجبال والصحراء ويظلّ فيها عدة شهور متعاقبة وهو يتعبّد ويبكي بين يدي الله تعالى ويُصلي له، حيث كان ينام في أي مغارة يجدها في الجبل، ومن شدّة تعلق قلبه بالله تعالى، لم يكن يلتفت أبدًا إن دخل إليه وحش أو حيوان مفترس أثناء صلاته، ولم يكن يشعر بوجوده أصلًا من شدّة خشوعه.
في يومٍ جاء النبي يحيى -عليه السلام- إلى الناس كي يدعوهم إلى الله تعالى، فصعد إلى المنبر كي يقول للناس بما أمره الله به، حيث أمرهم أن يعبدوا الله تعالى وحده لا شريك له، وأمرهم بالصلاة والخشوع فيها، كما أمرهم بالصيام، وكان النبي يحيى -عليه السلام- إن وقف يتحدث إلى الناس بكوا من من الخشوع والحب، وما إن أكمل كلامه ونزل عن المنبر حتى ذهب عائدًا للصحراء، فاصطدم مع الحاكم الظالم الذي كان يحكم في ذلك الوقت، وهو حاكمٌ طاغٍ كان يُريد الزواج من واحدة من محارمه، لكنّ النبي يحيى -عليه السلام- أخبره أنّ هذا لا يجوز، وطلب منه أن يُغير الفتوى، لكن النبي يحيى رفض، فغضب الملك الطاغية فأمر بسجن يحيى.
ذهبت المرأة التي كان يُريد الملك أن يتزوجها إلى النبي يحيى -عليه السلام- في سجنه، فأحست بجلال شخصيته ونبله، ورأته منهمًكا في صلاته، فألقت بنفسها أمامه وطلبت منه أن يحبها، فرفض، وقال لها أن قلبه ممتلئٌ فقط بحب الله تعالى، فذهبت من عنده يائسة وكارهة له، ودخلت إلى قصر الملك الظالم، وطلبت منه أن يقتل النبي يحيى بن زكريا، ففعل الملك هذا، وانتهت قصة النبي يحيى -عليه السلام- بعد أن فاضت روحه إلى بارئها وهو في شدّة خشوعه وصبره وإيمانه. [٢]
المراجع
- ↑ {مريم: آية 7}
- ↑ قصة يحيى عليه السلام في القرآن, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 27-11-2018، بتصرّف.