محتويات
قول: أستفغر الله العظيم، ما صيغ الدّعاء به؟
قول: أستفغر الله العظيم، ما صيغ الدّعاء به؟ وما هي فضائله؟ هل تقتصر آثاره المباركة على المسلم في مغفرة الذنوب أم تتعدّاها إلى آثار أخرى في دنياه؟ هذه التساؤلات وغيرها تجد إجابتها في هذا المقال.
فضل الاستغفار
إنّ الاستغفار هو طلب المغفرة من الله تعالى باللسان، وبالفعل الذي يوافق هذا القول، ولهذا الاستغفار فضائل جليلة وثمرات عظيمة منها ما يجنيه العبد في الآخرة ومنها ما يراه في الدنيا، وفيما يأتي تفصيل لهذه الفضائل والثمرات:[١]
الفضائل الدينية للاستغفار
الفضائل الدينية هي التي تُفيد المستغفر يوم القيامة، وقد أمر الله -عزّ وجلّ- بالاستغفار وبيّن لعباده ماذا سيجازيهم على استغفارهم، ومن ذلك:[٢]
* تكفير الذنوب: الاستغفار هو سبب في تكفير الذنوب ومحوها وقد وعد الله تعالى المستغفرين والتائبين من ذنوبهم بمغفرتها وسترها، حيث قال في بيان صفات المؤمنين المتقيّن: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)،[٣] وقال أيضًا: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)،[٤] فالإنسان يذنب في الليل والنهار، والاستغفار مع العزم على الإقلاع عن الذنوب من أهم أسباب تكفير الذنوب.[٥].
* نيل رحمة الله: اقترن الاستغفار بالرحمة في الكثير من المواضع القرآنية، ومنها قول الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[٦] وقال أيضًا: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا)،[٧] فالله تعالى يغفر للمستغفر، ويرحمه، ويتوب عليه.[٥]
* سبب للنجاة: إنّ الاستغفار هو سبب من أسباب النجاة من العذاب في الدنيا والآخرة، حيث قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)،[٨] كما أنّه سبب في خروج الإنسان من المشكلات والملّمات فهو ليس له مُنّجي ولا معين إلّا الله تعالى، وإذا ما اعترف بذنبه ولجأ إلى ربّه فلن يخيب، فقد كان استغفار النبي يونس -عليه السلام- سببًا في خروجه من بطن الحوت.[٩]
الفضائل الدنيوية للاستغفار
الفضائل الدنيوية للاستغفار كثيرة ومتعددة يراها المستغفر في حياته ويجدها في دنياه، ومن هذه الفضائل ما يأتي:
* استدرار الأرزاق: من فضائل الاستغفار أنّه سبب في جلب الرزق ودوامه، حيث قال تعالى على لسان نبيّه هود -عليه السلام-: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ)،[١٠] فمن أراد السعة في الرزق، والبركة في المال، والمتاع الحسن، فليكثر من الاستغفار، وليلازم التوبة.
* نزول الغيث: إنّ الاستغفار والعودة إلى الله والإقلاع عن الذنوب والمعاصي من أهم الأسباب في نزول الغيث، حيث بشّر أنبياء الله أقوامهم بذلك إذا استغفروا وتابوا، فقال النبي هود -عليه السلام- لقومه: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)،[١١] وقال النبي نوح -عليه السلام- لقومه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)،[١٢] كما أنّ الاستغفار هو سبب في قوة البدن، وكثرة الأموال والأولاد، ودخول الجنّة، والفوز برضا الرحمن -سبحانه وتعالى-.
* دفع البلاء: حيث قال الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)،[١٣] فكان الاستغفار سبباً لدفع العذاب عنهم، فما نزل بلاء إلّا بذنب وما رُفِعَ إلّا بتوبة.
كيفية الاستغفار
ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من الأحاديث التي تبيّن كيفية استغفاره وما هي أفضل صيغ الاستغفار، وفيما يأتي بيان ذلك:[١٤]
صيغ الاستغفار
- "أستغفر الله" بمفردها.
- "أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيّوم وأتوب إليه".
- "اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي إنّك أنت التوّاب الرحيم".
- "سبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءًا وظلمت نفسي فتب علي إنّك أنت التوّاب الرحيم".
- "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدّم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت".
أفضل الاستغفار
إنّ أفضل الاستغفار هو الدعاء المسمّى بسيّد الاستغفار، وهو أن يقول العبد: (اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ)،[١٥] وقد أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ من قال هذا الدعاء موقنًا بالإجابة في الصباح فمات؛ دخل الجنة، وكذلك الأمر إذا قاله في المساء.
مواطن الاستغفار
جاء الأمر بالاستغفار في الكثير من المواطن والحالات، ومنها ما يأتي:[١٦]
- الاستغفار بالأسحار لأنّ الله -تبارك وتعالى- ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا فيجيب استغفار عباده ودعائهم.
- الاستغفار عند القيام من المجلس فهو كفّارة لما قيل فيه.
- الاستغفار قبل الدعاء.
- الاستغفار عند التقلّب ليلًا وعند القيام للتهجّد.
- الاستغفار للأموات.
- الاستغفار عند الدخول للمسجد والخروج منه.
- الاستغفار بعد الخروج من الخلاء وبعد الوضوء.
خلاصة المقال
الاستغفار من أنفع الأذكار والدعوات التي يرددّها المسلم في جميع أوقاته فيمحو الله به الذنوب، ويدفع به العذاب، وينزّل الرحمة، ويكون سببًا في قوّة العبد نفسيًا وجسديًا، وفي كثرة رزقه، وتنزّل البركات عليه، فيجب الإكثار منه، وتحرّي أفضل صيغه، ومعرفة كل صيغة متى تقال، وما هو الموطن المناسب لقولها، وكيفية ذلك.
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 34. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 35. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:135
- ↑ سورة طه، آية:82
- ^ أ ب سليمان بن حمد العودة، كتاب شعاع من المحراب، صفحة 199-200. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية:53
- ↑ سورة النساء، آية:64
- ↑ سورة الأنفال، آية:33
- ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 16. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:3
- ↑ سورة هود، آية:52
- ↑ سورة سورة نوح، آية:10-12
- ↑ سورة الأنفال، آية:33
- ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6323، حديث صحيح.
- ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 6-12. بتصرّف.
