قصة امرأة لوط عليه السلام

كتابة:
قصة امرأة لوط عليه السلام

قصة امرأة لوط عليه السلام

أين وردت قصة امرأة لوط وما أحداثها؟

إنّ قصة امرأة النبي لوط عليه السلام من القصص التي ورد ذكرها في القرآن الكريم؛ وذلك لأنّ امرأة النبي لوط كان لها دور مهم في قصّته وطريق الدعوة الذي سلكه، ومن السور التي تحدّثت عن قصة امرأة لوط سورة هود، حيث ذكر الله تعالى فيها قصة مجيء الملائكة الكرام إلى نبي الله لوط، ولكنّه ضاق بهم ذرعًا وخاف عليهم لمعرفته بقومه وبمحبّتهم لإتيان الفاحشة مع الرجال، وأنّه سيضطر للدفاع عن ضيوفه وهو لا طاقة له برجال قومه.[١]


وهنا يأتي دور امرأة لوط التي أسرعت تخبر قومها بقدوم الضيوف إلى بيت زوحها، ووصفتهم لهم بقولها: "إنّه قد ضافه الليلة قوم ما رأيت مثلهم قط، أحسن وجوهًا ولا أطيب ريحًافانطلق القوم يطلبون هؤلاء الضيوف، فوقف النبي لوط في وجههم وبيّن لهم فُحش فعلهم وأرشدهم إلى ما هو أطهر لهم، وهو التزوّج بالنساء، وترك تلك الفواحش والرذائل.[١]


ولكنهم لم يتّعظوا وينتهوا عما أمرهم الله، فلمّا رأى الملائكة حال النبي لوط أخبروه بعدم قدرة هؤلاء على الوصول إليهم وإليه، وأنّه سيقع بهم عذابٌ شديد، وأرشدوه للخروج من قريته، وهنا يقول الله تعالى: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}،[٢]


فخرج النبي لوط مع أهله ولكنّ امرأته لما سمعت صوت العذاب والدمار التفتت فأصابها حجرٌ فقتلها، فهذه قصّة المرأة التي ناصرت الفاحشة وتجسست على نبيّ الله، ونقلت أخباره لقومه ففعلها هذا خيانة بحدّ ذاته، مع أنّها متزوجة من نبي كما حكاها القرآن الكريم.[٣]


من هي امرأة لوط عليه السلام

إنّ اسم زوجة النبيِّ لوط -عليه السلام- ممّا لم يثبت تاريخيًا، ولكن قيلَ إنَّ اسمها والعة أو والهة،[٤] وذُكَر في بعض التقاليد اليهودية أنّ اسمها آدو أو إديث، وقد كانت تعيش مع النبي لوط -عليه السلام- في سدوم، كما حكا الإمام الطبري عند تفسيره لقوله تعالى: {إلا عجوزًا في الغابرين}،[٥] في سورة الصافات، إنّ زوجة النبي لوط كانت تُسمّى هيشفع وقيل أيضًا أنّها تُدعى: هلسفع.[٦]


زوجة لوط والمدينة التي انتشر فيها الفساد

كيف كانت علاقة امرأة النبي لوط بمجتمعها؟

إنّ ارتباط امرأة النبي لوط بمجتمعها وتقبّلها لهم يظهر جليًّا من خلال أحداث قصّتها، فعلى الرغم من شناعة فعلهم وشذوذها وإنكار زوجها وهو النبي لوط لفعل قومه، إلّا أنّها وافقتهم على تلك الرذيلة وشجّعتهم عليها، وهيأت لهم أسباب فعلها، وكونها زوجة نبي لم يشفع لها ولم يُبرر فعلها وعِظم جرمها، فاستحقت العذاب الواقع على قومها، وانتهت نهاية أهل الضلال والعناد، فهذا هو جزاء الله العادل.[٧]


كيف كانت خيانة امرأة لوط لزوجها؟

لماذا وصف الله زوجة لوط بالعجوز؟

دلّت بعض الآيات التي جاءت على ذكر امرأة لوط خيانتها له؛ حيث جاء وصف امرأة لوط وامرأة نوح في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ[٨]


