قصة زواج النبي من صفية

كتابة:
قصة زواج النبي من صفية


من هي صفية بنت حيي؟

هي صفيّة بنتُ حُيَيّ بن أخطّب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج ابن أبي حبيب بن النّضير بن النحام بن ناخوم وقيل إنّ اسمه ينخوم وقيل نخوم. وهي من بني إسرائيل من سبط، لاوي بن يعقوب عليه السّلام، أمّا أمّ صفيّة رضي الله عنها، فهي برّة بنت سموأل، وقد كانت صفيّة -رضي الله عنها- امرأةً جميلةً نبيهةً سيّدةً من سيّدات قومها وعاقلاتهنّ.[١]


هل تزوجت صفية قبل النبي؟

زواج صفية من سلامة القرظي

كانت أمّ المؤمنين صفيّة بنت حييّ -رضي الله عنه- زوجًا لرجلٍ يهوديّ يقال له سلام بن مشكم، قبل مجيء الإسلام إليها فمكث زوجًا لها مدّة ثمّ تركها.[٢]


زواج صفية من كنانة بن أبي الحقيق

وبعد أن فارقت أمّ المؤمنين صفيّة زوجها سلام بن مشكم، جاء إليها رجلٌ يقال له كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق فتزوّجها، وبقي عليها حتّى مات في غزوة خيبر،[٢] ولكنّها رأت في المنام قبل مماته كأنّ القمر نزل من السّماء وسقط في حجرها، فحدّت زوجها بذلك، فلمّا علِم غضب غضبًا شديدًا ولطمها في وجهها وقال: "أتتمنّين ملك يثرب أن يصير بعلك؟" يقصد بذلك رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وذلك ما كان فعلًا![٣]


صفيّة تقع أسيرة عند المسلمين

بعد أن انتهى يوم خيبر، وأجلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-يهود بني النّضير من المدينة ذهب خلق كثير منهم إلى خيبر، وكان في خيبر رجلٌ يقال حييّ بن أخطب، وهو والد أمّ المؤمنين صفيّة وكانت إذ ذاك طفلةً صغيرةً لمّا تكبر بعدُ، فلمّا كبُرَت وتزوّجت نقض أهل خيبر عهدهم مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وخانوا دولة المسلمين فجاءهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فحاصرهم حتّى تمكّن منهم.[٣]


فلمّا تمّ لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فتحُ حصن بني أبي الحقيق وقعت صفيّة بنت حيي في السّبي، فجاء بها بلال بن رباح -رضي الله عنه- وبأخرى معها، فمرّ بجانب قتلى من قتلى اليهود، فلمّا رأت المرأة التي مع صفيّة القتلى صاحت، ورمت على وجهها التراب، فلما رأى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذاك المنظر أمر بإبعاد المرأة وألقى على صفيّة رداءه وقال لبلال: "أنُزعَت منك الرّحمة يا بلال حين تمرّ بامرأتين على قتلاهما؟!".[٤][٥]


ولمّا وزّع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الغنائم على المسلمين، كانت صفيّة -رضي الله عنها- أوّل الأمر مغنمًا لدحية الكلبيّ رضي الله عنه، فجاء رجل من الصّحابة وقال للنّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إنّ صفيّة لا تصحّ إلّا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهي كريمة من سيّدات القوم، فأخذها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من دحية الكلبيّ رضي الله عنه وأعطاه غيرها من السبايا اللاتي وقعن في قبضة المسلمين ذاك اليوم، وفي رواية أنّه أعطاه بدلها تسع أنفُس.[٣]


تخيير صفية بين زواجها من النبي أو البقاء على دينها

من هي الصّحابيّة التي جهّزت صفيّة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟

لمّا أخذها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من دحية فكّها من العبوديّة فأعتقها، ثمّ دفعها إلى أم سليم -رضي الله عنها- لتهيّئها له وتعتدّ في بيتِها،[٣] وكان خيّر النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صفيّة في أن تسلم إن رغبت أو أن تبقى على دين قوهما، وعرض عليها الإسلام؛ فشرح الله صدرها للإسلام والبقاء مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.[٦]


زواج النبي من صفية بنت حيي

كيف كان تعامل النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع صفيّة بنت حييّ رضي الله عنها؟

لمّا قبلت صفيّة -رضي الله عنها- بأن تدخل دين رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- طلبها لنفسه، فقبلت وأم بلالَ بن رباح -رضي الله عنه- بأن يبسط قطعًا من جلد فبُسطت، ثمّ أحضر شيئًا من تمرٍ وسمنٍ وأقط: الذي هو الجميد، ودعا المسلمين ليصيبوا من الطّعام فأصابوا، وكانت هذه وليمته -صلّى الله عليه وسلّم- على صفيّة.[٣]


وكان بعض الصّحابة يرون رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قائدَهُم يجعل ركبته على الأرض جانب بعيره فيجعلها سلّمًا لتصعد صفيّة -رضي الله عنها- إلى الرّاحلة، وكان -صلّى الله عليه وسلّم- يجعل صفيّة خلفه في عباءة إذا صعدت إلى بعيره.[٣]


وقد رأى يوم تزوّجها بوجهها كأنّه أثر لطم، فسألها عن ذلك، فأخبرته بالرّؤية التي رأتها وبفعل كنانة بن الربيع زوجها الأسبق معها.[٦]


العبر المستفادة من قصة زواج النبي من صفية

ما هي الحكمة من أخذ صفيّة -رضي الله عنها- من دحية الكلبيّ رضي الله عنه؟

إنّ في قصّة زواج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عبرٌ كثيرة، منها:

  • حسن تعامل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وطيب أخلاقه في التّعامل مع النّساء من زوجاته وإكارمهن رضي الله عنهن، فإنّه -صلّى الله عليه وسلّم- أحسن إلى صفيّة وأكرمها، وكان يجعل من ركبته الشريفة متّكأً لها لتصعد إلى الدّابة، وكان يخيّرها في أمرها لتختار ما تريد، حيث عرض عليها -صلّى الله عليه وسلّم- الإسلام أو أن تبقى على دين قومها حسبما شاءت،[٣] ورحَتُه بها وبتلك المرأة إذ أنّبَ بلال بن رباح لأنّه سار بهما بجانب قتلى اليهود.[٥] وفي ذلك عبرة مهمة لكيفية تعامل الرجل مع زوجته اقتداءً بالنبي الأكرم عليه الصلاة والسلام.
  • ضرورة العدل بين القوم المتساوين في العمل، فإنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لمّا رأى دحية الكلبيّ أبلى في الحرب كما أبلى غيره من الصّحابة سلَبَه صفيّة -رضي الله عنها- إذ لو أخذها لكانت مزيّة امتاز بها عن غيره من الجُند دون مبرّر، وذلك قد يصنع الغيرة بينهم، وفي ذلك إشارة لكل راعِ ليحفظ ويفهم ما في نفوس تابعيه ويأخذ الأحكام برويّة وحكمة.[٧]


المراجع

  1. ابن الأثير، أبو الحسن، أسد الغابة ط الفكر، صفحة 169. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن سعد، الطبقات الكبرى ط دار صادر، صفحة 120. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ ابن كثير، البداية والنهاية ط هجر، صفحة 290 - 294. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في حقوق النساء في الإسلام، عن لم يذكره، الصفحة أو الرقم: 106، مرسل.
  5. ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية ط هجر، صفحة 294. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 540. بتصرّف.
  7. النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 220. بتصرّف.
5978 مشاهدة
للأعلى للسفل
×