قصة حادثة الإفك

كتابة:
قصة حادثة الإفك

السيدة عائشة أم المؤمنين

هي أم المؤمنين، عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوجة النبي، ولم يتزوج بِكْرًا سواها، وهي الثالثة من بين أمهات المؤمنين، تزوجها -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة بسنتين، وعمرها 6 سنوات، وقد كان لملازمتها النبي وهي في هذا السن الصغير أثر كبير في نقلها لعدد كبير من الأحاديث النبوية، ولا سيما في أمور الأسرة، وكان الخلفاء وكبار الصحابة بعد وفاة النبي يسألونها عما يشكل عليهم من الأحكام، فكانت فيهم فقيهةً وفصيحةً وعالمةً في أمور الدنيا والدين، وقد نزلت براءتها في القرآن الكريم حين تعرضت لاتهام باطل عرف بحادثة الإفك التي أشعل فتيلها منافقوا المدينة، ويأتي تاليًا سرد قصة حادثة الإفك.[١]

قصة حادثة الإفك

كان النبي يقترع بين نسائه قبل كل غزوة، فمن خرج سهمها منهن رافقته، وقد خرج سهم أم المؤمنين عائشة في غزوة بني المصطلق، فلما فرغ النبي من غزوته تجهّز الجيش للمسير، فأرادت السيدة عائشة قضاء بعض حوائجها، ثم عادت لتجد نفسها قد فقدت عقدًا، فلما ذهبت تبحث عنه سار الركب، وقد حُمل هودجها على الجمل، ولم يشكّوا بخفة الهودج، فقد كانت عائشة نحيلة خفيفة الوزن، وعادت السيدة عائشة، وجلست في مقامها تنتظر عودة من يسأل عنها، فأخذها النعاس فنامت، فإذا بالصحابي صفوان بن المعطل يلحظها، وكان مأمورًا بالتأخر عن الجيش لاستطلاع الطرق وإخبار الجيش إذا ما أراد الأعداء مباغتتهم من الخلف، فأتى إلى عائشة، فعرفها، وأناخ لها الجمل فركبت، والتحقا بالركب.[٢]

وبدأت هنا قصة حادثة الإفك فقد استغلّ رئيس المنافقين عبد الله بن أُبيّ بن سلول تأخّر عائشة ووصولها مع صفوان، وبثّ تهمة ارتكاب السيدة عائشة لفاحشة الزنا، وقد سار المنافقون بالكلام، ووقع به بعض الصحابة، واهتم لها رسول الله هما كبيرًا، فقد رافق كلام الناس انقطاعٌ في الوحي، وكانت السيدة عائشة حينها تعاني من مرض أصابها، فلم يصلها خبر التهمة إلا بعد شهر تقريبًا، فلما عرفت واصلت الليل بالنهار باكية إلى أن نزلت براءتها في القرآن.[٢]

براءة السيدة عائشة في القرآن

حاول المنافقون في قصة حادثة الإفك الطّعنَ في عرض رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لكن الله أظهر الحق بتبرئتها في عدة آيات من سورة النور، أولها قوله تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}،[٣] وقد حكت السيدة عائشة قصة حادثة الإفك في حديث طويل يظهر تغير الرسول في معاملتها بسبب تأخر الوحي، وكثرة القيل والقال، وهو مما يثبت أنّ الوحي ليس شعورًا نفسيًا إنّما هو من الله مؤقتًا بإرادته عزّ وجلّ.[٤]

وفيما روت عائشة من مشاهد قصة حادثة الإفك اللحظة التي نزل فيها الوحي ببراءتها؛ حيث قالت: "فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، ولَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وهو في يَومٍ شَاتٍ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي يُنْزَلُ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُرِّيَ عنْه وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، قالَتْ: فَقُلتُ: لا واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ"[٥] وهكذا أظهر الله زيف ادعاء المنافقين ونُفّذ بعد ذلك حدّ القذف بحقّ من تكلم في عرض الرسول، وبقيت براءة السيدة عائشة تتلى على لسان المسلمين محفوظة في القرآن.[٢]

المراجع

  1. "عائشة بنت أبي بكر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "حادثة الإفك"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020. بتصرّف.
  3. سورة النور، آية: 11.
  4. "حادثة الإفك .. دروس وعبر"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4750، حديث صحيح.
4581 مشاهدة
للأعلى للسفل
×