قصص عن البركة في الرزق

كتابة:
قصص عن البركة في الرزق

قصص عن البركة في الرزق

لا شك أن القليل يصبح كثيراً بالبركة من الله -تعالى-، وأن الطاعة مجلبة للرزق كما هي المعصية موجبة للمحق، وسنذكر هنا بعض القصص عن البركة في الحلال كما يأتي:

  • غزوة بدر

والتي أنزل الله -سبحانه وتعالى- فيها المطر على المؤمنين بمنافع عدة فقال: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ)،[١] فكان المطر مطهرا لهم ببركته مما أصابهم؛ فقد كان الشيطان قد ألقى في قلوبهم من ذلك شيئا[٢] وأن العلم الحديث قد أثبت أن رش الجسم بالماء من أسرع الوسائل لتثبيت الأقدام من ارتعاشها والربط على القلوب.[٣]

  • يوم الخندق

لقد عرضت للمسلمين أثناء حفرهم للخندق حول المدينة أرض صلبة شديدة، ولبثوا في ضربها ثلاثة أيام لا يذوقون ذواقا حتى ضربها النبي الكريم بالمعول فأصبحت رملا، فدعى جابر -رضي الله عنه- رسول الله ونفرٌ معه للغداء، فنادى النبي الأمين لأهل الخندق جميعا وقال لجابر -رضي الله عنه-:

(لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينتكم حتى أجيء، فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك، فقلت: قد فعلت الذي قلت لي، فأخرجت له عجينتنا فبصق فيها وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق فيها وبارك، ثم قال: ادعي خابزة فلتخبز معك، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها، وهم ألف، فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجينتنا - أو كما قال الضحاك: - لتخبز كما هو).[٤]

  • رجل اشتكى لأبي حنيفة النعمان ضيق الحال

وأن ما يكسبه لا يكفيه وقد كانوا خمسة دراهم، فقال له الإمام: اذهب إلى رب عملك وأخبره أن يعطيك أربعة دراهم فتعجب الرجل ولكنه شكر الإمام أبو حنيفة وذهب، ثم عاد بعد فترة للإمام يشكوا عدم كفاية ما يكسب، فقال له الإمام اذهب إلى رب عملك وقل له أن يجعلها ثلاثة دراهم، فذهل الرجل من قول الإمام ولكن ثقته بإمامه دفعته إلى السمع والطاعة.[٥]

ومرت الأيام والشهور إلى عام ونصف حتى رأى أحد تلامذة الإمام نفس الرجل بالسوق فسلم عليه وقال: ألم تكن تشكوا ضيق الحال فقال بلى ولكني سمعت قول الإمام واكتفيت بثلاثة دراهم بل وزادت عن حاجتي.[٥]

وتعجب التلميذ من عدم كفاية الخمسة دراهم وبركة الثلاثة دراهم وتركه وانصرف لإمامه ليخبره، فقال له الإمام: لقد بدا على وجه الرجل الصلاح والتقوى، وحيث إن ما يكسبه لم يكن يكفيه فعلمت أن ما يكسبه ليس حلالاً وكاد أن ينفذ ماله، فلما أنقص المال حتى بات يستحقه بحق بارك الله له فيه وزكاه.[٥]

  • المبارك الذي كان عبدا مزارعا في مزرعة لسيده

وفيها بساتين وثمار، فقال له سيده: أعطنا رماناً فأتى برمان حامض كالليمون، فطلب أخرى، فأُتي بأحمض منها، فلما سأله عن ذلك قال: والله ما أعرف حلوه من حامضه منذ دخلت هذا البستان من سنوات لأنك ما أذنت لي بالأكل.[٦]

وقال السيد لمن معه: أشهدكم أن هذا البستان له وأعتقه، ومرت الأيام وبلغت عند هذا التاجر بنت ذات دين وأمانة وأخلاق مبلغ الزواج، فلما أتاه المبارك استشاره التاجر بمن يزوج ابنته، فأشار عليه بمؤمن يخاف الله، فقال الرجل: والله ما أظن أحداً على وجه الأرض أدين منك، وزوجه ابنته وولدت له عبد الله بن المبارك إمام من أئمة التابعين.[٦]

الفرق بين البركة والرزق

لا يدري أحدنا مكامن الخير فيما يمتلك من الرزق، لأن الرزق كما قد يكون حلالا، فقد يكون حراماً، وإن الله يمنع عنا الكثير من الشرور المكلفة إن تحرينا الحلال، فقد قال -تعالى-: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا).[٧]

وقد يعتبر البعض أن الكسب أو العطاء وحده هو الرزق، متناسين أسباب هذا الكسب إن كان حلالا أو حراما، ويتبين ذلك بالتفريق بين معنى كل من الرزق والبركة فيما يأتي:

  • البركة

هي: الزيادة والنماء من حيث لا يوجد بالحس ظاهراً، وهي مشتقة من البروك وهو اللزوم والثبوت، ويوصف بها كل شيء ثبت فيه خير إلهي ولا يسند فعل البركة إلا إلى الله، فلا يقال: بارك زيد في الشيء، وإنما يقال: بارك الله فيه، وإن كل بركة زيادة، وليس كل زيادة بركة.[٨]

  • الرزق

هو العطاء الديني والدنيوي مما يجري فيه الحكم وليس الحرام مما حكم به فلا يكون الرزق إلا حلالاً وكل ما خلقه الله -تعالى- في الأرض مما يملك صاحبه الانتفاع به من مأكل ومشرب وملبس ومن دون منازع فهو رزق حلال.[٩]

أقسام الرزق

يقسم الرزق إلى قسمين: مادي ومعنوي كما يأتي:[١٠]

  • المادي

وهو ما يمكن التعامل معه مباشرة وهو ما جمعه ربنا عز وجل في الآية التالية: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَب وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ).[١١]

  • المعنوي

وهي النعم المحضة من الله -تعالى- والتي لا يمكن إحصاؤها كالعلم والإيمان والطاعات والتقوى والحواس والصحة والحكمة والرضا وغير ذلك كثير، وهي في قوله -تعالى-: (خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا).[١٢]

المراجع

  1. سورة الأنفال، آية:11
  2. أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني، تفسير عبد الرزاق، صفحة 116. بتصرّف.
  3. عبد المجيد بن عزيز الزنداني، بينات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومعجزاته، صفحة 255. بتصرّف.
  4. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2039، صحيح.
  5. ^ أ ب ت باسم عامر، تياترو، صفحة 42. بتصرّف.
  6. ^ أ ب سعيد بن مسفر بن مفرح القحطاني، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 12- 13. بتصرّف.
  7. سورة طه، آية:124
  8. أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري، معجم الفروق اللغوية، صفحة 96.
  9. أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري، معجم الفروق اللغوية، صفحة 254. بتصرّف.
  10. قاسم بشر حميدان (2012)، الرزق في القرآن الكريم دراسة تحليلية، صفحة 13. بتصرّف.
  11. سورة آل عمران، آية:14
  12. سورة البقرة، آية:29
5350 مشاهدة
للأعلى للسفل
×