قصة وفاة أبي بكر الصديق

كتابة:
قصة وفاة أبي بكر الصديق

الروايات الواردة في سبب موت أبي بكر

اختَلف الرّواة في سبب وفاة أبي بكر الصّدّيق -رضي الله عنه- على عدّة أقوال، فذهب بعضهم إلى أنَّه مات من أثر سمٍّ كان وضعه له اليهود قبل عام من وفاته،[١] وقيل: إنَّه مات بسبب مرض السّلِّ،[٢] وروى الطّبريّ أنّه مات بسبب حمَّى أصابته بعد أن اغتسل في وقت شديد البرودة.[٣]


مرض أبي بكر

اغتسل أبو بكرٍ -رضي الله عنه- في يوم شديدِ البرد فأصيب على إثره بالحٌمَّى، وبقي مريضًا لمدة خمسة عشر يومًا، وكانت الحمَّى عليه شديدة لدرجة أنّه لم يستطع الخروج إلى الصَّلاة، وكان يأمر عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أن يصلي بالناس،[٣] وعن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: "لما اشتد مرض أبى بكرٍ بكيت وأغمى عليه، فقلت من لا يزال دمعه مقنعًا فإنه من دفعه مدفون"، فأفاق فقال: ليس كما قلت يا بنية ولكن: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}.[٤][٥]


ثمَّ سأل عن يوم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته عائشة أنّه كان يوم الإثنين، وسألها عن يومه هذا، فأخبرته أنَّه الإثنين، فرغبَ لو يٌقبض فيه، وسألها عن كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأجابته أنّ النّبيّ كٌفّن في ثلاثة أثواب يمنيّة بيض جديدة ليس فيها قميص ولا عمامة، فأمر -رضي الله عنه- بغسل ثوبه وأن يٌكفّن فيه مع ثوبين جديدين،[٥]


خِطبة أبي بكر قبل وفاته

لمّا أحسّ أبو بكرٍ باقتراب أجله جمع النّاس وخطب فيهم، فذكر حاله واقتراب أجلِه ثمَّ تنازل عن خلافة المسلمين وأمرهم بأن يختاروا خليفةً لهم منهم فقال: "وَقَدْ أَطْلَقَ اللَّهُ أَيْمَانَكُمْ مِنْ بَيْعَتِي، وَحَلَّ عَنْكُمْ عُقْدَتِي، وَرَدَّ عَلَيْكُمْ أَمْرَكُمْ، فَأَمِّرُوا عَلَيْكُمْ مَنْ أَحْبَبْتُمْ"، ثمَّ أتوه فطلبوا منه أن يختار لهم الأصلح لها منهم فأخذ منهم العهد إن هو اختار أن يرضوا فعاهدوه، ثم قال لهم: "فَأَمْهِلُونِي حَتَّى أَنْظُرَ لِلَّهِ وَلِدِينِهِ وَلِعِبَادِهِ"،[٦] ثمّ طلبَ عثمان فأتاه فأخذ منه المشورة فأشار عليه بعمر بن الخطّاب فقال: اكتٌب، فكتب عثمان وصيَّته لعمرَ بن الخطّاب،[٧] وجاءه ناسٌ فقالوا: "مَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا عُمَرَ"، فقال: "أَقُولُ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ".[٦]


يوم موت أبي بكر

متى توفي أبو بكر الصديق بالهجري؟

حينما علم النَّاس بمرض أبي بكر الشديد الذي أصابه آخر حياته سألوه أن يحضروا له طبيبًا، فقَالَ: "قَدْ أَتَانِي وَقَالَ لِي: أَنَا فَاعِلٌ مَا أُرِيدُ"، فعلموا أنَّه مودِّعهم،[٨] وقد أوصى -رضي الله عنه- وقت وفاته أن تغسِّله زوجه أسماء بنت عميس وابنه عبد الرحمن،[٨] ثمَّ دُفن، وأمّ النّاس في الصّلاة عليه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ثمّ ذهبوا به حيث قبر النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فدخل عبد الرحمن ابنه مع عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وطلحة بن عبيد الله وجعلوا رأسه عند كتف النبيِّ وألصقوا لحده بلحده وجعلوا قبره مثل قبره مسطحًا، وكان آخر ما نطقه أبو بكر قوله تعالى: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}.[٩]


وقد أمر عائشة وقت احتضاره أن ترُدَّ ما عنده لبيت مال المسلمين فقال: "وَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ عِنْدَنَا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا هَذَا الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ، وَهَذَا الْبَعِيرُ النَّاضِحُ، وَجَرْدُ هَذِهِ الْقَطِيفَةِ، فَإِذَا مُتُّ فَابْعَثِي بِهِنَّ إِلَى عُمَرَ"، فلمّا علم عمر بذلك بكى وقال: "رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ"،[١٠] وكانت المدّة التي ولي فيها أمر المسلمين سنتين وثلاثة أشهر وعشرة ليال،[٨] وتوفي وعمره ثلاث وستون سنة بعد مغرب يوم الإثنين الثّاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة.[٣]


كما يمكنك التعرّف على سيرة حياة أبي بكر بالاطلاع على هذا المقال: بحث عن أبو بكر الصديق


كما يمكنك أيضًا التعرّف على أهم أعمال أبي بكر الصديق بالاطلاع على هذا المقال: أهم أعمال أبي بكر الصديق


المراجع

  1. محمد رضا، أبو بكر الصّدّيق أوّل الخلفاء الرّاشدين، صفحة 91. بتصرّف.
  2. محمّد الزّرقاني، كتاب شرح الزرقاني على الموطأ، صفحة 75. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت أبوجعفر الطّبري، تاريخ الرّسل والملوك، صفحة 419. بتصرّف.
  4. سورة ق، آية:19
  5. ^ أ ب جلال الدّين السّيوطي، كتاب جامع الأحاديث، صفحة 205. بتصرّف.
  6. ^ أ ب عمر ابن شيبة، تاريخ المدينة، صفحة 667. بتصرّف.
  7. عمر بن أبي شبة، تاريخ المدينة، صفحة 667. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت أبو الحسن ابن الأثير، كتاب الكامل في التاريخ، صفحة 262. بتصرّف.
  9. سورة يوسف، آية:101
  10. عمر ابن شبة، تاريخ المدينة، صفحة 670. بتصرّف.
5356 مشاهدة
للأعلى للسفل
×