قصة: حسان وشجرة التوت
حسَّانطفل في السَّابعة من عمره كان يقطن مع والديه في إحدى أطراف القرية الصغيرة التي ولد فيها الطفل، وكان اسم القرية هو قرية اللوز، وأمَّا سبب تسميتها بهذا الاسم فهو بسبب أشجار اللوز التي كانت منتشرة في كل مكان، فقد اتفق أهالي القرية فيما بينهم على أن يزرع كل واحد منهم شجرة من اللوز أمام باب بيته، ولا يأخذ منها شيئًا ولا ينتفع من ثمارها بل يتركها لعابر طريق علَّه مرَّ أحد في يوم من الأيام ولم يكن معه زاد فيستفيد منها، وكان ذلك حتى أطلق عليها الغرباء اسم قرية اللوز، وانتشر الاسم بعد ذلك بين الجميع.
كان لوالد حسان بستان قريب من الدار حتى يكاد أن يكون البيت داخل البستان، وكان في البستان كثير من أشجار الثمار والتي تتنوع ما بين أشجار المشمش واللوز والتفاح والبرتقال والليمون، وكان يهتم والد حسان في بستانه بشكل كبير فهو يعني له الكثير وليس فقط أرضًا وشجيرات، وكان حسان يذهب في كل صباح إلى والده يحمل له ما قد أعدته له الأم من الشطائر السَّاخنة مع كوب من الشاي الدافئ، فيستظل الوالد بفيء إحدى الشجيرات ويبدأ بتناول فطوره، ومن ثم يحمد الله على نعمه التي أسبغها عليه.
في يوم من الأيَّام أتى رامز إلى حسان وقال له: ما رأيك يا حسّان أن نذهب إلى القسم الآخر من القرية فقد سمعت الكثير عن المغامرات التي تحدث في ذلك المكان، قال حسان: ولكن يا رامز، إنَّ والدينا لا يقبلون بذلك الفعل وسنوبَّخ بكل تأكيد، قال رامز: لن نخبر أحدًا بذهابنا، وألقى إليه بتلك النظرة التي تحمل فيها داخلها سحرًا يفعل فعلته في تشويق حسان للذهاب لذلك المكان.
في اليوم التَّالي جاء رامز منذ الساعة السابعة صباحًا وقال: هيَا هيَّا يا حسان نريد أن نلعب أسرع، وأخيرًا وافقه حسان على ذلك وأمسكا بأيدي بعضهما ليخوضا مغامرة لا يعرف أي أحد فيها، فالقسم الآخر من الغابة يحوي على الحيوانات الشرسة التي لا ترحم أي أحد تجده في طريقها، ولمَّا وصلا إلى ذلك المكان وجدا كثيرًا من أشجار التوت البري ذي اللون الخمري الجميل، فبدأ بأكل ذلك التوت في هذا اليوم ومن ثم يعودان في الغد لخوض غمار المخاطر.
عاد حسَّان إلى بيته وقد امتلأ بطنه بثمار التوت فرأته والدته وقالت له: حسان أين كنت؟ قال لها: لقد كنت عند رامز يا أمي، قالت له: إذًا وما ذاك الحَمَار الذي على شفتيك؟ تلمَّس رامز شفتاه وقال لها: ربما أكلتُ بعضًا من حبات الفريز التي يزرعها والدي، ولكنَّ الأم لم تصدق كلام حسَّان؛ لأنَّ لون الفريز يختلف عن هذا اللون، وبعد بضع ساعات بدأ حسان يشعر بالألم الشديد في معدته ويبكي فأخذه والداه إلى الطَّبيب ولمَّا سأله ما أكل في هذا اليوم، صمت حسان لبرهة وقال له: لقد أكلت التوت من القسم الآخر من القرية، وهنا فهم الوالدان والطبيب الحكاية.
ذلك التوت الذي أكلوه لم يكن مغسولًا وعليه الكثير من الحشرات، واعترف حسَّان بالخطأ الذي ارتكبه ووعد والداه ألَّا يعود إلى فعلته أبدًا، وقبَّل أمه وأبيه وعزم على أن يكون الصدق تاجًا يستضيء به في كل دروب حياته.
قصة: ماهر والدراجة
في بيت من بيوت الريف كانت تقطن عائلة صغيرة مكونة من أب وأمٍ وطفلين صغيرين، الكبير كان يبلغ العاشرة من عمره والصغير ما يزال في السادسة، وكان الكبير في الصف الخامس الابتدائي والصغير سيدخل الآن إلى المدرسة بعد أن يكمل السادسة ويدخل في السَّابعة، ولما حان وقت بداية المدرسة بدأ الوالدان مع الأطفال بالتجهيز من أجل حفلة ابتداء المدرسة، إذ من عادة الوالدان أن يقيمان حفلة في بداية العام يرحبان فيها بقدوم العام الدراسي، وكذلك فيقدمون إلى أولادهم لكل واحد منهما هدية؛ حتى يسعدوا بهذا اليوم.
