قصة خيالية قصيرة جدًا للأطفال

كتابة:
قصة خيالية قصيرة جدًا للأطفال

قصة خيالية قصيرة جدًا للأطفال

في يومٍ من الأيّام كان عمر ابن السنوات العشر عائدًا من المدرسة بعد نهارٍ متعبٍ قضاه بين الفصول الدراسيّة وباحة المدرسة وملعب كرة القدم الذي تُقام فيه مسابقة مدارس المدينة، فلم يكد يخلع ثيابه حتى استلقى على سريره يفكّر في كثير من الأمور التي تشغل بال ولد في عمره من واجبات المدرسة وحال أصدقائه الآن وما ينبغي فعله من أجل يوم غد وإلى غير ذلك، فلم يكد يستلقي إلّا قليلًا حتى قرعت أمّه باب غرفته وأيقظته وقد نام من فرط تعبه، فطلبت إليه أن يأخذ ثيابًا نظيفة ويذهب إلى الحمّام ليغتسل ممّا لحقه من أذى بعد يوم طويل في المدرسة.


دخل عمر إلى الحمّام وقبل أن يبدأ بالاغتسال لاحظ وجود نملة لم يكن يراها في بيتهم ولا في الحمّام، كان شكلها مختلفًا، بدَت وكأنّها قد حملت شيئًا على ظهرها، اقترب منها عمر ومدّ رأسه إليها لكي يشاهدها عن قُرب، فرأى نملة ذات لونين، وعلى ظهرها حقيبة تحملها، فاندهش عمر منها ومن منظرها فغط يده بالماء وصار يقطر من إصبعه نقاطًا على النملة، فسمع صوتًا منها يقول له: كفى أيّها الولد، التفت عمر يمينًا وشمالًا ولم يرَ أحدًا، فسمع الصوت مجددًا يقول له: انظر إلى أسفل يا ولد، أنا النملة التي كنتَ تعبثُ بها، فخاف عمر بدايةً ثمّ قال في نفسه: وكيف أخاف من نملة؟


انخفض إليها وقال لها: ماذا هنالك؟ قال: أنا التي يجب أن أسأل هذا السؤال، ماذا هنالك ولماذا ترشّني بالماء تريد إغراقي؟ قال عمر: كنتُ أعبثُ فقط، لم أكن أعتقد أنّ..، قالت النملة: نعم تابع، لماذا توقفت؟ لم تكن تعتقد أنّ للنملة أحاسيس ومشاعر، وأنّ الماء يؤثر فيها، قال عمر: لا ليس كذلك، ولكن..، تلكّأ عمر ولم يعلم ما يقول ليسوّغ فعلته، فهو يعلم أنّ فعله خاطئ، ولكنّه لم يعتقد أنّ النملة ستتحدث وتنطق وتحكي له ما تشعر به.


قالت النملة: أنا ذاهبة إلى المدرسة، ما رأيك أن تقضي يومًا معنا في مجتمع النمل لتعلم كيف نحيا وكيف نشعر وماذا يفعل بنا البشر؟ فأُعجب عمر بهذه الفكرة وأمسك بيد النملة فصار مثلها بحجم النملة، قالت له النملة: الآن سنذهب إلى المدرسة وبعدها أخبرك أين وجهتنا القادمة، مضى عمر وراء النملة يمشي ويمشي ولكن الطريق كان بعيدًا، ليس بعيدًا جدًّا، ولكنّ حجمه صار صغيرًا فصارت المسافات بعيدة عليه.


بعد مسير طويل وصل عمر وصديقته النملة إلى المدرسة، وهناك تعرّف على النملة وأصدقائها، ورأى بعينه عادات النمل، فهم لا ينامون سوى ساعة واحدة في اليوم، وبعد أن يستيقظوا من النوم يذهبون للعمل، ولا يعودون منه إلّا إلى المدرسة، وبعد المدرسة يستريحون لدقائق قليلة ثمّ يعودون إلى العمل بعد أن يتناولون طعامهم الذي هو وجبة واحدة في اليومن وكذلك شاهد عمر عدد النمل الذي يموت في اليوم الواحد بسبب البشر، فالأولاد يرشّون جحور النمل بالماء، والناس في الطريق يدوسونهم بأقدامهم، وهنا تذكّر عمر كيف أنّ النبي سليمان -عليه السلام- قد غيّر مسار جيشه لئلّا يدوسون النملة التي نبّهت أصدقاءها منه ومن جيشه.


شعر عمر بالحزن على النمل الذي يموتون لقلة استهتار البشر بهم، ووعد النملة وأصدقاءها أنّه سيعمل جاهدًا لمنع تلك الحوادث التي تحدث كل يوم بسبب البشر، ولكن فجأة سمع عمر صوت أمّه توقظه وهو يرتدي لباس المدرسة، لقد كان عمر يشاهد منامًا، لم يكن ما رآه حقيقة، ولكنّه عزم على ما أراده في الحلم، وحكى لأمّه ما شاهده، فشجّعته وقالت له إنّ كلّ المخلوقات في الأرض لها حياتها الخاصة ولكنّ الناس لا يعلمون عنها شيئًا، وتلت عليه قول الله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم}.[١]


العبرة من هذه القصة أنّ الإنسان عليه أن يكون ذا أثر جيّد في الحياة وألّا يكون شريّرًا ويؤذي المخلوقات الأخرى مهما كانت.



لقراءة المزيد من القصص، انظر هنا: قصة عجيبة من الخيال العلمي قصيرة.

المراجع

  1. سورة الأنعام، آية:38
25288 مشاهدة
للأعلى للسفل
×