وفسّر أهل العلم خيانة امرأة نوح وامرأة لوط بأنّها: النفاق وإخفاء الكفر، والتظاهر على الرسولين، حيث نعتت امرأة نوح زوجها بالجنون، وأفشت امرأة لوط سر زوجها وتعاونت مع أعدائه، وهنا يجب التنبّه إلى وجوب تنزيه الأنبياء عن أن تكون خيانة زوجاتهم لهم تعني الفجور، وقال ابن عبّاس: "ما بغت امرأة نبيٍّ قط"، وقيل أيضًا أنّ المراد بها الخيانة في الدين.[٩]


ومن الآيات الأخرى التي حكت عن حال امرأة لوط، قول الله تعالى: {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ}،[١٠] وهنا يُطرح سؤال مهم، وهو: لماذا وصف الله زوجة لوط بالعجوز؟ وقد أجاب المفسرون بأنّ معنى الغابرين أي الباقين، وقد صارت امرأة لوط عجوزًا هرمة لطول مرور السنوات عليها، وقد أهلكها الله تعالى من بين أهل لوط، لأنّها كانت تدلّ قومها على ضيوفه، وقيل أيضًا أنّ سبب وصفها بالغابرين هو أنّها لم تهلك مع قومها في قريتهم، وإنّما أُصيبت بحجر بعد خروجها من القرية مع النبي لوط وبناته، فكانت من الغابرين بعد قومها،[١١] وقيل أيضًا أنّها هي نفسها قد مُسخت حجرًا.[٦]


هل يفر لوط من زوجته يوم القيامة؟

جاء ذكر فرار الإنسان من أهله وأخوانه يوم القيامة في قوله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ}،[١٢] وقد قال بعض أهل العلم أنّ الذي يفر من زوجته يوم القيامة هو سيدنا لوط عليه السلام، وقيل أيضًا أنّ أوّل من يفر هو سيدنا لوط، فالقائلون بهذا القائلون يرون أنّ المقصود بالفرار التبرؤ، أمّا عن سبب فرار الإنسان من أهله يوم القيامة، ففيما يأتي ذكرها كما جاءت في تفسير القرطبي:[١٣]

  • انشغال الإنسان بنفسه في ذلك اليوم.
  • الخوف من المطالبة، لما بينه وبين أهله من تبعات.
  • الرغبة بعدم رؤية الأهل والزوجة مافي الإنسان من شدّة.
  • العلم بعدم انتفاعه بهم وانتفاعهم به.


مواضع ذكر امرأة لوط عليه السلام في القرآن

ما هي الآيات التي ورد فيها ذكر امرأة لوط؟

فيما يأتي بيان للمواضع التي ورد فيها ذكر امرأة لوط: 
  • قال تعالى في سورة التحريم{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}.[١٤]
  • قال تعالى في سورة هود: {قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}.[١٥]
  • قال تعالى في سورة الأعراف: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}.[١٦]
  • قال تعالى في سورة العنكبوت: {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}.[١٧]
  • قال تعالى في سورة النمل: {فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرنا من الغابرين}.[١٨]

المراجع

  1. ^ أ ب الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري، صفحة 407-432. بتصرّف.
  2. سورة هود، آية:81
  3. أبوجعفر الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 425. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 327. بتصرّف.
  5. سورة الصافات، آية:135
  6. ^ أ ب الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري، صفحة 104. بتصرّف.
  7. سعيد حوَّى، الأساس في التفسير، صفحة 6009-6008. بتصرّف.
  8. سورة التحريم، آية:10
  9. الرازي، فخر الدين، تفسير الرازي، صفحة 575. بتصرّف.
  10. سورة الشعراء، آية:170-171
  11. الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري، صفحة 631. بتصرّف.
  12. سورة عبس، آية:34-36
  13. القرطبي، شمس الدين، تفسير القرطبي، صفحة 224. بتصرّف.
  14. سورة التحريم، آية:10
  15. سورة هود، آية:81
  16. سورة الأعراف، آية:83
  17. سورة العنكبوت، آية:32
  18. سورة النمل، آية:53
8524 مشاهدة
للأعلى للسفل
×