ابتدأت الأم تحضّر مع ماهر -وهو الابن الأكبر- لائحة المشتريات التي سيذهبون لاقتنائها من أجل الحفلة، كذلك فقد كانوا يحتاجون للعصير وبعض الحلويات والفواكه وغيرها من الأمور، وأحضر الوالد الزينة معه في ذلك اليوم وبدأ بتزيين المنزل مع الطفل الصغير بكل فرح وسرور، واقترح الوالد أنّ على كل من الطفلين أن يختارا لهذا العام هديتهما على غير العادة، وقد سُرَّ الأطفال بهذا الاقتراح وبدأ كل واحد منهم يتذكر ما هي الهدية التي يريد أن يحصل عليها منذ مدة، وبدأ الابن الأكبر بالحديث وقال: أنا أريد كرة القدم الدولية، فقد سمعت عنها من أصدقائي كيف أنّ أعلام جميع الدول تكون على تلك الكرة.
قال الصغير: أمّا أنا فأريد دراجة يا أبي، فأحبُّ أن أتعلم قيادتها وأن تساعدني على ذلك، بدَتْ علامات ابتسامة على وجه الوالد وقال: على الرحب والسعة يا أولادي، وفي اليوم التَّالي خرج الوالدان إلى السوق واشتريا ما طلب كل واحد من الأولاد، وعادا من فورهما لاستقبال الضيوف الذين سيأتوا إلى الحفلة، ومن بينهم الجد والجدة، وتمَّت الحفلة وقطعوا الحلوى وتناولوا العصير واجتهدوا على إبقاء المنزل نظيفًا حتى في أثناء الحفلة.
تسلَّم الطفلان كل واحد منهما هديته الخاصة فيه، ولكن عندما رأى ماهر دراجة وائل الصغير اندهش من جمالها وكثرة الألوان التي تحملها، ولم يعد يشعر بالفرح لأجل هديته، وبينما خرج الجميع من الغرفة أقدم ماهر على الدَّراجة وحاول أن يركبها، لكنَّ الدراجة كانت للأطفال الصغار ولم تكن تتحمل وزنًا أكثر من ذلك، فانكسرت العجلة من الثقل الذي حملته، وخاف ماهر من فعلته فأخذ الدراجة وأخفاها بعيدًا عن الأنظار، ولمَّا عاد الأخ الصغير ليرى الدراجة لم يجدها، وبدأ بالبكاء والعويل واحتار الوالدان فيما يفعلاه.
أتى الوالد وقال لماهر: هل رأيت الدراجة يا ماهر؟ قال ماهر: لا يا أبي لم أرها، قال له الوالد: قل الصدق يا ماهر، ونظر إليه بجدية وحزم كبيرين، فقصَّ ماهر الحكاية كما حدثت وبدأ بالبكاء، قال الوالد: لقد أخطأت يا بني عندما مددت يدك إلى ما ليس لك، وكذلك أخطأت عندما كذبت، اعتذر لأخوك ولا تعد للكذب أبدًا، اعتذر ماهر من أخيه ووعده أن يقتطع من مصروفه كل يوم حتى يأتي له بمثلها وندم جدًّا؛ لأنَّه لم يقل الحقيقة ولكنَّه عاهد نفسه على أن يقول الصدق مهما كان في قادم الأيام.
قصة: لونا وامتحاناتها
لونا فتاة في الصف الخامس الابتدائي، وكانت متميزة في دروسها بشكل كبير، وقدمت الامتحانات النصفية وبدأت بالإعداد لها بشكل جيد، وفي أحد الأيام اتصلت بها بنت خالتها غدير وسألتها أن تأتي لعندهم، وافقت والدة لونا لكنَّها اشترطت أن تكون الزيارة بعد أن تنهي لونا دراستها، ولما انتهت ذهبت إلى غدير، كانت غدير في ذات الصف واقترحت أن تشاهد أفلام الكرتون سالي، كانت لونا لا تعرف سالي ولكنَّها سمعت بها من زميلاتها، ولمَّا بدأت بالمشاهدة شدّها المسلسل الكرتوني كثيرًا، واقترحت على غدير أن تعيرها القرص حتى تشاهد المسلسل في بيتهم، وكان ذلك.
بدأت لونا بإنفاق الوقت كله في مشاهدة الكرتون، وكلّما سألتها والدتها ماذا تفعل قالت لها: أنا أدرس يا أمي، ومضت الأيام الثلاثة وانتهى المسلسل الكرتوني وانتهت معه الأيام الثلاثة المخصصة للتحضير للامتحان، وحانت المادة الأولى وهي الرياضيات، ولم تفلح كثيرًا في الامتحان فقد اعتمدت على معلوماتها التي علقت في ذهنها من الصف، وقدمت كل امتحاناتها على تلك الشاكلة، وانتهى الامتحان ومضت الأيام وحان وقت النتائج.
