فن القصة القصيرة
تعدّ القصة القصيرة من الفنون الأدبيّة الحديثة التي تتّسم بخصائص فنيّة تميزها عن غيرها من الفنون النثرية الأخرى؛ فهي تعبّر عن لحظة معينة، وتركز على قضية معينة أو حدث ما وتسلط عليه الضوء بطريقة مكثفة وفنية، فتحدث الإفادة والإمتاع للقارئ؛ ويستخدم الأديب تقنيات وأساليب أدبية فيها؛ لتظهر القصة بطريقة فنية إبداعية، ويسعى الأديب من خلالها إلى نقل خبرة الكاتب وتجاربه للقارئ بقراءتها.[١]، والقصة القصيرة من الفنون الأدبية التي اهتم بكتابتها الكتّاب العرب في العصرالحديث، ومن أهمهم: زكريا تامر،محمود تيمور، غسّان كنفاني، وغيرهم. وستهتم هذه المقالة بالحديث عن قصة قصيرة للكاتب جبران خليل جبران.
التعريف بالكاتب جبران خليل جبران
ولد جبران خليل جبران في لبنان، وفي شبابه هاجَرَ إلى الولايات المتحدة؛ ليدرس الأدب، وقد بدأ مسيرته الأدبية وأصبح أديبًا مشهورًا، وأتقن كل من الإنجليزية والعربية، وتميز أدب جبران بأسلوبه الرومانسي، وهو من أدباء جماعة المهجر الشمالي، وعضو من أعضاء الرابطة القلمية مع مجموعة من الأدباء مثل: "نسيب عريضة"، و"ميخائيل نعيمة" و"إيليا أبو ماضي". [٢]
وقد كان جبران بكتب الشعر والنثر، ومن أشهر كتبه كتاب "لنبي" الذي لاقى شهرة واسعة جدًا جعلت جبران واحدًا من الكتّاب المهمّين في الأدب العربي الحديث، ومن أهم كتبه أيضًا: الأجنحة المتكسرة،الأرواح المتمردة وغيرها[٢]. توفّي جبران في المهجر في نيسان عام 1931، ودُفن في لبنان.[٣]
قصة قصيرة للكاتب جبران خليل جبران
سيتم في هذه المقالة اختيار قصة قصيرة من كتاب "العواصف" لجبران خليل جبران وهي قصة "رؤيا"، ومن المهم الإشارة إلى أن كتاب "العواصف" يتكون من مجموعة من القصص، وهي من كتابات جبران العربية التي يتناول فيها مواضيع متعددة مثل: الظلم الذي يرتكبه المجتمع ضد الفقراء والضعفاء والصادقين، والطبيعة وتدميرها من قبل الإنسان، وقد تحدث عن الحب، ونثر بعض الحكم في كتاباته.[٤]
ففي قصة "رؤيا"، يروي جبران الأحداث القصصية بضمير الأنا، وهذا يعبر عن الذاتية عند الكاتب في قصصه، ويمكن الملاحظة أن الأديب لجأ إلى الطبيعة من بحر، وليل، وصخر، ويضاف إلى ذلك استخدامه للخيال ويتمثل ذلك في رؤيته للأشباح الثلاثة، فضلًا عن اللغة الشعرية التي يعبر بها عن رؤيته، وهذا من سمات الرومانسية، ويتضح البعد الفلسفي العميق عند جبران، والرؤية التي يمتلكها حول الحرية، والإنسان، والحياة وغيرها، ويظهر هذا في الأصوات التي سمعها جبران عند البحر المتمثلة بالأشباح الثلاثة.
فقد قال الشبح الأول:" الحياة بغير الحبّ كشجرة بغير أزهار ولا ثمار. والحب بغير الجمال كأزهار بغيرعطر، وأثمار بغير بذور .. الحياة والحب والجمال ثلاثة أقانيم في ذات واحدة مستقلة، مطلقة لا تقبل التغيير ولا الانفصال."[٥] فالحياة والحب والجمال جزء لا يتجزأ من الحياة وجمالها.
أما الشبح الثاني فقال: "الحياة بغير تمرد كالفصول بغير ربيع. والتمرد بغير حق كالربيع في الصحراء القاحلة الجرداء .. الحياة والتمرد والحق ثلاثة أقانيم في ذات واحدة لا تقبل الانفصال ولا التغيير"[٦]، فالتمرد والحياة والحق متلازمات؛ فالحياة تحتاج إلى تمرد للحصول على الحق، بينما عند وجود الحقوق، فليس ثمة داعٍ للثورة والتمرد.
وأما الشبح الثالث فقال: "الحياة بغير الحرية كجسم بغير روح. والحرية بغير الفكر كالروح المشوشة .. الحياة والحرية والفكر ثلاثة أقانيم في ذات واحدة أزلية لا تزول ولا تضمحلّ"[٦]، فالحرية تنتج فكرًا مستنيرًا، وتعطي قيمة للحياة.
فكل صوت في القصة يشكل رؤية من الرؤى، وهذه الرؤى تتصل بالحياة والإنسان عند جبران، وينهي جبران القصة بتأكيده على عنوانها فقد كان وجود الأشباح عند البحر نوعًا من الرّؤية.
المراجع
- ↑ حنين معالي (2014)، الرؤية والتشكيل الفني في قصص جمال ناجي القصيرة ، الأردن: وزارة الثقافة، صفحة 13. بتصرّف.
- ^ أ ب "مجموعة من أفضل ما كتب جبران خليل جبران!"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 06- 08- 2019. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم خليل (2007)، مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث (الطبعة الثانية)، عمّان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطبعة، صفحة 123. بتصرّف.
- ↑ "مجموعة من أفضل ما كتب جبران خليل جبران!"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-08-2019. بتصرّف.
- ↑ جبران خليل جبران (دون تاريخ)، العواصف، القاهرة: دار العرب للبستاني، صفحة 67-68.
- ^ أ ب جبران خليل جبران (دون تاريخ)، العواصف، القاهرة: دار العرب للبستاني، صفحة 68.