قصة النمرود للأطفال
ينحدر النمرود من سلاسة سيدنا نوح -عليه السلام-، ويعدُّ أحدَ أكثر ملوك الأرض تجبُّرًا واستبدادًا في الأرض، فقد ادعى الألوهية وتكبَّرَ على قومه، وقد وردت قصته في القرآن الكريم من خلال بيان ما حدث بينه وبين نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، وكان ذلك في سورة البقرة، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [١].
وكان هذا الملك المتجبَّرُ في الأرض قد حكَمَ بلاد الرافدين لمدّة تزيدُ عن أربعةِ قرون، وقد أُوتيَ بأمر الله ملكًا عظيمًا أشارت إليه الأياتُ أعلاهُ في سورة البقرة، أما عن قصة النمرود مع سيدنا إبراهيم -عليه السلام- فقد بينت أحد أساليب نبي الله إبراهيم -عليه السلام- في الدعوة إلى الله تعالى من خلال أسلوب المحاججة، فقد فسأله -عليه السلام- عن الذي يميتُ الناس ويحييهم بعد موتهم، فأخبره بأنّ لديه القدرة على الإماتة والإحياء، فأتى له برجل وقَتَله، وقال له بأنه أمات فلانًا، وأبقى فلانًا على قيد الحياة، وبذلك يكونُ قد أمات وأحيا، وهنا استمرّ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- في محاججة هذا الملك المتجبر، من خلال إبراز قدرة الله تعالى في بعض المكونات الموجودة في الطبيعة.
فقال نبي الله إبراهيم -عليه السلام- للنمرود بأن الله قد خلق الأرض والسماء وجعل الشمس تشرق من جهة الشرق فإن كنتَ قادرًا -على حدِّ قولك- على الإماتة والإحياء من خلال قتل بعض الناس وإبقاء بعضهم على قيد الحياة، فعليك أن تغير بعض الأشياء الموجودة في الطبيعة والتي خلقها الله على نحو متزن كأن تجعل الشمس تأتي من المغرب بدلاً من المشرق كما أوجدها الله في الطبيعة، وهنا أصابت الملك المتكبر حالة من الصدمة، فقد كانت حجة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- قوية إلى درجة عدم قدرته على الرد عليها، فخسر المحاججة مع نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، وأقرَّ بأنه بشر لا يملك لأحد نفعًا ولا ضرًّا إلا بأمر الله -سبحانه وتعالى-.
ورغم ذلك أظهرَ النمرود تكبُّرًا عظيمًا على دعوة نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، ولم يعد عن كفره بالله وادّعاء الألوهية، بل قرر أن يقاتل المؤمنين بجيش جرَّار، وهنا ظهرت آية من آيات الله تعالى في الكون لتَهْزِمَ النمرود، وكان ذلك من خلال سرب عظيم من البعوض هاجمه هو وجيشه الجرار بأمر الله تعالى، وأكل أجسامهم ولم يُبقِ منهم أحدًا على قيد الحياة، لينتصر بذلك دين الله تعالى، ويُهزَمَ رأس الكفر والضلال هو ومن تبعه من الناس. [٢]
الدروس المستفادة من قصة النمرود ونبي الله إبراهيم -عليه السلام-، أن المؤمن يستخدم العقل في محاججة من هم على غير دين الله تعالى من خلال بيان دلائل قدرة الله تعالى لهم، وإقناعهم أن لهذا الكون خالقًا عظيمًا يستحق العبادة وحده، وأن الإنسان يبقى إنسانًا ولا يستطيع أن يجلب النفع أو الضرر لأحد إلا بأمر الله -سبحانه وتعالى-، وأن المؤمن يصبر على أذى المتكبرين على دين الله، ويستخدم معهم كافة السُّبل المتاحة من أجل إظهار الحق، وإعلاء كلمة الله تعالى.
المراجع
- ↑ {البقرة: الآية 258}
- ↑ قصة سيدنا إبراهيم والنمرود, ، "www.kalemtayeb.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 28-11-2018، بتصرف