تسلَّمت لونا نتائجها وهذه المرة الأولى التي تكون فيها بهذا السوء، وبدأت بالبكاء والندم على ما اقترفت يميينها في تضييعها للوقت، وعادت إلى المنزل تحمل معها تلك العلامات السيئة، وكانت الجدة أم تحسين -وهي والدة أبيها- عندهم تريد أن ترى نتائج لونا الممتازة كما العادة، ولكنَّ الحظ لم يحالفها في هذه المرة، ولمَّا رأت الأم النتائج ذهلت منها، وسألت لونا عن السبب، فبدأت لونا بالبكاء وقالت لها: حينما كنت تسألينني عن دراستي يا أمي لم أكن أدرس، بل كنت أشاهد أفلام الكرتون في غرفتي، وأنا لم أقل الصدق وقتها يا أمي.
ذهلت الأم ممّا سمعته وأنَّبت لونا على فعلتها وقالت لها: لونا لقد كذبت عليّ ولكن ها هي النتائج الآن بين يدينا، فما فادك كذبك سوى أنّك أجّلت ظهور الحقيقة التي لا بدَّ لها أن تسطع في أحد الأيام، أبدت لونا أسفها على فعلتها تلك، ووعدتها ألَّا تعود لمثل ذلك أبدًا طيلة حياتها.
قصة: فراس والمعلم
في إحدى المدارس كان هناك طالب يُدعى فراس، وكان فراس طالبًا مجتهدًا يسعى إلى تحقيق أفضل الدرجات في جميع المواد الدراسية، وحظي فراس برعاية والديه واهتمامهما، حيث كان والداه يتناوبان عن الجلوس معه وتعليمه، أما بالنسبة للقاعة الصفية فكانت تحتوي على مجموعة متميزة من الطلاب الذين يتنافس فراس معهم على الريادة وتحصيل أفضل الدرجات في الامتحان الدورية التي تُعقد على مدار الفصل الدراسي، الأمر الذي جعله يبذل قصار جهده في الجِدّ والاجتهاد.
وفي أحد الأيام طلب مُعلم اللغة العربية من طلاب الصف أن يحلوا واجبًا على الدفتر الخاص بمادة اللغة العربية، وفي الوقت الذي أعطى فيه المعلمُ الطلابَ الأسئلة الخاصّة بالواجب كان فراس منشغلاً بنسخ بعض الجمل عن السبورة في الصف، ونسي أن يحدد الواجب الذي طلبه المُعلم، وفي اليوم الخاص بتسليم الواجب حضر جميع الطلاب وقد حلَّ كل منهم الواجب، أمّا فراس فعرف عن الواجب أثناء حديث زملائه في الطابور الصباحي عنه، ففكر فراسٌ في حيلة يتمكن بها من النجاة من العقاب، وبدأ المعلم بالتفتيش على الواجب وحين وصل إلى فراس أخبره بأن حلَّ الواجب لكنه نسي الدفتر في البيت، فقبل من الأستاذ اعتذاره ليتنفس فراسٌ الصعداء.
وحين فرغ المعلم من التّفتيش عن الواجب بدأ بشرح الدرس الجديد، وكتب مجموعة من الأمثلة على السبورة، وكانت الصدفة أنه طلب من فراس أن يحمل كتابه ويقف أمام زملائه ويقرأ النص الذي تتعلق به الأمثلة المكتوبة على السبورة، وكان من عادة فراس أن يضع الدفتر الذي يخصّ كل مادة من المواد داخل الكتاب، وحين وقف فراس أمام زملائه أراد أن يقرأ من الكتاب فسقط الدفتر من داخل الكتاب على الأرض ليُصاب كل من في الصف بالذهول، وعندها نظر المعلم إلى فراس والتقط الدفتر عن الأرض وفتحه على آخر صفحة فلم يجد الواجب محلولًا، فعرف أن فراسًا قد كذب عليه وأنه لم يحل الواجب، فوبخه أمام جميع طلاب الصبح، وهناك بكى فراسٌ وأدرك أن الصدق هو الذي يُنجي الإنسان، وهكذا انتهت قصة من قصص أطفال قبل النوم عن الصدق بطلها فراس.
يُستفاد من قصة فراس والمعلم أن حبل الكذب قصير، وأنه مهما طال الزمن فلا بدّ للحقيقة أن تنكشف أمام جميع الناس، فكان بإمكان فراس أن يكون صريحًا مع معلمه وأن يُخبره بالحقيقة لكن طريق الكذب الذي اختاره أودى به إلى الهلاك، كما تشير هذه القصة إلى الدور الذي يقوم به الآباء في تعليم أبنائهم كي يصلوا إلى المراتب العلمية العُليا.
لقراءةِ المزيد من القصص، اخترنا لك هذه المجموعة: قصص أطفال قبل النوم عن الشجاعة.