محتويات
خادِمُكم سَرَقَ متاعَكم
روى السائبِ بنِ يزيدَ أنَّ عبدَ اللهِ بن عمرو الحضرمي جاء بغلامٍ إلى عمرَ بن الخطابِ فقال له: (اقطعْ يدِ هذا فإنَّه سرق، فقال له عمرُ: فماذا سرق؟ قال: سرق مِرآةً لامرأتي ثَمنُها سُتونَ دِرهما، فقال عمر: أرْسِلْهُ فليس عليه قَطْعٌ، خادِمُكم سَرَقَ متاعَكم).[١]
كان الصحابة يتحرون الدقة عند تطبيق الحدود، فعلى الرغم من أنَّ سعر المرآة التي سُرقت تجاوز ثمنها نصاب حد السرقة، إلا أنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بيّن للمشتكي أنَّ الخادم جزء من المنافع.[٢]
كأن بعض المال قد سقط على بعض والخادم له حظٌ من مال سيده فلا قطع عليه، وفي الحديث بيان لحرص الشريعة على مراعاة الأحوال في تطبيق الحدود ووضع الضوابط والشروط.[٢]
ما كنتُ أريدُ أن تُقطعَ يدُه في ردائي
روى صفوان بن أمية أنَّه طاف بالبيتِ وصلى ثم لفَّ رداءً له من بُرْدٍ، فوضعَه تحتَ رأسِه فنام، فأتاه لصٌّ فاسْتَلَّه من تحتِ رأسِه فأخذه فأَتى به النبيَّ -صلى الله عليه وسلَّم- فقال: (إنَّ هذا سرق ردائي فقال له النبيُّ -صلى الله عليه وسلَّم-: أسرقتَ رداءَ هذا؟ قال: نعم قال: اذهبا به فاقطعا يدَه، قال صفوانُ: ما كنتُ أريدُ أن تُقطعَ يدُه في ردائي، فقال له: فلو ما قبل هذا).[٣]
قيل لصفوان بن أمية أنَّه من لم يهاجر هلك، فذهب إلى المدينة مهاجرًا بعد فتح مكة، فأخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ لا هجرة بعد الفتح، وأنَّ عليه أن يعود إلى بطحاء مكة، فوضع رداءه تحت رأسه جاعلًا إياه وسادة، ونام في المسجد ليعود بعدها، فجاء لصٌ وسرق الرداء من تحت رأسه، فأمسك به صفوان -رضي الله عنه- وذهب به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.[٤]
أمر الرسول بقطع يد السارق، فقال له صفوان: لا أريد أن تقطع يده من أجل ثوبي، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: لو وهبته الرداء قبل أن تأتي به، أو لو سامحته قبل أن يصل إليّ، وفي الحديث أنَّ الإنسان إن وهب ما سُرق منه بعد أن يصل الموضوع للحاكم يجب إقامة الحد على السارق، قال بهذا مالك وأهل المدينة والشافعي وأهل الحجاز.[٤]
لا قطعَ في ثَمرٍ ولا كثرٍ
حصل مع الصحابي رافع بن خديج -رضي الله عنه- موقفاً أنَّ عبدًا سرقَ وديًّا من حائطِ رجلٍ فغرسَهُ في حائطِ سيِّدِهِ فخرجَ صاحبُ الوديِّ يلتمسُ وديَّهُ فوجدَهُ، فاستعدَى على العبدِ مروانَ بنَ الحكمِ فسجنَ مروانُ العبدَ وأرادَ قطعَ يدِهِ، فانطلقَ سيدُ العبدِ إلى رافعِ بنِ خديجٍ فسألَهُ عن ذلك فأخبرَهُ رافع -رضي الله عنه-:[٥]
(أنَّهُ سمعَ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- يقولُ لا قطعَ في ثَمرٍ ولا كَثرٍ، فقال الرجلُ: إن مروانَ أخذَ غلامي وهو يريدُ قطعَ يدِهِ وأنا أحبُّ أنْ تمشيَ معي إليه فتخبرَهُ بالذي سمعْتَ من رسولِ اللهِ فمشى معه رافعُ بنُ خديجٍ حتى أتى مروانَ بنَ الحكمِ فقال له رافعٌ: سمعْتُ رسولَ اللهِ يقولُ: لا قطعَ في ثَمرٍ ولا كثرٍ، فأمرَ مروانُ بالعبدِ فأرسلَ).[٥]
كان العبد قد أخذ نخلاً وزرعه في بستان سيده، فأمر مروان بقطع يده لكن رافع بن خديج أخبره أنَّه لا قطع لليد في هذه الحالة، وبالفعل لم تُقطع يد العبد لأنَّ الأكل من الثمر جائز دون أن يُخبأ منه، فلا تقطع اليد بأخذ ما يؤكل لكن يلزم ذلك التعزير؛ لأنَّه أخذ مال غيره، أو إعادة عينه أو مثله أو قيمته.[٦]
المراجع
- ↑ رواه ابن الملقن، في البدر المنير، عن السائب بن يزيد، الصفحة أو الرقم:8/677، صحيح.
- ^ أ ب "شرح الحديث/ خادمكم سرق متاعكم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الألباني، عن صفوان بن أمية، الصفحة أو الرقم:4896 ، صحيح.
- ^ أ ب "حديث ابن شهاب عن صفوان"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن رافع بن خديج، الصفحة أو الرقم:2117 ، صحيح.
- ↑ عبد الكريم الخضير، شرح الموطأ، صفحة 5. بتصرّف.