قصص من كتاب البخلاء للجاحظ

كتابة:
قصص من كتاب البخلاء للجاحظ

نبذة عن كتاب البخلاء

البخلاء هو موسوعة أدبية كبيرة كتبها الأديب عمرو بن بحر الجاحظ (أبو عثمان)، حيث تناول خلاله قصصاً إخبارية عن البُخلاء وطِباعهم، وعاداتهم الاجتماعية والاقتصادية الغريبة بطريقة طريفة وساخرة، وغيرها من القصص الأخرى[١]، وممّا ورد في كتاب "البخلاء" للجاحظ هذه القصص الطريفة ما سيعرضه هذا المقال.


طرف أهل خراسان

خصص الجاحظ جزءاً كبيراً من كتابه "البخلاء" لذكر طرائف وقصص عن بخل أهل خراسان، وخاصةً أهل "مرو" وهي مدينة من مدن خراسان، وفيما يلي أطرف هذه القصص:[٢]

قصة أهل خراسان والزائر

يقول المروزي للضيف إذا زاره وطال جلوسه: "تغدّيت اليوم؟" فإن قال "نعم"، قال له: "لولا أنك تغدّيت لغدّيتك بغداء طيب"، وإن قال "لا"، قال له: "لو كنت تغديت، لسقيتك خمسة أقداح"، فلا يُطعمه في كلتا الحالتين لشدة بخله.[٣]

قصة أهل خراسان والمصباح

يروي الجاحظ أنّ جماعة من أهل خراسان ترافقوا في منزل وصبروا على الظلمة (الاستغناء عن الإنارة) ما أمكنهم الصبر، حتى اتفقوا على أن يدفع كل واحد منهم مقداراً من المال للإنارة بعد أن نفد صبرهم، إلّا أنّ واحد منهم أبى أن يشاركهم ويعينهم على ذلك، فكانوا إذا جاء المصباح شدّوا عينيه بمنديل لكي لا يستفيد من النور، وعندما يناموا ويطفئوا المصباح يطلقون عينيه.[٤]

قصة أهل خراسان والدِيَكة

يقول ثمامة وهو (ابن أشرس النمري، أحد زعماء المعتزلة): "لم أرَ الديك في بلدة قطّ إلا وهو لاقط يأخذ الحبة بمنقاره، ثم يلفظها قدام الدجاجة، إلا ديكة مرو، فإني رأيت ديكة مرو تسلب الدجاج ما في مناقيرها من الحب"، قال: "فعلمت إن بخلهم شي‏ء في طبع البلاد".[٥]

قصص في بخل موسى بن جناح

ذكر الجاحظ في كتابه "البخلاء" قصص من حياة موسى بن جناح وطباع من بخله الشديد، وفيما يلي بعضها:

  • روى سرّي بن مكرم أن موسى بن جناح ولشدة بخله كان يأمرهم ألّا يأكلوا من الطعام ما دام أحد منهم مشغولاً بشرب الماء أو طلبه، فلما رآهم لا يطاوعونه، وقد أراد شرب الماء، خطّ بإصبعه خطاً في أرزّة كانت بين أيديهم فقال: "هذا نصيبي، لا تعرضوا له، حتى انتفع بشرب الماء".[٦]
  • روى أبو كعب أن موسى بن جناح دعا جماعة من جيرانه ليفطروا عنده في شهر رمضان، وقد كان معهم، فلما صلّوا المغرب، أقبل عليهم ابن جناح ثم قال: لا تعجلوا فإن العجلة من الشيطان، وكيف لا تعجلون وقد قال اللّه جلّ ذكره: {وَكََانَ اَلْإِنْسََانُ عَجُولاً}.[٧]

قصة أبي محمد الخزامي

كان أبو محمد الخزامي أبخل من برّأ الله، فقد ذكر الجاحظ قصص عديدة له في البخل، وفيما يلي بعضها:[٨]

  • كان أبو محمد الخزامي يقع إلى عياله كل سنة مرة بالكوفة، فيشتري لهم من الحب مقدار طبيخهم وقوت سنتهم فقط، فكان ينظر إلى حب هذا وإلى حبّ هذا ويقيّم سعره، ويكتال من كل واحد منهم كيلة بالميزان؛ ليشتري أثقلها وزناً وأرخصها ثمناً.
  • كان أبو محمد الخزامي إذا لبس قميصاً نظيفاً وجديد، وأُتي بكل بخور في الأرض، لم يتبخّر، وذلك مخافة أن يُسوِّد دخان العود بياض قميصه، وكان يقول: "حبّذا الشتاء، فإنه يحفظ عليك رائحة البخور، ولا يحمض فيه النبيذ، إن ترك مفتوحاً، ولا يفسد فيه مرق إن بقي أياماً".

قصة ليلى الناعطيّة

ما زالت ليلى الناعطيّة ترقّع قميصاً لها وتلبسه، حتى ذهب القميص الأول، ورفت (أصلحت) كساءها ولبسته، حتى صارت لا تلبس إلا الرفو (المرقّع، المُخاط)، وذهب جميع الكساء، وسمعت قول الشاعر:

البس قميصك ما اهتديت لجيبه فإذا أضلّك جيبه فاستبدل‏

فقالت: "إني إذن لخرقاء أنا -والله- أحوص‏ (أُخيط وأرفو) الفتق، وفتق الفتق، وأرقع الخرق، وخرق الخرق".[٩]

قصة الكندي وتأجير العقارات

كان الكندي من شدة بخله يشترط على السكّان الذين يؤجّرهم عقاراته أن يكون له روث الدابة، ونشوار العلوفة (بقية العلف من الدابة)، ونوى التمر، وقشور الرمان، وأن لا يلقوا عظماً، ولا يخرجوا كساحة (الكُناسة)، كما أنه كان يطلب الغَرفة من كل قدر تطبخ للحبلى في بيته، إلا أنهم كانوا يحتملون ذلك لطيبه وحسن حديثه.[١٠]


المراجع

  1. Adam Augustyn, "al-Jāḥiẓ", britannica, Retrieved 30/1/2022.
  2. الجاحظ، البخلاء، صفحة 13.
  3. الجاحظ، البخلاء، صفحة 13.
  4. الجاحظ، البخلاء، صفحة 14.
  5. الجاحظ، البخلاء، صفحة 14.
  6. الجاحظ، البخلاء، صفحة 179-180.
  7. الجاحظ، البخلاء، صفحة 115.
  8. الجاحظ، البخلاء، صفحة 52-53.
  9. الجاحظ، البخلاء، صفحة 31.
  10. د محمد عبد الرحمن الربيع، نوادر البخلاء، صفحة 19.
4082 مشاهدة
للأعلى للسفل
×